مقابلة مع عالمة الذكاء الاصطناعي دينا قتابي عن المنزل الذكي وتكنولوجيا الرعاية الصحية

9 دقائق
مقابلة مع عالمة الذكاء الاصطناعي دينا قتابي عن المنزل الذكي وتكنولوجيا الرعاية الصحية
صورة: العالمة دينا قتابي مع فريق العمل في شركة إميرالد/ مصدر الصورة: شركة إميرالد

قبل بضع سنوات، قالت العالمة السورية الأميركية دينا قتابي لإم آي تي تكنولوجي ريفيو: "قريباً سيتمكن طبيبك من تتبع صحتك لاسلكياً وأنت في منزلك"، واليوم تفي بوعدها من خلال تطوير جهاز إميرالد (Emerald) الذي كان ثمرة جهد كبير بذلته العالمة الحائزة أرفع الجوائز والتكريمات الأكاديمية خلال مسيرتها المهنية في أروقة "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي)".

وقبل أيام، أجرت إم آي تي تكنولوجي ريفيو مقابلة شيقة مع العالمة دينا قتابي، تناولت خلالها تفاصيل ابتكارها ورؤيتها لدور التكنولوجيا التي طوّرتها في منزل المستقبل.

كيف يعمل ابتكارك إميرالد (Emerald) لتتبع مؤشرات الصحة باستخدام الذكاء الاصطناعي؟

بدأنا العمل على فكرة الابتكار في مجموعتي البحثية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي)، وأطلقنا الشركة بشكل رسمي في عام 2019 باسم إميرالد، ويعني حجر الزمرد ذا اللون الأخضر الذي يوحي بالصحة والربيع الدائم.

الفكرة ببساطة هي تقنية تشبه شبكة واي فاي ذكية في منزلك، جهاز يشبه الراوتر، مزود بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ويستخدم إشارات راديوية تم تعديلها بطريقة محددة لقياس النبض والتنفس ومراقبة جودة النوم واضطراباته ورصد الأنشطة التي يقوم بها الشخص بهدف توفير تقييم مستمر لصحته وهو في منزله دون الحاجة لاستخدام أي أجهزة قابلة للارتداء. قد يبدو الأمر وكأنني أتحدث عن خيال علمي، لكن الابتكار حقيقي بالفعل ولدينا عدة براءات اختراع مرتبطة به وبدأ استخدامه كمنتج تجاري. ولننظر للأمر من زاوية أخرى، نمتلك في منازلنا أجهزة إنذار الحرائق، فلِمَ لا تكون لدينا أجهزة لمراقبة صحتنا بطريقة لا تتطلب أي تدخل أو إجراءات إضافية؟

تعليق: جهاز إميرالد يتعرف إلى موقع الأشخاص وسرعة حركتهم. مصدر الفيديو: شركة إميرالد

اقرأ أيضاً: عالمة الجينات مريم مطر: أنا منتج وطني إماراتي وهدفي عالمي

وفي ظل التوجه الحالي لأنظمة الرعاية الصحية لتجنب إحضار المريض إلى المشفى إلا إذا استدعت الحاجة لإجراء طبي أو عمل جراحي، يتيح ابتكارنا تحويل المراقبة الصحية ونقلها من المشفى إلى منزل المريض، وتبرز أهمية ذلك بشكل خاص عندما يكون المريض متقدماً في السن، أو يعاني أمراضاً مزمنة تحتاج لمتابعة دائمة، إذ يتيح الجهاز تفادي قدوم المريض كل يوم إلى المشفى للمتابعة، ويمنح المريض استقلالية لعدم حاجته إلى مُرافق دائم في المنزل. ستتم مراقبة إشاراته الفيزيولوجية بشكل كامل في المنزل دون أن يضطر للقيام بأي خطوة إضافية. وقد بدأ التعاون فعلاً مع شركات الأدوية ومنها سانوفي، حيث يتم استخدام الجهاز المبتكر لمراقبة المريض ورصد تأثير العلاج عليه وقياس مدى نجاح الدواء وضبط الجرعة المناسبة لكل مريض بناءً على هذه البيانات.

