يشهد القطاع التكنولوجي في الوقت الحالي أكبر تغيير له منذ عقود، والسبب في ذلك يعود إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي أحدثت ثورة في كل شيء من طريقة بحثنا عن المعلومات وكيف نلعب وكيف نتواصل وكيف نبقى منظمين وغيرها الكثير. وبالنظر إلى كل ما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي اليوم وفي المستقبل، فإن الوقت الآن يُعدّ مناسباً للحصول على جهاز يحتوي على شاشة أكبر من هاتفك الذكي للحصول على الفوائد القصوى للذكاء الاصطناعي.
ولا يوجد حتى الآن جهاز أنسب من كمبيوتر شخصي يعمل بالذكاء الاصطناعي فعلياً، فما هو الكمبيوتر المصمم للتعامل مع مهام الذكاء الاصطناعي؟ وكيف يختلف عن الكمبيوتر التقليدي الذي تستخدمه الآن؟ وما هي مواصفاته وهل ينبغي لك شراؤها؟
ما هو كمبيوتر الذكاء الاصطناعي AI PC؟
الكمبيوتر المدعوم بالذكاء الاصطناعي الذي يُشار إليه غالباً باسم كمبيوتر الذكاء الاصطناعي الشخصي (Personal Artificial Intelligence Computer، اختصاراً أيه آي بي سي AI PC)، هو كمبيوتر شخصي محمول أو مكتبي مصمم خصيصاً لتشغيل تطبيقات ومهام الذكاء الاصطناعي المعقدة.
بمعنى آخر هو كمبيوتر شخصي يدمج قدرات الذكاء الاصطناعي مباشرة في برامجه، ما يسمح له بأداء مهام الذكاء الاصطناعي على الجهاز نفسه دون الحاجة إلى الاتصال بالسحابة والذي يؤدي بدوره إلى تعزيز الأداء والتخصيص والأمان مقارنة بأجهزة الكمبيوتر التقليدية التي تعتمد على البرامج الخارجية أو الحوسبة السحابية للتعامل مع وظائف الذكاء الاصطناعي.
وقد اكتسبت كمبيوترات الذكاء الاصطناعي الشخصية زخماً وشعبية كبيرتين مع بداية عام 2024، حيث زاد الطلب عليها بشكلٍ كبير وشكّلت نحو 14% من شحنات أجهزة الكمبيوتر الشخصية في الربع الثاني من العام نفسه، ويأتي هذا النمو بعد عمليات الترويج الكبيرة التي تجريها الشركات المصنّعة باعتبارها التطور التالي في الحوسبة الشخصية، وتُبشّر بعصرٍ جديدٍ من تحسين الأداء وتجارب المستخدم المحسّنة والإنتاجية وكفاءة أكبر في التعامل مع المهام المعقدة.
اقرأ أيضاً: هل سيحل الذكاء الاصطناعي مكاننا في إنجاز أعمالنا على الكمبيوتر؟
ما هو الفرق بين كمبيوتر الذكاء الاصطناعي والكمبيوتر التقليدي؟
صُمِمت أجهزة كمبيوتر الذكاء الاصطناعي خصيصاً للتعامل مع أعباء العمل المكثّفة التي تتضمن الكميات الكبيرة من معالجة البيانات المطلوبة للبرامج والخوارزميات ووظائف التعلم الآلي التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وبمعنى آخر بينما يعمل الكمبيوتر التقليدي بناءً على تعليمات مبرمجة مسبقاً، يمكن لكمبيوتر الذكاء الاصطناعي التعلم والتكيُّف مع المواقف الجديدة من خلال تحليل البيانات والتعرّف إلى الأنماط واتخاذ القرارات بشكلٍ مستقل.
بالإضافة إلى إمكانية محاكاة الذكاء البشري من خلال ميزات مثل خوارزميات التعلم الآلي، ما يسمح له بأداء مهام مثل التعرّف إلى الصورة ومعالجة اللغات الطبيعية بطريقة جديدة تماماً وهو ما لا يتوفر في الكمبيوتر التقليدي. على سبيل المثال، يمكن لكمبيوتر الذكاء الاصطناعي تغيير مستوى الصوت بناءً على البيئة المحيطة به مثل رفعها عند وجود ضوضاء أو خفضها في البيئات الهادئة.
