ما هي ميزة إمكانات تشات جي بي تي الجديدة في البحث على الإنترنت؟

5 دقيقة
ما هي ميزة إمكانيات تشات جي بي تي الجديدة في البحث على الإنترنت؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Selman GEDIK

أعلنت أوبن أيه آي (OpenAI) مؤخراً أن تشات جي بي تي (ChatGPT) أصبح الآن قادراً على البحث عبر الإنترنت عن أحدث الإجابات عن استفسارات المستخدمين.

كان تشات جي بي تي، حتى الآن، مقيداً في معظم الأحيان بتوليد الإجابات اعتماداً على بياناته التدريبية، التي يعود أحدثها إلى أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023 بالنسبة إلى النموذج "جي بي تي 4 أو" (GPT-4o)، كما كانت قدراته المخصصة للبحث عبر الإنترنت محدودة. ستبقى عمليات البحث حول المواضيع العامة مبنية على المعلومات التدريبية الخاصة بالنموذج نفسه، غير أن تشات جي بي تي سينتقل آلياً إلى البحث عبر الإنترنت عن الإجابات عن الأسئلة حول المعلومات الحديثة، مثل الرياضة والأسهم والأخبار الحالية، ويستطيع تقديم نتائج غنية عبر وسائط متعددة. يستطيع المستخدمون أيضاً تفعيل ميزة البحث عبر الإنترنت يدوياً، لكن بوت الدردشة سيتخذ بنفسه، في أغلب الأحيان، القرار حول الحاجة إلى البحث عبر الإنترنت عن معلومات مفيدة لإعداد إجابة ما، على حد قول مدير المنتجات لأغراض البحث في أوبن أيه آي، آدم فراي.

اقرأ أيضاً: هل تتغير إجابات تشات جي بي تي بتغير مَن يسأله؟

السعي لتحويل تشات جي بي تي إلى أذكى مساعد رقمي

وقد قال فراي لمجلة "إم آي تي تكنولوجي ريفيو": "نسعى إلى تحويل تشات جي بي تي إلى أذكى مساعد رقمي، ونعمل حالياً على إضافة تحسينات كبيرة إلى إمكاناته من حيث قدرته على الوصول إلى المعلومات عبر الإنترنت". هذه الميزة متاحة حالياً للمستخدمين المشتركين بالخدمة المدفوعة لبوت الدردشة.

في هذا المثال، يجري تشات جي بي تي بحثاً عبر الإنترنت عندما يطرح المستخدم سؤالاً حول المطاعم المحلية.

ومع أن أداة البحث في تشات جي بي تي متاحة في بادئ الأمر، كما نعلم، للعملاء المشتركين بالخدمة المدفوعة، فإن أوبن أيه آي تنوي إتاحتها مجاناً في وقتٍ لاحق، حتى للمستخدمين الذين لم يسجلوا دخولهم. تخطط الشركة أيضاً للجمع بين أداة البحث وميزات تشات جي بي تي الصوتية ومنصته التفاعلية المخصصة للبرمجة والكتابة كانفاس (Canvas)، على الرغم من أن هذه الإمكانات لن تكون متاحة في هذا الإصدار الأولي.

كشفت الشركة الستار عن نموذج أولي تجريبي مستقل للبحث عبر الإنترنت في شهر يوليو/تموز. أمّا الآن، فقد دمجت هذه الإمكانات مباشرة في بوت الدردشة. تقول أوبن أيه آي إنها "دمجت في تشات جي بي تي أفضل إصدار مجرب من الأداة سيرش جي بي تي (SearchGPT)".

