ما هو مصدر الطاقة الأمثل لنمو الذكاء الاصطناعي؟

3 دقيقة
 محطة جزيرة ثري مايل النووية كما ظهرت في الساعات الأولى من صباح 28 مارس/آذار من عام 2011 في منطقة ميدلتاون، بولاية بنسلفانيا.

نشرنا منذ فترة وجيزة حزمة من المقالات بعنوان "التعطش للطاقة"، تلقي نظرة فاحصة على متطلبات الطاقة المتوقعة للذكاء الاصطناعي. 

لكنني هذه المرة، أريد أن أتحدث عن مقال آخر كتبته أيضاً ضمن تلك الحزمة، ركزت فيه على الطاقة النووية. فقد اعتقدت أن هذا المقال كان إضافة مهمة إلى مزيج المقالات التي عملنا على تجميعها، لأنني رأيت الكثير من الوعود حول الطاقة النووية باعتبارها وسيلة منقذة في مواجهة الطلب على الطاقة في مجال الذكاء الاصطناعي. لقد جعلني العمل على إعداد التقارير عن هذه الصناعة على مدى السنوات القليلة الماضية متشككة بعض الشيء.

وفقاً لما اكتشفته في أثناء متابعتي هذا المسار من التقارير، فإن بناء محطات نووية جديدة ليس عملاً سهلاً ولا يسير بوتيرة سريعة. وكما أوضح زميلي ديفيد روتمان في مقاله الذي أعده من أجل الحزمة، فإن طفرة الذكاء الاصطناعي قد ينتهي بها المطاف بالاعتماد على مصدر آخر للطاقة: الوقود الأحفوري. إذاً، ما هو مصدر الطاقة الذي سيعتمد عليه الذكاء الاصطناعي؟ لندخل في صلب الموضوع.

الذكاء الاصطناعي والطلب على الطاقة

عندما بدأنا نتحدث عن هذا المشروع الكبير حول الذكاء الاصطناعي والطلب على الطاقة، أجرينا الكثير من المحادثات حول ما يجب تضمينه. ومنذ البداية، ركز الفريق المعني بالمناخ اهتمامه على التحديد الدقيق لمصادر الطاقة التي ستوفر الكهرباء اللازمة لتشغيل مراكز البيانات التي تشغل نماذج الذكاء الاصطناعي. وكما كتبنا في المقال الرئيسي:

"ليس بالضرورة أن يكون مركز البيانات الذي يعمل على مدار الساعة أمراً سيئاً. لو كانت مراكز البيانات موصولة كلها بألواح شمسية وتعمل فقط عندما تكون الشمس مشرقة، لأصبح حديث العالم عن استهلاك الذكاء الاصطناعي للطاقة أقل".

ولكن يجب أن يكون الكثير من مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي متاحاً باستمرار. ويمكن القول إن المراكز المستخدمة لتدريب النماذج أكثر استجابة للتغير الذي يطرأ على توفر مصادر الطاقة المتجددة، إذ يمكن إنجاز هذا العمل على دفعات وفي أي وقت. ومع ذلك، بمجرد أن يتلقى نموذج ما أسئلة من المستخدمين، يجب أن تكون الطاقة اللازمة للحوسبة متاحة للاستجرار وعلى أهبة الاستعداد طوال الوقت. فعلى سبيل المثال، من المرجح ألا ترحب شركة جوجل بتمكين الناس من استخدام وضع الذكاء الاصطناعي الجديد لديها خلال ساعات النهار فقط.

اقرأ أيضاً: 4 تكنولوجيات يمكن أن تدعم مستقبل الطاقة

لذا، يبدو أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح غير ملائمتين تماماً لتلبية الطلب الكبير على الكهرباء لقطاع الذكاء الاصطناعي، إلا إذا اقترنتا بتخزين الطاقة، وهو ما يزيد التكاليف. من ناحية أخرى، تميل محطات الطاقة النووية إلى العمل باستمرار، منتجة مصدراً ثابتاً للطاقة على الشبكة الكهربائية.

ولكن، كما تعلم، قد يستغرق تشغيل محطة الطاقة النووية وقتاً طويلاً.

الغاز الطبيعي بصفته خياراً أمثل

يمكن لشركات التكنولوجيا الكبرى أن تدعم خطط إعادة فتح المحطات المغلقة أو تدعم جهود المحطات القائمة لإطالة عمرها التشغيلي. هناك أيضاً بعض المحطات القائمة القادرة على إجراء بعض عمليات الترقية المحدودة لتحسين إنتاجها. قرأت قبل إعداد هذا المقال مباشرة خبراً من صحيفة تراي سيتي هيرالد حول خطط لتطوير محطة كولومبيا للطاقة النووية في شرق واشنطن، حيث ستتمكن -بعد إجراء تعديلات على مدى السنوات القليلة المقبلة- من إنتاج 162 ميغا واط إضافية من الطاقة، أي أكثر من 10% من قدرة المحطة الحالية.

لكن كل ذلك لن يكون كافياً لتلبية الطلب الذي تزعم شركات التكنولوجيا الكبرى أنه سيتحقق في المستقبل. (لمعرفة المزيد من المعلومات عن الأرقام هنا وأسباب عدم القدرة على إدخال التكنولوجيا الجديدة في مرحلة التشغيل بالسرعة الكافية، اقرأ مقالي الكامل).

وبدلاً من ذلك، أصبح الغاز الطبيعي هو الخيار الأمثل لتلبية الطلب المتزايد من مراكز البيانات على الطاقة، كما يوضح ديفيد في مقاله الذي ذكرته آنفاً. وبما أن العمر الافتراضي للمحطات التي تبنى اليوم يبلغ نحو 30 عاماً، فقد تستمر هذه المحطات الجديدة في العمل لما بعد عام 2050، وهو التاريخ الذي يحتاج فيه العالم إلى الوصول بانبعاثات غازات الدفيئة إلى المستوى الصفري لتحقيق الأهداف المنصوص عليها في اتفاقية باريس للمناخ.

اقرأ أيضاً: كيف تُخترق أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية؟ وما هي الخطوات اللازمة لحمايتها؟

شركات التكنولوجيا الكبرى بصفتها طرفاً مؤثراً في معادلة استهلاك الطاقة

من أكثر ما وجدته مثيراً للاهتمام في مقال ديفيد هو أن ثمة إمكانية لكي نحظى بمستقبل مختلف؛ يمكن لشركات التكنولوجيا الكبرى، بما لها من قوة ونفوذ، أن تستغل هذه الفرصة للدفع باتجاه التحسينات. فإذا خفضت هذه الشركات استخدامها خلال ساعات الذروة، حتى لو كانت نسبة التخفيض أقل من 1% على مدار العام، فقد يخفض ذلك إلى حد كبير حجم البنية التحتية الجديدة للطاقة المطلوبة. أو يمكنها، على أقل تقدير، دفع مالكي محطات الطاقة ومشغليها لتركيب تكنولوجيا احتجاز الكربون، أو ضمان عدم تسرب غاز الميثان من سلسلة التوريد.

يمثل الطلب على الطاقة في قطاع الذكاء الاصطناعي تحدياً كبيراً، أما بالنسبة إلى التغير المناخي، فإن الحلول التي نختارها لتلبية هذا الطلب قد تمثل تحدياً أكبر.

المحتوى محمي