على الرغم من التقدُّم المستمر في علوم الكيمياء، فإن قلةً من منتجاتها فقط يملك من التأثير ما يُزاحم بطاريات الليثيوم-أيون.
معظم تقنيات العالم الحديث -بما فيها الهواتفُ الذكية والحواسيبُ الشخصية والسيارات الكهربائية، وعلى نحوٍ متزايد النظامُ الكهربائي- تستمِد طاقة تشغيلها من هذه البطاريات المضغوطة وخفيفة الوزن. وفي الأسبوع الماضي، تم منح جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2019 إلى ثلاثة من العلماء الذين لعبوا دوراً أساسياً في تطوير هذه التقنية، ليقتَسموا فيما بينهم قيمة الجائزة التي تبلُغ أكثر من 900,000 دولار.
بعض المعلومات الأساسية
لكي نتمكَّن من صنع بطاريات كثيفة الطاقة فعلاً وتعمل بشكلٍ جيد في المنتجات المَحمولة، فإننا نحتاج إلى مادةٍ خفيفة وشديدةِ التفاعل. وتنطبق هذه المواصفات بشكلٍ رائع على الليثيوم؛ فهو أخفُّ العناصر الصلبة ويتخلَّى بسهولةٍ عن إلكتروناته، وهي الجزيئات سالبةُ الشحنة التي تشكِّل التيار الكهربائي من خلال تدفُّقها بين قطبي البطارية، وهذا حسبما تشرح الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم.
التفاصيل
منحت لجنة نوبل الجائزة إلى ثلاثة علماء: الأول هو ستانلي ويتينجهام من جامعة بينجهامتون، الذي "طوَّر أول بطارية ليثيوم عمليّة" في أوائل السبعينات، والثاني هو جون جوديناف من جامعة تكساس في أوستن، وهو الذي "ضاعَف إمكانات البطارية" في عام 1980، والثالث هو أكيرا يوشينو من جامعة ميجو، وهو الذي ساعد في زيادة درجة أمان البطاريات المُعرَّضة للحريق في عام 1985 عن طريق استبدال الليثيوم النقي بأيونات الليثيوم، التي تحمل شحنةً صافية بفضل الإلكترونات المفقودة أو الإضافية.
وقد كان تحسينُ الأمان هو العامل الأهم في تحويل البطاريات إلى منتجٍ تجاري؛ حيث أنتجت سوني وأساهي كاسي هذه البطاريات لأول مرة عام 1991، ثم سرعان ما وجدت طريقها للاستخدام في كاميرات الفيديو، والحواسيب، ومُشغلات الموسيقى المضغوطة بتقنية إم بي ثري (MP3)، والهواتف المحمولة، وغيرها الكثير. واستمرَّ التحسُّن في أسعار البطاريات وأدائها مع التوسُّع السريع في الطلب والتصنيع، متجاوزةً باطِّراد توقُّعات الوَسَطين الأكاديمي والصناعي.
ولكن
ما زال هناك حدودٌ لما يمكن لبطاريات الليثيوم-أيون أن تفعله، بالإضافة إلى قضايا أخرى متعلقة بالأمان؛ حيث يجب أن تنخفضَ تكاليفُها أكثر بحيث تُقلِّل الفرق في السعر بين المركبات الكهربائية والمركبات العاملة على الوقود، كما أنها لم تبلغ المستوى الكافي من حيث الوزن والاستطاعة لتمكين التحول إلى تصنيع الشاحنات والسفن والطائرات الكهربائية.
وفي المُحصلة، يعتقد معظم خبراء البطاريات أننا سنحتاج إلى مُقاربات مختلفة تماماً في الكيمياء من أجل تصميم بطاريات لتخزين الطاقة، التي ستكون رخيصةً ومستدامةً بما يكفي لموازنة التقلُّب في طاقة الشمس والرياح حالما تصل هذه الطاقة المتجددة إلى مرحلة تُهيمن فيها على الشبكة الكهربائية.