بدأت شركات الهواتف الذكية تسعى بكل قوتها لإقناع المستهلكين بأنهم بحاجة إلى أحدث الهواتف الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، أو ما يُعرف باسم هواتف الذكاء الاصطناعي التوليدي الذكية، التي ستجعل قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي متاحة لشاشات الهواتف الذكية، بكل أو معظم ميزاتها، لتمكين تجربة مستخدم سلسة.
فما هي هواتف الذكاء الاصطناعي التوليدي الذكية؟ وهل الميزات التي تقدمها تكفي لترقية هاتفك الحالي إلى هاتف ذكي يدعم تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
ما هي هواتف الذكاء الاصطناعي التوليدي الذكية؟
تمثّل هواتف الذكاء الاصطناعي التوليدي الذكية (GenAI Smartphones) فئة جديدة من الهواتف الذكية التي يدخل الذكاء الاصطناعي التوليدي في صميم وظائفها، وليس ترقية هامشية فقط، ما يوفّر إمكانات لم يكن من الممكن تصورها سابقاً، حيث تدمج الشركات نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي بعمق فيها لتوفير تخصيص ووظائف غير مسبوقة مباشرة في يد المستخدم.
بعبارة أخرى، ما يمكنك فعله مع نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل تشات جي بي تي وجيميناي عبر شاشة الحاسوب، سيصبح متاحاً على شاشة الهاتف الذكي، حيث ستكون في قلب هواتف الذكاء الاصطناعي التوليدي الذكية نماذج ذكاء اصطناعي توليدي مصغرة قادرة على إنشاء محتوى أصلي، سواء إنشاء رسائل بريد إلكتروني مخصصة أو تصميم عمل فني فريد من مطالبات نصية أو صوتية بسيطة.
وقد جُهزت هذه الفئة الجديدة من الهواتف الذكية بوحدات معالجة مركزية متخصصة مصممة لمهام الذكاء الاصطناعي التوليدي المكثّفة لتشغيل الميزات المتطورة، حيث تجري المعالجات المضمنة مليارات العمليات في الثانية، ما يمكّن الهاتف من تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي المعقدة مباشرة على الهاتف. ومن خلال هذه القدرة سوف يعمل الهاتف على معالجة البيانات محلياً، ما يعمل على تسريع العمليات والقضاء على زمن الوصول المرتبط بالحوسبة السحابية.
اقرأ أيضاً: ما هو الفرق بين تشات جي بي تي وجيميناي من حيث القدرات؟
كيف تختلف هواتف الذكاء الاصطناعي التوليدي الذكية عن الهواتف الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي؟
على الرغم من أن العديد من الهواتف الذكية الحديثة الآن لديه قدرات متطورة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، فإن وجود ميزات الذكاء الاصطناعي لا يجعل الجهاز تلقائياً هاتف ذكاء اصطناعي توليدي ذكي، والذي يختلف اختلافاً جوهرياً عنها لأنه يدمج وظائف تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي المتقدمة مباشرة في نظام تشغيلها الأساسي، ويُعالج البيانات محلياً بدلاً من الاعتماد على الحوسبة السحابية.
على سبيل المثال، بينما تحتوي هواتف ذكية مثل سلسلة هواتف آيفون 14 وبيكسل 7 على ميزات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، إلاّ أن هذه الميزات على الرغم من تقدمها وتطورها لا تؤهّلها بالضرورة لأن تكون هاتف ذكاء اصطناعي توليدي ذكي، ومن ثَمَّ وفي حين يُسوَّق العديد من الهواتف الذكية الحالية على أنها مدعومة بالذكاء الاصطناعي، فإنه توجد حالياً هواتف محددة مؤهّلة لأن تكون ضمن فئة هواتف الذكاء الاصطناعي التوليدي الذكية.
