ما هي البيانات التي يجمعها تشات جي بي تي عنك؟ وكيف تتحكم بها؟

5 دقيقة
ما هي البيانات التي يجمعها تشات جي بي تي عنك؟ وكيف تتحكم بها؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Primakov

بدأت شركة أوبن أيه آي المالكة لبوت الدردشة تشات جي بي تي بالتلميح ضمناً للتحول إلى شركة ربحية خلافاً لأهدافها والفكرة من تأسيسها، مدفوعة بضغوط المستثمرين والشركاء وحتى المؤسس المشارك سام ألتمان، وإن لم يؤكد ذلك رسمياً حتى الآن، إلّا أن المؤشرات كلّها تذهب في هذا الاتجاه. ومع انتظارنا تأكيد هذا المسعى أو نفيه، ينبغي ألّا يغيب عنا أن كل شركة تبحث عن الربح تكون وجهتها الأولى استغلال بيانات مستخدمي منتجاتها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لتوليد الإيرادات.

فيما يتعلق بشركة أوبن أيه آي التي تُعدّ من أقوى الشركات الناشئة في الفترة الحالية، فإن قاعدة مستخدمي منتجها الأبرز بوت الدردشة تشات جي بي تي تمثّل فرصة ذهبية للشركة للاستفادة منها حالياً ومستقبلياً، الأمر الذي رأيناه سابقاً في شركات التكنولوجيا التي تقود مشهد إنترنت المستهلك (Consumer Internet) حالياً، التي تمكنت بطرق عديدة من بناء أعمالها بالاستفادة من بيانات مستخدمي منتجاتها، حيث تُقدّر القيمة السوقية لأبرز 5 شركات منها مجتمعة بأكثر من 12 تريليون دولار.

وبما أن شركة أوبن أيه آي مرشحة بقوة للانضمام إلى هؤلاء العمالقة في حالة تحولها إلى شركة ربحية، فإن الاستفادة من بياناتك سوف تكون المورد الأول في تحقيق إيراداتها. وحتى تأكيد تحولها رسمياً إلى شركة ربحية بشكلٍ كامل، إليك ما يعرفه بوت الدردشة تشات جي بي تي عنك وكيف يمكنك تقليل جمعه معلوماتك الشخصية.

اقرأ أيضاً: كيف أسهم تشات جي بي تي في نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي؟

ما هي البيانات التي يجمعها تشات جي بي تي عنك؟

لا شك في أن ما قدمه تشات جي بي تي ويقدمه حتى الآن كان يُعدّ قبل خمسة أعوام فقط ضرباً من الخيال، ولكن مع هذه القدرات كلّها التي يقدمها، فإن الثمن الذي تدفعه هو بياناتك الشخصية التي تُستخدم بعناية لتحليل أنماط استخدامك له من أجل تكوين فكرة شاملة عنك واهتماماتك وتفضيلاتك لاستخدامها لاحقاً في تدريب النموذج، أو تطوير منتج يمكنه استخدام هذه البيانات لتحقيق الإيرادات، مثل محرك البحث سيرش جي بي تي. وبحسب الشركة، فإنها تجمع نوعين من البيانات هما:

البيانات المقدمة تلقائياً بموافقة المستخدم

  • معلومات الحساب: الاسم ومعلومات الاتصال وبيانات اعتماد الحساب وتاريخ الميلاد ومعلومات الدفع وسجل المعاملات.
  • محتوى المستخدم: سجل المطالبات والمحتويات الأخرى التي تحمّلها مثل الملفات النصية والصور والملفات الصوتية.
  • معلومات الاتصال: الاسم ومعلومات الاتصال ومحتويات الرسائل المرسلة.
  • معلومات أخرى: عند المشاركة في الأحداث الخاصة بالشركة أو الاستطلاعات أو تزويد الشركة بمعلومات لتحديد الهوية أو العمر.