هل الأشعة التي يستخدمها جهاز إميرالد آمنة؟

تؤكد البروفيسورة دينا قتابي لقرّاء إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية أن الأمواج الكهرومغناطيسية المستخدمة في الابتكار آمنة جداً وليس بها أي خطورة على الصحة ولا تدخل الجسم، فالجهاز يرصد التنفس من خلال حركتي الشهيق والزفير، ويقيس النبض من خلال رصد تغير الأمواج الكهرومغناطيسية من حولك. كل ذلك دون الحاجة لأي تدخل بشري، فالنظام مزوّد بالذكاء الاصطناعي اللازم لجمع البيانات وتحليلها عن بُعد دون الحاجة لارتداء أي أجهزة، والتكنولوجيا في حد ذاتها تشبه الرادار والسونار، لكنها موجهة لقياس المؤشرات الصحية للأشخاص.

تعليق: يعتمد إميرالد على الأمواج اللاسلكية لمراقبة تنفس الشخص وتحديد مراحل نومه. مصدر الفيديو: شركة إميرالد

اقرأ أيضاً: تعرف على الباحثة المصرية رنا القليوبي وعملها بمجال الذكاء الاصطناعي العاطفي

ماذا عن مسألة الخصوصية؟ نتحدث هنا عن جمع بيانات شخصية ما قد يثير مخاوف المستخدمين بشأن بياناتهم؟

نركز كثيراً على مسألة الخصوصية، وأي شيء نقيسه نعلم المريض به ونأخذ موافقته، وأي معلومات عن المريض هي ملك المريض، ويمكن أن يوافق على اطلاع طبيبه على هذه البيانات.

من ناحية أخرى، هذه التكنولوجيا مختلفة جداً عن الكاميرا، فهي لا تظهر شكل الإنسان أو وجهه أو ملابسه، لكنها تقيس فقط إشاراته الفيزيولوجية، وترصد ما إذا كان جالساً أو واقفاً أو مستلقياً على سبيل المثال.

ما الذي يميز تكنولوجيا إميرالد عن الأجهزة القابلة للارتداء مثل الساعة الذكية ولماذا هي أفضل؟

تتميز هذه التكنولوجيا بعدة نواحٍ:

  1. لا يتطلب إميرالد ارتداء أي جهاز أو شحنه. ولو أخذنا في الاعتبار أن معظم المرضى متقدمون في العمر وربما يعانون أمراض الشيخوخة ويصعب إقناعهم بارتداء الأجهزة وشحنها، أو قد يصعب عليهم تذكر القيام بذلك، وهذا ما يبرز أفضلية ابتكارنا لأنه لا يحتاج لأي تدخل من المريض.
  2. يقتصر دور معظم الأجهزة القابلة للارتداء على قياس عدد نبضات القلب وتمييز ما إذا كنت متحركاً أو ساكناً، لكنها لا تستطيع تحديد ما إذا كنت جالساً تشاهد التلفاز أو مستلقياً في السرير، ولا تستطيع مراقبة مراحل نومك وما إذا كنت في حالة نوم عميق أو تحلم، ولا تستطيع قياس تنفسك وتحديد أنماطه، بينما جهاز إميرالد يؤدي جميع هذه المهام دون أي جهد من المريض ولا حاجة للشحن.

ورغم أن هذه التكنولوجيا متاحة فقط داخل المنزل، لكن المريض عموماً يلازم منزله، وتكمن فائدتها بشكل خاص للمصابين بأمراض مزمنة أو الأشخاص المتقدمين في السن والذين يمضون معظم وقتهم في المنزل.

