مفارقة موجة الحر في أوروبا: المكيفات هي المشكلة والحل في آنٍ معاً

3 دقائق
مفارقة موجة الحر في أوروبا: المكيفات هي المشكلة والحل في آنٍ معاً وهذه مشكلة كبيرة
ADRIEN FILLON/NURPHOTO VIA AP

توجد أنظمة تكييف في أقل من 10% من المنازل الأوروبية، ولكن ارتفاع الحرارة يدفع بالمزيد من الناس إلى استخدام هذه التكنولوجيات التي تتسبب بانبعاثات كثيرة.

تشهد أوروبا مؤخراً موجة حر شديدة حطمت فيها درجات الحرارة الأرقام القياسية، ويحاول أغلب الناس في كافة أرجاء القارة التكيف مع الوضع دون أجهزة تكييف.

فأقل من 10% من المنازل الأوروبية تحتوي على وحدة تكييف. ولكن مع ارتفاع الحرارة، ستزداد هذه النسبة. وقد تمثل زيادة استخدام المكيفات تحديات جديدة، فمعظم الأنظمة المستخدمة حالياً ما زالت غير فعّالة، وتنتج الانبعاثات التي تتسبب بالتغيّر المناخي. وفي بعض الحالات المتطرفة، عندما يصل الاستخدام إلى درجة عالية بما يكفي، سيؤدي استخدام الكثير من المكيفات التي تعمل لفترات طويلة إلى زيادة الحمل على الشبكة الكهربائية في الأيام الحارة.

اقرأ أيضاً: نسيج جديد سيبردك ذاتياً عندما تصاب بالحر والتعرق

قلق إزاء الاستخدام المتزايد للمكيفات

سيؤدي التغيّر المناخي إلى جعل الحرارة الشديدة أمراً طبيعياً في أجزاء أكبر من العالم، ما يزيد من الحاجة إلى التكيف. ولكن في حالة المكيفات، يشعر بعض الخبراء بالقلق حول كيفية موازنة هذه الحاجة مع السلبيات التي تحملها هذه الحلول.

فقد ارتفعت المبيعات العالمية لأجهزة التكييف إلى أكثر من ثلاثة أضعاف بين 1990 و2016، وذلك وفقاً لتقرير صدر عن الوكالة الدولية للطاقة عام 2018. ومن المرجح أن يتواصل هذا النمو، كما من المتوقع أن يزداد استهلاك الطاقة للتبريد على مستوى العالم ثلاثة أضعاف مرة أخرى بين الفترة الحالية وعام 2050.

ويتركز قسم كبير من زيادة استخدام أجهزة التكييف عالمياً في البلدان الحارة مثل الهند وإندونيسيا. وبحلول عام 2050، سينتج نصف النمو في التبريد بالمكيفات من بلدين فقط، وهما الهند والصين، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة. ففي هذين البلدين، بدأ الدخل بالارتفاع، ما يسمح للناس بالحصول على أجهزة تكييف للمرة الأولى، كما تقول باحثة الاقتصاد البيئي في جامعة كافوسكاري في البندقية بإيطاليا، إنريكا دي سيان.

اقرأ أيضاً: جامعة إم آي تي تقترح إنشاء فقاعات فضائية لحجب الشمس وتبريد كوكب الأرض

ولكن استخدام أجهزة التكييف آخذ أيضاً بالازدياد في البلدان الأكثر ثراءً نسبياً، بما في ذلك أوروبا، وذلك بسبب ارتفاع الحرارة الناجم عن توسع المدن والتغيّر المناخي، كما تقول دي سيان.

ولكن ما زال الكثير من الأوروبيين مترددين في الترحيب بأجهزة التكييف. يقول باحث اقتصاد الطاقة والمناخ في مركز ليبنيز للأبحاث الاقتصادية الأوروبية في ألمانيا، دانيال أوسبرغاوس: "من الطبيعي أن يكون استخدام أجهزة التكييف لمواجهة موجات الحر والتغيّر المناخي أمراً سلبياً بعض الشيء بسبب زيادة استهلاك الطاقة".

