يعتقد العديد من مستخدمي متصفح الويب جوجل كروم أن استخدام ميزة وضع التخفي خيار موثوق به لحماية خصوصيتهم عند تصفح مواقع الويب، حيث تبدو هذه الميزة أكثر موثوقية وشعبية لدى العديد من المستخدمين المهتمين بالخصوصية الرقمية، فوفقاً لاستطلاع أُجرى عام 2017 وجد أن ما يقرب من نصف مستخدمي الإنترنت في أميركا جربوا الوضع، ومعظم الذين جربوه أصبحوا يستخدمونه بانتظام.
ومع ذلك لا يعد وضع التخفي في متصفح جوجل كروم خاصاً كما قد يبدو، والسبب يعود إلى أن شركة جوجل لا تزال تستخدمه لتتبع المستخدمين ومراقبة أنشطتهم حتى في أثناء تفعيله، فلماذا لا تزال جوجل تقوم بهذه الممارسة؟ وكيف يعمل الوضع الخفي بالأساس؟ وما أبرز متصفحات الويب التي تعمل على حماية خصوصيتك بشكلٍ شامل بدلاً من متصفح جوجل كروم؟
كيف تعمل ميزة وضع التخفي في متصفحات الويب؟ وهل تضمن خصوصيتك بالفعل؟
وضع التخفي (Incognito Mode) الذي يشار إليه أيضاً باسم التصفح الخاص (Private Browsing) أو وضع الخصوصية (Privacy Mode)، هو ميزة متوفرة في معظم متصفحات الويب الشائعة، تُتيح للمستخدم تصفح الويب دون حفظ بيانات التصفح ومعلوماتها، مثل عناوين مواقع الويب وملفات تعريف الارتباط وكلمات المرور والمعلومات من النماذج التي تُملئ في أثناء جلسة التصفح، والغرض الأساسي لها فقط هو إخفاء نشاطك عن الآخرين الذين لديهم إمكانية الوصول إلى حاسوبك الشخصي.
وفي حين أن تنفيذها وآلية عملها قد تختلف باختلاف متصفح الويب، إلّا أن وظيفتها الرئيسية تظل متشابهة عبر متصفحات الويب جميعها. بشكلٍ أساسي في كل مرة تفتح فيها نافذة تصفح جديدة بوضع التخفي تُمنح نافذة تصفح جديدة ونظيفة تماماً، وعند إغلاقها تُمسح بيانات التصفح جميعها، ومع ذلك إذا وضعت إشارة مرجعية على موقع ما أو قمت بتنزيل ملف في أثناء استخدام وضع التخفي فستظل الإشارات المرجعية والملف على المتصفح.
وعلى الرغم من أن بعض المتصفحات يوفّر بعض الحماية الإضافية ضد تقنيات التتبع، فإن وضع التخفي لا يضمن عدم إمكانية تتبعك، حيث يمكن لمقدمي خدمات الإنترنت جمع معلومات عنك حتى لو لم تسجل الدخول، بالإضافة إلى ذلك ونظراً إلى أن جلسات وضع التخفي لا تُخزِّن ملفات تعريف الارتباط بمجرد إغلاق نافذة التصفح، فمن غير المرجح أن ترى إعلانات عبر الإنترنت تتعلق بمواقع الويب التي زرتها عند استخدام وضع التصفح الخفي.
اقرأ أيضاً: ما البيانات التي تجمعها شركة آبل عنك وكيف يمكنك التحكم بها؟
كيف تكون مراقباً حتى وإن استخدمت ميزة وضع التخفي في جوجل كروم؟
على الرغم من أن جوجل تبدو أكثر حرصاً على ضمان خصوصية مستخدمي متصفح كروم وفقاً لتحركاتها الأخيرة المتعلقة بالتخلص من ملفات الارتباط التابعة للجهات الخارجية بنهاية هذا العام، فإن لها أساليبها المخفية التي تعمل من خلالها على تعقب مستخدمي متصفح الويب الخاص بها.
حيث حدثت مؤخراً بهدوء قسم إخلاء المسؤولية المتعلق بميزة وضع التخفي ليعكس ممارسات جمع البيانات الخاصة بها، وتأتي هذه الخطوة بعد موافقتها على دفع تسوية مالية تُقدّر بنحو 5 مليارات دولار نتيجة للدعوى القضائية الجماعية التي رُفعت ضدها في أميركا عام 2020 والمتعلقة بسلوكها في تتبع وجمع بيانات وُصِفت بالحرجة من مستخدمين يستخدمون وضع التخفي عبر متصفح جوجل كروم، كانوا يعتقدون أن الوضع يقدّم لهم خصوصية شاملة وأكثر أماناً.
