تعرف على السعودية نوف الجابري وابتكارها لتحويل النفايات البلاستيكية إلى وقود نظيف

3 دقائق
نوف الجابري
حقوق الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو.

دراستها واهتمامها البحثي

نالت نوف الجابري جائزة مبتكرون دون 35 من إم آي تي تكنولوجي ريفيو لعام 2021، وهي حاصلة على درجة البكالوريوس في العلوم عام 2010 من "جامعة الملك عبدالعزيز"، وعلى درجتي الماجستير عام 2011 والدكتوراه عام 2017 في الهندسة الكيميائية من "جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية"، بعد أن قدمت أطروحة اقترحت فيها تصنيع مادة محفزة تسمح بتحويل النفايات إلى وقود بدرجة حرارة منخفضة جداً لتفادي إنتاج الغازات، وذات فعالية عالية بإنتاج الوقود.

بدأت الجابري أبحاثها بعد اطلاعها على العديد من الإحصائيات العالمية التي توصي بالتقليل من الاعتماد على البترول، وإيجاد مصادر جديدة للطاقة تكون صديقة للبيئة، وركزت على مشكلة سوء التعامل مع المخلفات البلاستيكية ومعالجتها لاستخراج الطاقة منها واستخدامها كوقود، وبالتالي إيجاد مصدر بديل للطاقة وتقليل ظاهرة الاحتباس الحراري عن طريق تحويل النفايات البلاستيكية إلى وقود. ولها العديد من المنشورات والأوراق البحثية، ونالت أكثر من 20 براءة اختراع في مجال إنتاج الطاقة والمواد المتقدمة.

ابتكار جديد لتحويل النفايات البلاستيكية

انضمت للعمل في أرامكو السعودية عام 2011، ولا تزال تعمل حتى اليوم (2022) مهندسة بترول وخبيرة في الجيوفيزياء بقسم تكنولوجيا هندسة المكامن بمركز البحوث المتقدمة التابع للشركة، وتقود الجهود المبذولة لتصميم وتركيب مواد متطورة جديدة لمواجهة التحديات الرئيسية في قطاع النفط والغاز.

ترى الجابري أن قطاع الطاقة يواجه العديد من التحديات، لكن أمن الطاقة هو التحدي الرئيسي من وجهة نظرها، ففي الوقت الذي يتزايد فيه عدد سكان العالم، يتزايد الطلب على الطاقة أيضاً، والاستهلاك العالمي المتوقع للطاقة سيرتفع بنسبة 50٪ بحلول عام 2040، في حين قد لا يتمكن 1.2 مليار شخص من الحصول على المستوى المناسب من خدمات الطاقة، ومن ناحية أخرى، ساهم التطور السريع للصناعات الكيميائية في زيادة تراكم المواد البلاستيكية التي يتخلص منها البشر، وهو ما يسمى بالتلوث البلاستيكي، وهو القضية البيئية الأخرى الملحة.

تعتقد أن إعادة تدوير النفايات البلاستيكية عملية تتطلب قدراً هائلاً من الطاقة أولاً، ولا يمكن تطبيقها في جميع أنحاء العالم ثانياً، فكان هذان التحديان القوة الدافعة لها للاستفادة من النفايات البلاستيكية وإعادة تحويلها إلى وقود، والحد من انبعاثات الكربون، لذا بدأت بتطبيق ابتكارها الذي قدمته خلال الدكتوراه، الذي يسمح بالإنتاج الانتقائي للوقود النظيف والمواد الكيميائية الحيوية من خلال تحويل النفايات البلاستيكية التي لا تتطلب مستويات عالية من الحرارة والضغط التي تتطلبها التكنولوجيات الحالية. 

