هل ستصبح الروبوتات زملاء لنا في العمل؟

3 دقيقة
جيميناي روبوتيكس

في 12 مارس/آذار، أصدرت شركة جوجل إعلاناً مفاجئاً إلى حد ما. فقد أطلقت نسخة من نموذجها للذكاء الاصطناعي، جيميناي (Gemini)، القادر على إنجاز مهام لا تقتصر فقط على العالم الرقمي لبوتات الدردشة والبحث عبر الإنترنت، بل في العالم المادي أيضاً، من خلال الروبوتات.

قوة النماذج اللغوية الكبيرة مع التفكير المكاني

يدمج النموذج جيميناي روبوتيكس (Gemini Robotics) قوة النماذج اللغوية الكبيرة مع التفكير المكاني، ما يسمح لك أن تطلب من ذراع روبوتية أن تفعل شيئاً مثل "ضعي العنب في الوعاء الزجاجي الشفاف". يتولى نموذج التفكير اللغوي الكبير فلترة هذه الأوامر، حيث يحدد النوايا من خلال ما تقوله ثم يجزئها إلى أوامر يمكن للروبوت تنفيذها. لمزيد من التفاصيل حول كيفية عمل ذلك كله، اقرأ المقال الكامل من زميلي سكوت موليغان (إنكليزي).

ربما تتساءل إن كان هذا يعني أن منزلك أو مكان عملك قد يمتلئ يوماً ما بروبوتات يمكنك إصدار الأوامر لها. سأتحدث بمزيد من التفصيل عن هذا الموضوع بعد قليل.

اقرأ أيضاً: استكشف أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي وطريقة استخدامها

ولكن في البداية، من أين جاء هذا؟ لم تُحدث جوجل ضجة كبيرة في عالم الروبوتات حتى الآن. فقد استحوذت شركة ألفابت (Alphabet) على بعض الشركات الناشئة في مجال الروبوتات على مدار العقد الماضي، ولكنها أغلقت في عام 2023 وحدة تعمل على تطوير الروبوتات لحل المهام العملية مثل تنظيف القمامة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن تحرك الشركة لإدخال الذكاء الاصطناعي إلى العالم المادي من خلال الروبوتات يعكس نهجاً مطابقاً لنهج سابق اتبعته شركات أخرى في العامين الماضيين (وهو أمر، يجب أن أشير بكل تواضع، إلى أن مجلة إم آي تي تكنولوجي ريفيو قد توقعته منذ فترة طويلة).

باختصار، هناك توجهان متقاربان وفق اتجاهين متعاكسين: فشركات الروبوتات تستفيد بصورة متزايدة من الذكاء الاصطناعي، وشركات الذكاء الاصطناعي العملاقة تعمل الآن على بناء الروبوتات. على سبيل المثال، بدأت شركة أوبن أيه آي (OpenAI)، التي أوقفت أعمال فريق الروبوتات التابع لها في عام 2021، جهوداً جديدة لبناء روبوتات ذات هيئة بشرية هذا العام. في أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت الشركة العملاقة للرقاقات الإلكترونية إنفيديا (Nvidia) أن الموجة التالية من الذكاء الاصطناعي ستكون "الذكاء الاصطناعي المادي".

دمج الذكاء الاصطناعي في الروبوتات

هناك الكثير من الطرق لدمج الذكاء الاصطناعي في الروبوتات، بدءاً من تحسين كيفية تدريبها على تنفيذ المهام. لكن استخدام نماذج لغوية كبيرة لإعطاء التعليمات، كما فعلت جوجل، أمر مثير للاهتمام على وجه الخصوص.

جوجل ليست الأولى في هذا المسعى، فقد لاقى اسم اسم شركة الروبوتات الناشئة "فيغر" (Figure) انتشاراً واسعاً قبل عام بسبب مقطع فيديو ظهرت فيه مجموعة من الأشخاص وهم يصدرون التعليمات لروبوت ذي هيئة بشرية حول كيفية وضع الأطباق في مكانها. وفي الوقت نفسه تقريباً، عمدت شركة ناشئة منبثقة عن أوبن أيه آي، تُدعى كوفاريانت (Covariant)، إلى بناء شيء مشابه للأذرع الروبوتية في المستودعات. شاهدت عرضاً توضيحياً حيث يمكنك إعطاء الروبوت تعليمات عبر الصور أو النصوص أو الفيديو لينفذ المهام مثل: "انقل كرات التنس من هذه السلة إلى تلك". استحوذت شركة أمازون على شركة كوفاريانت بعد 5 أشهر فقط.

اقرأ أيضاً: هل ستميل الكفة لصالح الروبوتات ذات الهيئة البشرية مستقبلاً؟

متى سنشاهد الروبوتات معنا في العمل والمنزل؟

عندما ترى مثل هذه العروض التوضيحية، لا يسعك إلا أن تتساءل: متى ستصل هذه الروبوتات إلى أماكن عملنا؟ وماذا عن منازلنا؟

إذا كانت خطط شركة فيغر تقدم دليلاً على ذلك، فإن الإجابة عن السؤال الأول: ستظهر عما قريب. فقد أعلنت الشركة في 15 مارس/آذار أنها تعمل على بناء منشأة تصنيع كبيرة الحجم من المقرر أن تصنع 12,000 روبوت ذي هيئة بشرية سنوياً. لكن تدريب الروبوتات واختبارها، خاصة لضمان سلامتها في الأماكن التي تعمل فيها بالقرب من البشر، لا يزال يستغرق وقتاً طويلاً.

فعلى سبيل المثال، تزعم شركة أجيليتي روبوتيكس (Agility Robotics)، المنافسة لشركة فيغر، أنها الشركة الوحيدة في الولايات المتحدة التي لديها عملاء يدفعون مقابل روبوتاتها ذات الهيئة البشرية. لكن معايير السلامة الصناعية لعمل الروبوتات ذات الهيئة البشرية جنباً إلى جنب مع البشر، لم تكتمل حتى الآن، لذا يتعين على روبوتات الشركة العمل في مناطق منفصلة.

لهذا السبب، وعلى الرغم من التقدم الذي أُحرز مؤخراً، ستظل منازلنا الحدود الأخيرة التي يمكن أن تصل إليها الروبوتات. فمقارنة بأرضيات المصانع، تتسم منازلنا بالفوضى وعدم القدرة على التنبؤ بما يحدث فيها. فالجميع محشورون في أماكن متقاربة نسبياً. حتى نماذج الذكاء الاصطناعي المثيرة للإعجاب، مثل جيميناي روبوتيكس، ستظل في حاجة إلى الخضوع للكثير من الاختبارات في العالم الحقيقي وفي بيئات المحاكاة، تماماً مثل السيارات الذاتية القيادة.

قد يجري تطبيق هذه الاختبارات في المستودعات والفنادق والمستشفيات، حيث من المحتمل أن الروبوتات ما زالت تتلقى المساعدة من المشغلين البشريين عن بُعد. سوف يستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن نمنحها امتياز ترتيب أطباقنا.

المحتوى محمي