ما مدى الضرر الواقع على شركات الطيران إذا لم تتعافَ الملاحة الجوية قبل عام 2023؟

4 دقائق
مصدر الصورة: دومينيك سكايث عبر أنسبلاش

شكلت جائحة كورونا خطراً وجودياً على شركات الطيران والرحلات الجوية، وقد بدأ عدد من الشركات يعلن عن إفلاسه، وينتظر ملايين الموظفين مصيرهم المجهول.

"لن تعود الحركة الجوية إلى طبيعتها قبل عام 2023"، هذا ما نقله ديفيد فلين، رئيس تحرير صحيفة (excutive traveler)، عن التقرير المقفل الصادر عن مجموعة (Atmosphere Research Group).

يتناول التقرير شكل التعافي الذي سيشهده قطاع الملاحة والسفر والسياحة، مشيراً إلى أن جائحة كورونا أفضت إلى نتائج سوداوية وغير متوقعة على عالم الرحلات الجوية الدولية.

لقد مثلت الجائحة واحدة من أكبر المخاطر التي تهدد مصير شركات الطيران وقطاع السياحة، وتشير الوقائع إلى أن التعافي سيكون بطيئاً جداً وتدريجياً، أي أنه لن يكون انتعاشاً سريعاً وتحتاج الحركة جوية لسنوات عديدة كي تستعيد جزءاً من عافيتها، وفق خطط إستراتيجية تراعي مخاوف المسافرين وتلحظ حجم الخسارة المالية التي تكبدتها الشركات.

فقاعات جوية بين الدول

تعوّل شركات الطيران على الرحلات المحليّة كخطوة أولية من أجل إنعاش الحركة الاقتصادية المرتبطة بالقطاع الأكثر حيوية وبين القطاعات التجارية. ومن أجل إعادة بناء شبكة الرحلات الجوية، بدأت مؤخراً مجموعة من دول الاتحاد الأوروبي بتنفيذ خطة يطلق عليها إسم فقاعة السفر.

وفقاعة السفر: هي منطقة آمنة جوية بدأت تبتكرها دول أوروبية بين بعضها البعض إما على شكل تحالف يضم أكثر من دولتين أو بين دولتين اثنين فقط. ولكن لتنشأ فقاعة السفر يجب أن تكون معادلات تفشي فيروس كورونا شبه مستقرة. تسمح الفقاعة للأفراد بالسفر ضمن أراضي الدول المتحالفة ودون شروط مسبقة، ولكن لا يشمل القرار أي فرد لا يحمل بطاقة هوية البلد أو جواز سفره.

منذ بداية شهر مايو، تشكل عدد من الفقاعات الجوية من بينها الفقاعة الإيطالية والأسترالية والبلقانية.

الفقاعة الأولى: إيطاليا و تأشيرات شنغن

في 16 مايو أعلنت إيطاليا عن أن 3 يونيو سيكون موعداً يُسمح فيه للإيطاليين بالسفر مجدداً بين الولايات الإيطالية، ويشمل القرار الحكومي جميع حاملي تأشيرات منطقة شنغن الأوروبية.

صدر القرار على شكل مرسوم وزاري يسمح لحكام المقاطعات بإغلاق الولايات مجدداً، لمنع حدوث موجة تفشٍّ ثانية لكورونا في حال لاحظوا حدوث أي ارتفاع في عدد المصابين الجدد.

خطوة فتح المطارات يراها محللون إيطاليون غريبة ومتسرعة، خصوصاً أن البلاد هي الثالثة في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية من ناحية عدد الوفيات بفيروس كورونا، ولكن الحكومة الإيطالية ترى في الخطوة سبيلاً أساسياً لإنقاذ ما تبقى من الموسم السياحي الصيفي.

الفقاعة الثانية: دول البلقان

لقد أدت جائحة كورونا إلى انحدار النمو الاقتصادي لدول البلقان بنسبة 8%، وتشمل دول البلقان كلاً من إستونيا ولاتفيا وليتوانيا.

يفرض قرار الدول البلقانية على المسافرين عزل أنفسهم لمدة 14 يوماً بعد وصولهم إلى النقطة التي يسافرون إليها، وتأمل الدول الثلاثة من بولندا وفنلندا الانضمام للفقاعة؛ نظراً إلى أن منحنيات تفشي كورونا لديهما مستقرة.

الفقاعة الثالثة: نيوزيلندا وأستراليا

بداية شهر مايو اتفقت نيوزيلندا وأستراليا على صنع فقاعة آمنة بين البلدين، واعتبر البلدان أن المنطقة الجوية التي ستنشأ بينهما سينتج عنها منفعة اقتصادية وتجارية بين البلدين.

إعادة الثقة للركاب

باشرت مجموعة من شركات الطيران في وضع خطط تراعي الابتعاد الاجتماعي بين الركاب؛ إذ إن استعادة ثقة الركاب في البيئة الداخلية التي توفرها الطائرات هي من أبرز العقبات الراهنة التي تفكر فيها شركات الملاحة، خصوصاً وأن مشاعر القلق تطغى على الأفراد في حال تواجدهم ضمن مجموعات.

