ما العلاقة بين نظام تحديد الموقع العالمي والأقمار الصناعية؟

4 دقائق
ما العلاقة بين نظام تحديد الموقع العالمي والأقمار الصناعية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Golden Sikorka

يمكنك الوصول اليوم إلى وجهات سفر جديدة، أو القيادة في متاهات الشوارع في المدن الغريبة عنك، باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس" (GPS). ولكن، كيف يحدد جهاز الملاحة في السيارة موقعها في لحظة معينة؟ يجيب مالكو أنظمة الملاحة: بواسطة الأقمار الصناعية في نظام تحديد الموقع العالمي. فكيف يعرف القمر الصناعي موقعك بالضبط؟ بعبارة أخرى، ما العلاقة بين نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والأقمار الصناعية؟

ما هو نظام تحديد المواقع العالمي GPS؟

نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، هو نظام مكون من أجهزة إرسال فضائية تتألف من مجموعة من الأقمار الصناعية يبلغ عددها نحو 31 قمراً صناعياً، وأجهزة استقبال على الأرض. كانت بداية المشروع عام 1978، كجزء من مشروع للجيش الأميركي، وبحلول عام 1994 أصبح عدد الأقمار الصناعية 24 قمراً صناعياً، إلا أنها لم تكن بدقة جيدة، إذ كانت تحدد الموقع في نطاق 300 متر. اليوم، أصبحت الإشارة الدقيقة مجانية ومتاحة لأي شخص لديه مستقبل GPS، بحيث يمكنها تحديد الموقع في خطوط الطول والعرض والارتفاع وفي حدود سنتيمتر واحد.

اقرأ أيضاً: نظام الـ GPS الجديد من MIT يستخدم صور الأقمار الاصطناعية لوضعك في المسار الصحيح على الطريق

كيف يعمل نظام تحديد المواقع العالمي GPS؟

يعتمد نظام تحديد الموقع على إشارات الراديو التي ترسلها الأقمار الصناعية، وتستقبلها أجهزة الاستقبال. بشكلٍ عام، يتكون نظام GPS من ثلاثة أجزاء: الجزء الفضائي، وقطاع التحكم، وقطاع المستخدم.

الجزء الفضائي 

يتكون الجزء الفضائي من كوكبة من 24 قمراً صناعياً، تدور في 6 مدارات حول الأرض على ارتفاع 19,300 كيلومتر، وبوزن يتراوح ما بين (1.34- 1.79) طن، وتتم دورتين كاملتين كل يوم، أي دورة كل 12 ساعة. يعمل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في جميع الأحوال الجوية، وتترتب كوكبة الأقمار الصناعية بحيث توجد أربعة أقمار صناعية مرئية لأي جهاز استقبال على الأرض، وفي أي وقت.

اقرأ أيضاً: مسابقة للرؤية الآلية تسعى لتحسين تحليل صور الأقمار الصناعية للأرض

قطاع التحكم

يتكون جزء التحكم من شبكة من محطات المراقبة الأرضية، ومراكز التحكم التي تتعقب الأقمار الصناعية، وتجري تعديلات على مداراتها حسب الحاجة، ما يضمن بقاء نظام GPS دقيقاً وموثوقاً به.

جهاز الاستقبال: قطاع المستخدم

يتضمن مقطع المستخدم جميع أجهزة استقبال GPS التي يستخدمها الأشخاص لتحديد موقعهم. يمكن العثور على هذه المستقبلات في الهواتف الذكية والسيارات والطائرات والقوارب وغيرها من الأجهزة.

تتمثل مهمة جهاز الاستقبال في تحديد المسافة بينه وبين ما لا يقل عن أربعة أقمار صناعية، وهي عملية تُعرف بالتثليث ثلاثي الأبعاد، فما المقصود به؟ لتوضيح مفهوم التثليث ثلاثي الأبعاد يمكن ضرب مثال التثليث ثنائي الأبعاد التالي:

تخيل أنك ولسبب ما ضعت في مدينة مجهولة تماماً، وعندما سألت أحد المارة عن موقعك، أجابك أنه على بعد 300 كيلومتر من المدينة (أ). في الواقع ما زلت تائهاً، فأنت قد تكون في أي نقطة من محيط دائرة يبلغ نصف قطرها 300 كيلومتر. ولدى سؤال فرد آخر، يحدد لك الموقع بأنك على مسافة 200 كيلومتر من المدينة (ب). حسناً، الآن تقلصت الخيارات كثيراً، فأنت ضمن محيط دائرة أخرى، ولا بُدّ أنك على إحدى نقطتي تقاطع الدائرتين. للتأكد تسأل شخصاً آخر، فيجيبك أنك على بُعد 400 كيلومتر من المدينة (ج)، أي على محيط دائرة ثالثة تتقاطع مع الدائرتين السابقتين في إحدى نقطتي التقاطع، وبذلك أصبحت تعرف مكانك بشكل أكثر دقة. أنت في نقطة تقاطع الدوائر الثلاث.