وينصُّ التحديث الجديد لصفحة إخلاء المسؤولية وفقاً لما اكتشفه أحد مستخدمي إصدار كناري (Canary) المخصص للمطورين، والذي عبره تُختبر العديد من الميزات التي غالباً ما تجد طريقها للإصدار النهائي من متصفح جوجل كروم، على أنه يمكنك استخدام وضع التخفي للتصفح بخصوصية مع عدم إمكانية تمكن المستخدمين الآخرين الذين يستخدمون الجهاز نفسه من رؤية نشاطك.
اقرأ أيضاً: ما الذي عليك معرفته عن الخصوصية بعد تخلص جوجل من ملفات تعريف الارتباط؟
ومع ذلك عند الانتقال إلى صفحة وضع التخفي الرئيسية تعرض جوجل رسالة أخرى مفادها:
"لن يتمكن الآخرون الذين يستخدمون هذا الجهاز من رؤية نشاطك لذا يمكنك التصفح بخصوصية أكبر، مع ذلك هذا لن يغيّر كيفية جمع البيانات بواسطة مواقع الويب التي تزورها والخدمات التي تستخدمها بما في ذلك جوجل".
وهذا يعني وفقاً للرسالتين أن مواقع الويب لا تزال قادرة على تتبع نشاطك، بالإضافة إلى أصحاب العمل والمدارس ومقدمي خدمات الإنترنت والأطراف الثالثة الأخرى، ونتيجة لإمكانية تتبعك ومراقبة أنشطتك في متصفح جوجل كروم، فإن التبديل إلى أحد المتصفحات التي تتبع ممارسات خصوصية أقوى أصبح ضرورياً، خاصة إذا كنت تتصفح مواقع حساسة أو تملأ نماذج سرية، أو حتى إذا كنت ممن يقلقون كثيراً على خصوصيتهم الرقمية.
اقرأ أيضاً: لماذا يصعب قراءة سياسات الخصوصية؟ وكيف يمكن جعلها سهلة الفهم؟
5 من أفضل المتصفحات من حيث الخصوصية بديلاً لجوجل كروم
فيما يلي خمسة متصفحات حديثة بديلة لمتصفح جوجل كروم تركّز على حماية خصوصية المستخدم، ويقدّم كلٌّ منها ميزات مختلفة ونقاط قوة فريدة تناسب احتياجاتك وتفضيلاتك:
1. متصفح برايف Brave
بريف متصفح يركّز على الخصوصية ويحتوي على واجهة سهلة الاستخدام وميزات مدمجة تعمل على حظر الإعلانات والمتتبعات بشكلٍ افتراضي، ما يوفّر تصفحاً أسرع وأكثر أماناً، كما يقدّم نظام مكافآت اختيارياً يُتيح للمستخدمين كسب العملات المشفرة مقابل تشغيل إعلانات تحترم الخصوصية.
السلبيات: ينتقد البعض سياسته الإعلانية حيث تتطلب مزامنة البيانات إنشاء حساب.
اقرأ أيضاً: هل تهدد بعض الأجهزة الإلكترونية كـ «المكانس الروبوتية» خصوصية المستخدمين؟
2. متصفح موزيلا فايرفوكس Mozilla Firefox
موزيلا فايرفوكس من أكثر متصفحات الويب شعبية لدى المستخدمين المهتمين بالخصوصية، فهو متصفح مفتوح المصدر يقدّم إعدادات خصوصية قابلة للتخصيص بدرجة كبيرة، ومكتبة ملحقات كبيرة وميزات حماية قوية مثل ميزة الحماية المحسّنة من التتبع (Enhanced Tracking Protection) التي تحظر ملفات الارتباط التابعة للجهات الخارجية افتراضياً، كما أنه يدعم العديد من الإضافات التي تركّز على الخصوصية.
السلبيات: قد يتطلب الأمر منك تعديل الإعدادات يدوياً للحصول على أقصى ميزات الخصوصية المدمجة فيه.
3. متصفح دوك دوك غو DuckDuckGo
دوك دوك غو متصفح مناسب لمستخدمي الهواتف الذكية يقدّم العديد من الميزات، مثل حظر أدوات تتبع الجهات الخارجية، ويوفّر درجة خصوصية لكل موقع ويب تزوره على حدة، كما يحتوي المتصفح على ميزة البحث الخاص (Private Search) التي تضمن تصفحك للويب بطريقة تراعي الخصوصية.
