في الوقت الذي يميل فيه المستخدمون للاعتماد على بوت الدردشة تشات جي بي تي للقيام بكثير من الأعمال نيابة عنهم، بدءاً من إنشاء النصوص والصور والتلخيص والعصف الذهني وليس انتهاءً بالبحث، أظهرت شركة أوبن أيه آي أيضاً أنها لا تدخر جهداً في تضمين بوت الدردشة بكل ميزة تراها مهمة، لحث المستخدمين على المزيد من الاستخدام لمنتجها الرئيسي.
وآخر ما قامت به هو تضمين ميزة تسمى المهام (Tasks) من شأنها أن تجعل تشات جي بي تي أكثر فاعلية، وتحوله إلى مساعدٍ افتراضي إلى جانب وظائفه الأخرى، ومنافسٍ لأبرز المساعدات الافتراضية المدعومة بالذكاء الاصطناعي الموجودة في السوق اليوم. فما هي ميزة المهام المضمنة في تشات جي بي تي، وهل ستكون بديلاً ومنافساً فعلياً للمساعدات الافتراضية مثل سيري وأليكسا؟
ما هي ميزة "المهام إلى تشات جي بي تي" Tasks To ChatGPT؟
ميزة "المهام إلى تشات جي بي تي" (Tasks To ChatGPT) أو ما يمكن أن يُطلق عليه اختصاراً المهام (Tasks)، هي ميزة مضمنة في بوت الدردشة تشات جي بي تي مصممة لتعزيز إنتاجية المستخدم من خلال قدرتها على جدولة المهام تلقائياً بناءً على مطالبات محددة من المستخدم، وإدارتها مباشرة داخل واجهة بوت الدردشة تشات جي بي تي.
وتهدف الميزة التي لا تزال في مرحلة تجريبية ومتاحة حصرياً لمشتركي الخطط المدفوعة إلى العمل كمساعد افتراضي شخصي على غرار المساعدين الافتراضيين الموجودين حالياً مثل أليكسا من أمازون وسيري من آبل، حيث يمكنك استخدامها لتذكيرك بالمهام الروتينية التي تقوم بها مثل مواعيد الاجتماعات أو ممارسة الرياضة أو إجراء المكالمات الهاتفية.
اقرأ أيضاً: كيف يعمل بوت تشات جي بي تي كقوة مضاعفة لشن الهجمات السيبرانية؟
وبشكل عام، تمثل ميزة المهام في تشات جي بي تي خطوة مهمة نحو جعل بوت الدردشة الأكثر شهرة واستخداماً أداة أكثر شمولاً لإدارة المهام وتنظيمها، من خلال السماح للمستخدمين بجدولة التذكيرات وإدارة المهام بطريقة المحادثة الاعتيادية، ومن المحتمل لاحقاً أن تقترح عليك مهام أو تذكيرات بناءً على محادثاتك إذا وافقت على ذلك، مثل تذكيرك بحجز غرفة فندقية أو البحث عن جواز سفرك إذا اكتشف أنك طالبته بالتخطيط لعطلة، أو ذكر بعض الأماكن السياحية أثناء دردشتك معه سابقاً.
وهذه الميزة بحسب المتابعين من شأنها أن تعزز فائدة تشات جي بي تي بالنسبة للمستخدمين إلى ما هو أبعد من الاستجابات في الوقت الفعلي، ما يجعل بوت الدردشة نفسه أداة قيمة لتحسين الإنتاجية الشخصية والمهنية.
Today we’re rolling out a beta version of tasks—a new way to ask ChatGPT to do things for you at a future time.
Whether it's one-time reminders or recurring actions, tell ChatGPT what you need and when, and it will automatically take care of it. شاهد على إكس
— OpenAI (@OpenAI) January 14, 2025
اقرأ أيضاً: أيّهما أكثر إبداعاً: تشات جي بي تي أمْ محرك البحث جوجل؟
الميزات الرئيسية لميزة المهام في تشات جي بي تي
تعمل أداة المهام في تشات جي بي تي على حث المستخدمين على استخدام بوت الدردشة تشات جي بي تي أكثر وجعلها أداة أساسية للإنتاجية ومن أهم ميزاتها:
جدولة المهام الروتينية
يمكن للمستخدمين تعيين تذكيرات لمرة واحدة ومتكررة لأنشطة مختلفة مثل الاجتماعات أو المواعيد النهائية أو الأحداث الشخصية، تضمن هذه المرونة أن يتمكن المستخدمون من إدارة جداولهم ومهامهم بفعالية وتجنب تفويت المهام المهمة.
