صندوق استثماري يخصص 350 مليون دولار لتمويل شركات ناشئة مختصة بإزالة الكربون

4 دقائق
شركة استثمارية تركز على المناخ تخطط لاستثمار 350 مليون دولار في الشركات الناشئة المختصة بإزالة الكربون
محطة الالتقاط الهوائي المباشر لشركة كربون إنجينيرينغ في سكواميش. حقوق الصورة: ألامي.

جمعت شركة رأس المال الاستثماري "لويركربون كابيتال" (Lowercarbon Capital) رأسمالاً بقيمة 350 مليون دولار في إطار تمويل مخصص للشركات الناشئة المختصة في إزالة الكربون، في دلالة أخرى على تصاعد الاهتمام بمجال لم يكد يمر على ظهوره سوى بضع سنوات.

صندوق لويركربون كابيتال لتمويل الشركات المتخصصة بإزالة الكربون

ويهدف الصندوق الجديد، والذي تغطي إم آي تي تكنولوجي ريفيو عمله حصرياً، إلى تسريع تطوير وتوسيع نطاق هذه الشركات، كما يقول ريان أوربوك، وهو شريك انضم مؤخراً إلى الشركة قادماً من شركة "سترايب" (Stripe) لقيادة هذا الصندوق. وستبحث الشركة بالتحديد عن شركات ناشئة تعمل على تطوير وسائل لتخزين الكربون بأساليب موثوقة ولفترات طويلة، ما يساعد على زيادة قدرتنا على إزالة الكربون بالمستوى الذي قد نحتاجه في العقود المقبلة.

وقال أوربوك في رسالة بالبريد الإلكتروني: "إن الشركات التي بدأت عملها الآن ستجعل من هذه الصناعة إحدى أسرع صناعات العالم نمواً بحلول نهاية هذا العقد".

اقرأ أيضاً: وفقاً لتقرير الأمم المتحدة: إزالة الكربون لم تعد ترفاً بل ضرورة ملحة

الحاجة الملحة لإزالة الكربون تجعل هذه الشركات الأسرع نمواً

وجدت عدة دراسات أن العالم سيحتاج، بحلول منتصف القرن، إلى إزالة مليارات الأطنان من ثنائي (ثاني) أوكسيد الكربون سنوياً، إضافة إلى تخفيضات سريعة في الانبعاثات، وذلك لإيقاف الاحترار عند درجتين مئويتين، أو إعادة المناخ إلى وضع أقل خطراً. ويعود هذا إلى أن العديد من الدول كانت قد أطلقت كميات هائلة من غازات الدفيئة الملوثة، ومن المرجح أن يحتاج تغيير أنظمة الطاقة الحالية بشكل شامل إلى عدة عقود. إضافة إلى هذا، ليس لدينا حتى الآن الأدوات اللازمة لتنظيف قطاعات ومنتجات معينة بتكلفة معقولة.

وتكمن المشكلة في أننا لم نتمكن حتى الآن من إيجاد طريقة لإزالة الكربون بهذه المستويات المرتفعة للغاية، فخياراتنا الحالية تتضمن أساليب مثل زراعة الأشجار، وبناء آلات لشفط الكربون، ونشر المواد المعدنية التي تمتص الكربون. ولكن كل هذه الطرائق مكلفة، أو غير موثوقة، أو قصيرة الأمد، أو غير مجربة، أو محدودة، أو تعاني من مشكلات أخرى.  

مؤسسان خبراء في الاستثمارات الأولية

أسس كريس وكريستال ساكا شركة لويركربون كابيتال في 2018، واللذين أشرفا على الاستثمارات الأولية في شركات "إنستقرام" (Instagram) و"سلاك" (Slack) و"تويتر" (Twitter) و"أوبر" (Uber) خلال عملهما في شركتهما السابقة، "لويركيس كابيتال" (Lowercase Capital). ونمت بسرعة لتتحول إلى إحدى أبرز الشركات التي تركز على تكنولوجيا المناخ. 

جمعت الشركة رأس مال في إطار صندوق مناخي مستقل بقيمة 800 مليون دولار في الصيف الماضي، وهي تدعم الشركات "التي تعطينا بعض الوقت اللازم لإصلاح ما أفسدناه في الكوكب" عبر ثلاث مقاربات رئيسية: التكيف مع الأخطار المحدقة بنا، أو التخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة، أو إزالة تلك الغازات من الغلاف الجوي. وتتضمن الاستثمارات الأولى في المجال الأخير شركة "إيرلوم" (Heirloom)، والتي تستخدم المواد المعدنية لالتقاط ثنائي أوكسيد الكربون، و"رانينغ تايد" (Running Tide)، والتي تعتمد على الأعشاب البحرية لنفس الغرض، و"فيردوكس" (Verdox) التي قامت بتطوير مقاربة كهركيميائية.

