على الرغم من أن المساعدات الافتراضية الصوتية ظهرت قبل أكثر من عقد من الزمان، فإن التكنولوجيا واجهت عقبات جمّة بما في ذلك التطوير الذي يستغرق عادة أسابيع من أجل إدخال الميزات الأساسية.
وأتى الحماس الكبير الذي استُقبلت به أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل بوت الدردشة تشات جي بي تي ليشكل ضغطاً إضافياً على الشركات المطورة للمساعدات الافتراضية للحاق بسباق الذكاء الاصطناعي.
قدرة المساعدات الافتراضية لا تزال محدودة
يعتمد المساعدون الافتراضيون وبوتات الدردشة على أنظمة مختلفة من الذكاء الاصطناعي، حيث يتم تشغيل بوتات الدردشة مثل تشات جي بي تي (ChatGPT) وبارد (Bard) من خلال ما يُعرف بالنماذج اللغوية الكبيرة (LLM) وهي فرع من أنظمة الذكاء الاصطناعي القوي (Strong AI) المدربة على التعرف على النص وإنشائه بناء على مجموعة بيانات ضخمة تم جمعها من الويب، بحيث تكون قادرة على التمتع بقدرات تعادل قدرات الإنسان أو تتفوق عليها، إضافة للوعي التام والقدرة على صناعة القرار والذي يتطلب قدرات بشرية.
في المقابل، فإن المساعدات الافتراضية مثل سيري (Siri) وأليكسا (Alexa) ومساعد جوجل (Google Assistant)، تُعرف أساساً باسم أنظمة القيادة والتحكم، حيث يمكن لها أن تفهم قائمة محدودة من الأسئلة والطلبات التي تصدر عن طريق الصوت مثل (ما حالة الطقس في مدينة دبي؟) أو (قم بتشغيل أضواء غرفة المعيشة)، ولكن إذا طلب المستخدم من المساعد الافتراضي القيام بشيء غير موجود في قاعدته المعرفية فإنه يقول ببساطة لا يمكنه المساعدة.
اقرأ أيضاً: ما هي قوة المعالجة والعتاد الصلب المستخدمان في تشغيل تشات جي بي تي؟
ومقارنة ببوتات الدردشة، فإن قدرات المساعدات الافتراضية المدعومة بالذكاء الاصطناعي محدودة للغاية، وهذا يعود إلى أن تطويرها يعتبر مرهقاً للغاية وتعتمد بشكلٍ رئيسي على المدخلات التي تتم إضافتها إلى قاعدتها بصورة دورية والتي تستغرق وقتاً طويلاً للغاية. على سبيل المثال، تحتوي قاعدة بيانات المساعد الافتراضي سيري على قائمة ضخمة من الكلمات من 20 لغة تقريباً، ما يجعلها أشبه بكرة ثلجية ضخمة تكبر باستمرار مع إدخال كل كلمة جديدة.
لذا فإن التحديثات التي تبدو بسيطة، مثل إضافة بعض العبارات الجديدة إلى مجموعة البيانات، تتطلب عادةً إعادة بناء قاعدة البيانات بأكملها والتي قد تستغرق ما يصل إلى ستة أسابيع، بينما قد تستغرق إضافة ميزات أكثر تعقيداً مثل أدوات البحث الجديدة المدعومة بالذكاء الاصطناعي ما يقرب من عام.
لهذا السبب بدأ العديد من الشركات سباقاً لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي القوي ومحاولة إيجاد طريقة ما لدمجها في المساعدات الافتراضية التي أصبحت غير جاذبة بشكلها الحالي، حيث أدركت الشركات المطورة أن معظم الأشخاص يستخدمون المساعدات الصوتية فقط لعدد محدود من المهام البسيطة، مثل بدء تشغيل الموقتات وتشغيل الموسيقى.
اقرأ أيضاً: بيل غيتس: الذكاء الاصطناعي سيغزو كافة القطاعات ويتولى مهام الموظفين
تفوق تشات جي بي تي على المساعدات الافتراضية بدأ الآن
عندما أتاحت شركة أوبن أيه آي (OpenAI) بوت الدردشة تشات جي بي تي لعامة المستخدمين في نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2022، ذُهل مجتمع الإنترنت من التقدم الذي طرأ على أنظمة الذكاء الاصطناعي، وذلك بسبب قدرتها على التحدث كإنسان حقيقي والإجابة عن العديد من الأسئلة التي لا يمكن إلا للإنسان أن يجيب عنها.
حيث يمكن اعتبار بوت الدردشة تشات جي بي تي مساعداً افتراضياً ذا قدرات مذهلة تتعدى المساعدات الافتراضية المألوفة، من خلال قدرته على الإجابة عن الاستفسارات بنصوص طويلة والقيام بمهام أخرى لا يمكن أن تقوم بها المساعدات الافتراضية الحالية، ويتفوق تشات جي بي تي بنقطتين رئيسيتين على المساعدات الافتراضية، هما:
- بينما يمكن للمساعدات الافتراضية التفاعل مع العالم المادي وإتمام الإجراءات بالصوت فقط، يتفوق بوت الدردشة تشات جي بي تي في تقديم إجابات أكثر تفصيلاً وشمولية لمجموعة واسعة من الأسئلة.
- للمساعدات الافتراضية الكثير من التطبيقات في الحياة اليومية، إلا أن تشات جي بي تي مخصص أكثر لحالات الاستخدام المتعلقة بالأعمال وزيادة الإنتاجية.