اقرأ أيضاً: بماذا يتميز محرك بحث أوبن أيه آي سيرش جي بي تي عن جوجل؟

تحدٍّ مباشر لأدوات مماثلة من شركات منافسة

أوبن أيه آي هي أحدث شركة تكنولوجية تُطلق مساعد بحث يعتمد على الذكاء الاصطناعي، في تحدٍّ مباشر لأدوات مماثلة من شركات منافسة، مثل جوجل ومايكروسوفت والشركة الناشئة بيربليكسيتي (Perplexity). تفيد التقارير أيضاً بأن شركة ميتا (Meta) تعمل على تطوير محرك بحث خاص بها يعتمد على الذكاء الاصطناعي. يمكن لمستخدمي أداة البحث في تشات جي بي تي، على غرار الواجهة التفاعلية لموقع بيربليكسيتي الإلكتروني، أن يتفاعلوا مع بوت الدردشة باستخدام اللغة الطبيعية، وسيقدّم إجابة من إنتاج الذكاء الاصطناعي مرفقة بالمصادر والروابط التشعبية لمزيد من القراءة والاطلاع. على العكس من ذلك، تقدّم ميزة "أيه آي أوفرفيوز" (AI Overviews) من جوجل ملخصاً قصيراً من إنتاج الذكاء الاصطناعي في الجزء العلوي من موقع الويب، إضافة إلى قائمة تقليدية من الروابط المفهرَسة.

قد تتمكن هذه الأدوات الجديدة في نهاية المطاف من منافسة جوجل على حصتها البالغة 90% في سوق البحث عبر الإنترنت. يمثّل البحث باستخدام الذكاء الاصطناعي طريقة مهمة للغاية لجذب المزيد من المستخدمين، وفقاً للأستاذ المختص بالبحث عبر الإنترنت في جامعة واشنطن، شيراغ شاه. لكنه يقول إنه من المستبعد أن يؤدي ذلك إلى تقليص هيمنة جوجل على مجال البحث. ويُضيف شاه قائلاً إن محاولة مايكروسوفت البارزة لمنافسة جوجل من خلال محرك البحث "بينغ" (Bing) لم تُحدِث أثراً يستحق الذكر في السوق.

بدلاً من ذلك، تسعى أوبن أيه آي إلى إنشاء سوق جديدة للمنظومات الوكيلة العاملة بالذكاء الاصطناعي التي تتمتّع بمستوى أعلى من القدرات والتفاعل، القادرة على اتخاذ إجراءات معقدة في العالم الحقيقي، على حد قول شاه.

وتمثّل وظيفة البحث الجديدة في تشات جي بي تي خطوة نحو بناء هذه المنظومات الوكيلة.

خطوة نحو إنشاء المنظومات الوكيلة

تستطيع أداة البحث الجديدة أيضاً تقديم إجابات شديدة الارتباط بالسياق المتاح تستفيد من سجلات الدردشة السابقة، ما يُتيح للمستخدمين التعمق في عمليات البحث. حالياً، يمكن لأداة البحث في تشات جي بي تي استذكار سجلات الحوارات السابقة، ومتابعة الحوار من خلال أسئلة تتعلق بالموضوع نفسه.

ويستطيع تشات جي بي تي نفسه أيضاً أن يتذكر معلومات تخص المستخدمين يمكنه استخدامها لاحقاً، ويفعل ذلك تلقائياً في بعض الأحيان، أو يمكنك أن تطلب منه أن يتذكر شيئاً معيناً. تؤثّر هذه الذكريات "الطويلة الأمد" في كيفية استجابته للدردشات. لا تتضمن أداة البحث هذه الميزة بعد، فالبحث الجديد عبر الإنترنت يبدأ من الصفر، لكنها ستكتسب هذه القدرة في غضون 6 أشهر، على حد قول فراي. تقول أوبن أيه آي إنه عندما يحدث هذا، فسوف تتمكن الأداة من تقديم نتائج مخصصة للمستخدم بدرجة أكبر بكثير، بناء على ما تعرفه.

يقول فراي: "قد تكون هذه المعلومات ذكريات دائمة، مثل ’أنا نباتي‘، أو قد تكون ذكريات سياقية، مثل ’أنا مسافر إلى نيويورك خلال الأيام القليلة المقبلة‘". ويُضيف قائلاً: "إذا قلت: ’أنا ذاهب إلى نيويورك بعد أربعة أيام‘ فستتذكر الأداة هذه المعلومة وتفاصيل تلك اللحظة".