اقرأ أيضاً: تعرف على العالمة المصرية نجوى عبد المجيد وأبحاثها في مجال الطفرات الوراثية

أين يكمن بالضبط دور الذكاء الاصطناعي في هذا الجهاز وهل سيحل محل الطبيب؟

نستخدم في هذا الجهاز الشبكات العصبونية الاصطناعية والتعلم العميق في عدة مراحل من جمع البيانات وتحليلها. وبشكل عام، يتم بناء نموذج الذكاء الاصطناعي بتدريبه على كمية هائلة من البيانات حتى يتمكن من بناء الأنماط والتعرف إليها، بعد ذلك لن يكون بحاجة لتلك البيانات، بل سيعتمد على الخلاصات التي اكتشفها للتعرف إلى البيانات الجديدة. وفي جهاز إميرالد، يأخذ نظام الذكاء الاصطناعي الإشارات الراديوية كمدخلات ويستخلص منها معلومات ليحدد مثلاً إذا كان الشخص النائم قد دخل في مرحلة النوم العميق أو توقف تنفسه.

وللإجابة عن سؤال حول ما إذا كان هذا الجهاز سيحل محل الطبيب، أقول: لا، إنما دوره مكمّل ومساعد للطبيب. على سبيل المثال، لو كنت طبيب قلب ولديك أحد المرضى يعاني قصور القلب الاحتقاني، وقد تطورت حالة المريض وهو في منزله وبدأ تجمع الماء في رئته، سيصعب عليك كطبيب اكتشاف هذه الحالة قبل أن تتفاقم. لكن جهاز إميرالد سيكتشف هذه الحالة في بدايتها من خلال رصد صعوبة تنفس المريض أثناء النوم، ليخبرك عن الحالة ويتيح لك التدخل في وقت مبكر وإنقاذ المريض، بالتالي فإن هذا الجهاز يعزز نظام الرعاية الصحية من خلال تحقيق تقدم أساسي عبر توفير مثل هذه البيانات والتشخيصات عن بُعد. ففي حين أن الاجتماع بالمريض عبر مكالمة زوم يخفف ازدحام المشافي فعلاً، لكنه لا يوفر أي بيانات عن المؤشرات الصحية والحيوية للمريض. 

هناك اهتمام كبير في المنطقة وفي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص بتطوير استخدام التكنولوجيا في قطاع الرعاية الصحية، هل هناك آفاق لتعاونك مع شركات في المنطقة وربما إطلاق جهاز إميرالد فيها؟

حضرت إلى دولة الإمارات للمشاركة في مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية. ولا أخفي أنني تفاجأت وسُعدت بمستوى التقدم الحاصل في الإمارات والسعودية في هذا المجال، واكتشفت الجهود الكبيرة التي تبذل ضمن أهداف الخطة الخمسية للإمارات في عام 2031 لتصبح الإمارات واحدة من أفضل 10 دول في العالم في مجال الصحة، كما لمست اهتماماً كبيراً بالصحة النفسية والرعاية الصحية لكبار السن وهذا القطاع عموماً، بما يؤهّلها لأن تحتل المركز الأول في العالم وأن تكون رائدة في مجال الرعاية الصحية.

اقرأ أيضاً: تعرف على الباحثة الجزائرية حليمة بن بوزة وأبحاثها في مجال التكنولوجيا الحيوية

لا بُدّ أنك سمعت بمشروع بناء مدينة نيوم في المملكة العربية السعودية، مدينة قائمة على الذكاء الاصطناعي وأحدث التقنيات في مجال الرعاية الصحية، هل يمكن لابتكارك أن يوفر أداة مهمة في هذه المدينة المستقبلية؟

بالطبع، لو فكرت في المدينة الأمثل يجب أن يتمتع كل منزل فيها بالقدرة على فهم قاطنيه وتحليل بياناتهم وأنماط حياتهم. ولعل أفضل تشبيه لذلك هو الأم التي ترصد حاجات المنزل وأسرتها وتفضيلاتهم. ونحن لدينا بالفعل التكنولوجيا اللازمة لتحقيق ذلك، وتطبيقها في مدينة جديدة وحديثة سيكون أمراً سهلاً. ورغم أن التسويق للجهاز حالياً هو للشركات (B2B) لكن قد يتم التسويق له في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للعملاء بشكل مباشر. وأعتقد أنه سيكون من الرائع بناء تعاون كبير بيننا وبين دول المنطقة.