وفي رسالة موجهة إلى المساهمين المحتملين في الصندوق الجديد، كتب كريس ساكا إن "الأرض ستحتاج إلى ما يصل إلى 100,000 سنة حتى تعود حرارتها إلى المستويات الآمنة إذا تُرِكت وشأنها دون تدخل، ولهذا، وإضافة إلى التخفيضات الكبيرة في الانبعاثات، سنحتاج إلى شفط ثنائي أوكسيد الكربون من السماء وتخزينه في باطن الأرض".

اقرأ أيضاً: دراسة: قدرة أشجار المانجروف على إزالة الكربون أعلى بكثير مما نعتقده

فرص كبيرة لشركات إزالة الكربون في هذه السوق

يقول كلاي داماس، وهو شريك مؤسس في لويركربون، إن فرص السوق في هذا المجال تتضخم بسرعة كبيرة، نظراً لتزايد عمليات شراء الكربون المزال بالأطنان من قبل شركات مثل "إيرباص" (Airbus) و"مايكروسوفت" (Microsoft) و"شوبيفاي" (Shopify) و"سويس ري" (Swiss Re). كما يلحظ أيضاً ظهور العديد من المنصات التي تعد بمساعدة الشركات على تقييم أساليب موثوقة لإزالة الكربون وشرائها، مثل "باتش" (Patch) و"بليدج" (Pledge) و"سورسفول" (Sourcful) و"سترايب كلايميت" (Stripe Climate)، والتي تسمح لعملائها بتخصيص جزء من عائداتهم لشراء أطنان من الكربون الذي ستتم إزالته في المستقبل.

وفي نفس السياق، أعلنت سترايب نفسها مؤخراً عن أن بعض الشركات الكبرى، بما فيها "ألفابيت" (Alphabet) و"ميتا" (Meta) و"ماكنزي" (Mckinsey) وشوبيفاي، التزمت بشراء كربون مُزال بشكل دائم بقيمة 925 مليون دولار ما بين الآن و2030. وتنتمي شركة خدمات الدفع على الإنترنت هذه إلى مجموعة المستثمرين في صندوق لويركربون الجديد، وتخطط لإعادة استثمار أي من تلك الاستثمارات في إزالة المزيد من الكربون.

تحديات تواجه هذا القطاع الناشئ

ولكن هناك بعض المخاوف التي تحيط بهذا القطاع الناشئ، مثل ميل الشركات وصناع السياسات إلى الاعتماد بشكل كبير على إزالة الكربون بدلاً من محاولة التوصل إلى أساليب للتقليل من الانبعاثات.

وتشدد نان رانسوهوف، وهي مديرة قسم المناخ في سترايب، على أن "التخفيضات الجذرية في الانبعاثات" يجب أن تبقى على رأس سلم أولويات الحكومات والشركات.

وتضيف: "من المهم جداً بالنسبة للشركات مثل سترايب وجميع شركائها من العاملين على برامج إزالة الكربون أن يؤكدوا، وبصورة واضحة وعلنية، على أن هذا ليس حلاً سحرياً بأي حال من الأحوال. الحسابات واضحة وجلية، فنحن في حاجة إلى كلا الحلين معاً".

هناك تساؤلات أيضاً حول المدى الذي يمكن أن نصل إليه في تخفيض تكاليف إزالة الكربون، وطبيعة الجهات التي ستغطي تكاليف شفط الملايين من الأطنان من الكربون، والسبب الذي سيدفعها إلى ذلك.

وتقريباً كما في حالة تخفيضات الانبعاثات، فإن تحقيق مستويات مؤثرة فعلاً من إزالة الكربون سيحتاج على الأرجح إلى سياسات حكومية لفرض هذه الممارسات أو التشجيع عليها، مثل وضع أسعار كبيرة على الكربون. وقد بدأ تطبيق بعض الإجراءات الداعمة، وهناك بعض الاقتراحات الإضافية قيد الدراسة.

اقرأ أيضاً: لماذا قد تخيب آمالنا بالمحيطات كوسط لامتصاص ثنائي أوكسيد الكربون؟

تقول رانسوهوف إن السياسة ستلعب دوراً أساسياً، وتلحظ أن مستوى إزالة الكربون الذي قد نحتاج إليه بحلول العام 2050 قد يكلف نحو تريليون دولار، أي نحو 100/1 (واحد في المئة) من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وتقول: "من الصعب للغاية أن نتخيل تضخم الأسواق إلى هذا المستوى طوعاً. إن الأسواق الطوعية رائعة كخطوة أولى، ولكن السياسات هي التي ستقودنا بقية المسافة، ولا أرى أي وسيلة للالتفاف حول هذا الأمر".

المحتوى محمي