يشبه هذا كثيراً ما يحدث في نظام تحديد المواقع العالمي، إلا أنه أكثر تعقيداً، فعوضاً عن الدوائر توجد مجالات كروية الشكل (ثلاثية الأبعاد).

فإذا كنت على بعد 200 كيلومتر من القمر الصناعي (أ)، فأنت في مكان ما على الأرض من سطح الكرة التي مركزها القمر (أ) ونصف قطرها 200 كيلومتر.

وإذا كنت على بعد 250 كيلومتراً من القمر الصناعي (ب)، فأنت في مكان ما من الأرض من سطح الكرة التي مركزها القمر الصناعي (ب)، ونصف قطرها 250 كيلومتراً، وتتقاطع مع الكرة الأولى في دائرة كاملة. وإذا كنت تعرف المسافة إلى قمر صناعي ثالث، فستحصل على كرة ثالثة تتقاطع مع هذه الدائرة عند نقطتين. بينما يوفر القمر الرابع كرة رابعة تتقاطع مع الدائرة في إحدى هاتين النقطتين.

اقرأ أيضاً: دراجات دائمة التنقل تجمع بيانات سرية عن تحركاتك بها، لكن لماذا؟

حساب مسافة البعد عن القمر الصناعي

يرسل القمر الصناعي موجات كهرومغناطيسية، تسافر بسرعة الضوء (300 ألف كيلومتر في الثانية في الفراغ)، ليستقبلها جهاز الاستقبال. يمكن للمستقبل معرفة المدى الذي قطعته الإشارة من خلال توقيت المدة التي استغرقتها الإشارة للوصول، وهي عملية معقدة بعض الشيء.

لتحديد موقع سيارة أو هاتف محمول في لحظة معينة، يرسل القمر الصناعي نمطاً رقمياً طويلاً يسمى "رمز شبه عشوائي" على شكل موجات كهرومغناطيسية. عندما يستقبل جهاز الاستقبال هذا النمط يبدأ بتشغيله. الفرق بين وقت الإرسال والاستقبال، وإن كان صغيراً جداً، هو الزمن المستغرق لوصول الإشارة. وبالتالي:

المسافة بين القمر الصناعي وجهاز الاستقبال= زمن التأخير* سرعة الضوء.

لحساب هذا الزمن الصغير جداَ، لا بُدّ من توافر ساعات نانوية في كل من القمر الصناعي وجهاز الاستقبال، يمكن مزامنتها حتى النانو ثانية. لكن من المكلف أن يحتوي كل جهاز استقبال على الأرض على ساعة ذرية (50 ألفاً-100 ألف دولار)، لذا يمكن استبدالها بساعة كوارتز عادية، يمكن إعادة تعيينها باستمرار.

تحديد الموقع

يُخزن جهاز الاستقبال تقويماً يحدد له مكان كل قمر صناعي في أي وقت، بحيث يستقبل الإشارة الواردة من أربعة أقمار صناعية أو أكثر، ويقيس الفواصل الزمنية، ثم محاذاة جميع الإشارات التي يتلقاها جهاز الاستقبال عند النقطة التي تتقاطع فيها المجالات الأربعة، ويحدد بشكل فعّال خط الطول والعرض والارتفاع الحالي للمستخدم.

بناء على ذلك، تعيد أجهزة الاستقبال ضبط ساعتها لتكون متزامنة مع الساعة الذرية للقمر الصناعي. طالما أن الجهاز قيد التشغيل فهو يقوم بذلك باستمرار، ليحافظ على دقته مثل الساعات الذرية باهظة الثمن في الأقمار الصناعية.

اقرأ أيضاً: كيف تعمل خرائط جوجل؟

بشكل عام، تعتبر العلاقة بين نظام تحديد الموقع العالمي والأقمار الصناعية ضرورية لتوفير معلومات دقيقة عن الموقع للأشخاص في جميع أنحاء العالم. بدون هذه الشبكة من الأقمار الصناعية التي تدور في مدارات، سيكون من الصعب على الناس التنقل والعثور على طريقهم.

المحتوى محمي