هذان الاختلافان يجعلان بوت الدردشة تشات جي بي تي نوعاً مختلفاً من المساعدات الافتراضية المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل سيري وأليكسا، فبينما لا يمكنه تشغيل الأغاني أو إطفاء الأنوار، إلا أن الميزة البارزة هي قدرته الفائقة على زيادة الإنتاجية وإكمال العمل الذي تقوم به في مكتبك بشكل أسرع بكثير من المساعدات الافتراضية.
اقرأ أيضاً: مبتكر المساعدات الافتراضية يراها تفشل من دون اتباع نهج جديد في الذكاء الاصطناعي
أبرز نقاط القوة التي يتفوق بها تشات جي بي تي على المساعدات الافتراضية
الملكية والخصوصية
في حين أن جميع المساعدات الافتراضية المتوفرة الآن مملوكة بالكامل للشركات التي تطوّرها والتي يمكنها التعامل معها وفق احتياجاتها لتوليد الإيرادات، مثل تبادل بيانات المستخدمين مع الشركات الإعلانية، إلا أن الشركة المطورة لبوت الدردشة تشات جي بي تي، وهي في الأصل شركة غير ربحية، من غير المرجح أن تتبادل بيانات المستخدمين مع المعلنين لتوليد الأرباح، وهذا يعني خصوصية أكبر والمزيد من التحكم في بياناتك.
وفي الواقع، عند استخدام بوت الدردشة تشات جي بي تي يمكنك حذف المحادثات بسهولة بعد حصولك على المساعدة التي تحتاجها، إذ لا يوجد سجل للدردشة وتمنحه هذه الميزة نقطة تفوق واضحة على المساعدات الافتراضية عندما يتعلق الأمر بملكية البيانات والخصوصية.
اقرأ أيضاً: أهم الاستخدامات المحتملة لنموذج تشات جي بي تي في منتجات شركة مايكروسوفت
الدقة والواقعية
معظم الآراء حتى الآن اتفقت على أن بوت الدردشة تشات جي بي تي دقيق بشكلٍ معقول في كل ما يمكنه فعله في الوقت الحالي، فهو لا يولد ردوداً شبيهة بالبشر دون أي نوع من الأخطاء النحوية، بل يمكنه أيضاً تعديل إجاباته إذا قمت بتعديل أسئلتك لتزويدك بإجابات أكثر دقة من المساعدات الافتراضية.
علاوة على ذلك، يتم الحفاظ على دقتها حتى عندما تطرح سؤال متابعة مرتبطاً بسؤال طرحته بالفعل، وهي نقطة لا تزال المساعدات الافتراضية غير جيدة فيها في بعض الأحيان، فلست بحاجة إلى جعل أسئلتك طويلة بلا داعٍ للحصول على جميع المعلومات في سؤال واحد.
بالإضافة إلى ذلك، لا تحتاج أيضاً إلى تكرار السؤال للحصول على إجابة دقيقة، حيث يتفهم سياق المحادثة والإجابات وفقاً لذلك تماماً كما يفعل الإنسان، وهذا يعود إلى تدريبه على قاعدة بيانات أكبر، بعكس المساعدات الافتراضية، ما يجعله أكثر دقة في تقديم المعلومات.
اقرأ أيضاً: لم يأتِ من العدم: كيف حقق تشات جي بي تي انتشاره الواسع؟
طلاقة المحادثة
بينما تقدّم المساعدات الافتراضية مثل سيري وأليكسا إجاباتها بطلاقة، إلا أنه لا يمكنهما تقديم إجابات طويلة مثل بوت الدردشة تشات جي بي تي بمستوى متساوٍ من الطلاقة، هذا الاختلاف (من المحتمل أن يظل كذلك) لأن تشات جي بي تي تم تصميمه منذ البداية للتعامل مع المحادثات الطويلة بسهولة، على عكس سيري وأليكسا اللذين تم تصميمهما لأداء مهام يومية صغيرة لا تتطلب استجابات طويلة ويتم الآن تعديلهما لإضافة القدرة على إعطاء ردود أطول عند الحاجة.
حالات الاستخدام
لدى بوت الدردشة تشات جي بي تي حالات استخدام مختلفة تماماً عن حالات استخدام المساعدات الافتراضية ويتفوق فيها بشكلٍ تام، وتشمل بعض المهام التي يستحيل على المساعدات الافتراضية أليكسا وسيري القيام بها، ما يلي:
- المساعدة في كتابة التعليمات البرمجية.
- شرح الموضوعات المعقدة بمصطلحات عامة.
- كتابة مهام دراسية مثل المقالات.
- كتابة خطابات توصية لطلبات العمل.
- صياغة رسائل البريد الإلكتروني.
- صياغة محتوى الحملات التسويقية.
ختاماً، بشكلٍ عام يمكن القول إن بوت الدردشة تشات جي بي تي هو مساعد افتراضي أفضل بكثير من المساعدات المتوفرة الآن مثل سيري وأليكسا، فعندما تحتاج إلى مساعدة في العمل المكتبي يمكنه الإجابة عن الأسئلة بالتفصيل والتحدث كإنسان حقيقي وتوفير الكثير من الوقت من خلال التخلص من الحاجة إلى إجراء البحث والكتابة والإجابة عن الاستفسارات يدوياً، وبمرور الوقت ومع تطوره ليصبح أكثر ذكاءً، ستزداد حالات استخدامه وفي النهاية قد نجده أيضاً أفضل في التفاعل مع العالم المادي.