يستخدم أكثر من 2.4 مليار شخص منصة إنستغرام. أغلبهم لا ينشرون محتوى حقيقياً يعكس حياتهم الواقعية، لذلك نلاحظ أن الصور والفيديوهات المصممة بعناية سيطرت على إنستغرام، وكثير منها يعرض الزيارات للأماكن الراقية، والأزياء المثالية، والحياة التي تبدو خالية من العيوب.
لكن هذا المحتوى المثالي له جانب مظلم، فقد أظهرت بعض الدراسات أن التعرض المستمر لمثل هذه الصور يمكن أن يؤثّر سلباً في احترام الذات، خاصة بين الشباب والمراهقين؛ فالضغط من أجل الارتقاء إلى مستوى غير واقعي يمكن أن يؤدي إلى مشاعر القلق وانخفاض الثقة بالنفس.
هذا هو المكان الذي تتدخل فيه منصة بي ريل (BeReal). أُطلِقت هذه المنصة عام 2020 على يد مطور البرمجيات الفرنسي ألكسيس باريات لمكافحة التزييف الذي تغلغل إلى وسائل التواصل الاجتماعي. الغرض الأساسي لبي ريل هو توفير منصة تُتيح للمستخدمين مشاركة لمحات من حياتهم الحقيقية دون أي تزييف أو تعديل.
اقرأ أيضاً: هل تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي إلى الإدمان؟
مبدأ عمل بي ريل: التقاط اللحظة
تتميز بي ريل بنهجها الفريد في النشر. فعلى عكس إنستغرام وغيره من منصات التواصل الاجتماعي، يستطيع المستخدمون النشر في أي وقت، تعمل بي ريل على مبدأ المفاجأة اليومية.
كل يوم، وفي وقتٍ عشوائي، يتلقى المستخدمون إشعاراً يطلب منهم أن يكونوا على طبيعتهم، ويمنحهم دقيقتين فقط لالتقاط صورة متزامنة ومشاركتها باستخدام الكاميرتين الأمامية والخلفية على هواتفهم. هذا يجعل التحضير المسبق لالتقاط الصور غير ممكن، كما يمنع التطبيق إجراء أي تعديل أو إضافة آي فلاتر أو مرشحات على الصور.
منصة بي ريل متاحة للاستخدام مجاناً عن طريق تطبيق مخصص لهواتف أندرويد أو آيفون، ويستطيع أي شخص تجاوز عمره 12 عاماً تحميل التطبيق من متجر جوجل بلاي أو آب ستور، ثم إنشاء حساب وانتظار الإشعار اليومي للنشر.
لا توفّر منصة بي ريل الإعجابات أو التعليقات أو أعداد المتابعين، ما يعكس هدفها الأساسي في توفير التواصل الواقعي بين البشر.
عالم مختلف عن إنستغرام
حين تتصفح المحتوى المنشور على بي ريل، ستجد أنه متناقض تماماً مع المحتوى المنشور على إنستغرام؛ يظهر الأشخاص بشكلٍ طبيعي في حياتهم الواقعية، في أثناء التواصل مع الأصدقاء، أو في أثناء شرب القهوة، أو العمل من مكاتبهم المنزلية، أو الاستمتاع بأمسية هادئة في المنزل. وينصبُّ التركيز على التقاط جوهر اللحظة بما في ذلك عيوبها وكل شيء فيها.
هذا الأمر بعيد كل البُعد عن ثقافة الصور المثالية على إنستغرام، وهو يقدّم بديلاً واقعياً للمستخدمين، ويعزز الشعور بالانتماء للمجتمع الواقعي بدلاً من الحسد أو الرغبة في الظهور بمظهر مثالي.
اقرأ أيضاً: ما منصات التواصل الاجتماعي البديلة لفيسبوك وإنستغرام؟
نمو بي ريل وتأثيره المحتمل
منذ إطلاقها، اكتسبت منصة بي ريل قاعدة كبيرة من المستخدمين. في حين أن الأرقام الدقيقة غير متاحة للجمهور، فإن النمو السريع للمنصة واستحواذ شركة فودو (Voodoo) العملاقة للألعاب عليها مقابل 500 مليون دولار يتحدث كثيراً عن إمكاناتها.
يعتمد نجاح بي ريل على قدرتها على تقديم بديل حقيقي للسلبية المرتبطة بمنصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام، وتجنيب المستخدمين التعرض للمحتوى غير الواقعي والمنتقى بعناية. هذا يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على احترام الذات، وخاصة بين الشباب والمراهقين.
وعلى الرغم من أن بي ريل قد لا تحل محل إنستغرام بالكامل، فإنها تقدّم بديلاً نحتاج إليه بشدة لعرض الحياة الطبيعية غير المزيفة على الإنترنت.