وقَّع ما يقرب من 1000 شخص من موظفي جوجل والباحثين الأكاديميين وغيرهم من الشخصيات في المجال التكنولوجي رسالة للاعتراض على تركيبة المجلس المستقل الذي أسسته جوجل لتوجيه أخلاقيات مشاريعها في مجال الذكاء الاصطناعي.
أعلنت الشركة العملاقة عن تشكيل المجلس في مؤتمر إيمتيك ديجيتال الذي نظمته إم آي تي تكنولوجي ريفيو في سان فرانسيسكو. ويتألف هذا المجلس -المعروف باسم المجلس الاستشاري الخارجي للتكنولوجيا المتقدمة (اختصاراً: أتياك ATEAC)- من 8 أعضاء تتضمن اختصاصاتهم الاقتصاد، والفلسفة، والسياسات، إضافة إلى التكنولوجيا مع خبرات في مسائل محددة مثل التحيز الخوارزمي. وكان من المفترض أن يعقد المجلس أربعة اجتماعات سنوياً، بدءاً من هذا الشهر، ويصدر تقارير تتضمن وجهات نظر حول مشاريع الشركة التي تتضمن استخدام الذكاء الاصطناعي.
ولكن تبين أن اثنتين من أعضاء المجلس أصبحتا مصدراً للجدل. الأولى هي ديان جيبينز، وهي المديرة التنفيذية لشركة ترومبول التي تطور أنظمة مؤتمتة للصناعات الدفاعية، ويمثل وجودها في المجلس خياراً غريباً ومثيراً للحساسيات، نظراً لاعتراض الآلاف من موظفي جوجل على قرار الشركة بتزويد سلاح الجو الأميركي ببرمجيات الذكاء الاصطناعي لمعالجة صور الطائرات المسيرة. غير أن أشد الانتقادات كانت موجهة ضد إشراك كاي كولز جيمس في المجلس، وهي رئيسة منظمة هيريتاج التي تعارض تنظيم الانبعاثات الكربونية، وتتخذ موقفاً سلبياً من المهاجرين والهجرة، وتناوئ حماية حقوق ذوي الميول الجنسية المختلفة.
وفي 30 مارس أعلن أحد أعضاء المجلس، البروفسور أليساندرو أكويستي المختص بمسائل الخصوصية الرقمية في جامعة كارنيجي ميلون، أنه لن يقوم بهذا العمل، كما ورد في تغريدة له على تويتر: "على الرغم من أنني أكرس جهدي للمسائل الأخلاقية الأساسية المتعلقة بالعدالة والحقوق والشمولية في الذكاء الاصطناعي، فإنني لا أعتقد أن هذا هو المجمع المناسب لي حتى أشارك في هذا العمل الهام".
ومن المحتمل أن تشكيل أتياك –وإشراك جيبينز وجيمس- كان في الواقع محاولة من جوجل لإرضاء منتقديها اليمينيين. ففي وقت قريب من وقت إعلان المجلس، التقى المدير التنفيذي لجوجل سوندار بيتشاي مع الرئيس دونالد ترامب، وقد غرد ترامب بعد ذلك قائلاً: "لقد أكد لي وبشدة على التزامه الكامل بدعم الجيش الأميركي، لا الجيش الصيني. لقد ناقشنا أيضاً مسائل العدالة السياسية وأشياء أخرى يمكن أن تفعلها جوجل لبلادنا. وقد انتهى الاجتماع بشكل ممتاز"!
ولكن أحد موظفي جوجل من المشاركين في كتابة رسالة الاعتراض، وهو الذي تحدث مع المجلة بشرط عدم ذكر اسمه، قال إن جيمس أكثر من مجرد صوت محافظ في المجلس: "إنها رجعية تنكر وجود المتحولين جنسياً، وتعتنق مواقف متطرفة ضد المهاجرين، وتروج لزيف فكرة التغير المناخي، وهي معادية للعلم".
وقد لاحظ البعض أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تعزز حالات التحيز الموجودة في المجتمع من قبل، وعلى سبيل المثال، فقد تبين أن بعضها تخطئ في التعرف على المتحولين جنسياً. وفي هذا السياق، يقول الموظف: "لقد أثار إشراك جيمس في المجلس صدمة شديدة. إن هذه التكنولوجيات تساهم في قولبة مؤسساتنا الاجتماعية وحياتنا وإمكانية وصولنا إلى الموارد. وإذا فشل الذكاء الاصطناعي، فلن يؤثر هذا على الرجال الأثرياء البيض العاملين في الشركات التكنولوجية، بل على الشرائح المجتمعية التي تسعى سياسات منظمة هيريتيج إلى إيذائها بالضبط".
وقد كان تعيين جيمس على وجه الخصوص مثار انتقاد بعض الرسائل المنشورة على منصة جوجل للتواصل الداخلي. ووفقاً لأحد المنشورات -الذي أورده موقع ذا فيرج وأكَّده الموظف- فإن جيمس "لا تستحق منصة تدعمها جوجل، وهي بالتأكيد يجب أن تكون خارج أي حوار حول كيفية تطبيق تكنولوجيا جوجل على العالم".
وبحلول الساعة الخامسة والنصف بتوقيت شرق الولايات المتحدة في 1 أبريل، 2019، تم التوقيع على الرسالة العامة المنشورة على موقع ميديوم من قبل 855 موظفاً في جوجل و143 شخصاً آخر، بما فيهم عدد من الأكاديميين البارزين. وقد ورد في الرسالة: "ليست وجهات نظر جيمس متضاربة مع قيم جوجل المعلنة وحسب، بل إنها تناقض بشكل مباشر مشروع السعي إلى تفضيل العدالة على الربح في تطوير وتطبيق الذكاء الاصطناعي. ويجب على مشروع كهذا أن يضع بدلاً من جيمس ممثلين من المجتمعات المستضعفة في مركز عملية اتخاذ القرار".