أبرز هواتف الذكاء الاصطناعي التوليدي الذكية سلسلة هواتف جالاكسي إس 24 (Galaxy S24) وسلسلة هواتف بيكسل 9 (Pixel 9) وسلسلة هواتف آيفون 16 (iPhone 16)، حيث تتكامل هذه الهواتف مع نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي على مستوى نظام التشغيل ومجهزة بالمعالجات اللازمة لمعالجة مهام الذكاء الاصطناعي المعقدة مباشرة على الهاتف، ما يُتيح مجموعة واسعة من التطبيقات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل إنشاء الصور وترجمة اللغة في الوقت الفعلي دون الاعتماد على السحابة، مع المحافظة على الخصوصية.
اقرأ أيضاً: ما هي أبرز ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة التي يتضمنها «ذكاء آبل»؟
صعود هواتف الذكاء الاصطناعي التوليدي الذكية
مع انتشار الذكاء الاصطناعي التوليدي وتوفره لأي مستخدم لديه اتصال بالإنترنت، أصبحت القائمة القصيرة لمعظم الهواتف الذكية التي صدرت هذا العام والمتوقع صدورها خلال الأعوام القليلة القادمة، تُعدّ عرضاً لتكامل الذكاء الاصطناعي التوليدي في الهواتف نفسها، وهذا يعني أن حالات استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي لأي شخص أصبحت واضحة ومتاحة بشكلٍ متزايد.
يمثّل هذا التطور نقطة تحول حاسمة في دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في حياتنا اليومية، بالنظر إلى أن المزيد من الهواتف الذكية سوف تكون قادرة على تشغيل معظم ميزات الذكاء الاصطناعي التوليدي في الهاتف نفسه بدلاً من الحاسوب، ما يخبرنا بأننا في طريقنا إلى امتلاك فئة جديدة كُلياً من الهواتف الذكية.
هذه الهواتف من المتوقع أن تُدخلنا عصراً جديداً سيكون فيه الذكاء الاصطناعي عموماً والذكاء الاصطناعي التوليدي خصوصاً جزءاً أساسياً من تجربتنا اليومية، ما يفتح عالماً من الاحتمالات لتفاعلات أكثر سهولة وشخصية وكفاءة مع هواتفنا، ويُحدِث ثورة في الطريقة التي نتعامل بها مع التكنولوجيا عموماً.
اقرأ أيضاً: كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي التوليدي الطريقة التي نتسوق بها عبر الإنترنت؟
وقد بدأت اتجاهات هذا التطور بالنمو بقوة خلال عامين فقط، فوفقاً لآخر تقرير من شركة أبحاث السوق كاونتر بوينت (Counterpoint) صدر في شهر أبريل من العام الحالي 2024، من المتوقع أن تصل حصة سوق هواتف الذكاء الاصطناعي التوليدي الذكية إلى نحو 11% بنهاية العام الحالي من إجمالي سوق الهواتف الذكية، وستصل إلى نحو 43% بحلول عام 2027. وعند ترجمتها إلى أرقام، من المتوقع شحن نحو 550 مليون هاتف بحلول عام 2027، ومن المتوقع أن تتجاوز الإنتاجية حاجز مليار هاتف بحلول العام نفسه، وهو ما يمثّل قفزة كبيرة عن توقعات تقرير العام الماضي 2023 بعد دخول شركة آبل السوق مع سلسلة هواتف آيفون 16.
أمّا عن المصنّعين بحسب تقرير آخر نشرته الشركة في نهاية العام الماضي 2023، فإنه من المتوقع أن تستحوذ شركة سامسونج على نصف شحنات هواتف الذكاء الاصطناعي التوليدي الذكية خلال العامين المقبلين، على غرار ما فعلته مع الهواتف الذكية القابلة للطي، حيث بدأت الشركة اكتساب سمعة جيدة لحالات استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي على الهواتف الذكية مبكراً مع نجاح مبيعات سلسلة هواتف جالاكسي إس 24 في الربع الثاني من العام الحالي، ووجودها ضمن المراكز الثلاثة الأولى في قائمة أفضل الهواتف الذكية لعام 2024.
