ما هي تبعات الإجهاد على عملية اتخاذك للقرارات؟

2 دقائق

ليس من السهل الاختيار بين خيارين ينطويان على عناصر إيجابية وسلبية، مثل وظيفة ذات راتب مرتفع ولكن مع ساعات عمل طويلة، أو وظيفة أقل أجراً تسمح بوقت فراغ أكبر. وقد اكتشف علماء الأعصاب في معهد ماساتشوستس للتقنية أن اتخاذ القرارات في مثل هذا الوضع، والمعروف باسم صراع التكلفة والمنفعة، يتأثر بشكل كبير بالإجهاد المزمن. وفي دراسة أجريت على الفئران والجرذان، وجدوا أن الحيوانات المجهدة كانت أكثر عرضة لانتقاء خيارات ذات مخاطر عالية، ومكاسب كبيرة.

ووجد الباحثون أيضاً أن ضعف دارة دماغية معينة يكمن وراء هذا القرار غير الطبيعي، وأظهروا أنهم يستطيعون استعادة السلوك الطبيعي عن طريق التلاعب في هذه الدارة. وإذا ما أمكن التحكم بهذه الدارة عند البشر، فقد يساعد هذا المرضى الذين يعانون من اضطرابات مثل الاكتئاب والإدمان والقلق، والتي غالباً ما تترافق بضعف اتخاذ القرارات.

قامت آن جريبيل، الأستاذة في معهد ماساتشوستس للتقنية، والحائزة على الدكتوراه عام 1971، بتحديد الدارة الدماغية لأول مرة عام 2015، وأظهرت أن تعطيلها باستخدام علم البصريات الوراثي، وهو تقنية تسمح بالتحكم في الخلايا العصبية بالضوء، يمكن أن تقود الحيوانات نحو انتقاء خيارات عالية المخاطر.

في الدراسة الجديدة، التي نشرت في مجلة الخلية (Cell)، قامت جريبيل وزملاؤها بتدريب الجرذان والفئران الطبيعية للاختيار بين أحد أذرع متاهة يتم تعريضهم فيها للضوء الساطع (خطورة عالية) وتفضي إلى مكافأتهم بحليب الشوكولا عالي التركيز (عائد كبير)، أو ذراع متاهة أخرى تتضمن ضوءاً خافتاً (خطورة منخفضة) وحليب شوكولا أقل تركيزاً (عائد منخفض). بدأت الحيوانات باختيار كل جانب بالتساوي تقريباً، ولكن عندما قام الباحثون بزيادة تركيز حليب الشوكولا الموجود في الجانب الخافت تدريجياً، بدأت الفئران في اختيار هذا الجانب أكثر.

تم وضع الحيوانات التي تعرضت لفترة قصيرة من الإجهاد اليومي ولمدة أسبوعين في نفس الوضع، ولكنها استمرت في اختيار الضوء الساطع مع الحليب ذي التركيز الأكبر حتى مع زيادة تركيز الشوكولا على الجانب الخافت. ويعتقد الباحثون أنه عندما تعاني الحيوانات من الإجهاد المزمن، تتغير آليات الدارة وتصبح مجموعة من الخلايا العصبية المشترِكة في هذا النوع من اتخاذ القرار مصابة بالإثارة المفرطة.

تقول جريبيل: "يتحكم هذا التعرض المسبق للإجهاد المزمن على نحو ما في الدمج بين ما هو جيد وما هو سيء. ويبدو أن الحيوانات فقدت قدرتها على موازنة الإثارة والتثبيط من أجل التوصل إلى سلوك منطقي".

وقد وجد الباحثون أنه وبمجرد حدوث هذا التحول، فإن مفعوله يبقى لعدة أشهر. ومع ذلك، كانوا قادرين على استعادة اتخاذ القرار الطبيعي عند الفئران المجهدة من خلال التلاعب بمجموعة من الخلايا العصبية في الدارة باستخدم علم البصريات الوراثي. ويشير هذا إلى أن الدارة يمكن أن تكون عرضة للتلاعب الذي من شأنه استعادة السلوك الطبيعي لدى المرضى من البشر.

المحتوى محمي