نظم حياتك: ما ميزات تطبيق نوشن التي تفيد البعض في تنظيم حياتهم بأكملها

يتميز جوشوا بيرغن بإنتاجيته العالية.

أما سر إنتاجيته المرتفعة فهو تطبيق نوشن (Notion) المخصص لمكان العمل. بيرغن هو مدير منتج يعيش في مدينة فانكوفر، ويستخدم التطبيق لتخطيط رحلاته إلى الخارج بدقة عالية، مع العديد من الملاحظات والجداول الزمنية، كما يستخدمه لوضع قوائم بالأفلام والمسلسلات التلفزيونية التي شاهدها، وتسجيل رأيه فيها، ويستفيد منه لمتابعة مشاريع الطباعة المجسمة التي يعمل عليها وتخطيط مسارات التزلج على الثلج، إضافة إلى إدخال تحديثات سريعة على قائمة لطيفة تضم الأشياء المضحكة التي قالها طفله.

قد يبدو هذا الأمر غريباً، ولكن بيرغن ينتمي إلى شريحة متزايدة من الأشخاص الذين يعتمدون على برنامج نوشن المصمم للعمل في تنظيم حياتهم الشخصية، إذ يستخدمون البرنامج بعدة طرق مختلفة، بدءاً من متابعة عاداتهم في التأمل والجداول الأسبوعية لاستهلاك الماء وصولاً إلى مشاركة قوائم تسوّق البقالة.

يقول بيرغن: "لاحظت زيادة هائلة بإنتاجيتي في مشاريعي الخاصة منذ بدأت استخدامه، ولعلي نفذت خلال السنتين الماضيتين مشاريع أكثر مما نفذته في السنوات العشر الماضية. قد يكون هذا شكلاً من الهوس، أو ضرباً من المبالغة، ولكنه تنظيم شامل، وأنا أجده رائعاً".

ما الذي يميز تطبيق نوشن؟

إذاً، كيف لهذه المنصة المصممة لتحقيق "عمل أسرع وأفضل" أن تحدث هذا الأثر العميق بوجود أعداد كبيرة من التطبيقات الأخرى المخصصة للتخطيط أيضاً؟

يعود جزء من شعبية برنامج نوشن الكبيرة إلى مرونته العالية؛ فقد تم تصميمه أساساً للجمع بين عدة برامج يمكن أن تستخدمها الشركات في عدة وظائف، مثل إدارة الموارد البشرية والمبيعات وتخطيط المنتجات، وذلك ضمن منظومة واحدة، وهو يعتمد على قوالب بسيطة تتيح للمستخدمين إضافة الميزات أو حذفها، كما يتيح التنسيق المشترك للعاملين عن بُعد من حيث الملاحظات وقواعد البيانات والمواعيد على التقويم ولوحات المشاريع.

يميز هذا المستوى العالي من المرونة وإمكانية التخصيص برنامج نوشن عن غيره من تطبيقات العمل، وهو ما زاد أيضاً من شعبيته بين الأشخاص الذين يريدون تنظيم أوقات فراغهم. بدأ التطبيق يكتسب الزخم في 2018 تقريباً ضمن ازدهار الثقافة الفرعية المتعلقة بالإنتاجية على منصة يوتيوب (YouTube)، حيث ظهر العديد من مقاطع الفيديو لمعجبي البرنامج وهم يتبادلون النصائح والإرشادات حول إدارة الوقت وتنظيم الحياة اليومية، وعادة ما كانت هذه المقاطع تحقق مشاهدات يصل عددها إلى عدة ملايين.

ومنذئذ، ازداد عدد المتابعين بدرجة كبيرة، إذ انضم أكثر من 275,000 شخص إلى منتدى فرعي مخصص لهذا البرنامج على منصة ريديت (Reddit)، ويشارك عشرات الآلاف من المستخدمين قوالب الصفحات المجانية ضمن مجموعات خاصة على فيسبوك (Facebook)، أما مقاطع الفيديو التي تقدم النصائح للمشاهدين حول تجميل صفحاتهم على نوشن فقد حققت مئات الملايين من المشاهدات على منصة تيك توك (TikTok).

تطبيق يتغير ليتوافق مع احتياجاتك

يقول الرئيس التنفيذي للعمليات في نوشن وأحد المؤسسين، أكشاي كوثاري: "لست مضطراً إلى تغيير عاداتك للتوافق مع بنية التطبيق، بل سيتغير التطبيق للتوافق مع طريقتك في التفكير. أعتقد أن هذه المرونة هي أحد أهم أسباب محبة المستخدمين الكبيرة للتطبيق، لأنهم يشعرون أن الأشياء التي ينشئونها بواسطته تنتمي إليهم".

تعني هذه القدرة على التعديل والتخصيص أن بيرغن يستطيع استخدام نوشن لتخزين الأرقام التسلسلية لمنتجاته التي اشتراها حديثاً تحسّباً لاحتمال سرقتها، إضافة إلى جدول جرد مفصّل حول محتويات كل صندوق مرقم يقوم بتوضيبه إذا ما انتقل إلى منزل جديد.