استخدام تكنولوجيا معالجة اللغة الطبيعية
تستخدم ميزة المهام تكنولوجيا معالجة اللغات الطبيعية، ما يسمح للمستخدمين بإنشاء تذكيرات باستخدام صيغة المطالبات، على سبيل المثال يمكنك أن تطلب من مهام تشات جي بي تي مهمة بصيغة: "ذكرني بإرسال رسالة عبر واتساب إلى صديقي خالد غداً الساعة السابعة صباحاً لتذكيره بموعدنا مع أصدقائنا في النادي الرياضي"، ما يجعل التفاعل بديهياً وسهل الاستخدام.
تقديم اقتراحات مخصصة
يمكن لميزة المهام في تشات جي بي تي التعلم من التفاعلات السابقة واقتراح التذكير بالمهام بناءً على تفضيلات المستخدم. هذا النهج المخصص من شأنه أن يساعد في تخصيص التجربة وفقاً للاحتياجات الفردية ما يعزز بدوره التنظيم والكفاءة.
إدارة المهام من خلال التفاعل
يمكن للمستخدمين إدارة المهام مباشرة داخل واجهة بوت الدردشة تشات جي بي تي مع خيارات لتحديد التواريخ وتعيين تذكيرات متكررة، من خلال جزء إدارة المهام المخصص المتاح.
بالإضافة إلى ذلك، تريد منك أوبن أيه آي استخدام ميزة المهام في تشات جي بي تي لتذكيرك بكل شيء تقريباً، مثل الحصول على تقرير يومي عن حالة الطقس قبل خروجك من المنزل لترتدي الملابس المناسبة، أو تذكيرك بموعد التسوق الأسبوعي أو جدولة مهمة يومية لتلخيص الأخبار وغيرها الكثير.
اقرأ أيضاً: لماذا أنفقت شركة أوبن أيه آي أكثر من 10 ملايين دولار لشراء اسم النطاق Chat.com؟
شركة أوبن أيه آي تدخل المنافسة في جميع القطاعات تقريباً
تعتبر ميزة المهام في تشات جي بي تي جزءاً من مشروع شركة أوبن أيه آي للتحرك قدماً في قطاع تطوير وكلاء الذكاء الاصطناعي، وهي نماذج الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تعمل بشكل مستقل إلى حد ما ويُنظر إليها على أنها المرحلة التالية من تطور الذكاء الاصطناعي قبل الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام.
فمع تطور الميزة، من المتوقع لها أن تصبح أكثر من مجرد أداة للتذكير، بدلاً من ذلك يمكن للميزة أن تُستخدم بشكل حقيقي لتنفيذ المهام نيابة عنك، ما يسمح للمستخدم بتفويض المهام المعقدة بشكل متزايد إلى الذكاء الاصطناعي، والذي من شأنه أن يقدم لمحة عن مستقبل أكثر إنتاجية وكفاءة ويتماشى مع الاتجاهات الأوسع في تطوير الذكاء الاصطناعي، التي تتنبأ بتطورات كبيرة في الأتمتة وإدارة سير العمل في السنوات القادمة.
بالإضافة إلى ذلك، مع استعداد شركة أوبن أيه آي للتحول إلى شركة ربحية، فإن رئيسها التنفيذي سام ألتمان يبدو أكثر تصميماً للدخول إلى كل قطاع متعلق بإنترنت المستهلك ومنافسة الشركات المسيطرة عليها، فبعد دخولها سوق محركات البحث عبر أداة سيرش جي بي تي، ها هي الآن تقتحم سوقاً جديدة تماماً بالنسبة لها وهي سوق المساعدات الافتراضية.
على سبيل المثال بالرجوع إلى التغريدة التي نشرتها الشركة على منصة إكس نجد للوهلة الأولى أن أي مساعد افتراضي ذكي يمكنه القيام بالمهام نفسها، ولكن ما يميز ميزة المهام في تشات جي بي تي عن بقية المساعدات الافتراضية الأخرى القادرة على جدولة المهام والتذكيرات المتكررة هو التكلفة.
