تقرير خاص

دور مؤسسات التقنيات الحيوية (البيونيك) عبر الشرق الأوسط في ريادة جهود خلق القيمة الرقمية

4 دقيقة
دور مؤسسات التقنيات الحيوية (البيونيك) عبر الشرق الأوسط في ريادة جهود خلق القيمة الرقمية
حقوق الصورة: shutterstock.com/Summit Art Creations

نشرة خاصة بالتعاون مع بي سي جي

لا تزال جهود خلق القيمة الرقمية تكتسب أهميةً متزايدة دون توقف، محققة بذلك زخماً كبيراً باعتبارها من العناصر الاستراتيجية الأساسية التي تحدد مستوى نجاح المؤسسات، والعامل المساهم في ضمان استمرار أعمالها حول العالم. وتعتبر مؤسسات التقنيات الحيوية أو البيونيك (Bionic) الرائدة، من أكثر المؤسسات نجاحاً وتطوراً في عالم التحول الرقمي، حيث يركز الخبراء على الجمع بين التقنيات الجديدة والقدرات البشرية في إطار عمليات بالغة الانسيابية لتحقيق نتائج مالية فائقة، مع الارتقاء بمستويات التجارب والعلاقات على نحو أفضل، وتطوير عمليات أكثر كفاءة، بالإضافة إلى تحسين الإنتاجية مع معدلات أعلى للابتكار. وتعتبر مؤسسات البيونيك الرائدة "أكثر تفوقاً على المؤسسات الأخرى من حيث معدل التدفق النقدي والقيمة المؤسسية". ورغم تميز هذه المؤسسات وريادتها، بفضل هذه الميزات والخصائص التي تمتعت بها في مرحلة ما قبل جائحة كوفيد-19، إلا أنها استمرت في إظهار هذا الأداء المتفوق عبر المجالات والقطاعات التي لا تزال تتعافى خلال مرحلة ما بعد انحسار الجائحة.  

تراقب دراسات مؤشر التسارع الرقمي السنوي (DAI)، التي تجريها شركة بوسطن كونسلتينج جروب وتستهدف قياس معدلات تبني أنظمة التقنية الحيوية، مستويات النضج والتطور الرقمي للمؤسسات في إطار أعمالها، فضلاً عن العناصر التي تعزز أداء مؤسسات البيونيك، باعتبارها رائدة في مجال التكنولوجيا الحيوية مع قدرات أكثر تطوراً لضمان الارتقاء بمستويات القيمة، وذلك بالارتكاز على مدى تقدم مسار النضج الرقمي. وشملت الدراسة العالمية لعام 2021 أكثر من 270 مؤسسة وشركة من منطقة الشرق الأوسط عبر 10 قطاعات اقتصادية متنوعة، وفيما يلي يتم تسليط الضوء على أحدث الاكتشافات المرتبطة بمستوى التقدم والتأثير والعوامل الدافعة لخلق القيمة الرقمية.

استطاعت معظم مؤسسات الشرق الأوسط العاملة في جميع القطاعات تقريباً، تحقيق مستوى متطور من النضج الرقمي رغم انتشار الجائحة، أو ربما بفضله إلى حد ما. وحقق قطاع الخدمات المالية أكبر تقدم جذري في هذا الإطار، حيث باتت المؤسسات العاملة فيه، بالإضافة إلى مؤسسات الاتصالات، رائدة في مجال النضج والتطور الرقمي. وسجلت المؤسسات كبيرة الحجم درجات متقدمة في مستويات النضج، مقارنة بالمؤسسات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة في معظم القطاعات، حيث لم يظهر سوى قطاع الطاقة، نتائج مماثلة مقارنة بالقطاعات المختلفة. وتوصلت أبحاث شركة بوسطن كونسلتنيج جروب العالمية إلى أربعة مسرعات للتقنيات الحيوية في هذا الصدد، ترتبط بمستوى النضج الرقمي المتقدم والأداء العالي، ألا وهي تحسين القدرات الرقمية، وتعزيز الاعتماد على التقنيات البشرية (HumanTech)، وتطوير الذكاء الاصطناعي، وزيادة الاعتماد على المنصات ذات الطابع المؤسسي. 

وأظهرت نتائج الدراسة السنوية لمؤشر التسارع الرقمي في الشرق الأوسط وجود تباينات هائلة عند مقارنة مستوى اعتماد هذه المسرعات، بين مؤسسات البيونيك الرائدة في مجالات التكنولوجيا/المؤسسات الكبيرة، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة. حيث تستثمر المؤسسات والمنشآت الكبيرة ومؤسسات البيونيك في القدرات البشرية على نحو يفوق بمعدلات هائلة مستويات استثمار المنشآت الصغيرة والمتوسطة في رأسمالها البشري. كما سجلت تفوقاً بمعدل 1.5 إلى 2.5 ضعفاً على مؤشر النسبة المئوية للموظفين المعينين بدوام كامل في الوظائف الرقمية، وتطلعات نمو الموظفين قصيرة الأجل، والخطط الخاصة بتطوير مستويات الأداء الرقمية.

