نشأتها ودراستها
ولدت نجاة صليبا ونشأت في منطقة ريفية في لبنان، وخلال الحرب الأهلية اللبنانية اضطرت مع عائلتها للانتقال إلى المدينة، وهناك وجدت واقعاً مختلفاً عن الريف فيه ما يكفي من التلوث الهوائي المخيف، ما جعلها أكثر اهتماماً بطرق تخفيف تلوث الهواء. درست صليبا في "الجامعة اللبنانية"، حيث حصلت على درجة البكالوريوس في عام 1986، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة الأميركية لاستكمال دراساتها العليا، وحصلت على درجة الماجستير عام 1994 من "جامعة ولاية كاليفورنيا، لونغ بيتش"، وأكملت دراسة الدكتوراه عام 1999 في "جامعة جنوب كاليفورنيا"، حيث قدمت أطروحة عن موضوع تلوث المياه ودراسة التحفيز، ومن بعدها عملت باحثة لما بعد الدكتوراه في "جامعة كاليفورنيا إرفين" بين عامي 1999 و2001.
مسيرتها المهنية
عادت صليبا إلى لبنان وانضمت إلى "الجامعة الأميركية في بيروت" عام 2001، وعملت في الجامعة أستاذة مساعدة بين 2001 و2006، وترقت لمنصب أستاذة مشاركة بين 2006 و2011، وأصبحت بعدها أستاذة في الكيمياء، وهو المنصب الذي تشغله في الوقت الحالي (2022).
شاركت بتأسيس "مركز إبصار" في الجامعة عام 2002 بهدف حماية التنوع البيولوجي في لبنان، وتتولى حالياً (2022) إدارة المركز الذي يحمل اسم "مركز حماية الطبيعة"، وبعد أن شهدت صليبا إصابة أصدقاء وأقارب لها بمشاكل ومضاعفات صحية نتيجة للتعرض لمواد سامة في البيئة المحيطة، قادت أبحاثها من خلال المركز لمعالجة عدد من التحديات البيئية، حتى تم اختيار المركز عام 2018 من قبل "الجامعة الأميركية في بيروت"، كأحد أفضل المنظمات المؤثرة في حركة التجديد.
ساهمت بإطلاق "الأكاديمية البيئية" في "الجامعة الأميركية في بيروت" وتتولى إدارتها منذ 2018، واختارت من بين 30 مشروعاً يعمل على التحسين البيئي 10 منها، تابعتها من خلال الأكاديمية مع مرشدين عالميين وجمعيات لبنانية. وحققت هذه المشاريع تغييرات بيئية بالتعاون مع بلديات وقرى لبنانية على أصعدة مختلفة، وتقول صليبا عن هذا الموضوع في حديث لها مع صحيفة "الشرق الأوسط": "عملنا مع بلديات عديدة بينها الدامور ومزرعة يشوع والفنار وسلعاتا وغيرها. واختلفت الموضوعات البيئية التي تناولناها لتشمل مشكلات المياه وتراكم النفايات وفرزها. عملنا في مجال التسبيخ وزراعة الخروب، وكذلك على استعادة حرج محروق بعد تنظيفه، وأعدنا إليه الحياة، وغيرها من الإنجازات".
اهتمامها البحثي
تبحث صليبا في كيمياء الغلاف الجوي، وتعمل على دراسة ملوثات الهواء التي تشمل قياس المستويات والتغيرات اليومية والموسمية للكربونيل المنخفض وثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت، وأجرت عدة أبحاث تناولت فيها الملوثات المحيطة في لبنان والشرق الأوسط، وبحثت في تطوير تكنولوجيات تحليلية جديدة لتحديد المكونات الكيميائية السامة والمسرطنة للسجائر الإلكترونية والشيشة، وعملت كذلك على تطوير مواد وأساليب مبتكرة لدراسة الملوثات الجوية.
تعمل أيضاً على استخراج وتحديد المكونات النشطة بيولوجياً المعزولة من العديد من النباتات المتوطنة اللبنانية التي يعرف الطب الشعبي أنها تستخدم في الطب، واستخراج وتحديد الخصائص الكيميائية للزيوت العطرية من النباتات ذات القيمة التجارية العالية، وتركز على المشاريع البيئية التي يقودها المجتمع والتي تستند إلى الإنتاج المشترك للمعرفة لإيجاد الحلول الأكثر ملاءمة للتحديات المحلية.
خضة بيروت
وبصفتها أخصائية كيميائية في الغلاف الجوي، عملت على دراسة مخلفات انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في أغسطس/آب 2020. وبعد أن درست جودة الهواء في مدينة بيروت لسنوات، بدأت بدراسة الآثار البيئية للانفجار، من خلال مقارنة عينات الهواء من لوس أنجلوس وبيروت لفهم أوجه التشابه والاختلاف بينهما، فكلا المدينتين عبارة عن مدن ساحلية ذات مناخ متوسطي وعانتا من آثار الدخان، إذ تتأثر لوس أنجلوس بالدخان المنبعث من حرائق الغابات.
كما شاركت بتأسيس مبادرة "خضة بيروت" (Khaddit Beirut) عام 2020، التي تتولى إدارتها التنفيذية، وهي مبادرة تهدف إلى المشاركة في بناء بدائل محلية وأفضل الممارسات وفرص النمو التي تضمن رفاهية السكان، وتركز على الحلول المستدامة في مجالات صحة المجتمع والتعليم والصحة البيئية والأعمال المحلية.
جوائز وتكريمات
نالت عام 2016 "جائزة المجلس الوطني اللبناني للبحث العلمي" عن فئة البيئة، وفي عام 2018 نالت جائزة "الجمعية الفيزيولوجية الأميركية للبحوث متعددة التخصصات"، و"جائزة لوريال-اليونسكو للنساء في العلوم" لعام 2019، كما نالت في العام ذاته وسام الأرز الوطني، واختيرت من قبل شبكة "بي بي سي" من بين النساء الأكثر إلهاماً وتأثيراً في العالم، وفي عام 2021 رُشحت لتكون ضمن أكثر 12 شخصاً تأثيراً في العدالة المناخية وبين 100 شخص الأكثر نفوذاً في سياسة النوع الاجتماعي.