أصبحت السيارات الكهربائية أكثر شعبية كوسيلة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، لكن لها تأثيراً بيئياً خفياً، وهو التلوث الناجم عن الإطارات.
التلوث الناجم عن الإطارات يحدث بسبب إطلاق جزيئات صغيرة من المطاط والمواد الكيميائية الأخرى من إطارات السيارات في الهواء والتربة والماء، ويمكن لهذه الجزيئات أن تسبب أضراراً صحية للبشر والحياة البرية.
ما هو تلوث الإطارات؟
يشير مصطلح التلوث الناجم عن الإطارات إلى الأضرار البيئية التي تحدث في أثناء عملية تصنيع الإطارات، وبسبب تآكل الإطارات، والتخلص من الإطارات. ويتجلى في العمليات التالية:
- يتضمن تصنيع الإطارات استخدام المطاط الصناعي المشتق من النفط الخام ومواد أخرى مختلفة. تؤدي عملية التصنيع إلى انبعاث مركبات كيميائية وغازات ضارة، ما يسهم في تلوث الهواء وتفاقم مشكلة التغيّر المناخي.
- يحدث تآكل الإطارات بسبب الاحتكاك بسطح الطريق. يؤدي ذلك إلى إطلاق جزيئات صغيرة من المطاط والمواد الكيميائية الأخرى في الهواء، والتي قد يستنشقها البشر أو تستقر في البيئة. تنتج أيضاً عن تآكل الإطارات جزيئات بلاستيكية دقيقة، وهي عبارة عن قطع صغيرة من البلاستيك لا يتعدى حجمها عدة مليمترات قد تصل إلى المجاري المائية والبحار والمحيطات.
- يشكّل التخلص من الإطارات تحدياً بيئياً كبيراً، إذ يمكن أن تبقى مئات السنين في البيئة دون أن تتحلل، ويمكن للمواد السامة الموجودة فيها أن تتسرب إلى التربة والمياه إذا تم إلقاؤها في مدافن النفايات أو حرقها. بدلاً من ذلك، يمكن إعادة تدوير الإطارات أو إعادة استخدامها لأغراض مختلفة، لكن قد تكون لهذا أيضاً تأثيرات بيئية سلبية.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن تساعد زراعة الأعشاب البحرية على التخفيف من آثار التغير المناخي؟
التأثير البيئي لتآكل إطارات السيارات
يُعد تآكل الإطارات مصدراً رئيسياً للتلوث بالجسيمات. وفقاً لدراسة منشورة عام 2022، فإن تلوث الإطارات أسوأ بنحو 2000 مرة من التلوث الناجم عن عوادم السيارات، فيما ذكر تقرير صادر عن جامعة إمبريال كوليدج لندن أن 6 ملايين طن من الجزيئات الناجمة عن تآكل الإطارات تُطلق في العالم كل سنة. وفي العاصمة لندن وحدها، ينبعث من 2.6 مليون مركبة نحو 9 آلاف طن من جزيئات الإطارات سنوياً.
يمكن أن تختلف جزيئات الإطارات من حيث الحجم والشكل والتركيب، اعتماداً على نوع الإطار وحالته وسلوك القيادة وسطح الطريق. يبلغ قطر بعض الجزيئات أكبر من 10 ميكرومتر، وبعضها أصغر من 0.1 ميكرومتر. تُعرف هذه الجزيئات بالجسيمات متناهية الصغر أو اللدائن النانوية أو البلاستيك النانوي.
يحدد حجم الجزيئات المدى الذي يمكن أن تنتقل إليه في الهواء واختراقها للرئتين أو مجرى الدم. فالجزيئات الأصغر لها آثار صحية أكبر من الجزيئات الأكبر حجماً، لأنها يمكن أن تصل إلى الأعضاء والأنسجة الأكثر حساسية.
اقرأ أيضاً: هل يمكن أن يمثّل الأمونيا وقوداً نظيفاً لمركبات المستقبل؟
السيارات الكهربائية تسبب زيادة تآكل الإطارات
غالباً ما يُنظر إلى السيارات الكهربائية على أنها بديل أكثر مراعاة للبيئة من السيارات التقليدية التي تعمل بالوقود الأحفوري، لكن السيارات الكهربائية تكون أثقل وزناً وأسرع من السيارات التقليدية بسبب بطارياتها الأكبر وعزم دورانها الأكثر قوة. هذا يعني أنها تسبب المزيد من الضغط والاحتكاك على الإطارات، ما يؤدي إلى تآكلها بشكلٍ أسرع وإطلاق المزيد من الجزيئات.