آلية عمل الابتكار

يمثل البوليسترين 70% من إجمالي النفايات البلاستيكية في المحيطات بسبب معدل إعادة تدويره المنخفض جداً، ويمكن لمادة الستايرين مونومر والمواد الكيميائية الأخرى أن تتسرب أثناء تحلل البوليستيرين وتبتلعها الحياة البحرية، ما يؤثر في النهاية على صحة المجتمع، لذلك ابتكرت خلائط جديدة لتحويل النفايات البلاستيكية إلى وقود نظيف ومواد كيميائية حيوية، حيث بدأت بالبوليسترين، ثم قامت بتوسيع العملية لتشمل المواد الأولية الأخرى. 

تبدأ عملية التحويل بمزج الخليط الجديد مع النفايات البلاستيكية بنسبة 0.1 إلى 1، وبعد ذلك يتم إدخالهما معاً إلى المفاعل، ويتم إجراء التفاعل عند درجة الحرارة 250 درجة مئوية ولكن من دون تطبيق أي ضغط، وبالتالي، فإن أدنى درجة حرارة مستخدمة في هذه الصناعة تتجاوز 500 درجة مئوية، وبعد 90 دقيقة يتم جمع الوقود النظيف من صمام المفاعل ليخضع للتحليل.

وما يجعل هذا الابتكار فريداً من نوعه اختلافه عن ممارسات تحويل البلاستيك الحالية التي تستخدم درجات حرارة عالية ابتداءً من 500 درجة مئوية، ومستويات ضغط مرتفعة لتحويل نفايات البلاستيك إلى غازات وسوائل ومنتجات صلبة ضخمة، فإن هذا المشروع يوضح على نحو عملي القدرة على تصنيع محفزات نانوية جديدة لإنتاج مواد كيميائية حيوية ووقود نظيف من البلاستيك المستخدم، إذ تعمل منصات الخلائط النانوية المتعددة هذه على إعادة تحويل البوليمرات القائمة على الهيدروكربون (البلاستيك المستعمل) إلى وقود نظيف ومنتجات عالية القيمة مثل البنزين، من دون إنتاج لغازات الاحتباس الحراري.

حقق ابتكارها تحويلاً بنسبة 100٪، ومردوداً من الوقود بنسبة 92٪، وانتقائية للمنتجات بنسبة 84٪، وكل ذلك في ظل ظروف تفاعل معتدلة، وتم الاعتراف بهذه النتائج الجديدة دولياً ومحلياً، ما أدى إلى حصولها على العديد من الامتيازات والتراخيص، كما حصلت عن ابتكارها هذا على جائزة مبتكرون دون 35 من إم آي تي تكنولوجي ريفيو لعام 2021.

جوائز أخرى

حصلت الجابري على العديد من الجوائز الدولية، حيث فازت بالمركز الأول في مسابقة ملصقات الأبحاث ضمن برنامج الإثراء الشتوي بجامعة "كاوست" لعام 2016، وفازت بالمركز الثالث في مسابقة "مختبر الجدران المتساقطة في برلين" (Falling Walls Berlin Lab) حيث حققت المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط في عام 2016.

وبسبب تأثير نتائج أبحاثها على قطاعي الطاقة والبيئة، تم تكريمها وتقديرها من قبل أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل بوسام "الابتكارات في العلوم" عام 2017، كما حصلت على "جائزة التميز الريادي للمرأة" ضمن فئة الإنجازات الأكاديمية لعام 2018، وكانت الشخصية التاسعة في قائمة العشرة المميزين في إلهام السعوديين لعام 2019 والتي تطلقها "مجلة الرجل" تقديراً للرجال والنساء الذي خاضوا تجارب استثنائية خلال مسيرة حياتهم.

وحصلت عام 2020 على جائزة من "آي كيم إي" (IChemE)، وهي جوائز الإنجازات الاستثنائية في الكيمياء والهندسة الحيوية، وأُدرج اسمها ضمن القائمة المختصرة كأحد المرشحين النهائيين لجائزة المعرض العالمي للطاقة، عن فئة القادة الناشئين لعام 2021.

المحتوى محمي