فاليوم، تستهلك أجهزة التبريد مثل المكيفات ما يصل إلى 10% من إجمالي الاستهلاك العالمي للطاقة الكهربائية. وبما أن معظم هذه الطاقة ناتجة عن الوقود الأحفوري بكافة أنواعه، فهذا يعني نسبة كبيرة من الانبعاثات العالمية. ونظراً لاستهلاكها الهائل للكهرباء، "فهي تتسم بسمعة سيئة"، كما يقول محلل الطاقة لدى الوكالة الدولية للطاقة، كيفن لين.

وتمثل وحدات التبريد على وجه الخصوص مشكلة بالنسبة لشبكات الطاقة لأنها تميل إلى الإقلاع معاً في نفس الفترة تقريباً، خلال أكثر فترات النهار حراً. وتبدو هذه المشكلة واضحة في أماكن مثل ولاية تكساس، حيث يتسم فصل الصيف بالحرارة العالية، وتُستخدم أجهزة التكييف على نطاق واسع. وعادة ما يحث مشغلو الشبكة الكهربائية في تكساس الناسَ على تخفيف شدة التكييف خلال ساعات الذروة بعد الظهيرة، وذلك لتفادي انقطاع التيار.

اقرأ أيضاً: مادة أنابيب نانوية تنقل الحرارة باتجاهٍ واحد فقط يمكن أن تُحدِث ثورةً في أنظمة التبريد

بدائل متوفرة

وتوجد بدائل أكثر فعالية لوحدات التبريد التي تُركَّب في النوافذ على نطاق واسع في المدن، كما يقول لين. فوحدات التكييف المنفصلة، أو المضخات الحرارية، تصلح للاستخدام كوحدات تبريد وتدفئة، وقد تكون أكثر كفاءة من تكنولوجيا التكييف الحالية. وعلى الرغم من أن التكاليف الأولية للمضخات الحرارية ما زالت مرتفعة نسبياً، فإن التكاليف على مدى فترة الاستخدام تضاهي الخيارات الأخرى بسبب توفير الطاقة.

أما بالنسبة للأماكن معتدلة المناخ نسبياً، حيث تكون موجات الحر قصيرة، فإن خيارات التبريد السلبي مثل السطوح العاكسة والنوافذ المعتمة والمباني ذات التهوية المحسنة قد تخفف من الحاجة إلى وحدات التبريد الفعّال مثل المكيفات، كما يضيف لين.

ولكن الواقع يقول إن التبريد أصبح بالنسبة لنسبة متزايدة من العالم ضرورة ملحة، أكثر من كونه رفاهية يمكن الاستغناء عنها. وفي هذه الأماكن، كما يقول لين، "أصبح الهدف تقليل التكاليف، وضمان تخفيف الآثار البيئية السلبية".

يقول لين إن أحد أكثر الأساليب الحكومية فعالية للدفع نحو استخدام أساليب تبريد أقل ضرراً بالبيئة، فرض قوانين تنص على الحدود الدنيا لكفاءة وحدات التبريد الجديدة. كما يمكن لبرامج الدعم الحكومي مساعدة الناس على تحمل تكاليف وحدات تبريد أكثر كفاءة ولكنها أكثر تكلفة أيضاً.

اقرأ أيضاً: ما هو المنزل الذكي؟ وما هي أبرز التكنولوجيات التي تجعل منزلك ذكياً؟

لقد أصبح التكييف حالياً في موقع متوسط بين الرفاهية والضرورة، وفقاً للظروف المحيطة. وعلى الرغم من أنه يمكن للكثيرين التقليل من استخدام وحدات التكييف لديهم، وضبطها على درجات حرارة أعلى، فإن التبريد أصبح مطلباً ضرورياً لجزء أكبر من الكوكب.

يقول الباحث في مدرسة لندن للاقتصاد ستيفن جارفيس: "مع تزايد انتشار موجات الحر الشديدة، فإن أحد الآثار الأساسية لتكييف الهواء هو قدرته على حمايتك من بعض الآثار الصحية الخطيرة. وفي هذه الظروف، يصبح التكييف أكثر ضرورة".

المحتوى محمي