هانز زيمر: 1، الذكاء الاصطناعي: 0
عندما كان غاريث إدواردز، مخرج فيلم "روغ ون: قصة من حرب النجوم" (Rogue One: A Star Wars Story) ، يفكر في الموسيقى التصويرية التي سيستخدمها في فيلمه المقبل حول الذكاء الاصطناعي بعنوان "المبدع" (The Creator) ، قرر أن يحاول تأليفها باستخدام الذكاء الاصطناعي، وحقق نتيجة "جيدة للغاية".
وقد قال إدواردز في مقابلة مباشرة على منصة لينكدإن (LinkedIn) مع إم آي تي تكنولوجي ريفيو: "لقد فكرت، في لحظة من التحذلق، أنه سيكون من الأفضل حتى ألا نخبر أحداً بهذا، وأن ننتج الموسيقى التصويرية ونحافظ على سريتها بأن نختلق اسم مؤلف موسيقي لها أو ما شابه، وبعد انتهاء كل شيء، نفاجئ الجميع بأنها كانت من إنتاج الذكاء الاصطناعي".
موسيقى من إنتاج الذكاء الاصطناعي بطابع هانز زيمر
طلب إدواردز من شركة تستخدم الذكاء الاصطناعي في إنتاج الموسيقى -دون تحديد اسمها- استخدام هذه التكنولوجيا لتأليف الموسيقى التصويرية بأسلوب المؤلف الحائز على جائزة الأوسكار، هانز زيمر.
تمكن نظام الذكاء الاصطناعي من توليد مقطوعة موسيقية تستحق ربما "7 درجات من 10"، وفقاً لإدواردز.
ويضيف إدواردز قائلاً: "لكنني كنت أفكر في أن الحصول على مقطوعة تستحق 10 درجات من 10 يتطلب اللجوء إلى هانز زيمر".
انتهى المطاف بإدواردز بالتعاون مع هانز زيمر الحقيقي البشري لتأليف الموسيقى التصويرية لفيلمه، وقال إنه عرض المقطوعة التي ولدها الذكاء الاصطناعي على المؤلف. وقد وجد زيمر الأمر طريفاً، وفقاً لإدواردز. لم تتمكن المجلة من التواصل مع زيمر للحصول على تعليق منه.
اقرأ أيضاً: تعرّف إلى ميوزك إل إم (MusicLM): أداة جوجل لتوليد الموسيقى من النصوص
في قلب معارك هوليوود
تعبر تجربة إدواردز عن قضية تقع في قلب واحدة من أكبر المعارك التي تشهدها هوليوود حالياً. فقد بدأ الفنانون والمختصون بالأعمال الإبداعية يتخذون موقفاً معارضاً في مواجهة الذكاء الاصطناعي التوليدي. وتمر هوليوود حالياً بمرحلة من الجمود، وذلك بسبب إضراب الممثلين والكتّاب لتحسين ظروف العمل، ومعالجة مسألة استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في صناعة الأفلام. إضافة إلى ذلك، يشنّ المؤلفون والفنانون حملة ضارية على الشركات التكنولوجية، التي يقولون إنها تسرق أعمالهم المحمية بموجب قوانين حماية الملكية الفكرية، وذلك من خلال جمع الصور والنصوص من الإنترنت بكميات كبيرة دون تمييز. وقد رفع بعض الفنانين البارزين، مثل الكوميدية والمؤلفة سارة سيلفرمان، دعاوى قضائية ضد شركات الذكاء الاصطناعي بتهمة انتهاك حقوق التأليف والنشر.
ما يزال التأليف الموسيقي باستخدام الذكاء الاصطناعي في بداياته، وهو ما قد يفسر حصول إدواردز على تلك النتيجة، وفقاً للخبير في الذكاء الاصطناعي التوليدي، هنري أجدر.
"وفقاً لخبرتي، تبدو بعض المقطوعات الموسيقية البسيطة التي ألّفها الذكاء الاصطناعي طبيعية للغاية عند سماعها. ومن الصعب التمييز بين المقطوعة التي ولدها الذكاء الاصطناعي والمقطوعة التي يعزفها البشر"، وفقاً لأجدر.
اقرأ أيضاً: مشروع ذكاء اصطناعي جديد من جوجل يمكّنك من تأليف الموسيقى خلال الحجر الصحي
مخيلة زيمر الواسعة مقابل محدودية بيانات الذكاء الاصطناعي
لكنه يضيف قائلاً إن توليد مقطوعة موسيقية أطول، وبأسلوب هانز زيمر، أصعب بكثير من مجرد توليد مقطوعة بسيطة باستخدام آلة موسيقية واحدة، مثل البيانو. تقف قدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي عند حدود بياناتها التدريبية، على حين يمتلك زيمر البشري مخيلته الواسعة، إضافة إلى عالم كامل يحيط به ويمكنه أن يستلهم منه دون حدود.
أما الأهم من ذلك، كما يقول إدواردز، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي تفتقر إلى مهارة جوهرية للغاية في إنشاء الأعمال الفنية الجيدة، وهي الذائقة الفنية. فهي ما تزال عاجزة عن إدراك ما يعتبره البشر جيداً أو سيئاً. ولهذا السبب بالذات، يعتقد أن العاملين في المجال الإبداعي يجب أن يستخدموا الذكاء الاصطناعي، بدل أن يخشوه. "يدرك الجميع أن الذكاء الاصطناعي مقبل لا محالة. لكنه مجرد أداة وحسب"، وفقاً لإدواردز. ويضيف قائلاً: "إن الأشخاص الذين سيحافظون على أنفسهم في خضم هذه النقلة هم الذين لا ينكرون هذا الإنجاز، ويحاولون تبنّيه وتعلم التعامل معه، ويحاولون تحويله إلى أداة لصالحهم".
يقارن إدواردز بين مرحلة الازدهار التي يشهدها الذكاء الاصطناعي حالياً، واختراع برنامج تعديل الصور، فوتوشوب (Photoshop).
فعندما ظهر فوتوشوب أول مرة، وفقاً لإدواردز، كانت جميع الحوارات العامة تتحدث عن "التدنيس" الذي يمثله هذا البرنامج.
"لكننا تجاوزنا هذه المرحلة في نهاية المطاف. والآن، أدى فوتوشوب إلى خلق العديد من الفرص للكثيرين من العاملين في المجال الفني، ولا أرغب في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء"، وفقاً لإدواردز.
اقرأ أيضاً: موسيقى خلفية يؤلفها الذكاء الاصطناعي تظهر لنا حدود إبداعه
سيُحدث الذكاء الاصطناعي هزة عميقة ستؤدي إلى نقلة نوعية في مجال الفن، كما حدث عند اختراع الكاميرا أو المؤثرات المرئية الرقمية في فيلم "الحديقة الجوراسية" (Jurassic Park) ، حسب إدواردز الذي يضيف: "آمل أنها مجرد نقلة نوعية أخرى".