السلبيات: متصفح جديد نسبياً يحتوي على مكتبة إضافات أصغر، وقد لا يكون مثالياً للمستخدمين الذين يحتاجون إلى مستويات عالية من التخصيص.
اقرأ أيضاً: ميزة «سجل الروابط» من ميتا: ما حقيقة مزاعم اختراقها للخصوصية؟
4. متصفح فيفالدي Vivaldi
يأتي متصفح فيفالدي بخيارات واجهة مستخدم قابلة للتخصيص بدرجة كبيرة، ويعطي الأولوية لخصوصية المستخدم. لا يتتبع بيانات التصفح أو يجمعها، ويوفّر ميزات خصوصية قوية مثل أداة منع التتبع المدمجة وأدوات حظر الإعلانات، بالإضافة إلى إعدادات الخصوصية الشاملة التي تُتيح للمستخدمين التحكم في جوانب مختلفة من تجربة التصفح الخاصة بهم.
السلبيات: في بعض الأحيان قد تنخفض سرعة التصفح ويتراجع أداؤه لاستهلاكه الكبير لذاكرة الجهاز.
5. متصفح تور Tor
صُمِم متصفح تور بشكلٍ أساسي لإخفاء هوية نشاط تصفح مستخدميه عن طريق توجيه حركة المرور عبر شبكة من الخوادم التي يديرها المتطوعون، ويتميز بأنه يمنع مواقع الويب من تتبع المواقع التي يزورها المستخدمون وعادات التصفح الخاصة بهم. وعلى الرغم من أنه قد يكون أبطأ بسبب عملية التوجيه الخاصة به، فإنه يوفّر مستوى عالياً من الخصوصية وعدم الكشف عن الهوية.
السلبيات: سرعات تصفح أبطأ بسبب عملية التوجيه المتكررة وأكثر تعقيداً في الاستخدام من المتصفحات الأخرى.
اقرأ أيضاً: ما مخاطر الخصوصية التي تهددك على إنستغرام؟ وكيف تواجهها؟
كيف تحافظ على خصوصيتك في أثناء تصفح الويب؟
قد يبدو الحفاظ على خصوصيتك في أثناء تصفح الويب مهمة شاقة، لذا سواء كنت تستخدم الوضع المتخفي أو أحد متصفحات الويب التي تركّز على الخصوصية، فإن الحفاظ على العادات التي تحافظ على خصوصيتك في أثناء تصفح الويب ينبغي أن يكون ضرورياً. فيما يلي بعض النصائح الأساسية لمساعدتك على حماية خصوصيتك في أثناء تصفح الويب:
- ضبط إعدادات الخصوصية بانتظام في متصفحك وحساباتك عبر الإنترنت: بالإضافة إلى إلغاء الاشتراك في الإعلانات المخصصة والتتبع حيثما أمكن، وتحديد البيانات التي تشاركها مع مواقع الويب والخدمات.
- الحذر عند مشاركة البيانات: تجنّب مشاركة المعلومات الشخصية الحساسة ما لم يكن ذلك ضرورياً، وراجع إعدادات الخصوصية الخاصة بك بانتظام على حساباتك للتحكم فيمن يمكنه رؤية بياناتك.
- استخدام كلمات مرور قوية وفريدة: بالإضافة إلى استخدام أدوات إدارة كلمات المرور لتخزين تفاصيل الدخول الخاصة بك وإدارتها بشكلٍ آمن، وتمكين المصادقة الثنائية للحصول على طبقة إضافية من الأمان.
- مسح بيانات التصفح بانتظام: يتضمن ذلك سجل التصفح وملفات تعريف الارتباط وذاكرة التخزين المؤقت للمساعدة على منع مواقع الويب من تتبعك عبر الجلسات المختلفة.
- استخدام شبكة افتراضية خاصة: للمساعدة على إخفاء موقعك لمنع مزودي خدمات الإنترنت والجهات الخارجية الأخرى من مراقبة أنشطتك عبر الإنترنت، خاصة عند الاتصال بشبكات الواي فاي العامة بشكلٍ متكرر.
- تحديث البرامج باستمرار: من خلال تحديث متصفح الويب ونظام التشغيل والبرامج الأخرى للمساعدة على حماية جهازك وعدم استغلال الثغرات الأمنية للتجسس عليك.
- البقاء على اطلاع بأحدث تهديدات الخصوصية الناشئة ومعرفة كيفية حل مشكلات الخصوصية والتقنيات التي يمكن أن تساعدك على حماية خصوصيتك عبر الإنترنت بشكلٍ أفضل.