10 طرق يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم بها في مكافحة التغير المناخي

5 دقائق
صورة توضح النصيب الذي يساهم به كل تخصص فرعيّ من حقل "التعلم الآلي" في مكافحة التغير المناخي، حيث تعني الألوان الأغمق فرصاً وإمكانيات أكثر من الألوان الأفتح.

سطّرت مجموعة من أبرز الشخصيات في ميدان أبحاث الذكاء الاصطناعي خارطةَ طريقٍ تقترح الطرق التي يمكن بها لتقنيات التعلم الآلي مساعدتنا في إنقاذ كوكب الأرض والبشرية من الخطر الوشيك المُحْدِق بنا.

تتضمن الخارطة (التي صدرت في شكل دراسة) تدخلاتٍ من تقنية التعلم الآلي المُمكنة في 13 مجالاً، بدءاً من نُظُم شبكة الكهرباء مروراً بالمزارع والغابات ووصولاً إلى التنبؤ بالمناخ. كما قام مؤلفو الدراسة تحت بند كل مجال بتفصيل المساهمات التي تقدمها مختلف التخصصات الفرعية التي يشتمل عليها حقل "التعلم الآلي"، من بينها: الرؤية الحاسوبية، ومعالجة اللغة الطبيعية، والتعلم المعزز.

قام المؤلفون كذلك بتقسيم التوصيات إلى 3 فئات كالآتي: فئة التوصيات ذات "الفعالية العالية" للمشاكل التي تلائم تماماً ميدان التعلم الآلي حيث ستكون لتدخلاتها فيه عظيم الأثر الإيجابي، وفئة التوصيات "طويلة الأجل" للحلول التي لن نجني ثمارها إلا بحلول العام 2040، وفئة التوصيات "عالية المخاطر" للمساعي التي لا نملك يقيناً كافياً بشأن نتائجها؛ إما بسبب أن التقنية التي تتحدث عنها التوصية لم تنضج بعد وإما لأننا لا نملك ما يكفي من البيانات لتقدير العواقب بصورة أدقّ.

ومن ناحية أخرى، لخّصت الدراسة العديد من الجهود القائمة التي تُبذل في الوقت الراهن، وإن كانت على نطاق ضيّق.

ويرأس مجموعة مؤلفي الدراسة الباحث ديفيد رولنيك، وهو باحث زميل لما بعد الدكتوراه في جامعة بنسلفانيا، حيث استفاد من استشارة نخبة من الشخصيات البارزة في المجال، من بينهم: أندرو نغ الشريك المؤسس لجوجل برين (Google Brain) والذي يعدُّ رائداً في مجال ريادة الأعمال المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وصاحب مرجعية معروفة في الميدان، وديمس هاسابيس المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ديب مايند (DeepMind)، وجينيفر تشيس مديرة قسم الأبحاث لدى مايكروسوفت، ويوشوا بينغيو الذي حاز مؤخراً على جائزة تورينغ (Turing Award) نظير إسهاماته في حقل الذكاء الاصطناعي.

ومع أن الباحثين يقدمون قائمة شاملة للغاية بالنسبة لبعض المجالات الكبرى التي يمكن للتعلم الآلي إحداث عظيم الأثر الإيجابي فيها، إلا أنهم يؤكدون أن هذه التقنية ليست "الحلّ السحريّ" لكافة مشاكلنا. ففي النهاية المطاف، يعتمد الأمر على السياسة التي تعتبر "المحرّك الرئيسي" للمكافحة الفعّالة للتغير المناخي على نطاق الكوكب، وليس الدول وحسب.

وفيما يلي 10 فقط من التوصيات المصنفة على أنها "عالية الفعالية"، نقتبسها من الدراسة. لكن إن أردت مطالعة النسخة الكاملة للدراسة (باللغة الإنجليزية)، اضغط هنا.