علاوة على ذلك تحتوي أجهزة كمبيوتر الذكاء الاصطناعي على برامج ذكاء اصطناعي مدمجة ومتكاملة تسمح لها بالعمل بشكلٍ خاص مع مهام الذكاء الاصطناعي الكثيفة والمعقدة بسرعة على عكس البرامج الموجودة على كمبيوتر تقليدي والمبرمجة مسبقاً للعمل بحدود وقدرات لا يمكنها تخطيها مثل عدم قدرتها على تغيير الخلفية إلّا بالتدخل اليدوي.
ما هي الميزات الرئيسية لكمبيوتر الذكاء الاصطناعي الشخصي؟
يمثّل كمبيوتر الذكاء الاصطناعي الشخصي تقدماً كبيراً في تكنولوجيا الحوسبة (Computing Technology)، حيث يأتي بعدد من المكونات والميزات المصممة خصيصاً التي تسمح للجهاز بالتعامل مع متطلبات المعالجة العالية الكثافة دون التأثير في الكفاءة أو الأداء.
فيما يلي الميزات والمكونات الرئيسية التي تُميّز أجهزة كمبيوتر الذكاء الاصطناعي الشخصية عن أجهزة الكمبيوتر الشخصية التقليدية:
رقائق وحدات المعالجة المتقدمة
تأتي أجهزة كمبيوتر الذكاء الاصطناعي برقائق متخصصة بما في ذلك وحدة المعالجة المركزية (CPU) ووحدة معالجة الرسومات (GPU) ووحدة المعالجة العصبية (NPU)، وتُعدّ الأخيرة مهمة بشكلٍ خاص لقدرتها على التعامل مع مهام الذكاء الاصطناعي بكفاءة، ما يسمح بمعالجة أسرع لخوارزميات التعلم الآلي والتطبيقات كثيفة البيانات والتعلم الآلي.
معالجة مهام الذكاء الاصطناعي محلياً
على عكس أجهزة الكمبيوتر التقليدية التي غالباً ما تعتمد على الحوسبة السحابية من أجل تنفيذ المهام المعقدة، يمكن لأجهزة كمبيوتر الذكاء الاصطناعي الشخصية تنفيذ مهام الذكاء الاصطناعي محلياً دون الاتصال الدائم بالإنترنت، ما يعزّز الخصوصية ويقلّل زمن الوصول.
تحسين الأداء والكفاءة
من خلال التعلم من سلوك المستخدم لتحسين أداء النظام ديناميكياً، ويتضمن ذلك إدارة الموارد بناءً على أنماط الاستخدام، ما يسمح بتشغيل أكثر سلاسة للتطبيقات التي تتطلب موارد كثيفة مثل الألعاب وتحرير الفيديو وتحليل البيانات. بالإضافة إلى ذلك، يُتيح دمج وحدة المعالجة العصبية إدارة أفضل للطاقة، ما يسمح لها بالتعامل مع أحمال العمل المستمرة مع استهلاك أقل للطاقة مقارنة بالكمبيوترات التقليدية.
تجربة مستخدم مخصصة
يتكيف كمبيوتر الذكاء الاصطناعي مع تفضيلات المستخدم الفردية بمرور الوقت وتخصيص الإعدادات والتوصية بالبرامج أو الملفات بناءً على التفاعلات السابقة وأداء المهام التي تتطلب عادةً تدخلاً بشرياً، ما يعزّز تحسين الإنتاجية ورضا المستخدم.
ميزات الذكاء الاصطناعي المدمجة
يتضمن كمبيوتر الذكاء الاصطناعي وظائف مدعومة بالذكاء الاصطناعي تعمل دون الحاجة إلى الاتصال بالإنترنت مثل وظائف الترجمة في الوقت الفعلي والنسخ التلقائي وإدارة البريد الإلكتروني، بالإضافة إلى التطبيقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل تطبيقات إنشاء المحتوى وتحليل البيانات وتحسين الإنتاجية.
اقرأ أيضاً: ما أبرز ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة التي يتضمنها «ذكاء آبل»؟
مزايا أمنية متطورة
غالباً ما تتضمن أجهزة كمبيوتر الذكاء الاصطناعي ميزات أمان متطورة تستفيد من التعلم الآلي للكشف عن التهديدات السيبرانية المحتملة والبرامج الضارة وبرامج التجسس والهجمات الإلكترونية والتخفيف منها بشكلٍ أكثر فاعلية من أجهزة الكمبيوتر التقليدية.