حيث نجد أن معظم المساعدات الافتراضية القادرة على جدولة المهام تأتي بخطط مدفوعة أو بميزات مجانية محدودة جداً، بينما من المتوقع لميزة مهام تشات جي بي تي المتوفرة حالياً كإصدار تجريبي لمشتركي الخطط المدفوعة أن تتوفر مجاناً لجميع مستخدمي تشات جي بي تي، حيث تذكر الشركة أنها تخطط لتوسيع الوصول إلى الميزة بمجرد تكوين رؤية شاملة للميزة بناءً على تعليقات المستخدمين الحاليين الذين يمكنهم الوصول إليها.
اقرأ أيضاً: كيف يسرّع تشات جي بي تي تطور وكلاء الذكاء الاصطناعي وانتشارها؟
منافسة مباشرة مع أمازون وآبل في سوق المساعدات الافتراضية
من المتوقع أن يؤدي تضمين ميزة المهام في بوت الدردشة تشات جي بي تي إلى إدخال أوبن أيه آي في منافسة مباشرة مع شركتي آبل وأمازون، اللتان لهما الحصة الأكبر في سوق المساعدات الافتراضية، ومع ذلك تواجهان تحديات كبرى في تطوير مساعديهما الافتراضيين بميزات الذكاء الاصطناعي كما يريدها المستخدمون، فبالنسبة لشركة آبل فإن مشكلتها تكمن في تفضيلها المبالغ فيه للنهج التدريجي لإدماج الذكاء الاصطناعي في منتجاتها.
فعلى الرغم من أن تحديث آبل الأخير يسمح لمستخدمي مساعدها الافتراضي سيري بالوصول مباشرة إلى تشات جي بي تي دون تبديل التطبيقات، فإن الطريق لايزال طويلاً أمامها لأن يعمل مساعدها الافتراضي بشكل مستقل تماماً أو بمفهوم وكيل الذكاء الاصطناعي الذي تهدف إلى تحقيقه شركة أوبن أيه آي.
بالإضافة إلى ذلك ليس من المنطقي أن تعتمد شركة آبل إلى أجل غير مسمى على تشات جي بي تي، حيث من المحتمل أن تصبح المسائل المتعلقة بتقسيم الإيرادات والتكاليف موضوعاً ساخناً بين الشركتين مستقبلاً، مع تطلع مسؤولي شركة أوبن أيه آي إلى التحول إلى نموذج هادف للربح.
أما عن شركة أمازون، فلا مشكلة لديها في الإنفاق بعد أن كشفت عن خطة لإنفاق أكثر من 100 مليار دولار على مدار العقد القادم لإنشاء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي حول العالم، بالإضافة إلى دعمها لشركة الذكاء الاصطناعي الناشئة أنثروبيك (Anthropic) التي يُنظر إلى النموذج اللغوي الخاص بها على أنه المنافس الأبرز لبوت الدردشة تشات جي بي تي، وجيميناي التابع لشركة لجوجل.
ولكن مشكلتها البارزة بحسب العديد من التقارير نقلاً عن مسؤولين وموظفين بارزين في الشركة تكمن في التكامل التقني للنموذج اللغوي من أنثروبيك مع خوارزميات المساعد الافتراضي أليكسا الحالية، وجعلها فعالة من حيث التكلفة والتي كانت السبب في إعاقة تطوير مساعدها الافتراضي.
اقرأ أيضاً: حصرياً: لقاء مع كبير علماء أوبن أيه آي إيليا ساتسكيفر حول آماله ومخاوفه إزاء مستقبل الذكاء الاصطناعي
فبحسب التقارير فإن دمج الذكاء الاصطناعي في أليكسا بشكل فعال مع مجموعة من الأجهزة المختلفة تعد إحدى المشكلات التي تواجهها أمازون، حيث ينبغي عليها دمج قدرات الذكاء الاصطناعي في كل جهاز على حدة مثل أجراس الباب الذكية ومكبرات الصوت الذكية وكاميرات الأمان الذكية.
ومن ثمّ، مع التحديات التي تواجهها كلتا الشركتين، فمن المحتمل أن تجد شركة أوبن أيه آي موطئ قدم لها في سوق المساعدات الافتراضية في المستقبل القريب، وربما تذهب إلى أبعد من ذلك لتتمكن فعلياً من إنشاء التطبيق الفائق أو ما يسمى تطبيق كل شيء (Everything App)، اعتماداً عل نجاح بوت الدردشة تشات جي بي تي والذي تحلم بتطويره كل شركة تكنولوجيا في وادي السيليكون.