هل تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي إلى الإدمان؟

3 دقائق

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا خلال العقد الأخير. وعلى الرغم من فوائد التواصل عبر هذه الوسائل، إلا أن لها العديد من الآثار السلبية، وخصوصاً عند الإفراط في استخدامها.

ومع انتشارها الكبير خلال السنوات القليلة الماضية، ازدادت الدراسات التي تقيّم التأثير السلبي للاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي على الصحة. ففي دراسة نُشرت في عام 2017، استعرضت الدكتورة داريا كوس والدكتور مارك جريفيث أحدث الأبحاث حول هذا الموضوع وتمّ التوصّل إلى أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يرتبط عند بعض الأفراد بعدد من المشاكل النفسية، بما فيها القلق والاكتئاب والشعور بالوحدة واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والإدمان. الأمر الجيد أن القليل جداً من الأشخاص يعانون من الإدمان الحقيقي على وسائل التواصل الاجتماعي، في حين أن استخدام معظم الناس لها يكون اعتيادياً دون أن يصل إلى مرحلة الإدمان.

ولذلك، يُطالب بعض أعضاء البرلمان في المملكة المتحدة بأن يتم تصنيف إدمان وسائل التواصل الاجتماعي على أنه مرض بشكل رسمي، وبأن على الشركات التي تُدير تلك المنصات أن تدفع ضريبة بنسبة 0.5٪ على أرباحها من أجل المساعدة في حلّ المشكلة. إذ قامت مؤخراً مجموعة من البرلمانيين من عدّة أحزاب في المملكة المتحدة بنشر تقريرها عقب تحقيق حول "تدبير تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية والبدنية للشباب"، والذي امتدّ من أبريل 2018 إلى يناير من هذا العام.

وكتب كريس إلمور وويليام راغ، وهما عضوا البرلمان اللذان أشرفا على التحقيق: "يوضّح التحقيق الذي أجريناه بأن هناك جوانب إيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي، خاصة فيما يتعلّق بالربط بين الأشخاص الذين تجمعهم اهتمامات متشابهة وتقليل الوحدة ومساعدة الناس على التواصل. ولكن لها أيضاً عدة جوانب يمكن أن تسبّب آثاراً ضارة جداً على الصحة العقلية والبدنية للشباب. لذلك، من المهم أن نحمي الشباب لضمان الحفاظ على سلامتهم وصحتهم أثناء اتصالهم بالإنترنت. ولهذا السبب تسعى توصياتنا إلى تحسين التدابير لحماية الفئات المستضعفة."

وعلى وجه التحديد، وجد التحقيق بأنه على الرغم من أن 12٪ من الأطفال الذين يتجنبون مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كامل يعانون من بعض أعراض الأمراض العقلية، إلا أن هذه النسبة كانت 27٪ عند أولئك الذين يقضون ثلاث أو أربع ساعات يومياً في استخدام هذه الوسائل. وتكمن المشكلة في أنه لا يوجد الكثير من الأدلة العلمية القوية حول العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي ومشاكل الصحة العقلية، مما يجعل من الصعب معرفة الأشخاص الأكثر عرضة للخطر وكيف يمكن مساعدتهم.

ولم تقدّم فيسبوك أو جوجل أيّ تعليق على المقترحات الجديدة لحين كتابة هذا المقال.

ولا تعتبر الدعوة لفرض ضريبة على وسائل التواصل الاجتماعي أمراً جديداً. إذ كانت أوغندا قد فرضت ضريبة على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تُلزِم الأوغنديين بدفع ضريبة إذا أرادوا استخدام بعض الخدمات مثل فيسبوك وتويتر وواتساب وغيرها. وبناءً على البيانات الصادرة عن لجنة الاتصالات الأوغندية، اتضح بأن الضريبة كان لها تأثير كبير على عدد مستخدمي الإنترنت في هذه الدولة الإفريقية، حيث انخفض عددهم بمقدار 3 ملايين مستخدم خلال فترة 3 أشهر.

ومن المعروف بأنه من الصعب التخلّي عن العادات، ويعود سبب ذلك إلى كيفية تشكّلها في الدماغ. فعندما نفعل شيئاً نحبه وننجز المهمة، فإن نظام المكافأة في الدماغ يُنتج هرموناً يُسمّى الدوبامين (الذي يُعرف أيضاً باسم هرمون السعادة)، مما يجعلنا نشعر بالرضا، ولذلك فإننا نميل إلى تكرار السلوكيات التي تجعلنا نشعر بالسعادة. ومع مرور الوقت، تتحول هذه السلوكيات (التي تتم بشكل متكرر) إلى عادات وتصبح ثابتة في الدماغ، مما يجعل التراجع عنها أمراً صعباً ومزعجاً. وتُعتبر هذه العملية أساسية بالنسبة لمطوّري أنظمة وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، والذين يسعون إلى إحداث سلوكيات من شأنها أن تصبح عادات عند المستخدمين.

وإذا أردت أن تعرف فيما إن كنت معرّضاً لخطر الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي، فعليك التحقق من الأعراض التالية:

  • قضاء الكثير من الوقت في التفكير باستخدامها أو التخطيط لذلك
  • الشعور بالرغبة الشديدة لزيادة استخدامها
  • استخدامها من أجل نسيان المشاكل الشخصية
  • الإخفاق في الحدّ من استخدامها
  • الاضطراب والانزعاج من عدم القدرة على استخدامها
  • استخدامها بشكل مفرط لدرجة أن يصبح لها تأثير سلبي على العمل أو الدراسة

إذا كنت تعاني من كافة الأعراض السابقة، فربما تكون مصاباً بالإدمان، وعليك زيارة أحد الأخصائيين النفسيين لتأكيد التشخيص ومعرفة طرق العلاج. أما إذا كنت تعاني من بعض الأعراض فقط، فعلى الأرجح أن استخدامك اعتيادي وليس إدمانياً، وعليك إعادة النظر في استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي. حاول ابتكار بعض الاستراتيجيات الشخصية لمساعدتك في التقليل من وقت استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي، مثل استخدامها في أوقات محددة فقط، أو إيقاف الإشعارات، أو الاتفاق مع الأصدقاء على عدم استخدام الهواتف المحمولة أثناء الطعام أو الاجتماعات، أو عدم استخدام الهاتف المحمول أبداً في أحد أيام الأسبوع، أو إلغاء تنشيط حسابك بشكل مؤقت.

تذكّر بأن تشكّل العادات والإدمان يتمّ في نفس المكان في الدماغ. والفرق الوحيد هو مستوى ضبط النفس الذي نبذله لمنع تحوّل العادة إلى إدمان. امنح دماغك بعض الوقت للراحة، وجرّب بعض الاستراتيجيات التي تساعدك على التقليل من استخدام هاتفك المحمول ووسائل التواصل الاجتماعي.

المحتوى محمي