تقول أوبن أيه آي إنها استفادت من شراكاتها مع المؤسسات الإخبارية، مثل وكالة رويترز (Reuters) ومجلة أتلانتيك (Atlantic) وصحيفة لوموند (Le Monde) وصحيفة فاينانشال تايمز (Financial Times) والشركة الإعلامية أكسل سبرينغر (Axel Springer) والشركة الإعلامية كوندي ناست (Condé Nast) ومجلة تايم (Time)، لمساعدتها على تطوير أداة البحث عبر الإنترنت في تشات جي بي تي. لكن نتائج أداة البحث لا تتضمن معلومات صادرة عن مؤسسات النشر هذه، بل تتضمن معلومات من أي مصدر آخر عبر الإنترنت لا يحظر بصورة فعّالة البرنامج الذي يدعم عمل الأداة وهو برنامج يتتبع ملفات الإنترنت نسميه عادة "زاحف الويب" (crawler) الذي يتولى عملية البحث.

اقرأ أيضاً: كيف نجحت شركة بيربليكسيتي في توقع نتائج الانتخابات الأميركية؟

استرجاع المعلومات من مصادر حسنة السمعة

تقول أستاذة معالجة اللغة الطبيعية في جامعة ليدن، سوزان فيربيرن، التي درست استرجاع المعلومات، إن قدرة تشات جي بي تي الجديدة على استرجاع المعلومات من هذه المصادر الحسنة السمعة عبر الإنترنت وتوليد إجاباته بناءً على هذه المعلومات تمثل تطوراً إيجابياً. كما أنها تسمح للمستخدمين أيضاً بتوجيه أسئلة إضافية للمتابعة والتعمق في المواضيع التي يطرحونها.

لكن، على الرغم من القدرة المُحسَّنَة التي تتميز بها الأداة الجديدة من حيث البحث عبر الإنترنت وتدقيق المصادر من خلال مقارنتها، فإنها ليست منيعة ضد الميل الدائم لنماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية إلى اختلاق الأشياء أو تقديم نتائج خاطئة. عندما أجرت إم آي تي تكنولوجي ريفيو اختباراً لوظيفة البحث الجديدة، طلبت منها تقديم أفكار حول أماكن لقضاء العطلة، اقترح تشات جي بي تي "وجهات سفر أوروبية فاخرة" (luxury European destinations) مثل اليابان ودبي وجزر الكاريبي وبالي وجزر سيشيل وتايلاند. عرض تشات جي بي تي مصدراً كان مقالاً من صحيفة تايمز (Times) البريطانية ذكر هذه الأماكن إضافة إلى أماكن أخرى في أوروبا بوصفها خيارات فاخرة لقضاء العطلة.

تقول فيربيرن: "عند توجيه سؤال حول معلومات غير صحيحة أو أحداث لم تقع قط، على وجه الخصوص، قد يحاول محرك البحث صياغة إجابة تبدو معقولة، لكنها ليست صحيحة بالضرورة". وتُضيف أنه ثمة خطر أيضاً من احتمال تسرب المعلومات الخاطئة إلى إجابات تشات جي بي تي من الإنترنت إذا لم تكن الشركة قد زوّدته بفلاتر فعّالة للمصادر.

وثمة خطر آخر أيضاً يتمثل في أن الاندفاع الحالي نحو الوصول إلى صفحات الويب عبر محركات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي سوف يتسبب بزعزعة الاقتصاد الرقمي للإنترنت، وفقاً لما ورد في مقال افتتاحي منشور مؤخراً في إم آي تي تكنولوجي ريفيو للباحث في مركز بيركمان كلاين التابع لجامعة هارفارد، بنجامين بروكس، الذي سبق له أن كان مدير السياسات العامة في شركة ستابيليتي أيه آي (Stability AI).

وقد كتب بروكس قائلاً: "من خلال حجب صفحات الويب خلف بوت دردشة يعرف كل شيء، فإن البحث باستخدام الذكاء الاصطناعي قد يحرم صُنّاع المحتوى من الزيارات و"عدد المشاهدات" التي يحتاجون إليها للبقاء والحفاظ على أعمالهم ومعيشتهم".

المحتوى محمي