اقرأ أيضاً: رؤية سامسونج للجيل السادس من الشبكات الخلوية
هل قرار شراء هاتف ذكاء اصطناعي توليدي ذكي أمر جيد؟
عموماً، تَعِد هواتف الذكاء الاصطناعي التوليدي الذكية بأنها لن تقتصر على فهم طلباتك فحسب، بل يمكنها أيضاً إنشاء محتوى أصلي مثل كتابة القصائد أو تأليف الموسيقى أو حتى تصميم الملابس بناءً على مطالباتك، ومع ذلك يمكن لأحدث هاتف ذكي يحتوي على نموذج ذكاء اصطناعي توليدي معالجة المهام بقدرات محدودة للغاية.
على سبيل، بينما يُقدر أن نسخة الويب من بوت الدردشة تشات جي بي تي تحتوي على نحو 1.8 تريليون معلمة وفقاً لمصادر متعددة، فإن أحدث هواتف سلسلة بيكسل 8 المزودة بنموذج جيميناي نانو 1 ونانو 2 تحتوي على نحو 1.8 مليار و 3.25 مليارات معلمة على التوالي، وهو ما يمثّل أقل من 1% مقارنة بالمعلمات التي تم تدريب تشات جي بي تي عليها، بينما لم يُكشف حتى الآن عدد المعلمات التي يحتوي عليها نظام ذكاء آبل المضمن في سلسلة هواتف آيفون 16.
اقرأ أيضاً: بماذا يختلف نهج آبل في الإنفاق على الذكاء الاصطناعي عن الشركات الأخرى؟
هذه الأرقام عموماً ليست سيئة بالنظر إلى أن ما ستفعله سابقاً عبر حاسوبك سيكون ممكناً بضغطة زر عبر هاتفك الذكي، ومع ذلك فإن شراء أو ترقية هاتفك الحالي إلى هاتف ذكاء اصطناعي توليدي ذكي على الأقل خلال السنتين المقبلتين قد يكون غير عملي لثلاثة أسباب رئيسية هي:
التكنولوجيا لم تنضج بعد
معظم الهواتف الذكية التي تحتوي على نماذج ذكاء اصطناعي توليدي غير مجهزة للتعامل بشكلٍ كامل مع المطالبات محلياً، وستعالج عدداً كبيراً من المهام على السحابة.
السعر
تبدأ أسعار الهواتف الذكية القليلة التي تحتوي على نماذج ذكاء اصطناعي توليدي مضمنة من ألف دولار فأعلى، وهي أسعار مرتفعة مقارنة بأسعار الهواتف القابلة للطي التي يمكن أن تقدّم تجربة استخدام أفضل.
نموذج الاشتراك
من خلال استخدام نموذج الاشتراك سيتوفر لديك أحدث نموذج ذكاء اصطناعي توليدي، ويمكنك استخدامه في أي وقت وعبر أجهزتك جميعها بدلاً من شراء هاتف جديد، ما يُعجّ أكثر فاعلية من حيث التكلفة وحالات الاستخدام.
هل ينبغي لك شراؤها؟
يعتمد ذلك على احتياجاتك وميزانيتك ومدى تحمسك لتجربة استخدام هذه الفئة الجديدة من الهواتف الذكية، فإذا كنت تبحث عن تجربة استخدام أحدث التقنيات وتقدر الإنتاجية والابتكار والتخصيص وسهولة إمكانية الوصول، فقد يكون هذا الهاتف خياراً جيداً لك، ومع ذلك إذا كنت تبحث فقط عن هاتف قوي مدعوم بالذكاء الاصطناعي وتريد تأجيل الأمر قليلاً لمزيد من اليقين، فهناك الكثير من الخيارات التي تأتي بأسعار مناسبة.