ما مخاطر غرس شريحة نيورالينك في الدماغ وما أبرز تطبيقاتها؟

4 دقيقة
حقوق الصورة: shutterstock.com/Iljanaresvara Studio

شهدت شركة نيورالينك المملوكة لرائد الأعمال إيلون ماسك إعلانين مهمين في الفترة الأخيرة، حيث أعلنت بداية هذا العام نجاح أول عملية غرس شريحة دماغية لإنسان، كما أعلنت في شهر مارس/آذار الماضي تمكُّن مريض مصاب بالشلل من التحكم بمؤشر ماوس الكمبيوتر ولعب لعبة الشطرنج، ما يمثّل خطوة جديدة لهدف الشركة المتمثل في ربط الدماغ البشري بأجهزة الكمبيوتر.

يرى الخبراء والباحثون أنه في المستقبل القريب من المحتمل أن تحدث الشريحة التي تطوّرها الشركة الناشئة ثورة في الطريقة التي قد يتمكن بها الأشخاص الذين يعانون عجزاً حسياً أو حركياً من التفاعل مع البيئة، والعيش بشكلٍ أكثر استقلالية، بالإضافة إلى العديد من التطبيقات المحتملة الأخرى.

اقرأ أيضاً: نيورالينك: مشروع إيلون ماسك الجديد الهادف لربط الدماغ البشري بالذكاء الاصطناعي

ما أبرز التطبيقات المحتملة لشريحة نيورالينك؟

تهدف تجربة شركة نيورالينك (Neuralink) الحالية المُسمّاة دراسة برايم (The PRIME Study) إلى تزويد الأفراد المصابين بالشلل الرباعي بالقدرة على التحكم في الأجهزة الخارجية بأفكارهم من خلال استخدام تكنولوجيا واجهة الدماغ الحاسوبية (BCI) التي لديها مجموعة واسعة من التطبيقات المحتملة. فيما يلي بعض التطبيقات المحتملة خاصة بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة:

 استعادة القدرة على المشي

يمكن استخدام شريحة نيورالينك لمساعدة الأشخاص المصابين بالشلل على التحكم في الأطراف الصناعية أو الهياكل الخارجية لمساعدتهم على المشي، حيث ستمكّن حالة الاستخدام هذه الأشخاص المصابين بالشلل أو المبتورة أطرافهم من استعادة مستوى معين من الحركة والاستقلالية، من خلال غرس الشريحة في الدماغ وشريحة أخرى أسفل قسم الحبل الشوكي التالف، ومع التدريب الكافي سيكون لدى الشخص فرصة للمشي مرة أخرى. 

علاج الحالات العصبية

من خلال مراقبة نشاط الدماغ، يمكن لشريحة نيورالينك اكتشاف التغيرات التي قد تشير إلى حالات عصبية مثل الصرع أو الاضطراب الثنائي القطب أو اضطراب الوسواس القهري أو مرض آلزهايمر أو مرض باركنسون، بالإضافة إلى إمكانية استخدامها أيضاً لمراقبة أعراض الصحة العقلية.

مساعدة مَن يعانون إعاقة بصرية على الرؤية

ستتواصل الشريحة الموجودة في الدماغ مع 64 سلكاً صغيراً يغرسها الروبوت الجراحي في القشرة البصرية، والتي ستتمكن الشريحة من خلالها من تجاوز العين وتوليد صورة مرئية مباشرة في الدماغ، ولرؤية الصورة المرئية يتعين على المستخدم ارتداء نظارة واقع افتراضي ستنقل لاسلكياً موجزاً مرئياً مباشراً عبر تقنية البلوتوث إلى الهاتف المحمول.

ثم يحوّل الهاتف بعد ذلك بيانات الصورة إلى إشارة عصبية تُرسل مرة أخرى إلى شريحة نيورالينك، ثم تنقل الشريحة الإشارة العصبية إلى الدماغ ما يسمح للشخص بالرؤية.

اقرأ أيضاً: الأسئلة الكبرى: هل يمكن أن تساعدنا التكنولوجيا على قراءة أفكار شخص آخر؟

تحسين التفاعل بين الإنسان والحاسوب

يمكن للأشخاص الأصحاء الاتصال بأجهزتهم الرقمية بالطريقة البطيئة من خلال استخدام الدماغ للتحكم في الأصابع للكتابة على لوحة المفاتيح أو شاشة تعمل باللمس، وبدلاً من ذلك تهدف شريحة نيورالينك إلى إزالة جزء حركة الإصبع من هذه العملية واستخدام الدماغ للاتصال مباشرة بالأجهزة بدلاً من اليدين.

حيث أُجريت تجارب تمكَّن من خلالها الإنسان من كتابة نص على جهاز كمبيوتر بمجرد التفكير في الكلمات، وعلى الرغم من أن هذه العملية أُجربت على شخص غير قادر على الكلام، فإنه يمكن أن تؤدي يوماً ما إلى تكامل سلس بين البشر وأجهزة الكمبيوتر، ما يعزز قدرتنا على التواصل والتحكم في الأجهزة والوصول إلى المعلومات مباشرة من خلال التفكير.

