عندما التقيت أوستين راسل في سان فرانسيسكو، لم يقدر على إخفاء ابتسامته عندما ذكرت المعركة القضائية التي اندلعت بين شركة أوبر وشركة وايمو التابعة لألفابيت.
قالت وايمو إن أحد كبار مهندسيها أخذ مخططات سرية لحساسات الليدار-التي تقوم بمسح العالم بالأبعاد الثلاثية باستخدام الليزر- إلى شركة النقل التشاركي. وقد ابتسم راسل لدى ذكر المعركة القضائية لأنه تبين أن حساسات الليدار التي صممتها شركته الناشئة بعد خمس سنوات من التطوير أصبحت مطلوبة في السوق، كما قال: "يبين هذا الحاجة إلى الليدار في سباق السيارات ذاتية التحكم".
تعتبر معظم الشركات التي تعمل في مجال السيارات ذاتية التحكم أن حساسات الليدار ضرورية للتحرك بأمان وتمييز الأجسام مثل المشاة وركاب الدراجات. ولكن أفضل الحساسات الموجودة ضخمة الحجم، ومكلفة للغاية، كما أنها غير متوافرة بشكل يتناسب مع الطلب المتزايد. قالت ألفابيت وأوبر إنهما اضطرتا للعمل من الصفر على اختراع حساسات خاصة بهما أفضل أداء لاستخدامها في سياراتهما ذاتية القيادة، وتأمل لومينار بتقديم خدماتها إلى صانعي السيارات الذين لا يريدون اللجوء إلى هذا الخيار.
لا يحمل راسل درجة جامعية، فقد ترك جامعة ستانفورد لقاء شيك بمائة ألف دولار في إطار برنامج أطلقه المستثمر بيتر ثييل لتشجيع ريادة الأعمال. ولكن راسل يقول إن قضاء فترة (قصيرة) من العمل بالإلكترونيات ساعده على تصميم حساس ليدار جديد يرى بشكل أبعد وأكثر تفصيلاً من تلك الحساسات الموجودة في السوق.
ويبدو أحدث حساس من فيلوداين -وهي الشركة التي تتصدر السوق حالياً- على شكل علبة قهوة دوارة، ويكلف عشرات الآلاف من الدولارات. تقول الشركة إن الحساس قادر على رؤية الأجسام الداكنة -مثل الرصيف أو شخص يرتدي ملابس داكنة- بنسبة انعكاس تساوي 10% (وهي مقدار لمقدار الضوء المنعكس عن جسم ما) على بعد 50 متر. وقد استعرضت لومينار حساسها وهو يكشف هذه الأجسام، إضافة إلى هدف معياري بنسبة انعكاس 10%، على بعد 200 متر.
يقول دانييل موريس، وهو بروفسور مساعد في جامعة ميشيغان الحكومية، إن هذه المواصفات جذابة بالنسبة لصانعي السيارات، إذا كانت لومينار على مستوى التحدي: "لا تتصف الكثير من حساسات الليدار بمدى جيد. وفي حالة القيادة على الطرقات السريعة، يجب أن ترى إلى مسافة بعيدة". وعند السير بسرعة 113 كيلومتراً في الساعة، فإن زيادة مدى رؤية السيارة بمقدار 100 متر ستمنح البرنامج ثلاث ثوانٍ إضافية حتى يتخذ الإجراء المناسب عند رؤية عائق ما.
ومن أسباب المدى البعيد لحساسات لومينار هو استخدام طول موجي للضوء أكبر مما تستخدمه الحساسات الأخرى، مما يسمح بالعمل باستطاعة أكبر دون انتهاك قانون سلامة العين، كما يقول راسل. ويستطيع الحساس أيضاً أن يركز على جسم معين بتوجيه المزيد من الإشعاعات نحوه، وذلك عن طريق نظام من المرايا الصغيرة المتحركة التي تقوم بتوجيه الليزر بشكل ديناميكي. وعلى العكس من ذلك، فإن الحساسات من فيلوداين وغيرها تستخدم مرايا دوارة ترسل الإشعاعات وفق نمط ثابت.
تقول لومينار إنها تلقت تمويلاً بقيمة 36 مليون دولار، وهي تحوي أكثر من 150 موظف، موزعين بين مقرها في منشأة قديمة لصيانة الدبابات في "مجمع" بمساحة خمسة وعشرين فداناً في وادي السيليكون، ومنشأة للهندسة البصرية والإنتاج البصري في أورلاندو بفلوريدا. وقد تم إنتاج أول دفعة من 10,000 وحدة في 2017. ولكن هذه الشركة ليست الوحيدة -على الإطلاق- التي تحاول إعادة اختراع الليدار واستثمار الزيادة الكبيرة في الطلب عليه.
تعمل فيلوداين على توسيع منشآتها الإنتاجية والعمل على تصميم ليدار "الحالة الساكنة" الذي لا يحوي أي أجزاء متحركة. كما أن الشركة المنافسة كوانيرجي حصلت على تمويل بقيمة 135 مليون دولار، وبدأت بشحن حساسات ليدار الحالة الساكنة الخاصة بها في 2017 بسعر 250 دولار. ووفقاً لكوانيرجي ولومينار فقد بدأت الشركات التي تطور السيارات ذاتية القيادة باختبار حساساتها على الطرقات العامة.
وقد قال لوي إيلدادا، المدير التنفيذي لكوانيرجي، إنه لا يشعر بالقلق من لومينار؛ حيث إن المرايا المتحركة تعاني من بعض المشاكل في الموثوقية، كما أن استخدام طول موجي أكبر يتطلب استخدام مادة نصف ناقلة مكلفة –زرنيخ إنديوم الجاليوم- لكشف انعكاسات الليزر عن الأجسام. ومن ناحية أخرى، فإن كوانيرجي -شأنها شأن شركات الليدار الأخرى- تستطيع استخدام السيليكون، وهو أقل تكلفة بكثير.
ولكن راسل قال إن لومينار تستطيع المحافظة على تكاليف معقولة على الرغم من استخدام مواد باهظة الثمن لأنها قامت بتطوير حساسها الخاص، وتجهيزه بشكل مباشر بشريحة سيليكونية خاصة لمعالجة الإشارات. ولم يحدد راسل سعر منتجات شركته، ولكنه يقول إن حساسه سيكون أفضل أداء من حساسات ليدار الأخرى، وبسعر تنافسي، على الرغم من أنه سيكون أعلى من سعر حساس كوانيرجي الذي يبلغ 250 دولار.