  1. تحسين توقعاتنا بشأن القدرة الكهربائية التي تحتاجها البشرية
    من المنطقي أنه إن أردنا الاعتماد أكثر على مصادر الطاقة المتجددة، فلا بد على محطات توليد الطاقة أن تعثر على أساليب أفضل لتوقع القدرة الكهربائية المطلوب استهلاكها، في الوقت الحقيقي وعلى المدى الطويل. صحيح أن الخوارزميات المتعلقة بهذه التوقعات موجودة بالفعل وهي قادرة على توقع الطلب على الطاقة، لكن ما زال هناك مجال لتحسينها من خلال الأخذ بالحسبان أنماطاً أدقّ وأجود للطقس المحليّ أو سلوكيات المستهلكين من الأسر وغيرهم. ومن جانب آخر، من شأن الجهود المبذولة لجعل هذه الخوارزميات أسهل فهماً واستخداماً، مساعدة مشغلي محطات الطاقة على فهم نتائج محطاتهم بصورة أدقّ واستغلال تلك الرؤى لجدولة مواعيد الاستعانة بمصادر الطاقة المتجددة.
  2. اكتشاف المواد الجديدة
    يسعى العلماء إلى إنتاج مواد قادرة على التقاط الطاقة وتخزينها واستخدامها بفعالية، إلا أن عملية اكتشاف المواد الجديدة غالباً ما تكون بطيئة وغير دقيقة. وهنا يبرز دور التعلم الآلي؛ إذ أنها تقنية قادرة على تسريع عملية اكتشاف وتصميم وتقييم المركبات الكيمائية الجديدة ذات الخصائص المرغوبة. مما يمكننا -مثلاً- من خلق أنواع جديدة من الوقود الشمسي القادر على تخزين الطاقة من أشعة الشمس، أو اكتشاف مواد أكثر كفاءة في امتصاص ثاني أكسيد الكربون، أو إنتاج مواد هيكلية بأقلّ قدر ممكن من الكربون. وهذه المواد الهيكلية من الوارد أن تحلّ يوماً ما محل الصلب والإسمنت، حيث إن إنتاج هذه المواد الأخيرة يتسبب في نحو 10% من إجمالي الانبعاثات الكربونية على مستوى العالم.
  3. تحسين مسارات شحن البضائع والسلع
    يُعدّ شحن البضائع والسلع حول العالم عملية معقدة وغير فعّالة إلى حدّ كبير، كما أنها تشمل تفاعلاً متبادلاً بين شتى أحجام الحمولات (حاويات، خزانات، طرود)، والأنواع المختلفة من أنماط النقل (جواً وبراً وبحراً)، وشبكةً دائمة التغيّر من البلدان المُصدّرة والبلدان المستوردة. وبمقدور تقنية التعلم الآلي مساعدة البشر في إيجاد طرق مبتكرة لجمع أكبر قدر ممكن من البضائع المشحونة وتقليص عدد الرحلات المطلوبة إلى أدنى حدّ. فضلاً عن ذلك، سيكون هذا النظام الجديد من الشحن أكثرَ مناعة ضد انقطاعات النقل واضطرابات وسائله.
  4. إزاحة العوائق أمام التبني الواسع للمركبات الكهربائية
    تواجه المركبات الكهربائية، التي تعدّ عنصراً إستراتيجياً أساسياً في عملية إزالة الكربون من قطاع النقل، العديد من العقبات والعوائق التي تحول دون تبنيها على نطاق واسع، مع ذلك بمقدور تقنية التعلم الآلي تغيير هذا الوضع. حيث تستطيع الخوارزميات تحسين إدارة طاقة البطارية مما يرفع عدد الكيلومترات التي تستطيع المركبة قطعها بشحن واحد، وتخفف من "قلق المدى" (خوف السائقين من عدم وصول مركباتهم الكهربائية إلى وجهتها بسبب نفاد الشحن). كما تستطيع هذه الخوارزميات كذلك نمذجة وتوقع سلوكيات الشحن الإجمالية، مما يساعد مشغلي الشبكة الكهربائية على تلبية طلبات الشحن وإدارتها.
  5. جعل المباني أكثر كفاءةً من ناحية الطاقة
    تتمتع أنظمة التحكم الذكية بقدرة عالية جداً على تقليل استهلاك المباني للكهرباء من خلال الأخذ في الحسبان توقعات الطقس ومعدّل إشغال المبنى (وجود المقيمين فيه) وغيرها من الظروف المحيطة؛ بهدف ضبط التدفئة والتبريد والتهوية والإضاءة داخل المبنى وفق تلك الظروف. ويمكن للمبنى الذكيّ أيضاً التواصل مباشرة مع شبكة الكهرباء لتقليل مقدار الطاقة التي يستهلكها في حال قلّ الإمداد بالكهرباء منخفضة الكربون في إحدى الفترات الزمنية.