تحسين وظائف الدماغ

على الرغم من أنه قد يبدو شيئاً من الخيال فإن من التطبيقات المحتملة لشريحة نيورالينك على المدى الطويل المساعدة في تحسين وظائف الدماغ وتحسين الذاكرة وسرعة تعلمه، حيث يمكن أن يكون هناك مستقبل يتمكن خلاله البشر من تنزيل المهارات والمعلومات مباشرة إلى أدمغتهم، ما يفتح الباب أمام مستقبل حيث لا يكون التعزيز المعرفي مجرد احتمال بل حقيقة لمساعدة أشخاص مثل الطلاب وتعزيز أدائهم الأكاديمي أو لمساعدة المهنيين الذين يسعون جاهدين لتحقيق إنتاجية أعلى.

كيف تعمل شريحة نيورالينك؟

تُعدُّ شريحة نيورالينك واحدة من تقنيات واجهات الدماغ الحاسوبية (BCI) التي من المتوقع أن تُحدِث ثورة في الطريقة التي يتفاعل بها دماغ الإنسان مع محيطه وأجهزته، فبعد غرس الشريحة التي تأتي بحجم العملة المعدنية جراحياً تحت الجمجمة، تتلقى المعلومات من الخيوط العصبية التي تنتشر في أقسام مختلفة من دماغ الشخص الذي يتحكم في المهارات الحركية.

ويحتوي كل سلك على أجهزة استشعار قادرة على تسجيل وإرسال التيارات الكهربائية التي تكون دقيقة ومرنة لدرجة أنه لا يمكن إدخالها بواسطة اليد البشرية، لهذا السبب طوّرت الشركة روبوت جراحة الأعصاب ليقوم بالعملية بشكلٍ مؤتمت بالكامل.

وتعمل تكنولوجيا شركة نيورالينك بالطريقة نفسها التي تعمل بها الفيزيولوجيا الكهربية (Electrophysiology)، حيث تنطلق الإشارات الكيميائية الكهربائية في نظامنا العصبي عندما تتواصل الخلايا العصبية مع بعضها بعضاً عبر الفجوات بين الخلايا العصبية، ثم يُلتقط نشاط الدماغ بواسطة أقطاب كهربائية أو أجهزة استشعار تكتشف الفولتية وتقيس التغير عند إطلاق هذه الفولتية.

بمعنى آخر تُلتقط بيانات نشاط دماغنا ليس فقط عندما نتخذ إجراءً، ولكن أيضاً إذا فكرنا في اتخاذ إجراء، بالإضافة إلى ذلك ونظراً إلى أن هذه الأجهزة تسجّل مجموعات بيانات معقدة، فقد تُستخدم خوارزميات التعلم الآلي ووكلاء الذكاء الاصطناعي الآخرون لفهم المعلومات.

ما مخاطر غرس شريحة نيورالينك في الدماغ البشري؟

على الرغم من الوعود التي تقدّمها عملية غرس شريحة نيورالينك والثورة المتوقع حدوثها خاصة لذوي الإعاقة، فإن الإجراء يأتي مع بعض المخاطر العالية مثل الآثار الجانبية للجراحة الجسدية كالنزيف أو الصداع أو الغثيان، بينما قد يكون بعض المخاطر الأخرى فريداً من نوعه. على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي محاكاة الدماغ التي تستلزمها الشريحة إلى نوبات الصرع أو قد تكون مقدمة للإصابة بها إذا كان الشخص سليماً من قبل.

ينطوي الإجراء أيضاً على مخاطر محتملة طويلة المدى حول ضمان استمرار عمل الغرسة بمرور الوقت، فحتى إذا سارت العملية على ما يرام فإن الخطر يتركز بالجهاز والتكنولوجيا ومدى استقرارهما على المدى الطويل، حيث من المحتمل أن يحاول الجسم رفض عملية الغرس، ما يمكن أن يسبب آثاراً جانبية سلبية طويلة المدى.

كما يرى الخبراء أن شريحة نيورالينك قد تكون عرضة للاختراق من خلال اعتراض عملية الإرسال التي تحدث عبر اتصال البلوتوث، وهو في الواقع أقل أماناً من اتصال الواي فاي الذي يشير إليه علماء الأخلاقيات العصبية باسم اختطاف الدماغ (Brainjacking)، حيث يمكن عند حدوثه أن يشكّل تهديداً كبيراً لسلامة الأشخاص وخصوصيتهم.

وبسبب هذه المخاطر العالية المرتبطة بالغرسة -معظمها غير معروف حتى الآن- من المحتمل أن يخضع لها فقط الأشخاص الذين يستفيدون منها بشكلٍ حقيقي، مثل الأشخاص الذين يعانون حالات طبية غير قابلة للشفاء.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يسير بسرعة كبيرة والعلماء يحذّرون من ثلاثة أخطاء يجب تجنبها

يذكر أن كلَّ شخصٍ يشارك في التجربة السريرية يفهم هذه المخاطر ويتحملها، والأهم أنه يعرف ويتوقع أنها قد تكون غير ذات فائدة كبيرة له شخصياً، ولكنها خطوة تاريخية ومستقبلية لكل مريض أو مصاب مر بتجربته الحالية.

المحتوى محمي