وجدت دراسة أجرتها شركة إميشنز أنلايتيكس (Emissions Analytics)، وهي شركة عالمية متخصصة في الاختبارات والقياس العلمي للانبعاثات في العالم الحقيقي، أنه في ظل ظروف القيادة العادية، تُطلق سيارة تعمل بالبنزين مزودة بأربعة إطارات جديدة نحو 73 مليغراماً من الجزيئات في كل كيلومتر واحد. في المقابل، تُطلق سيارة كهربائية مماثلة 15 مليغراماً إضافياً لكل كيلومتر، وهو ما يمثّل زيادة في معدل التلوث تبلغ نحو 20%.
تشير هذه النتائج إلى أن السيارات الكهربائية قد لا تكون صديقة للبيئة كما تبدو عندما يتعلق الأمر بتلوث الإطارات.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن حل أزمة شواحن السيارات الكهربائية؟
تأثير تلوث الإطارات في صحة الإنسان والبيئة
لتلوث الإطارات آثارٌ سلبية على صحة الإنسان والبيئة، فجزيئات الإطارات تدخل إلى الجهاز التنفسي عن طريق التنفس، ما يسبب مشكلات فيه مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية أو سرطان الرئة. قد تصل جزيئات الإطارات إلى مجرى الدم، ما يؤثّر في نظام القلب والأوعية الدموية ويزيد من خطر حدوث النوبات القلبية أو السكتات الدماغية.
يؤثّر تلوث الإطارات أيضاً في البيئة من خلال التسبب بتلوث التربة وموارد المياه، كما أن جزيئات الإطارات تقلل من خصوبة التربة عن طريق تغيير نسبة حموضتها ومحتواها من العناصر الغذائية والنشاط الجرثومي، وتلحق جزيئات الإطارات أيضاً الضرر بالحياة المائية عن طريق تقليل جودة المياه ومستويات الأوكسجين وكمية الضوء، ويمكن أن تتراكم جزيئات الإطارات في السلسلة الغذائية عن طريق ابتلاعها من قبل الأسماك والكائنات الحية الأخرى، ما يشكّل تهديداً للحياة البرية وصحة الإنسان.
اقرأ أيضاً: اكتشاف فطريات تفكك البلاستيك الذي لا يعاد تدويره خلال أشهر
كيف يمكن الحد من التلوث الناجم عن الإطارات؟
ثمة عدة طرق ممكنة للتخفيف من مشكلة تلوث الإطارات الناتجة عن السيارات الكهربائية. بعض هذه الطرق يشمل:
تحسين تصميم الإطارات والمواد المستخدمة في تصنيعها
يجب على الشركات المصنّعة للإطارات أن تطوّر إطارات أكثر متانة وأقل تعرضاً للكشط وتحتوي على مواد أقل سمية، وذلك عن طريق استخدام المطاط الطبيعي أو المواد المعاد تدويرها.
يخطط الاتحاد الأوروبي لفرض معايير جديدة لانبعاثات الإطارات بحلول عام 2025، التي يمكن أن تقلل من تآكل الإطارات بنسبة تصل إلى 30%.
القيادة بطريقة تقلل من تآكل الإطارات
يستطيع السائقون تقليل تآكل الإطارات عن طريق تجنب التوقف المفاجئ للسيارة والحفاظ على سرعة معتدلة والانعطاف بسلاسة، بالإضافة إلى فحص ضغط الإطارات بانتظام، واستبدال إطاراتهم عندما تتآكل، وتقليل استخدام سياراتهم عن طريق ركوب وسائل النقل العام أو الدراجات أو المشي.
اقرأ أيضاً: طريقة جديدة لفلترة المياه باستخدام البكتيريا الزرقاء المعدّلة وراثياً
تركيب فلاتر على الطرق
يمكن تركيب فلاتر على الطرق لالتقاط أو تصفية جزيئات الإطار قبل انتشارها في الهواء أو الماء. على سبيل المثال، توجد في بعض الطرق مصارف لمياه الأمطار، يمكن تركيب فلاتر عليها لجمع جزيئات الإطارات من مياه هذه المصاريف قبل أن تصل إلى البيئة.