اقرأ أيضاً: 5 تطبيقات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لإتقان النطق في لغات جديدة

 البيانات التي تُجمع عند استخدام تشات جي بي تي

  • بيانات السجل: عنوان آي بي (IP) ونوع المتصفح وإعداداته وتاريخ المطالبة ووقتها وكيفية التفاعل مع بوت الدردشة.
  • بيانات الاستخدام: أنواع المحتوى الذي تشاهده أو تتفاعل معه والميزات التي تستخدمها والإجراءات التي تتخذها، بالإضافة إلى منطقتك الزمنية وبلدك وتواريخ وأوقات الوصول ونوع الجهاز.
  • معلومات الجهاز: اسم الجهاز ونظام التشغيل ومعرفات الجهاز والمتصفح الذي تستخدمه.
  • معلومات الموقع: قد تحدد الشركة المنطقة العامة التي يصل منها جهازك إلى بوت الدردشة بناءً على معلومات مثل عنوان IP الخاص بالجهاز لأسباب أمنية وتحسين تجربة الاستخدام.
  • ملفات تعريف الارتباط: إذا كنت تستخدم تشات جي بي تي دون إنشاء حساب، فستُخزن الشركة بعض المعلومات المرتبطة مع ملفات تعريف الارتباط.

اقرأ أيضاً: شركة أوبن أيه آي تواجه عواقب جشعها في جمع البيانات

ماذا تفعل شركة أوبن أيه آي بهذه البيانات كلّها؟

بشكلٍ أساسي كما تذكر الشركة، فإن هذه البيانات -خاصة سجلات المحادثات المحفوظة- تُستخدم في تدريب تشات جي بي تي بهدف رفع قدراته وجعله أكثر دقة وموثوقية، حيث إن القدرة على استخدام المحادثات الحقيقية من أشخاص فعليين بغرض التدريب تُعدّ مفيدة جداً لإجراء تحسينات مستمرة.

والسبب في ذلك أن نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي عموماً تحتاج إلى بيانات عالية الجودة لتكون أكثر موثوقية وقابلية للاستخدام، وهذا النوع من البيانات قد يكون في طريقه للنفاد أو من الصعب العثور عليه في فضاء الإنترنت العام، ما يتحتم على الشركات تدريب نماذجها على المخرجات التي تُنشئها أو ما يُطلق عليها البيانات المصطنعة (Synthetic Data)، على الرغم من القلق المتزايد من أن النماذج يمكن أن تصبح أكثر غرابة وأقل موثوقية إذا كانت تتعلم من البيانات التي أنشأتها بنفسها.

هل ينبغي لك القلق بشأن جمع شركة أوبن أيه آي هذه البيانات كلّها؟

عموماً قد يجادل البعض بأن المخاطر يمكن تحملها للحصول على أقصى استفادة من تشات جي بي تي، ولكن جمع الشركة البيانات عنك والاحتفاظ بها ينطوي على مخاطر أمنية واحتمالية تعرّض خصوصيتك للخطر، فكلما زادت البيانات التي تجمعها الشركة وكلما طالت مدة تخزينها، زادت احتمالية تعرض بياناتك في النهاية إلى اختراق سيبراني.

على سبيل المثال، من المحتمل جداً أن تتسرب هذه البيانات إلى مجرمي الإنترنت الذين قد يبيعونها دون أن تدري، ومن ثَمَّ قد تُستخدم لاحقاً لشن هجمات الهندسة الاجتماعية والتي قد تكون أحد ضحاياها. علاوة على ذلك، من الممكن أن تُستغل المعلومات التي تقدّمها عند تفاعلك مع بوت الدردشة في تدريبه، والتي بدورها قد تظهر لاحقاً في مخرجاته للمستخدمين الآخرين.

بالإضافة إلى ذلك، بسبب شهرة الشركة ونجمها الصاعد فقد أصبحت هدفاً مغرياً لمجرمي الإنترنت الذي لا يألون جهداً في استكشاف كل طريقة ممكنة لاختراقها، نظراً إلى حساسية بعض البيانات التي يقدّمها المستخدمون دون وعي عند إجراء محادثات مع تشات جي بي تي، كما أن سياسة الخصوصية التي تنصُّ على إمكانية تسليم بياناتك وسجل الدردشة إلى الشركات التابعة لها بالإضافة إلى وكالات إنفاذ القانون عند المطالبة بها، قد تكون مدعاة للقلق لبعض المستخدمين.

اقرأ أيضاً: ما هي طريقة الفريق الأحمر التي تتبعها أوبن أيه آي لاختبار نماذجها؟

هل يمكن الحد من جمع تشات جي بي تي بياناتك الشخصية؟

تؤكد شركة أوبن أيه آي في كل فرصة، أهمية بيانات مستخدمي منتجاتها وعدم استخدامها بشكل يُسئ إليهم، حيث توفّر العديد من الميزات التي تسمح للمستخدمين بإدارة خصوصية بياناتهم بشكلٍ فعّال، مثل إمكانية إيقاف تشغيل ميزة الذاكرة أو عدم الموافقة على المشاركة في تدريب النموذج أو إمكانية تفعيل ميزة الدردشة المؤقتة.

