مركبة فضائية تعمل بالبخار قد تطلق عملية استكشاف الكويكبات

3 دقائق

عندما كانت فكرة تعدين الكويكبات في بداية ازدهارها، كانت الكثير من الشركات تتحدث عن استخدام الوقود الذي يعتمد على الماء لمركباتها الفضائية. وقد كانت الفكرة تعتمد على وفرة الجليد على الكويكبات لدرجة تسمح بتحليله إلى أوكسجين وهيدروجين لصنع وقود أكثر فعالية، وهي وسيلة رخيصة لإطالة أمد البعثة.

ولكن، ومع معاناة أهم شركات تعدين الكويكبات للحصول على التمويل، والاستحواذ عليها في نهاية المطاف، تضاءل الاهتمام بالمركبات الفضائية العاملة بالماء مع اضمحلال هذه الشركات. ولكن الآن، ظهر مشروع جديد قد يفتح الباب أمام ولادة العصر البخاري في الفضاء مرة أخرى.

في يناير الماضي، أعلن فريق بقيادة جامعة سنترال فلوريدا عن مركبة فضائية تعتمد على الماء لاستكشاف الكويكبات بدلاً من تعدينها. فبدلاً من إنهاء البعثة عندما ينتهي الوقود الدافع من المركبة، ستقوم مركبة واين (اختصاراً لعبارة: العالم ليس كافياً) بسحب وقود دافع مائي مباشرة من هذه الأجسام السماوية التي تزورها. وتعتمد مقاربة فريق واين على أسلوب يختلف عن الفكرة الأولية، حيث سيتم استخدام الماء مباشرة بدلاً من تفكيكه إلى عناصره. من الناحية النظرية، فإن هذه الطريقة أقل تكلفة وأقل احتمالاً للفشل، حيث يقول فيل ميتزجر الذي يقود المشروع في جامعة سنترال فلوريدا: "نريد استخدام الموارد المتوافرة. ولهذا يجب أن نحصل على التكنولوجيات الملائمة، والتي ليس من الضروري أن تكون في قمة التطور".

وإعادة تجميده في خزانها، وهو ما يتطلب حوالي ثلث حجم الخزان. وعندما تصبح جاهزة للانطلاق، تقوم بتسخين الماء المتجمد باستخدام الطاقة الشمسية أو النووية على مدى حوالي عشرة أيام، بحيث يتزايد الضغط في الداخل. وبعد ذلك، يتم إطلاق ضغط البخار دفعة واحدة، وتتحرك المركبة نحو وجهتها التالية القريبة. تذكرنا هذه الطريقة بالطرق التي قدمتها شركات تعدين الكويكبات ديب سبيس إندستريز (دي إس آي) وبلانيتاري ريسورسز. وقد أطلق جرانت بونين -والذي كان يشغل منصب المهندس الأساسي في دي إس آي- على النموذج الأولي للشركة بروسبيكتر 1 اسم "الغلاية البخارية الطائرة".

أثبتت قوة البخار أنها أداة مفيدة في مدار الأرض. فقد طبقت دي إس آي من قبل تقنية معروفة باسم الدفع الحراري الكهربائي المبني على الماء (أي قوة البخار عملياً) لتطوير كوميت (المذنب)، وهو نظام قادر على تحريك الأقمار الاصطناعية في المدار، وهو نظام ما زالت برادفور سبيس التي اشترت دي إس آي تبيعه حتى الآن. وفي رحلة مشتركة ضمن بعثة إس إس أو سمولسات إكسبريس في العام الماضي، كانت أربعة من الأقمار الاصطناعية على متن المركبة مزودة بنظام كوميت الذي يستخدم الماء. وقد اقترحت بلانيتاري ريسورسز –المنافس السابق لدي إس آي- فكرة مماثلة، على أمل إمكانية تزويد الأقمار الاصطناعية إلى أمد غير محدد بالوقود المصنوع من الماء المستخرج من الكويكبات قرب الأرض بدلاً من إنهاء عملها بعد نفاد الوقود الدافع.

نظام الدفع كوميت

تحاول الشركة الناشئة مومينتوس في وادي السيليكون أيضاً أن تدفع بقدرات الماء في المدار إلى المستوى التالي عن طريق تحويله إلى بلازما. وترغب الشركة بتحسين أداء الماء عن طريق تسخينه إلى حرارة مرتفعة قريبة من حرارة سطح الشمس. وسيتم استخدام القوة الناتجة لتحريك الأقمار الاصطناعية حول الأرض. ستجري الشركة أول اختبار لنظامها للدفع الحراري الكهربائي في الفضاء خلال هذه السنة.

يتخيل ميتزجر استخدام نظام وأين في أسراب كاملة حول حزام الكويكبات، للبحث عن أفضل الأماكن للتعدين، أو إطالة مدى مسبار سطحي كوكبي. يقول كريس زاكني، مدير مجموعة تكنولوجيا الاستكشاف في هونيبي روبوتيكس التي تعمل مع جامعة سنترال فلوريدا: "في نهاية المطاف، سنحصل على خريطة كاملة للأجسام في النظام الشمسي".

إن استخدام البخار بهذه الطريقة ليس فعالاً للغاية. ولكن في الفضاء، يمكن لهذه الطريقة أن تحقق أغراضاً معينة. فهي صديقة للبيئة، وتتيح إمكانية إعادة التزود بالوقود في أعماق الفضاء، كما أنها أثبتت نجاحها على الأرض. تقول أليسون دوفرين، وهو مهندسة لأنظمة الدفع والأنظمة الفضائية في برادفورد سبيس: "إن أهم ميزة للمحرك البخاري هي بساطته. لقد استخدمنا هذه المحركات لفترة طويلة للغاية، ونعرف كيف تعمل بالضبط".

من الناحية النظرية، يمكن لواين العمل لفترة غير محددة بوجود الطاقة الشمسية أو النووية والماء. ولكن الدفع البخاري يتيح للمركبة التحرك في أوضاع ذات جاذبية ضعيفة للغاية، ما يعني أنه لن يُستخدم للإقلاع عن المشتري أو المريخ قريباً. تم اختبار أنظمة التعدين والدفع للمركبة على الأرض بنجاح مؤخراً. وقد أظهرت الاختبارات أن واين قادرة على توليد قوة كافية للتنقل بين الكويكبات باستخدام الماء المستخرج من المواد الموجودة نموذجياً في الكويكبات. ولكنها ما تزال بعيدة عن الإطلاق الأولي، على الرغم من أن الفريق يبحث حالياً عن شركاء لتحقيق هذا.

يقول زاكني: "لقد كنا نستخدم البخار منذ قرون عدة. ولولاه لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن. ولهذا فقد يكون الخطوة الأولى في الاستكشاف الفضائي".

المحتوى محمي