كان هناك تفاؤل بنظام الذكاء الاصطناعي واتسون من آي بي إم، والذي تم التسويق له على أنه جهاز يجمع خبرة أطباء العالم في مجال علاج السرطان لكنه لم ينجح. كما شهدنا إخفاق شركة ثيرانوس للأدوية. ما السبب برأيك وما الذي تعلمته وفريقك من تجربة واتسون آي بي إم وشركة ثيريانوس؟

كان نظام واتسون يستخدم التقنيات التقليدية في الذكاء الاصطناعي، والتي كانت محدودة القدرات، أما اليوم نستخدم في جهازنا التقنيات الحديثة مثل التعلم العميق الأكثر تقدماً. من ناحية أخرى، فإن واتسون لم يكن يتابع بيانات كل مريض على حدة، بينما جهازنا يقدم مراقبة شخصية لكل مريض، ويحلل أنماط تنفسه ونومه ودقات قلبه.

بكلمات أخرى، يستفيد جهاز إميرالد من أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويقدم ما نطلق عليه الطب الشخصي المخصص لكل مريض.

أما ثيرانوس فقد ارتكب القائمون عليها أخطاءً كثيرة، أهمها عدم التركيز الكافي على الجانب العلمي. ففي شركتنا، جاء الشق العلمي أولاً ثم تم بناء الشركة بالاعتماد على نتائج أبحاثنا في مجالات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والطب.

هل هذه التكنولوجيا هي نفسها المستخدمة في وي تراك (Witrack) التي طوّرها فريقك سابقاً والتي تتيح مشاهدة الأشخاص خلف الجدران؟ وهل لها استخدامات عسكرية؟ 

في وي تراك، كنا نتابع فقط حركة الأشخاص خلف الجدران، أما جهاز إميرالد فهو يراقب الحركة والتنفس والنبض والنوم، هي تكنولوجيا ذات تطبيقات أوسع. وأؤكد هنا أن كل الاستخدامات التي نسعى لتحقيقها هي استخدامات سلمية بحتة، رغم محاولة العديد من الجهات شراء تكنولوجيا وي تراك، لكننا رفضنا لأننا نصب كل اهتمامنا على تطويرها لتحسين صحة الإنسان ومستقبله.

من منظورك كرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، كيف تتصورين منزل المستقبل؟ 

منزل المستقبل يجب أن يكون منزلا صحياً؛ أي أننا لا ننتظر منه فقط إنذارنا في حال وجود حريق، بل يجب أن يكون قادراً على مراقبة صحة الأشخاص المقيمين فيه، ويراقب تغير حالتهم الصحية. في المنزل الذكي، يجب أن توفر التكنولوجيا القدرة مثلاً على رصد توقف التنفس لدى الرضع، وتساعدنا على إنقاذهم من الموت المفاجئ. يجب أن يوفر إمكانية مراقبة جودة النوم، وسيكون قادراً على التفاعل بشكل ذكي مع المستخدمين. هذا يعني أن دوره لا يقتصر على الاستجابة لطلبات المستخدمين مثلما هو الحال الآن عندما تطلب من أليكساً أمراً لتنفيذه. سيكون قادراً على التنبؤ بحاجاتك، من خلال تحليل أنماط حياتك في المنزل.

