يمكن لأي شخص برمجة هذه الذراع الروبوتية في 15 دقيقة فقط

3 دقائق
الذراع الروبوتية "إيفا".

لا تتوفر الروبوتات الموجهة للمصانع والشركات بثمن رخيص؛ حيث تتجاوز تكلفة بعض هذه الآلات المتطورة 100,000 دولار للآلة الواحدة. فما من عجبٍ إذن ألا نرى سوى بضع شركات صغيرة تمتلك واحداً، بل حتى الشركات الكبيرة لا تمتلك الكثير منها كما تتصور لأول وهلة.

وهنا تبرز "أوتوماتا"، شركة الروبوتات الواقع مقرها في لندن، التي تعتقد أنها قادرة على تسريع عملية تبنّي الشركات للروبوتات. فالذراع الروبوتية التي تصنعها هذه الشركة لا يتجاوز ثمنها سقف الـ 7,500 دولار، وهي متوافرة في الأسواق حالياً تحت المسمى التجاري "إيفا" (Eva)، وهذا الاسم -إن كنت قد لاحظت- مقتبَسٌ من اسم أحد روبوتات فيلم وول-إي (WALL-E).

وتأمل الشركة أن توسّع دائرة استخدام الروبوتات من خلال الاكتفاء بالتركيز على صناعة روبوتات لا تؤدي إلا المهام الأساسية التي تحتاجها الشركات الصغيرة بالفعل، دون أي إضافات مُشتتة أو مكلّفة. ويذكر أن الشركة حصلت على تمويل قدره 9.5 مليون دولار من مجموعة من المستثمرين، من بينهم عملاق صناعة الروبوتات: مجموعة إيه بي بي (ABB).

وإذا ما أتينا للحديث عن الروبوت إيفا فسنلاحظ أنه تم وضع الشركات ذات نطاق الإنتاج الصغير في الحسبان أثناء تصميمه؛ حيث إن وزن الروبوت خفيف بما يكفي لحمله في حقيبة الظهر، وصغير بما يكفي ليوضع فوق المكتب. أما الميزة الأهم فتتمثل في أنه صُمم ليكون سهل الاستخدام؛ إذ تتمتع برمجياته بقدرة العمل على أي جهاز، وتأتي بواجهة مستخدم مُيسّرة تعمل وفق مبدأ "اِسحب وأفلِت". وبهذا الصدد، تقول شركة أوتوماتا إن المستخدم لا يجب أن يكون خبيراً تقنياً كي يبرمج الروبوت، وإن جميع الأشخاص قادرون -حتى دون تدريب فنيّ سابق- على تعلم برمجته في غضون 15 دقيقة فقط.

الذراع الروبوتية "إيفا" .
مصدر الصورة: شركة أوتوماتا

وهذه ميزة جيدة جداً لأن أكبر عائق أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة لا يقتصر فقط على التكلفة المرتفعة للروبوتات عالية التقنية، بل كما تقول جولي شاه، الأستاذة المساعدة بمختبر علوم الحاسب والذكاء الاصطناعي بجامعة إم آي تي، فإنها تشمل أيضاً  الحاجةَ إلى توظيف خبير يتولى صيانة العُدّة الروبوتية وبرمجتها.

ومن ناحية أخرى، تأمل شركة أوتوماتا أن يكون السعر الأوليّ المنخفض نوعاً ما ميزةً لافتةً لنظر الشركات الصغيرة والمتوسطة. ووفق المؤسِّسَين: مصطفى السيد وسوريانش شاندرا، فإن الشركة قد تمكنت من تخفيض سعر روبوتاتها بعدم الاعتماد على أساليب الإنتاج التقليدية. وقد قضى المؤسسان السنواتِ الأربعة الماضية في تصميم الروبوت وتعديله وتنقيح خصائصه وضبط إعداداته بدقّة.

مؤسسا شركة أوتوماتا: مصطفى السيد وسوريانش شاندرا.
مصدر الصورة: شركة أوتوماتا

ويشرح المؤسِسان الأمر بقولهما إنهما قاما بتصميم عُدّة الروبوت من الصفر، آخذين بالحسبان اختيار قطعٍ رخيصة الثمن، وذلك بدلاً من شراء المكوّنات من أحد المُورّدين الذين يوفرونها جاهزة في السوق. صحيح أنه لا بد من تنازلات ضرورية بين ثمن القطعة ودقة أدائها، إلا أن شركة أوتوماتا تأمل في أن تتمكن منتجاتها من الروبوتات من سدّ الفجوة الحالية في سوق "الروبوتات منخفضة التكلفة"، بما يرضي عملاءها المستهدفين ضمن هذه السوق المحدودة.

ويتمثل معظم هؤلاء العملاء في الشركات المُصنّعة الصغيرة والمتوسطة الحجم، العاملة في طيف متنوع من الصناعات الراسخة الحالية، من بينها قطاع التصنيع المعدنيّ، وصناعة الإلكترونيات، وصناعة المُستحضرات الدوائية، ومجال التعبئة والتغليف. وقد صُممت الذراع الروبوتية "إيفا" لتولِّي المهام اليدوية المتكررة والبسيطة؛ مثل اختبار المُنتجات، ووضع الأغراض فوق الأحزمة الناقلة، والفرز، وصرف الأدوية، والفحص والمعاينة، وغير ذلك. ويُذكر أن أحد عملاء الشركة يستخدم الذراع الروبوتية "إيفا" لاختبار الهواتف الذكية.

تقول الشركة إنها استطاعت -بفضل تجاهلها للمهام غير الضرورية- أن تصنع روبوتاً يصل مستوى دقته وأدائه إلى 80% من دقة وأداء الروبوتات المتطورة ذات الطراز العالمي التي تصنعها كبرى الشركات في المجال مثل "كيوكا" (Kuka) أو "ياساكاوا" (Yasakawa)، وفي الوقت ذاته لا تتجاوز تكلفة صناعتها 20% من تكلفة صناعة تلك الروبوتات.

مع ذلك يظلّ مجال الروبوتات قطاعاً يصعب اقتحامه. من ذلك على سبيل المثال: اضطرار الشركة الناشئة "ريثينك روبوتيكس" (Rethink Robotics) -الواقع مقرها في بوسطن- إلى إغلاق أبوابها في شهر أكتوبر الماضي، وذلك على الرغم من الروبوتات الآمنة وسهلة الاستخدام التي صنعتها، وهي المتمثلة في "صوير" (Sawyer) و"باكستر" (Baxter). لكن يظل من الصعب البقاء في السوق دون الحصول على تدفقّ كافٍ من المبيعات، وإنشاء شبكة توزيعٍ فعالة، بل حتى شركة أوتوماتا معرضة لخطر الإغلاق في حال قررت إحدى كبرى الشركات التقنية اقتحام هذا السوق المحدودة، "سوق الروبوتات عالية الأداء ومنخفضة التكلفة"؛ وذلك وفق ما يقوله هنريك كريستينسن، مدير معهد علم الروبوتات السياقي لدى جامعة كاليفورنيا بسان دييغو.

ومع ذلك، ترى شركة أوتوماتا إن قدرتها على لفت أنظار الشركات الصغيرة والمتوسطة من شأنها دعمها للنجاح فيما أخفق فيه الآخرون.

وبهذا الصدد، تقول الأستاذة شاه "إنه بمقدور أوتوماتا أن تُحدِث أثراً كبيراً بتوفير الأتمتة والروبوتات للشركات الصغيرة والمتوسطة، الأمر الذي أراه مثيراً ومحفزاً للغاية".

المحتوى محمي