وظيفة جديدة للبلوك تشين: التصنيع بشكل أفضل وأسرع وأرخص

2 دقائق

ستؤدي تقنية البلوك تشين إلى تغييرات جذرية في الكثير من المجالات، وليس من الصعب إذن أن نضع تصوراً طَموحاً لتأثير هذه التقنية على قطاع التصنيع: كصنع آلات كاملة الوثوقية من حيث قياسات الأداء، ومرتبطة مع بعضها البعض بشبكة واحدة، وربما تقوم بتبادل أو مشاركة مواصفات التصاميم الجديدة فيما بينها، ثم تُنشر هذه الآلات العديدة في المصانع حول العالم، وتركها وشأنها لتصنع منتجات متزايدة الجودة، وبدون إشراف بشري تقريباً. ويبدو أن هذا التصور أصبح قريبًا إلى الواقع في مختبر بحثي في جامعة نورث كارولينا الحكومية.

 

وقد اعتمد الباحثون هناك على نسخة تتطلب إذنَ استخدام من إيثيريوم، وقاموا بوصل آلة تصنيع بالتحكم الحاسوبي الرقمي (CNC) -وهي آلة متعددة القدرات، تستخدم في المعامل حول العالم لتصنيع القطع- بشبكة بلوك تشين صغيرة، ومن ثم بيَّنوا إمكانية استخدام العقود الذكية (برمجيات لتنفيذ العقود بشكل آلي) في برمجة الآلة، من أجل أن تسجِّل البيانات عن نفسها، ثم تشاركها على البلوك تشين ذاتياً، وفي هذه الحالة تكون هذه البيانات تأكيداً على عمل الآلة بشكل متواصل لثماني ساعات.

صحيح أنه مجرد نموذج أولي بسيط، ولكن بينيل ستارلي (الذي قاد البحث) يقول إن هذا النموذج يساعد على الإجابة عن سؤال كبير، وهو: كيف يمكن أن نجعل آلةً تسجل بيانات على سجل مشترك؟

ولكن أولاً، لماذا نرغب في تحقيق شيء كهذا؟ لنتخيل شركة صغيرة ناشئة في مجال التقانة الحيوية في بوسطن، وأن هذه الشركة توصَّلت إلى تصميم جديد لجهاز إلكتروني حيوي، وترغب في تصنيعه، وقد عثرت على العرض الأفضل في ورشة صغيرة في منطقة ريفية في نورث كارولينا. يتوجب حينها على صانعي التجهيزات الطبية أن يحققوا مجموعة صارمة من المعايير، وغالباً ما تتضمن عمليات تدقيق مكثفة ومحددة، كما يقول ستارلي. وعادة ما يضطر مصمم الجهاز إلى تنفيذ عملية مكلفة للتحقق من أن المصنع الذي تعاقد معه يُحقق جميع هذه المتطلبات، على حين أن المصنع مُعرَّض إلى مجموعة مرهقة من عمليات التفتيش. ويجب على الجميع -إذا تم تغيير التصميم لاحقاً- أن يكرروا كل ما سبق مرة أخرى، وهو ما يطلق عليه اسم "ضريبة الثقة".

ويمكن باستخدام سجل مشترك مشفر (أي: البلوك تشين) تخفيض ضريبة الثقة، مما يجعل المعلومات الهامة (مثل توثيق مواصفات الآلة وعملها) أكثر شفافية وقابلية للوصول، كما يقول ستارلي. كما يسهل على تلك الشركة الناشئة في بوسطن أن تكتشف المصنع المثالي لها. ويمكن استخدام العقود الذكية أيضاً في أمورٍ مثل الإعلان عن قدرات آلة معينة لبقية الشبكة، أو الحد من الشروط التي يمكن أن تقبل عندها تنفيذ مهمة ما، كما يمكن للآلات حتى أن تستخدم السجل للمساعدة على تنسيق النشاطات مع آلات أخرى في منشآت أخرى.

يعترف ستارلي أن هذا الموضوع يتطلب الكثير من العمل؛ مثل ضمان عدم إمكانية نسخ بيانات أية آلة أو سرقتها. وهناك تساؤل أيضاً حول كيفية التشجيع على الاشتراك في الشبكات اللامركزية، وقد حلت كل من بيتكوين وإيثيريوم هذه المشكلة بعرض مكافأة بالعملة المشفرة للإشراف على السجل، وهو ما سيتطلب تحديد البيانات التي ستوافق الشركات على مشاركتها، ومع من ستشاركها، وقد يكون هذا التحدي أصعب من أية مشاكل تقنية أخرى.

المحتوى محمي