مجهر ذكاء اصطناعي يكتشف الأنسجة السرطانية

3 دقائق
مجهر ذكاء اصطناعي يكتشف الأنسجة السرطانية
الصورة الأصلية: كونستانتين كولوسوف عبر بيكساباي | تعديل: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية

مجهر ديب دوف يفحص الأنسجة خلال دقائق

أثناء إجراء عمليات إزالة الأورام السرطانية يكون السؤال الرئيسي المطروح: "هل أزال الجراحون جميع الخلايا السرطانية؟" للإجابة عن هذا السؤال ابتكر باحثون من جامعة رايس ومركز إم دي أندرسون لأمراض السرطان بجامعة تكساس مجهراً جديداً يمكنه تصوير أجزاء كبيرة من الأنسجة بسرعة وبدقة وبتكلفة زهيدة.

وأوضحت جامعة رايس -في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني- أن المجهر الجديد الذي ابتكره فريق من المهندسين وعلماء الفيزياء التطبيقية في الجامعة وأطُلق عليه اسم ديب دوف (DeepDOF) سيسمح للجراحين بفحص حواف الأورام في غضون دقائق من استئصالها.

ونقل التقرير عن ماري جين، طالبة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات بالجامعة وإحدى مؤلفي الدراسة التي تم الإعلان فيها عن الابتكار الجديد، قولها إن "الهدف الرئيسي من الجراحة هو إزالة جميع الخلايا السرطانية، إلا أن الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا تم استئصال الورم بالكامل هو النظر إليه تحت المجهر".

تصوير الأنسجة دون تقطيعها

الطريقة المستخدمة حالياً هي أن يزيل الطبيب عينة من الأنسجة، ثم يقوم أخصائي علم الأمراض بفحصها بالعين المجردة أولاً، حيث تُغطّى العينة بحبر غير قابل للمحو من أجل تحديد حوافها على رقاقات الفحص الزجاجية بهدف قياس حجم الورم. وبعد ذلك يقطع الأخصائي النسيج إلى شرائح رقيقة للغاية توضع على شرائح زجاجية ملّونة بمواد كيميائية مختلفة، ويتم تحليل هذه الشرائح تحت المجهر ليضع بعدها الأخصائي تشخيصه. ويتم الاحتفاظ بهذه الأنسجة من أجل الإجابة عن أي أسئلة قد تظهر في المستقبل.

وعادة ما تستغرق هذه العملية وقتاً طويلاً وتتطلب معدات متخصصة وباهظة الثمن وعمالاً ذوي تدريب ماهر. ومن النادر أن تمتلك المستشفيات القدرة على فحص هذه الشرائح أثناء الجراحة، كما تفتقر المستشفيات في أجزاء كثيرة من العالم إلى المعدات والخبرة اللازمة لذلك. لذا، فإن المجهر الجديد يهدف بشكل رئيسي إلى تسهيل هذه العملية عبر تصوير أجزاء كبيرة من الأنسجة مباشرةً دون تقطيعها.

يستخدم المجهر الجديد لتصوير شرائح كبيرة من الأنسجة بسرعة وبتكلفة زهيدة (يسار)، دون الحاجة إلى تنفيذ عمليات مكلفة ومستهلكة للوقت لتقطيع الأنسجة إلى شرائح رقيقة وتحضيرها للتحليل (يمين). مصدر الصورة: براندون مارتن / جامعة رايس.

وتشير الدراسة التي نُشرت هذا الشهر في دورية " Proceedings of the National Academy of Sciences " التي تصدر عن الأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم، إلى أن المجهر التقليدي يواجه معضلة دائمة تتمثل في المفاضلة بين عمق المجال (DOF) -أي المسافة التي تكون فيها الأشياء واقعة في بؤرة العدسة فتكون واضحة وحادة التفاصيل- والدقة المكانية، فكلما زادت الدقة المكانية المرغوبة، يجب تضييق عمق المجال.

تكلفة زهيدة ودقة عالية

يسمح المجهر الحاسوبي الجديد للأطباء بالتحرر من هذا القيد وتحقيق عمق مجال أكبر بما يزيد عن خمسة أضعاف العمق الذي توفره أحدث المجاهر المستخدمة حالياً، مع الحفاظ على الدقة، ما يجعله وسيلة غير مكلفة لإجراء فحص سريع للأنسجة أثناء العمليات وفي الأماكن ذات الموارد المحدودة.

ويتطلب إجراء الفحص باستخدام ديب دوف وضع "قناع مرحلي" (أحد أنواع اللوحات الضوئية) مُحسّن على فتحة المجهر، واستخدام خوارزمية تعلم عميق يمكنها أن تحول بيانات المستشعر إلى صور عالية الدقة، ومعالجتها. والقناع المرحلي المستخدم في هذا الفحص رخيص الثمن، إذ تبلغ تكلفته أقل من 10 دولارات.

وتقول آن جيلين ووتر، أستاذة جراحة الرأس والرقبة في مركز إم دي أندرسون والمؤلفة المشاركة في الدراسة: "لم تتغير الأساليب الحالية لإعداد الأنسجة التي يتم استخدامها لتقييم حالة حواف الورم أثناء الجراحة بشكل ملحوظ منذ استحداثها لأول مرة قبل أكثر من 100 عام"، مضيفة أن استخدام مجهر ديب دوف يتيح لنا فرصة تحسين نتائج مرضى السرطان الذين تتم معالجتهم عن طريق الجراحة.

تدريب خوارزمية التعلم العميق

بدوره، أوضح طالب الدكتوراه والمؤلف المشارك في الدراسة يوبو تانج، أن "معدات التصوير مثل الكاميرات والمجاهر يتم تصميمها في العادة بشكل منفصل عن البرمجيات والخوارزميات المستخدمة في معالجة الصورة"، مشيراً إلى أن ديب دوف يُعد أحد المجاهر الأولى التي يتم تصميمها مع وضع خوارزمية ما بعد المعالجة في الاعتبار.

وقد تم تدريب خوارزمية ديب دوف على 1200 صورة مأخوذة من قاعدة بيانات للشرائح النسيجية، لتعليمها كيفية تحديد "القناع المرحلي" الأمثل لتصوير عينة معينة، وكيفية إزالة الغشاوة من الصور التي تلتقطها للعينة.

وتؤكد أستاذة الهندسة الحيوية ومديرة معهد رايس 360° للصحة العالمية، ريبيكا ريتشاردز كورتوم، أن مجهر ديب دوف يمكنه التقاط الصور ومعالجتها في أقل من دقيقتين، موضحة أن "هناك حاجة الآن إلى إجراء دراسة سريرية لمعرفة ما إذا كان يمكن استخدامه على النحو المقترح أثناء العمليات الجراحية. ونأمل أن نبدأ التجارب السريرية العام المقبل".

المحتوى محمي