نشأتها ودراستها الأكاديمية
ولدت مريم شديد عام 1969 لعائلة مغربية في أحياء الدار البيضاء، تتكون من سبعة أفراد كانت شديد ثاني أصغر فرد فيها. والدها كان يعمل حداداً ووالدتها ربة منزل مهتمة بالخياطة والطبخ. اكتشفت في سن الثانية عشر حبها لعلم الفلك بعد أن أعطاها شقيقها الأكبر مجموعة كتب عن الجاذبية باللغة الفرنسية لمؤلفها يوهانس كيبلر.
نالت شديد عام 1992 درجة الإجازة في الفيزياء من "جامعة الحسن الثاني" بالدار البيضاء، ثم انتقلت إلى فرنسا وحصلت من "جامعة نيس صوفيا أنتيبوليس" على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في علم الصورة في العلوم الكونية عام 1993، وبعد ثلاث سنوات حصلت على درجة الدكتوراه في علم الفلك والفضاء من "جامعة بول ساباتييه" عن أبحاثها التي اكتشفت فيها موجات الصدمة التي تفوق سرعتها الصوت في النجوم المتغيرة، كما حصلت على شهادة التأهل للأستاذية من "جامعة نيس صوفيا أنتيبوليس"، وأكملت العديد من برامج التعليم التنفيذي في "كلية جون كينيدي الحكومية".
أول أنثى في القطب الجنوبي
عملت في "المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي"، وفي "المرصد الأوروبي الجنوبي"، ومن ثم شاركت في تأسيس المقراب العظيم في صحراء أتاكاما في شمال تشيلي، أكثر صحارى العالم جفافاً، وجعلها وجودها ضمن الفريق المعني بتركيب منظار فلكي فضائي يهدف إلى قياس إشعاع النجوم في القطب المتجمد الجنوبي أول عالمة فلك في العالم وأول عربية تصل في بعثة فلكية إلى قلب القطب الجنوبي المتجمد، أحد أكثر الأماكن صعوبة في الوصول إليه، والأكثر برودة في العالم حيث تهبط فيها درجة الحرارة إلى 80 درجة تحت الصفر، وهي منطقة يسهل فيها مراقبة الأجسام البعيدة مقارنة بالمراصد الموجودة في أجزاء أخرى من العالم، لاستمرار الليل فيها لعدة أشهر من العام.
تصف مريم فرحتها بهذا الإنجاز قائلة: "عندما وصلت إلى هذا المكان كعربية ومغربية كنت فرحة بهذا، خاصة أننا كنا فريقاً من مختلف الجنسيات، وكان بالنسبة لي محط افتخار واعتزاز أن أكون امرأة عربية مشاركة أيضاً، وكذلك وصولي هناك يعتبر رمزاً لحرية المرأة، إذ أردت أن أشير إلى التحرر التي تعيشه المرأة اليوم عن السابق".
مسيرة مهنية
شديد عضو اللجنة التوجيهية لـ "الاتحاد الفلكي الدولي"، وأستاذة في علم الفلك في "جامعة نيس" في فرنسا. وأستاذة بـ "جامعة نيس الفرنسية"، كما تعمل في مرصد "كوت دازير" القومي الفرنسي وعالمة فلك في "محطة أبحاث أنتاركتيكا".
تركز مجالات بحثها على التطور النجمي والكوني، وتهدف أكثر أبحاثها المنشورة إلى فهم وفك رموز تكوين النجوم المبكرة وتطور النجوم ونبضاتها. تم نشر اكتشافاتها العلمية في العديد من المراجعات والكتب الدولية، وتروج شديد للتعليم من خلال إلقاء المحاضرات، وحضور المؤتمرات، والإشراف على الطلاب.
تكريمات وجوائز
تحدت شديد جميع العوائق التي تقف في طريق نجاح المرأة، وعند سؤالها عن الأمر في إحدى المقابلات قالت: "لم أختبر ذلك كعائق مزدوج، لكن بالنسبة للمرأة العربية، يكون الأمر دائماً صعباً. عليك أن تعمل بجد لتجنب كل الانتقادات وتبرر عملك. لذلك أعتقد أنه كان علي العمل ثلاث مرات أكثر من أي رجل".
تم تكريمها من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي كقائد عالمي شاب، وحازت على "جائزة المرأة العربية في العلوم" من "جامعة ريجنت لندن"، واختيرت ضمن "قائمة دافوس" للقادة الشباب الأبرز في العالم عام 2008، كما صنفتها "مجلة فوربس" ضمن العاملين الـ 30 الأكثر إثارة في العالم، كما ذُكرت شديد ضمن كتاب "حرة متمردة وجريئة" (Libres, Insoumises et Audacieuses) للصحفية الفرنسية كلير شامبينوا، التي تتحدث فيه عن مجموعة نساء من أصل عربي ولدن على جانبي البحر الأبيض المتوسط، وحققن أحلامهن من خلال العمل الجاد والمثابرة.