  6. وضع تقديرات أدقّ لمقدار الطاقة التي يستهلكها البشر
    في العديد من المناطق حول العالم، لا نعرف إلا القليل بل أحياناً لا نعرف شيئاً عن مدى استهلاك البشر للطاقة ونسب انبعاثات الغازات الدفيئة التي تصدرها الأنشطة الإنسانية، مما يشكّل عقبة كبرى أمام رسم وتنفيذ إستراتيجيات فعّالة لمكافحة التغير المناخي. وتستطيع تقنيات "الرؤية الحاسوبية" رصد البصمات الكربونية للمباني وما يتعلق بها انطلاقاً من تفحص صور الأقمار الصناعية وتغذية خوارزميات التعلم الآلي القادرة على تقدير استهلاك الطاقة على مستوى المدينة المرصودة. كما يمكن لنفس التقنيات أيضاً أن تحدِّد المباني التي تحتاج إلى إصلاحات لجعلها أكثر كفاءةً من ناحية استهلاك الطاقة.
  7. تطوير سلاسل التوريد
    بنفس الطريقة التي تستطيع بها تقنيات التعلم الآلي تحسين مسارات شحن البضائع والسلع، تستطيعُ أيضاً سد الثغرات التي تعاني منها سلاسل التوريد؛ حيث تخفف من الانبعاثات الكربونية الناجمة جرّاء تشغيل تلك السلاسل، سواءً أكانت تلك السلاسل خاصة بالغذاء أو الملابس أو غيرها من السلع الاستهلاكية. ومن شأن إنشاء التوقعات الأدقّ للعرض والطلب أن تقلِّل النفايات الناجمة عن الإنتاج والنقل إلى حد كبير، ومن ناحية أخرى، نجد أن توصيات الدراسة التي أشارت إلى صناعة المنتجات بأقلّ قدر ممكن من الكربون تشجع على خلق سلوكيات استهلاكية أكثر ملائمة للبيئة.
  8. إتاحة الزراعة الدقيقة على نطاق واسع
    يسيطر على مشهد الزراعة الحديثة اليوم نمطُ الزراعة الأحادية أو زراعة المحصول الواحد، وهو نمط من أنماط الزراعة الحديثة يتم التركيز فيه على نوع واحد من أنواع المحاصيل الزراعية دون غيره مثل زراعة الشاي في سريلانكا وزراعة قصب السكر في جزيرة كوبا وزراعة شجر المطاط في ماليزيا. صحيح أن هذا النمط يسهّل على الفلاحين إدارة حقولهم بالجرارات وغيرها من الآلات المؤتمتة الأساسية، إلا أنه يجرِّد التربة من المُغَذِّيات ويقلل إنتاجيتها. ونتيجة لهذه الآثار، يعتمد الكثير من المزارعين اعتماداً هائلاً على الأسمدة النيتروجينية، التي قد تتحول إلى أُكسيد النيتروز، وهو أحد الغازات الدفيئة الأقوى 300 مرة من ثاني أكسيد الكربون.
    وبهذا الصدد، يمكن للروبوتات القائمة على برمجيات التعلم الآلي أن تساعد الفلاحين في إدارة مجموعة من المحاصيل بشكل أكثر فعالية وعلى نطاق واسع، وفي الوقت ذاته يمكن للخوارزميات إرشاد الفلاحين لنوع المحصول الملائم ووقت زراعته، مما يحافظ على صحة أراضيهم ويقلّل الحاجة لاستعمال الأسمدة.
  9. تحسين عمليات رصد إزالة الغابات
    تُسهم ظاهرة "إزالة الغابات" بنحو 10% من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم، إلا أن رصد هذه الظاهرة والحيلولة دون وقوعها ما زال في الغالب مهمة يدوية مُرهقة تجرى على أرض الواقع. ولكن يمكن لصور الأقمار الاصطناعية وتقنية الرؤية الحاسوبية أن تحلِّل المساحات المفقودة من الغطاء الشجري تلقائياً، وذلك على نطاق أوسع بكثير مما يمكن رصده بواسطة المهمات الميدانية. كما يمكن للمستشعرات المثبتة على الأرض -إلى جانب الخوارزميات المصممة لرصد أصوات مناشير قطع الأشجار- مساعدة السلطات المحلية على وقف النشاطات غير القانونية.
  10. حثّ العملاء على تغيير عاداتهم الاستهلاكية
    يمكن استخدام ذات التقنيات الناجحة والفعالة التي يستعملها المُعلنون لاستهداف العملاء في مساعدة البشر على تغيير عاداتهم الاستهلاكية وجعلها أكثرَ مراعاة للبيئة. على سبيل المثال، عرض مكافآت مخصصة للعملاء تُشجعهم على الاشتراك في برامج توفير الطاقة.

المحتوى محمي