وتفكر الشركات في إبقاء المقاعد الوسطى في الطائرات فارغة، إفساحاً للأفراد من أجل التحرك بحرية ضمن الطائرات وعدم الاحتكاك بين الركاب، ويبدو أن شركة النقل الجوي الأوروبية ستباشر تطبيق رؤيتها ضمن طائراتها.

مخاطر الابتعاد الاجتماعي داخل الطائرات

على الرغم من أن الركاب سيفضلون الجلوس وحيدين في مقصورات الطائرات منعاً لانتقال أي عدوى محتملة لفيروس كورونا، غير أن تصميم المقصورات للابتعاد الاجتماعي يفرض أعباء مادية إضافية على الشركات.

تقوم رؤية الابتعاد الاجتماعي على أن كل راكب سيحتاج إلى 6 مقاعد فارغة في محيطه، ولكن هذا الكم من المقاعد الفارغة مكلف مادياً، مما يعني أن الشركة قد لا تحقق أي ربح مادي في كل رحلة جوية تقوم بها.

2023: طريق التعافي

في الرؤية التي طرحتها مجموعة (Atmosphere Research Group)، هناك إشارة إلى ثلاث مراحل ستسير وفقها الحركة الجوية.

المرحلة الأولى: تبدأ من 2021

في هذه المرحلة سيلعب رجال الأعمال الأثرياء وأصحاب الطائرات الشخصية والترفيهية دوراً في تحسين الرحلات الجوية؛ ذلك أن هذه الفئة تنتمي إلى الطبقة الثرية، ولم تتضرر قدرتها الشرائية للتذاكر. لذلك ستتمكن الفئة من تسيير الرحلات الجوية المحلية، وقد يلجأ بعض أفرادها إلى السفر لبلدان أخرى عبر الطائرات الخاصة.

المرحلة الثانية: من يناير إلى يونيو 2022

عند هذه المرحلة ستكون حركة الرحلات الجويّة قد تحسنت بعض الشيء، سيدخل إلى نادي المسافرين فئة جديدة من رجال الأعمال، بالإضافة إلى مسافرين من متوسطي الدخل.

المرحلة الثالثة: من منتصف 2022 إلى 2023

من المتوقع أن تكون جميع الدول قد سيطرت بشكل كامل على جائحة كورونا، وستدفع الأفراد إلى الترفيه عن أنفسهم بعد الحجر إلى السفر للسياحة. يشير التقرير إلى أن السفر الجماعي للترفيه بلغ نسبة 80% قبل الجائحة، ومن المتوقع أن يتجاوز السفر السياحي هذه النسبة بعد عام 2023.

خسائر بمليارات الدولارات

بحسب منتدى الاقتصاد العالمي، كان متوقعاً أن يحقق قطاع السفر والسياحة العالمية حوالي 700 مليار دولار نهاية عام 2020، ولكن بعد تفشي فيروس كورونا، من المتوقع أن يحقق القطاع العالمي خسارة تقدر بنسبة 253 مليار دولار.

تعد أوروبا من أكثر القارات تضرراً من جاحة كورونا؛ حيث تشير الأرقام إلى أن سكان الاتحاد الأوروبي يقومون بأكثر من 385 مليون رحلة سياحية في السنة الواحدة، ولكن بعد الجائحة سجل قطاع السفر الأوروبي انخفاضاً بالإيرادات من 200 إلى 124 مليار دولار.

إفلاس شركات الطيران

أصدر اتحاد النقل الجوي الدولي إحصاءً تناول فيه الوضع المزري الذي يواجهه قطاع السفر، وبحسب الإحصاء، فإن 25 مليون وظيفة معرضة للخطر. ويستفيد من قطاع السفر حوالي 65 مليون شخص، وذلك من خلال الموظفين الذين يقدمون الإعالة لأفراد عائلاتهم.

وبحسب الإحصاء، سيخسر 1.2 مليون موظف من آسيا وظائفهم في الأشهر المقبلة، و1.6 مليون موظف من أوروبا، و2.9 مليون موظف من أميركا اللاتينية، و2 مليون موظف من أفريقيا، ومليون موظف من الشرق الأوسط.

لقد كان الربع الأول من عام 2020 سيئاً، ويتوقع اتحاد النقل الجوي أن يكون الربع الثاني أكثر سوءاً لأنه سيشهد تراجعاً في الملاحة بنسبة 70%.

إن تراجع الطلب على السفر دفع بعدد من شركات الملاحة الجوية إلى إعلان إفلاسه، مثل شركة فلاي بي (Flybe) البريطانية. وثمة تقارير تتحدث عن أن بعد شهر مايو ستعلن المزيد من الشركات عن إفلاسها.

ودعا اتحاد النقل الجوي الدولي الحكومات إلى تقديم الدعم المالي والمساعدة الفورية من خلال قوانين جديد تدعم الشركات، من بينها الإعفاء الضريبي ودعم سندات الشركات في البورصة.

المحتوى محمي