على سبيل المثال، سيعلم إن كنت قد غادرت المنزل في وقت أبكر من المعتاد صباحاً، ولن يشغل المنبه بعد استيقاظك. وسيتنبأ بأنك عند استيقاظك ستتوجه إلى غرفة المعيشة أو المطبخ، ليقوم بتشغيل الأضواء والتدفئة فيها، وسيعرض لك تلفازك الذكي برنامجك المفضل بمجرد جلوسك على الأريكة.

اقرأ أيضاً: تعرف على العالمة الأردنية لبنى تهتموني وأبحاثها في مجال التكنولوجيا الحيوية

ما هو دور ابتكارك في هذه الرؤية لمنزل المستقبل الصحي؟

المنزل الذكي سيكون قادراً على رصد التغيرات الفيزيولوجية في أجسام قاطنيه، بما يساعد في تشخيص الإصابة بالأمراض الجسدية والنفسية ومشاكل النوم والجهاز المناعي في مرحلة مبكرة ما يزيد فرص علاجها بشكل كبير.

وأود الإشارة هنا إلى بحثنا المنشور في مجلة "نيتشر ميديسن" (Nature Medicine) قبل بضعة أشهر، والذي أوضحنا فيه قدرة جهاز إميرالد على تشخيص الإصابة بمرض الرعاش (باركنسون) بدقة بلغت 90% من خلال مراقبة أنماط التنفس الليلي. ويعتبر هذا الاضطراب ثاني أكثر الاضطرابات العصبية شيوعاً بعد مرض ألزهايمر، ويستغرق تشخيص الإصابة به فترة تتراوح عادة بين 5 إلى 10 سنوات. وبين البحث إمكانية استخدام الجهاز في التشخيص المبكر للإصابة بهذا المرض. 

فيديو يوضح استخدام الجهاز في مراقبة وتتبع حالة مرضى باركنسون وتطور المرض واستجابتهم للدواء

وفي بحث آخر نشرناه في مجلة "سينس ترانزليشنال ميديسن" (Science Translational Medicine)، تم استخدام الجهاز لمراقبة تأثير الدواء على المرضى، حيث تبين تلاشي مفعول الدواء بعد ساعتين من تناوله لدى بعض المرضى، بالتالي تم تقدير الجرعة المناسبة بدقة بناء على هذه البيانات. ومن شأن هذه النتائج أن تفتح الباب أمام إجراء تجارب سريرية لمدة أقصر بكثير وبمشاركة عدد أقل من المتطوعين، ما سيؤدي في النهاية إلى تسريع طرح علاجات جديدة لهذا المرض.

علاوة على ذلك، يمكن أن يلعب جهاز إميرالد دوراً مهماً في مراقبة المرضى المصابين بالسرطان. على سبيل المثال، يمكن أن يرصد استجابة المريض للعلاج الكيميائي في المنزل للتأكد من فعاليته وربما تعديل الجرعة لتتناسب مع كل مريض.

اقرأ أيضاً: تعرف على الطبيب اللبناني علي طاهر وإنجازاته العالمية في مجال أمراض الدم

هل هناك مستثمرون في شركتك إميرالد؟

حالياً لا، لأننا لم نكن بحاجة إلى مستثمرين. لقد كنا محظوظين عندما أطلقنا الشركة لحصولنا مباشرة على زبائن من أهم الشركات الدوائية يرغبون باستخدام ابتكارنا. وأعتقد أن الفضل في ذلك يعود إلى السمعة الممتازة والأوراق البحثية المحكمة علمياً والمنشورة في أهم المجلات العالمية، وكوننا انطلقنا من جامعة عريقة مثل إم آي تي. فقد تم البناء على تعاوننا مع شركات الأدوية أثناء عملنا في مختبرات إم آي تي، لذا لم نحتج إلى مستثمرين رغم العروض الكثيرة التي تلقيناها. بالطبع، عندما نبدأ في مرحلة التوسع فإن الشركة ستحتاج للاستثمارات حتى تتمكن من النمو.

