بالرغم من انهيار خططها فيما يخص إطلاق عملتها الرقمية المشفرة، إلا أن شركة ميتا Meta ومؤسسها مارك زوكربيرج لا يزالان يستكشفان طرقاً بديلة لتحقيق الدخل، حيث نُشرت تقارير حديثة تُشير إلى أن الشركة في طريقها لتقديم عملة افتراضية لتحقيق طموحاتها المالية في عالم الميتافيرس.
ماذا عن مشاريع شركة ميتا المالية وعملتها الرقمية الجديدة؟
وفقاً لتقرير صحيفة فايننشال تايمز فإن الشركة بقيادة الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج تسعى إلى الحصول على مصادر دخل بديلة وميزات جديدة يمكنها جذب المستخدمين والاحتفاظ بهم، مع ظهور بوادر لانخفاض شعبية نموذج أعمالها القائم على الإعلانات في منصاتها الرئيسية "فيسبوك وانستقرام"، واللذان يشكلان المصادر الرئيسية لتحقيق الأرباح للشركة.
وكشف المصدر أن العملة الافتراضية قد تحمل اسم "زاك باكس" (Zuck Bucks) ومن غير المحتمل أن تعتمد على تقنية البلوك تشين، بدلاً من ذلك تميل الشركة إلى التحكم في هذه العملة مركزياً على غرار العملات الافتراضية الموجودة في تطبيقات الألعاب مثل عملة "روبوكس" (robux) في لعبة روبليكس Roblox أو عملة "في باكس" (V-Bucks) في لعبة فورتنايت Fortnite.
كما تختبر الشركة أيضاً الدخول في مجال نشر منتجات البلوك تشين ومشاركتها في تطبيقاتها مثل "الرموز غير القابلة للاستبدال" (NFT)، حيث تخطط لإطلاق برنامج تجريبي في منتصف شهر مايو القادم، ومن المتوقع أن تقوم بعدها مباشرة باختبار ميزة عرض رموز NFT في ملفات المستخدمين الشخصية، على غرار ما فعلته شبكة تويتر في وقت سابق من هذا العام.
كما بدأت الشركة في اختبار أدوات تحقيق الدخل للمستخدمين داخل لعبة الواقع الافتراضي "هورايزن وورلدز" (Horizon Worlds)، وبحسب إعلان الشركة فإنه يمكن لمجموعة مختارة من المبدعين البدء في إنشاء عناصر رقمية يمكنهم بيعها مباشرة في الفضاء الاجتماعي الافتراضي.
ويمكن فقط للمستخدمين الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاماً في الولايات المتحدة وكندا شراء هذه السلع، بالإضافة إلى ذلك يمكن لمنشئي المحتوى البدء في صنع العناصر التي يريدون بيعها مباشرةً من خلال أداة "إنشاء" (Create) في التطبيق.
بالإضافة إلى ذلك بدأت شركة ميتا أيضاً في اختبار برنامج المكافآت مع منشئي المحتوى الذين يعيشون في الولايات المتحدة، حيث يمكن للمشاركين الآن كسب إيرادات إضافية من خلال إحراز تقدم في الأهداف الشهرية التي تضعها الشركة.
وتبحث شركة ميتا أيضاً في إنشاء "رموز السمعة المميزة" (Reputation Tokens) والتي يمكن إصدارها كمكافآت لمساهمات ذات مغزى في مجموعات فيسبوك، بالإضافة إلى "العملات المعدنية للمبدعين" والتي تُمنح للمؤثرين في إنستقرام، كما تستكشف الشركة توسيع المزيد من الخدمات المالية التقليدية مع التركيز على المساعدة في تقديم قروض للأعمال الصغيرة بأسعار مغرية.
التركيز على عالم الميتافيرس لتحقيق الأرباح
بينما لا تزال معظم هذه المشاريع في مراحلها المبكرة ويمكن أن تتغير أو حتى تُلغى، إلا أن هذه الأنواع من الخطط تبين تركيز الشركة الكبير ورؤيتها طويلة المدى لعالم الميتافيرس وما يمثله من فرص واعدة في تحقيق الأرباح، حيث يتوقع معظم الخبراء أن يغير طريقة استخدامنا للإنترنت بشكل كامل.
وتريد شركة ميتا أخذ الريادة من منافسيها التقليديين بعد تراجع سهم الشركة بأكثر من 26% في شهر فبراير الماضي، وهو أكبر انخفاض في تاريخ أي شركة تكنولوجية، ما أدى إلى خسارة الشركة أكثر من 220 مليار دولار من قيمتها السوقية، نتيجةً لتغييرات الخصوصية التي طبقتها شركة آبل وصعود منافسين جُدد مثل تطبيق تيك توك للفيديوهات القصيرة.
وبالتالي فإن الشركة تعمل بخطى حثيثة لإيجاد مصادر أخرى للإيرادات ودعم التجارة الإلكترونية على منصاتها، والتعمق في تكنولوجيات العملات المشفرة وتكنولوجيا البلوك تشين، نظراً إلى تباطؤ منافسيها البارزين مثل جوجل وآبل في الدخول إلى هذه الأسواق الناشئة.