أما مصممة المنتجات وصانعة المحتوى في نيويورك، ويسلي آنا تاينر، فقد وجدت أن نوشن أصبح أداة لا يمكن الاستغناء عنها في التخطيط لعملية الانتقال الوشيك من منزلها، إضافة إلى تخطيط وجبات الطعام على مدى الأسبوع، توضح: "لدي أيضاً الكثير من الصفحات المخصصة للتسلية فحسب. فعلى سبيل المثال، تلقيت عيّنة عطور من متجر سيفورا (Sephora) في عيد الميلاد، فأنشأت قاعدة بيانات لهذه المنتجات المختلفة، وسجلت أفكاري وملاحظاتي عند تجربة كل منها يومياً أول مرة. ولدي أيضاً صفحة مخصصة لمتابعة التقلبات اليومية في مزاجي، وقائمة للأمنيات، ومجموعة أدوات للعناية الشخصية، وأشياء أخرى كثيرة".

أما مطور الويب من مدينة فينيكس في ولاية أريزونا، تومي ماير، فقد بدأ يستخدم نوشن في 2018 تقريباً بعد أن أدرك أنه كان يحمل 3 دفاتر ملاحظات مختلفة طوال الوقت في محاولة منه لتنظيم وقته. ويقول: "لم أكتب قوائم تسوّق البقالة على الورق منذ سنوات". يستخدم ماير التطبيق أيضاً لمساعدته على التخطيط لرواياته الخيالية التي يرغب في تأليفها.

على الرغم من أن نوشن مصمم لتسجيل الملاحظات واليوميات، فإن الممثل الصوتي وفنان الأداء الصوتي في المملكة المتحدة، آدم وارين، يستخدمه أيضاً لإدارة مشاريع قناته على يوتيوب،

يشرح ذلك قائلاً: "أنا أكسب حالياً ما يكافئ أجر وظيفة جيدة بدوام كامل من منصتَي يوتيوب وباتريون (Patreon)، وأستخدم نوشن في إدارة هذه الأعمال كافة. فقد وضعت جميع مشاريع الفيديو التي تخصني في قاعدة بيانات، واستخدمت أسلوب العرض كانبان (Kanban) لأتتبع حالتها. كما أكتب نصوص مقاطع الفيديو لدي مباشرة ضمن صفحات قاعدة البيانات هذه".

هيكلية واضحة لحياتنا أم وقوع في فخ مغالطة التخطيط

وبالنسبة للأشخاص الذين يستمتعون بالترتيب والتنظيم، تبدو هذه المنصات خياراً منطقياً ورائعاً. وتستطيع التطبيقات مثل نوشن أن تساعدنا على وضع هيكلية واضحة لحياتنا وتخفيف تعقيداتها، بحيث نشعر بدرجة أقل من الفوضى والضغط، وفقاً لقول الخبيرة النفسية الاستشارية، إيلينا توروني.

ولكن توضح أستاذة علم النفس في جامعة نيويورك، غابرييل أوتينجن، أن قضاء الكثير من الوقت في تنظيم حياتنا وتحسين فاعليتنا قد يؤدي إلى نتائج عكسية عندما يصبح وضع قوائم المهام أهم من إنجاز المهام المدرجة فيها فعلياً، وهي ظاهرة معروفة باسم مغالطة التخطيط.

لا يعني استخدام نوشن لمتابعة كفاية استهلاك المياه أو تنظيم ممارسة الركض أو تخطيط المهام بالضرورة أنك تنجز هذه الأشياء بالفعل، تقول أوتينجن: "قد يساعدني نوشن بطريقة ما على رفع مستوى التنظيم في حياتي، ولكنه قد لا يكون نافعاً في دفعي إلى بدء العمل".

تضيف توروني أنه ثمة بعض السلبيات بالنسبة للأشخاص الذين يستخدمون التطبيق نفسه لوضع مخططات عن تفاصيل حياتهم العملية والخاصة، كما يفعل بيرغن.

تقول: "الإيجابية الواضحة هي أن التقاطع بين العمل والحياة الخاصة أمر مرجح يمكن أخذه بعين الاعتبار عند استخدام التطبيق نفسه لزيادة الفعالية في الجدولة الزمنية لمختلف المهام. أما السلبيات فهي زيادة صعوبة وضع الحدود الفاصلة بين العمل والحياة المنزلية، حيث يتوجب عليك التعامل مع كلا الناحيتين كلما استخدمت التطبيق".

وعلى الرغم من كثرة الخيارات المتاحة، فإن معجبي نوشن المخلصين يقولون إنه من المستبعد أن ينتقلوا إلى أي منصات أخرى واعدة قريباً، إذ تعتقد تاينر أنها تستخدم نوشن لإدارة 95% من حياتها.

أطلقت الشركة مؤخراً بوت ذكاء اصطناعي خاصاً بها لأتمتة المهام المملة وتلخيص المستندات الكبيرة، وستراقب من كثب ردود أفعال مجتمع المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي، يقول كوثاري: "هذه الدرجة من الحب غير مألوفة بالنسبة لشركة تنتج برمجيات موجهة للشركات وتجني الأموال لقاء أعمالها، ومن المؤكد أننا سنولي مستخدمينا المحبين كل ما يستحقونه من الاهتمام".