هل يمكن لمشروع المستشعر متعدد الأغراض أن ينتقل من شيكاغو إلى العالمية؟

3 دقائق
هل يمكن لمشروع المستشعر متعدد الأغراض أن ينتقل من شيكاغو إلى العالمية؟
UCHICAGO/URBANCCD

على طاولة في مطعم بيرغوف الألماني في وسط مدينة شيكاغو عام 2012، رسم تشارلي كاتليت بشكل جيد معمارية برمجية على منديل. كان كاتليت، أحد أبرز علماء الكمبيوتر في مختبر أرجون الوطني في ذلك الوقت، يعمل مع علماء من وكالة حماية البيئة الأميركية لفهم آثار تلوث الهواء على صحة السكان. لكنه شعر أن بيانات الوكالة محدودة. لم يكن هناك سوى  بضعة أجهزة استشعار لقياس جودة الهواء في المدينة بأكملها. حَلُم كاتليت بشيء أكبر: شبكة واسعة من أجهزة الاستشعار منخفضة التكلفة يمكنها قياس كل شيء بدءاً  من الجزر الحرارية الحضرية (وهي المدن أكثر حرارة من المناطق الريفية المحيطة) الالوصولاً إلى تلوث الضجيج.

مبادرة كاتليت

كان التوقيت مناسباً- كانت شيكاغو على وشك وضع 300.000 مصباح جديد في الشوارع، وهي ما يعتبر مواقع مثالية لجهاز كاتليت الذي شبهه بجهاز تعقب اللياقة البدنية للمدينة. على مدى السنوات العشر المقبلة، وبتمويل قدره 12 مليون دولار من مؤسسة العلوم الوطنية، جمعت مبادرة كاتليت العلماء والسكان والجهات الحكومية لإحداث تغيير في مجال الاستشعار الحضري الدقيق. ابتكر الفريق حزمة لافتة للنظر تشبه أربعة أوعية بيضاء كبيرة مرصوصة رأساً على عقب. توجد في الداخل كاميرات وميكروفون، بالإضافة إلى أجهزة استشعار للرطوبة والاهتزازات والمجالات المغناطيسية ودرجة الحرارة وتلوث الهواء والضغط الجوي.

وقد تم تجهيز كل عقدة في المصفوفات بوحدة معالجة رسوميات من طراز إنفيديا (جي بي يو) لإجراء العمليات الحسابية على الصور الملتقطة في ذلك المجال وإرسال البيانات التي تمت معالجتها فقط إلى الشبكة، وهي شكل من أشكال الحوسبة المتطورة. وكضمانة إضافية للخصوصية، تم تصميم العُقد ليتم تثبيتها مؤقتاً. يقول كاتليت: "أفضّل ألا أرى آخر ما توصلت إليه الحوسبة ينتشر عبر المدينة، حيث توجد في كل مكان تمشي فيه كاميرا تحلل ما تفعله، هذا بالنسبة لي هو أكثر بؤساً مما أود أن أرى. لكني أعتقد أن هذه الأجهزة المتطورة لها مكان للتشخيص والتحليل، ويجب أن توفر هذه الإمكانية لغرض ما، ثم تنزعها".

اقرأ أيضاً: هل سمعت عن أكبر شركة مراقبة في العالم؟

بين عامي 2016 و2019، قام الفريق بتوصيل 140 عقدة من مشروع مصفوفات الأشياء (AOT) بأضواء شوارع شيكاغو. في عملية تشاركية، عمل الفريق في أرجون والجامعات المحلية مع سكان شيكاغو وإدارات المدن لتحديد مكان وضع أجهزة الاستشعار.

هل يمكن لمشروع المستشعر متعدد الأغراض أن ينتقل من شيكاغو إلى العالمية؟
UCHICAGO/URBANCCD

استخدمت عشرات الدراسات منذ ذلك الحين بيانات المستشعر. تم استخدام العقد لتقييم سلامة معابر السكك الحديدية، ومراقبة استخدام ممرات المشاة، ورصد الفيضانات على طول نهر شيكاغو. استخدمت كاثلين كاجني، المساهِمة في المشروع ومديرة معهد البحوث الاجتماعية في جامعة ميشيغان الأميركية، البيانات البيئية من أجهزة الاستشعار لدراسة الصحة العامة، ووجدت معدلات ربو أعلى في الأماكن التي اكتشفت فيها أجهزة الاستشعار المزيد من تلوث الهواء.

تولى فريق كاتليت منذ ذلك الحين مشاريع تقنية بسيطة. في العام الماضي، على سبيل المثال، دخل برفقة زملائه في شراكة مع شركة مايكروسوفت للبحوث لتثبيت 115 جهاز استشعار لقياس جودة الهواء تعمل بالطاقة الشمسية منخفضة التكلفة في محطات الحافلات في جميع أنحاء المدينة. وأظهرت البيانات الناتجة بؤر التلوث بالقرب من أروقة المصانع جنوب وغرب شيكاغو بدقة عالية لم يسبق لها مثيل. تضغط المجموعات البيئية والمجتمعية الآن على المدينة لإجراء تغييرات في السياسات. يخطط الفريق للتوسع إلى الآلاف من نقاط قياس جودة الهواء في السنوات القادمة.

اقرأ أيضاً: لماذا لم نشهد الثورة التي تعد بها مركبات البيروفسكايت في صناعة الطاقة الشمسية بعد؟

كاتليت في طريقها نحو العالم

يتوسع مشروع مصفوفات الأشياء أيضاً خارج شيكاغو من خلال مشروع (SAGE). خلافاً لغيرها من أنظمة الاستشعار في المناطق المدنية، والتي تميل إلى أن تكون احتكارية، فإن مشروع (SAGE) يسمح لأي شخص بكتابة البرمجيات للعقد الخاصة بالمشروع، والتي تحتوي على كاميرات عالية الدقة والطيف، والليدار ومسجلات الصوت.

ويقول كاتليت إن الفريق يدخل الآن مرحلة التنفيذ. وبحلول نهاية العام، يخطط الفريق لتثبيت 50 عقدة جديدة من العقد التي تبلغ تكلفتها 000,10 دولار في شيكاغو، لتحل محل مجموعة الجيل السابق من عقد المصفوفات. وقد تم بالفعل نشر عشرات العقد في جميع أنحاء جنوب كاليفورنيا للكشف عن حرائق الغابات وعلى الأبراج في جميع أنحاء البلاد لتحليل الطقس والتغيّر المناخي. تحتاج المؤسسة الوطنية للعلوم إلى 80 عقدة، واحدة لكل برج من أبراج شبكة المرصد البيئي الوطنية. ولاية أوريغون تطلب 100 عقدة للمساعدة في الكشف عن الزلازل. كما قدمت هيئة البحوث الأسترالية (CSIRO) طلباً للحصول عليها. تتزايد مجالات الاستخدام مفتوحة المصدر بصورة مستمرة وهي متوفرة لدى شركة "غيت هاب" (GitHub)، وتتضمن برامج للتعرف على الطيور من خلال أغانيها وتصنيف سحب مخروطية من خلال الصور.

لقد أصبح "تعقب اللياقة البدنية للمدينة" عالمياً وجاء ذلك في الوقت المناسب لدراسة عالمنا المتغير.

المحتوى محمي