وعود شركات الذكاء الاصطناعي: هل هي حقيقة أمْ مبالغات تسويقية؟

3 دقيقة
وعود شركات الذكاء الاصطناعي: هل هي حقيقة أمْ مبالغات تسويقية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/BOY ANTHONY

يعاني قطاع الذكاء الاصطناعي نقصاً في المنافسة وكثرة في الخداع، أو على الأقل، هذه إحدى الطرق لتفسير موجة الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها واشنطن.

فمنذ فترة وجيزة، طرح عضوا مجلس الشيوخ إليزابيث وارين وإريك شميت مشروع قانون يهدف إلى تعزيز المنافسة على العقود التي يمنحها البنتاغون في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية. حالياً، تهيمن شركات أمازون ومايكروسوفت وأوراكل (Oracle) على هذه العقود. قالت وارين لصحيفة واشنطن بوست (Washington Post): "في مجال الذكاء الاصطناعي، تعمل المؤسسات الكبرى على زيادة نفوذها من خلال الاستحواذ على بيانات الآخرين جميعاً، واستخدامها لتدريب أنظمتها الخاصة وتوسيعها".

اقرأ أيضاً: 8 نصائح لتحسين دقة إجابات تشات جي بي تي وتقليل ظاهرة الهلوسة

فرض عملية تنافسية لمنح العقود

ينص مشروع القانون الجديد على "فرض عملية تنافسية لمنح العقود"، وهو ما من شأنه أن يحظر إرساء البنتاغون عقوداً "دون مناقصة" على الشركات لقاء تقديم الخدمات السحابية أو نماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية. من الجدير بالذكر أن المشرعين اتخذوا هذا الإجراء بعد يوم واحد من إعلان شركة أوبن أيه آي أنها ستطبق تكنولوجيتها في ميدان المواجهات العسكرية للمرة الأولى بالتعاون مع شركة أندوريل (Anduril)، بعد مضيّ عام كامل على تخليها عن سياسة الامتناع عن العمل في المجال العسكري.

في حين تتعرض الشركات التكنولوجية الكبرى إلى تحقيقات مكافحة الاحتكار، بما فيها الدعوى القضائية المستمرة ضد شركة جوجل بشأن هيمنتها على مجال البحث، بالإضافة إلى تحقيق جديد جرى فتحه ضد شركة مايكروسوفت، فإن الجهات الرقابية تتهم شركات الذكاء الاصطناعي أيضاً بالكذب الصريح.

فمنذ فترة وجيزة، اتخذت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية إجراءات ضد شركة الكاميرات الذكية إنتليفيجن (IntelliVision)، إذ قالت إن الشركة تطلق مزاعم كاذبة حول تكنولوجيتها للتعرف إلى الوجوه. عندما كانت إنتليفيجن تروّج لنماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، المُستخدمة في أنظمة كاميرات المراقبة المنزلية والتجارية على حد سواء، قالت إن هذه النماذج تعمل دون أي تحيز على أساس الجنس أو العرق، وإنها مدربة على الملايين من الصور، وهما ادعاءان تقول لجنة التجارة الفيدرالية إنهما كاذبان. من الجدير بالذكر أن الشركة لم تستطع إثبات ادعائها المتعلق بالتحيز، إضافة إلى أن النظام مدرب على 100,000 صورة فقط، على حد قول لجنة التجارة الفيدرالية.