ولكن السبب الأهم بحسب الكثير من المحللين هو فشل الشركة سابقاً في إطلاق عملتها المشفرة الخاصة بها المسماة "ليبرا" (Libra) – سُميت لاحقاً باسم ديم Diem - التي واجهت الكثير من التدقيق والتشكيك والانتقادات من المصرفيين والسياسيين، وانسحاب معظم الشركات المالية البارزة من المشروع.
وهذا الأمر جعل شركة ميتا تُنهى المشروع بشكل كامل وبيعت أصوله إلى "بنك سيلفرغيت" (Silvergate Bank) الأميركي، بعد أن رفض المنظمون والمشروعون الأميركيون إعطاء الضوء الأخضر بإطلاقها نتيجة مخاوفهم من أن يؤدي إلى عدم الاستقرار النقدي وقضايا المنافسة.
اقرأ أيضاً: كيف حولت الشركات التكنولوجية الكبرى قوانين الخصوصية إلى تمثيليات فارغة؟
هل تقوم شركة ميتا بإصدار عملتها الرقمية أم تتراجع كما حدث سابقاً؟
بلا شك فإن الخطط الجديدة التي تنوي شركة ميتا اتباعها لإيجاد مصادر ربح جديدة بعيدة كل البعُد عن طموحاتها في إصدار عملة رقمية مشفرة خاصة بها تعتمد على تكنولوجيا البلوك تشين، حيث تبدو الشركة الآن أكثر واقعية في إيجاد أفضل الطرق تنظيماً لتقديم عملتها الرقمية على غرار منصات الألعاب الشهيرة، وهو الخيار الذي يمكن اعتباره الأكثر جاذبية.
ومع ذلك لن تكون هذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها شركة ميتا عملة افتراضية خاصة بها، حيث أطلقت في عام 2011 عملة افتراضية تُسمى "فيسبوك كريديتس" Facebook Credits مكنت المستخدمين من إجراء عمليات شراء داخل التطبيق.
واستُخدمت هذه العملة الافتراضية في منصتها الخاصة للألعاب، وقد مثلت إيرادات هذه العملة 16% من أرباح الشركة في عام 2012، ولكن قامت الشركة فجأة بإغلاق المشروع في عام 2013 متعللة بالمشاكل اللوجستية وتكلفة التطوير الباهظة.
اقرأ أيضاً: مرثاة الدفع نقداً: التكنولوجيا التي قد لا نستبدل بها على الإطلاق
وتبدو الآن الأمور أكثر وضوحاً للشركة فيما يخص خططها المالية، وفقاً لمدير قسم الشؤون المالية في شركة ميتا ستيفان كاسريل، الذي صرح قائلاً: "نحن نجري تغييرات على استراتيجية منتجاتنا حتى نتمكن من إعطاء الأولوية للبناء من أجل الميتافيرس وعلى الشكل الذي ستبدو عليه المدفوعات والخدمات المالية في هذا العالم الرقمي".
وأضاف أيضاً: "إن الشركة سوف تسرع الاستثمارات في تسهيل المدفوعات داخل تطبيقات واتساب وماسنجر، وفي مساعدة المبدعين على تحقيق الدخل من نشاطهم، على سبيل المثال من خلال تصميمهم للرموز غير القابلة للاستبدال".
كما أشار إلى خطط الشركة لدمج محفظة "فيسبوك باي" (Facebook Pay) مع محفظة العملات الرقمية "نوفي" (Novi) بالقول: "ستوفر المحفظة المدفوعات، وإدارة الهوية والأصول الرقمية داخل تطبيقات الشركة ومنتجاتها للواقعين الافتراضي والمعزز، ومع مرور الوقت من الممكن أن تشمل تطبيقات ومنتجات أخرى".
وعلى الرغم من تركيز شركة ميتا على المدفوعات الرقمية، إلا أن الجهود الأخرى هي جزء من خطط أوسع لاستخدام تكنولوجيا البلوك تشين لتقديم المزيد من "اللامركزية" عبر منصاتها، مع الضجة المتصاعدة حول الجيل الثالث من الإنترنت أو "الويب 3".
حيث تريد الشركة معرفة كيف يمكن لتكنولوجيا البلوك تشين أن تمنح المستخدمين مزيداً من التحكم في هويتهم الرقمية، وما إذا كان يمكن نقل هويتهم أو حساباتهم أو استخدامها عبر منصات أخرى خارج تطبيقات الشركة.
اقرأ أيضاً: لماذا أصبح الويب 3 محور أحاديث أوساط العملات المشفرة؟
وفي الوقت نفسه فإن خططها لمكافأة المستخدمين على المحتوى الموثوق به برموز اجتماعية قد تسمح لشركة ميتا بحذف نفسها كمشرف محتوى مركزي، ومنح مجتمعات فيسبوك مزيداً من القوة في الإشراف على محتوياتها ومشاركاتها بأنفسها.