تشجع مؤسسات البيونيك موظفيها على ابتكار وتصميم عمليات متقدمة، يمكن لمؤسسات التقنيات الرقمية الجديدة التعامل معها بكفاءة وإنتاجية أكبر. ويتطلب الوصول إلى هذه المرحلة تعزيز الاستثمارات لتطوير القوى العاملة الحالية، وجذب الكفاءات الرقمية المناسبة والحفاظ عليها، وتطوير مهارات قيادية جديدة. كما يتطلب هذا المسار، ضخ استثمارات جريئة في مجال التكنولوجيا لتطوير قدرات الأفراد وتحسين مستويات أدائهم، لا سيما تقنيات تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي.

وتولي المؤسسات الكبيرة ومؤسسات البيونيك الأولوية لعمليات التشغيل الآلي، وابتكار الاستراتيجيات المساهمة في دفع نمو الإيرادات وخفض النفقات، حيث يعتمد تطوير رأس المال البشري والتكنولوجي على تبني نهج متطور من أتمتة العمليات. إلا أن هذه المؤسسات تتخطى حدود الممكن في هذا الإطار، عبر الاستفادة من الفرص والإمكانات التي يوفرها التصميم الجيد وقدرات الذكاء الاصطناعي وذلك بهدف تحسين العمليات والارتقاء بتجارب العملاء.

وتشير التوقعات إلى تبني المؤسسات الكبيرة لتقنيات الذكاء الاصطناعي وجعلها في صميم تحولاتها الرقمية، بمعدلات تفوق بثلاث مرات تقريباً احتمالية اتباع هذا التوجه من قبل المنشآت والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ويشمل هذا التوجه، تضمين الذكاء الاصطناعي في العديد من العمليات التنظيمية وطرح حلول الذكاء الاصطناعي الرائدة عبر القطاع. وستتمكن مؤسسات البيونيك، بفضل التبني المبادر والاستباقي لقدرات الذكاء الاصطناعي، من تحقيق الاستفادة القصوى من قيمتها على نحو أفضل مقارنة بالمؤسسات الأخرى.

وتعي المنشآت والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم تدني مستويات استثماراتها في البيانات والذكاء الاصطناعي مقارنة بالمؤسسات الضخمة. وتوفر استراتيجية الاستثمار في مجال البيانات وحوكمتها والذكاء الاصطناعي والأنظمة الرقمية ومنصات البيانات، فرصة استثنائية وبنية تحتية أساسية يمكن الاعتماد عليها من قبل هذه المؤسسات والمنشآت لسد الفجوة القائمة، نظراً لارتفاع عوائدها الاستثمارية بصورة هائلة. 

وتعتبر معظم مؤسسات البيونيك الرائدة بمثابة كيانات مجهزة ومؤهلة رقمياً، حيث يجري إدخال التكنولوجيات الحيوية في عملياتها بصورة أكثر سلاسة وانسيابية، ويتزايد هذا النوع من المؤسسات على نحو ملحوظ في القطاعات التقليدية، حيث ينجح الموظفون في تعزيز قدراتهم الرقمية على المدى الطويل لتحسين قدراتهم التنافسية استشرافاً لمستقبل رقمي متطور.

ويعتبر التحول الرقمي اتجاهاً عالمياً سائداً، يكتسب زخماً متزايداً يوماً تلو الآخر، حيث تتطور قدراتنا التكنولوجية على نحو مطّرد. وبات المستهلكون أكثر حاجة للحصول على الخدمات المخصصة والمريحة التي توفرها حصراً المؤسسات المتطورة رقمياً. وقد قمنا في إطار هذه الدراسة، بتحديد ثلاث خطوات مهمة يجب اتباعها من قبل المؤسسات لتعزيز مساهمتها الرقمية في عملية خلق القيمة.

  1. أولاً، يجب على المؤسسات تحديد موقعها في مجال التحول الرقمي.
  2.  يتعين عليها بعد ذلك دراسة الفرص والإمكانات المتوفرة والتركيز على المزايا التي يوفرها تطبيق المسرعات الأربعة.
  3.  أخيراً، إطلاق المشاريع التجريبية وتحديد خارطة طريق مدروسة لتسريع عملية التحول الرقمي.

ساهمت العديد من العناصر المعروفة في تعزيز ريادة مؤسسات البيونيك، وتشمل، على سبيل المثال: الذكاء الاصطناعي، والكفاءات الرقمية، والبرامج والخدمات المستندة إلى النظام الأساسي. وستتمكن المؤسسات الواعية لكيفية قيادة تحولات الهندسة الحيوية الرقمية، من إجراء عمليات تحول فائقة السرعة، مع خلق قيمة هائلة على المدى القريب.

وتتبنى مؤسسات الشرق الأوسط مسار التحول الرقمي بشكل متزايد في جميع القطاعات، وعليها الاستمرار في هذا النهج على نحو أكثر تأثيراً ورسوخاً، لتحقيق الفوائد التي تجنيها مؤسسات البيونيك الرائدة.

المحتوى محمي