هل الشيخوخة مرض؟ هناك اهتمام كبير اليوم بإطالة العمر، وهناك باحثون مثل ديفيد سنكلير ممن يتوقعون ويعملون على إطالة عمر الإنسان، ما رأيك؟

كلنا فانون، لكن إطالة العمر الحقيقية، هي أن تعيش فترة أطول بصحة جيدة. ولو أجرينا مقارنة بين متوسط أعمار البشر اليوم مع فترة قبل 100 عام لوجدت ارتفاعاً كبيراً فيه. بالطبع، لا تريد أن تعيش 200 عام وأنت تعاني في معظمها من أمراض القلب والكبد وغيرها، المهم أن تعيش بصحة وذاكرة جيدة. وأعتقد أن الأساس لتحقيق ذلك هو تطوير الطب الوقائي؛ بمعنى أن نكون قادرين على رصد أي مشكلة صحية في مراحلها المبكرة قبل أن تتفاقم ويصعب علاجها. وهذا يعني العيش فترة أطول بصحة جيدة.

عندما نناقش هل الشيخوخة مرض أم لا فهي مجرد كلمات. الشيخوخة حالة والمرض حالة صحية تعتري الجسم. وحتى لو قلنا مرض، فإن هناك العديد من الأمراض التي لا نستطيع علاجها بعد. المسألة ليست أبيض وأسود، فقد نقلل تدريجياً من الأعراض المرتبطة بالتقدم في العمر، يعني تأخير عملية التقدم بالعمر من خلال المحافظة على صحة جيدة لفترة أطول. وفي إميرالد، وبالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، نسهم في هذه العملية من خلال التشخيص المبكر للإصابة ببعض الأمراض.

اقرأ أيضاً: تعرف على المغربية لبنى بوعرفة واستخدامها الذكاء الاصطناعي بمجالات الرعاية الصحية

كثير من الناس ينظرون إليك باعتبارك مثالاً يحتذى، بنت المنطقة وعالمة الذكاء الاصطناعي في إم آي تي. ما أهم النصائح التي توجهينها لأبناء المنطقة الطامحين لتطوير أنفسهم والتفوق في مجال الذكاء الاصطناعي أو أي مجال آخر؟

في المنطقة، هناك  ثروة بشرية هائلة، ويتميز أبناؤها بجديتهم وأمانتهم في عملهم وقدرتهم على تطوير أنفسهم. أعتقد أن هناك حاجة لتوفير الفرص لهم؛ ففي دول الخليج هناك فرص أكبر بكثير مقارنة بالدول التي تعاني من الحروب أو الظروف الاقتصادية الصعبة. إذ هناك الكثير من المبدعين في المنطقة ممن لم تتح لهم الفرصة لإبراز إبداعهم. ولو توفرت لهم الفرص المتاحة في الولايات المتحدة مثلاً لكانوا أنجزوا ابتكارات أكثر. لذا، أشجع الحكومات العربية، خصوصاً في منطقة الخليج، على الاستثمار في جيل الشباب ودعمهم وتوفير الموارد اللازمة لهم لمواصلة دراساتهم وأبحاثهم في مجالات العلوم والهندسة.

وأدعو أبناء المنطقة إلى التحلي بالثقة بأنفسهم والإيمان بقدراتهم والعمل بجد للاستفادة من الفرص المتاحة رغم الصعوبات والثقة بإمكاناتهم لرسم حياتهم  وتحقيق أحلامهم.

كما أؤكد على أهمية دور العائلة في تشجيع أبنائها؛ فقد ساعدني إيمان عائلتي بالعلم على تحقيق أهدافي. وأخيراً، أعتقد أن الناجحين عادة يعملون لفترات طويلة وهم مستمتعون في عملهم مع عدم إغفال أهمية الاهتمام بالصحة الجسدية والغذاء والنوم لتحقيق التناغم الافضل بين العمل والحياة الشخصية.

المحتوى محمي