شركات تقدم وعوداً خادعة

قبل ذلك بأسبوع، قدمت لجنة التجارة الفيدرالية ادعاءات مماثلة تتهم فيها بالخداع الشركة العملاقة في مجال الأمن إيفولف (Evolv)؛ التي تبيع منتجات مخصصة للمسح الأمني بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي إلى الملاعب والمدارس الابتدائية والمستشفيات. تعلن إيفولف عن أنظمتها بوصفها قادرة على توفير حماية أفضل من الأجهزة البسيطة المخصصة للكشف عن المعادن، وتقول إن أنظمتها تستخدم الذكاء الاصطناعي للكشف بدقة عن الأسلحة النارية والسكاكين وغيرها من الأغراض الخطرة، مع تجاهل الأغراض غير المؤذية في الوقت نفسه. تزعم لجنة التجارة الفيدرالية أن إيفولف بالغت في ادعاءاتها بشأن دقة أنظمتها، وأن أنظمتها أخفقت في عدة حالات خطيرة، مثل حادثة تعود إلى عام 2022 حيث لم تتمكن من كشف سكين يبلغ طولها 18 سنتمتراً تقريباً، وهي سكين جرى استخدامها لاحقاً لطعن أحد الطلاب.

تنضم هذه الشكاوى إلى حزمة الشكاوى التي قدمتها لجنة التجارة الفيدرالية في سبتمبر/أيلول الماضي ضد عدد من شركات الذكاء الاصطناعي، بما فيها شركة باعت أداة لتوليد مراجعات مزيفة للمنتجات وشركة أخرى تبيع خدمات "منظومة المحاماة العاملة بالذكاء الاصطناعي" (AI lawyer).

اقرأ أيضاً: كيف تعاملت أوبن أيه آي مع مشكلة الهلوسة في أداة ويسبر؟

عقوبات غير كافية

هذه الإجراءات مخففة إلى حد ما. فقي الواقع، لم يجرِ فرض غرامات على إنتليفيجن أو إيفولف. اكتفت لجنة التجارة الفيدرالية، ببساطة، بمنع الشركات من إطلاق ادعاءات لا تستطيع دعمها بالأدلة، وفي حالة إيفولف، فإنها تلزم الشركة بالسماح لبعض العملاء بفسخ عقودهم إذا رغبوا في ذلك.

لكن هذه الإجراءات تمثل محاولة لتحميل صناعة الذكاء الاصطناعي المسؤولية فيما يتعلق بضجيجها الإعلامي في الأشهر الأخيرة لولاية رئيسة مجلس إدارة اللجنة، لينا خان، قبل استبدالها مع بدء ولاية دونالد ترامب. في خضم كل الترشيحات التي شهدتها الأسابيع الماضية، يبدو أن لجنة التجارة الفيدرالية ستشهد انتقالاً أكثر سلاسة بكثير للقيادة مقارنة بمعظم الوكالات الفيدرالية الأخرى. مؤخراً، أعلن ترامب أنه اختار مستشارة السياسات التكنولوجية والمساعدة السابقة لنائب الرئيس المنتخب جيمس ديفيد فانس، غيل سليتر، حتى تتولى قيادة الوكالة. أشار ترامب إلى أن لجنة التجارة الفيدرالية بقيادة سليتر ستواصل فرض رقابة صارمة على الشركات التكنولوجية العملاقة، مثل جوجل وأمازون ومايكروسوفت.

"كانت الشركات التكنولوجية الكبرى تفعل ما يحلو لها طوال سنوات، ما أدى إلى تقييد المنافسة في أكثر قطاعاتنا ابتكاراً، وكانت كما يعلم الجميع تستغل نفوذها في السوق حتى تسلب حقوق الكثير من الأميركيين، إضافة إلى حقوق الشركات التكنولوجية الصغيرة!" هذا ما قاله ترامب في إعلانه عن اختيار سليتر. وأكمل قائلاً: "كنت فخوراً بمواجهتي لهذه السلوكيات المسيئة خلال ولايتي الأولى، وسيواصل فريق مكافحة الاحتكار في وزارة العدل هذا العمل بقيادة سليتر".

ومع ذلك، فإن بعض إحباطات ترامب على الأقل تجاه شركات التكنولوجيا الكبرى مختلفة، مثل مخاوفه من أن المحافظين قد يكونون هدفاً للرقابة والتحيز. ويمكن أن يؤدي هذا إلى تغيير واضح في توجهات جهود مكافحة الاحتكار في عهده.

 

المحتوى محمي