مع ذلك، فإن تكاليف التشغيل الهائلة لنماذجها اللغوية الكبيرة قد تؤثّر مستقبلاً في كيفية تعاملها مع استراتيجيات تحقيق الدخل من البيانات. بالإضافة إلى ذلك، فإن تحول نموذج عمل الشركة إلى الربحية قد يعقد موقفها وتجد ضغوط من المستثمرين للاستفادة من بيانات المستخدمين لتوليد الإيرادات.

علاوة على ذلك، قد تجد الشركة نفسها في موقف صعب في حالة تحولها إلى الربحية لتحقيق الموازنة بين تحقيق الأرباح والاعتبارات الأخلاقية المتعلقة باستخدام بيانات المستخدم، ومن ثَمَّ قد تجري تغييرات جوهرية في بنود سياسة الخصوصية، وهو ما قد يجعلها في مرمى التدقيق التنظيمي من الجهات الحكومية ومنظمات حماية الخصوصية الرقمية، التي أصبحت أكثر تركيزاً على شركات إنترنت المستهلك في الآونة الأخيرة.

ومن ثَمَّ فإن ما تعرفه شركة أوبن أيه آي عنك قد لا يبدو ظاهراً للعيان في الوقت الحالي، وقد نحتاج على الأقل إلى عقد من الزمن لمعرفة طرق ممارساتها في جمع بيانات المستخدمين وكيفية تعاملها معها، نظراً إلى أن منتجها الأبرز تشات جي بي تي لا يزال في مهده ولم يمضِ عليه سوى عامين حتى الآن، مع استمرار الشركة في إصدار نماذج متنوعة تخدم أغراضاً مختلفة.

اقرأ أيضاً: كيف جعل تشات جي بي تي شركة أوبن أيه آي لاعباً مهماً في مجال الذكاء الاصطناعي

ومع ذلك، فإن لديك عدة خيارات يمكنك من خلالها الحد من قدرة تشات جي بي تي على معرفة كل شيء وأي شيء عنك، خاصة وأنه أصبح في فترة وجيزة لا غنى عنه لدى العديد من قادة الشركات والمستخدمين العاديين لتعزيز الإنتاجية، لذا قبل استخدامه تذكر جدياً أن تضع هذه المحاذير في اعتبارك:

  • لا تعطِ تشات جي بي تي معلومات أكثر مما يحتاج إليه للقيام بعمله، وهي ممارسة ينبغي لك اتباعها مع نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي كلّها للحفاظ على خصوصيتك.
  • تجنّب تحميل المستندات التي تتضمن معلومات حساسة مثل أرقام حساباتك المصرفية أو معلومات الاتصال الخاصة بك، حيث تُعدّ هذه البيانات إذا تم الحصول عليها في خرق سيبراني بمثابة منجم ذهب لمجرمي الإنترنت.
  • إذا كنت طالباً، تجنّب تحميل ملفات بي دي إف الدراسية أو الواجبات المنزلية لتحليلها أو تخلصيها أو إجراء أي مهمة أخرى عليها من قِبل تشات جي بي تي، لاحتمالية احتوائها على معلومات شخصية أو عناوين لمدرسين أو مؤسسات خاصة.
  •  إذا كنت موظفاً، فلا تحمّل ملفات الشركة دون معرفة ما يمكنك إخفاؤه أو حذفه أولاً، ومن الأفضل الامتثال للقوانين المتعارف عليها في شركتك قبل استخدام تشات جي بي تي بشكلٍ عام في أعمال الشركة.
  • إذا شعرت بعدم الراحة في استخدام تشات جي بي تي، فيمكنك زيارة بوابة الخصوصية  الخاصة بالشركة لممارسة حقوقك، بما في ذلك الطلب بحذف بياناتك الشخصية أو إلغاء الاشتراك واستخدام بياناتك لتدريب النماذج القادمة، أو تحميل نسخة تحتوي على البيانات جميعها التي تمتلكها الشركة عنك أو حتى حذف حسابك بالكامل.

المحتوى محمي