هل ينبغي لك شراء كمبيوتر ذكاء اصطناعي؟
تتميز كمبيوترات الذكاء الاصطناعي الشخصية بمكونات قوية ومتطورة وبرامج مدمجة تجعلها متفوقة أكثر من أي وقتٍ مضى على أجهزة الكمبيوتر الشخصية التقليدية. ومع ذلك، إذا كنت تتطلع فقط إلى استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتعزيز إنتاجيتك فلن تحتاج سوى إلى الاتصال بالإنترنت عبر كمبيوترك الشخصي التقليدي واستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي عبر السحابة.
والسبب في ذلك أن كمبيوترات الذكاء الاصطناعي الشخصية لا تزال في إصداراتها الأولى وتأتي بأسعار عالية مقارنة بأحدث الكمبيوترات الشخصية التقليدية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ميزاتها المتطورة ومكوناتها المصممة خصيصاً للتعامل مع مهام الذكاء الاصطناعي المعقدة.
مع التذكير بأنه إذا كنت من مستخدمي أحدث أجهزة ماك التابعة لشركة آبل فيمكنك تلقائياً تحديث نظام التشغيل إلى آخر إصدار للحصول على نظام ذكاء آبل والتمتع بمجموعة ميزات الذكاء الاصطناعي المتقدمة المدمجة في نظام التشغيل.
ولكن إذا كنت من مستخدمي نظام التشغيل ويندوز فإن الأمور قد تكون ضبابية بعض الشيء، حيث يرى البعض أن الإمكانات الحقيقية لكمبيوترات الذكاء الاصطناعي التي تعمل بنظام التشغيل ويندوز قد لا تتضح إلّا مع إصدار نظام التشغيل ويندوز 12 القادم، ومن ثَمَّ فإن الرأي لدى الكثير من المتابعين هو الانتظار حتى صدور نظام التشغيل الجديد والاكتفاء حالياً بتطبيقات الذكاء الاصطناعي عبر السحابة سواء المجانية أو المدفوعة.
ومع ذلك من المهم أن تضع في اعتبارك أن آخر تحديث كبير لنظام التشغيل ويندوز 11 قد تضمن عدداً كبيراً من التطبيقات والميزات المدعومة بالذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى دمج بوت الدردشة كوبايلوت في نظام التشغيل وحتى توفير زر مخصص له في لوحة المفاتيح من قِبل معظم مصنّعي أجهزة الكمبيوترات العاملة بنظام التشغيل ويندوز.
اقرأ أيضاً: أبرز ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة في نظام التشغيل ويندوز 11
نصائح مفيدة عند اتخاذ قرار شراء كمبيوتر ذكاء اصطناعي
إذا قررت شراء كمبيوتر ذكاء اصطناعي حالياً بغض النظر عن التكلفة المالية، فينبغي لك مراعاة العديد من المواصفات المهمة لضمان الأداء الأمثل لمهام الذكاء الاصطناعي ومن ضمنها:
وحدة المعالجة المركزية CPU
الطرازات الموصى بها: استهدف على الأقل إحدى سلاسل معالجات إنتل كور آي 9 (Intel Core i9) أو أحدث منها أو إحدى سلاسل معالجات أيه إم دي رايزن 7 (AMD Ryzen 7) أو أحدث.
وحدة معالجة الرسومات GPU
النماذج الموصى بها: ابحث عن كمبيوترات تتضمن وحدات معالجة الرسوميات إنفيديا جي فورس أر تي إكس 3060 (NVIDIA GeForce RTX 3060) أو أعلى مع التأكد من أنها تحتوي على سعة ذاكرة وصول عشوائي تصل إلى 8 غيغابايت على الأقل.
وحدة المعالجة العصبية GPU
استهدف كمبيوتر يتضمن وحدة معالجة عصبية قادرة على 40 تريليون عملية في الثانية (TOPS) على الأقل إذا كانت متوفرة.
ذاكرة الوصول العشوائي RAM
السعة الموصى بها: 16 غيغابايت من ذاكرة الوصول العشوائي يُعدّ أمراً ضرورياً، ولكن من الناحية المثالية يمكنك أن تستهدف 32 غيغابايت أو أكثر.
سعة التخزين
النوع والسعة: اختر محرك أقراص الحالة الصلبة (SSD) بسعة لا تقل عن 512 غيغابايت أو أعلى.
نظام التبريد
الأهمية: يُعدّ التبريد الفعّال أمراً بالغَ الأهمية وخاصة في أثناء العمليات الحسابية المكثّفة. لذا، ضع في اعتبارك الكمبيوتر الذي يتضمن حلول تبريد متقدمة مثل التبريد السائل أو التبريد الهوائي العالي الأداء للحفاظ على درجات الحرارة المثالية في أثناء أحمال العمل الثقيلة.