لماذا لم نرَ انتشاراً واسعاً لشبكات الجيل الخامس حتى الآن؟

5 دقيقة
لماذا لم نرَ انتشاراً واسعاً لشبكات الجيل الخامس حتى الآن؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/metamorworks

تَعِد شبكات الجيل الخامس بمستقبل ثوري من السرعات المذهلة والاتصال السلس ومشهد رقمي متغير تماماً. مع ذلك وعلى الرغم من إمكاناتها الجذابة، فإن الطريق إلى نشرها على نطاقٍ واسعٍ ليس سلساً على الإطلاق، حيث تكمن تحت العناوين البراقة التي تعدد فوائدها وكيفية تغييرها للمشهد الرقمي شبكة معقدة من العقبات التي تَحول دون رؤيتنا لها في خلال السنوات القليلة القادمة.

لا يوجد استعداد لنشر شبكات الجيل الخامس حتى الآن

بينما يركّز معظم المستهلكين ومقدمو خدمات الاتصالات على تأثير شبكات الجيل الخامس في التطبيقات التي تركّز على المستهلك، مثل زمن الوصول المنخفض عند لعب الألعاب أو سرعة تنزيل الملفات وتعزيز جودة اتصالات الفيديو وغيرها، إلّا أن الجميع حتى الآن لا يزال يصارع للتكيُّف أو تلبية المتطلبات الدقيقة اللازمة التي تساعد على الانتقال إلى الجيل الجديد من شبكات الاتصال.

حيث يواجه بعض الصناعات تحديات محددة قد تعوق وتيرة تبني شبكات الجيل الخامس مقارنة بصناعات أخرى، مثل قطاع الصناعة الذي غالباً ما يعتمد على أنظمة ومعدات أتمتة قديمة غير متوافقة بسهولة مع حلول إنترنت الأشياء الصناعي التي تدعم شبكات الجيل الخامس، حيث يمكن أن تكون ترقية هذه الأنظمة مكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً.

اقرأ أيضاً: كيف تعمل شبكات الجيل الخامس؟ وهل تؤثّر في صحة الإنسان فعلاً؟

يرى الخبراء أن الحماس المحيط بشبكات الجيل الخامس في القطاع الصناعي قد تجاوز إلى حد ما مدى جاهزية التكنولوجيا للنشر على نطاقٍ واسع، وقد أدّت الضجة الناتجة عن الفوائد المحتملة لشبكة الجيل الخامس إلى ارتفاع مستويات الاهتمام في القطاع الصناعي، حيث أدّى هذا الحماس السابق لأوانه إلى ظهور بعض التحديات، لأن وعود تكنولوجيا الجيل الخامس لم تتماشَ دائماً مع الإجراءات العملية الحالية لتنفيذها في البيئات الصناعية.

علاوة على ذلك، خلال الفترة التجريبية الممتدة، واجه القطاع عقبات في نشر شبكات الجيل الخامس بسبب التكاليف والتعقيدات المرتبطة بها، كما أدّى انتشار وباء كوفيد-19 إلى تعطيل جهود التعاون والتنسيق بين الأطراف المعنية، ما أدّى إلى معاناة الموردين من نقص المكونات التي أثّرت بدورها في الجدول الزمني لاعتماد تكنولوجيا الجيل الخامس على نطاقٍ واسع في التطبيقات الصناعية.

بالإضافة إلى ذلك، يعتبر التأثير المحتمل للتحسينات المستمرة لشبكات الجيل الخامس مصدرَ قلقٍ في القطاع الصناعي، حيث ظهرت مخاوف بشأن توافق البنية التحتية الصناعية الحالية مع التطورات المستقبلية التي تتطلب عمليات استبدال كبيرة للأجهزة والمعدات.

وتعني هذه المخاوف أن الشركات الصناعية بحاجة إلى النظر بعناية في كيفية دمج تكنولوجيا الجيل الخامس في استراتيجياتها طويلة المدى، خاصة مع اتخاذ العديد من الشركات الكبرى التي تقف في طليعة الابتكار التكنولوجي نهج الانتظار والترقب.

اقرأ أيضاً: كيف ستؤثّر شبكة الجيل الخامس في سوق صناعة الألعاب؟

ما أبرز العوائق التي تَحول دون نشر شبكات الجيل الخامس؟

ينطوي نشر شبكات الجيل الخامس على نطاقٍ واسع على التغلب على العديد من العقبات التي يتطلب الوصول إلى حل لها أو على الأقل معالجة بعضها بصورة جدية للحصول على الفوائد الكاملة لها في القطاعات والصناعات كافة، ويشمل بعض التحديات الرئيسية ما يلي:

العوائق الفنية والتقنية

  • عدم توفر ترددات الطيف الراديوي: يُعدُّ الوصول إلى الترددات الراديوية المناسبة أو ما يُعرف باسم ترددات الطيف لشبكات الجيل الخامس (5G Spectrum)، خاصة لنطاقات الموجات عالية التردد، أمراً بالغ الأهمية لسرعات شبكة الجيل الخامس العالية وقدراتها، ومع ذلك يظل تخصيص الطيف معقداً ومجزأً، وغالباً ما يواجه عقبات مثل التأخير التنظيمي والمصالح المتنافسة.
  • نشر البنية التحتية: تتطلب تكنولوجيا الجيل الخامس إصلاحاً شاملاً للبنية التحتية الحالية للشبكة، بدءاً من الأبراج والهوائيات، حتى معدات الشبكة الأساسية، وهذا يزيد بشكلٍ كبير من التحديات اللوجستية، لا سيما في المناطق الريفية أو البيئات الحضرية الكثيفة.
  • التكامل مع الأنظمة القديمة: قد لا تكون البنية التحتية الحالية ومعدات الشبكة متوافقة مع تكنولوجيا الجيل الخامس، ما يستلزم إجراء عمليات ترقيات وحدوث انقطاعات محتملة في أثناء التكامل.
  • تحديات التقييس: تطور معايير شبكة الجيل الخامس يمكن أن يؤدي إلى حالات عدم الاتساق والمنافسة، ما يخلق حالة من عدم اليقين لمشغلي الشبكات والشركات المصنعة للأجهزة.

اقرأ أيضاً: هل تُعدُّ رقاقة الجيل الخامس من هواوي إنجازاً يستحق الاحتفال حقاً؟

العوائق المالية

  • تكاليف الاستثمار المرتفعة: يُعدُّ نشر شبكات الجيل الخامس وصيانتها أكثر تكلفة بكثير مقارنة بالشبكات الحالية، وهو ما يمكن أن يؤخّر نشرها بصورة واسعة خاصة في الدول النامية.

  • عدم اليقين بشأن عائد الاستثمار: على الرغم من أن الفوائد المحتملة الإيجابية لشبكة الجيل الخامس متفق عليها على نطاقٍ واسعٍ، فإن العوائد الفعلية لمثل هذا الاستثمار المالي الكبير تظل غير مؤكدة، وهذا يمكن أن يسبب تردداً لدى بعض شركات الاتصالات والمستثمرين في نشرها.
  • قلة طلب المستهلك: يتطلب اعتماد شبكات الجيل الخامس على نطاقٍ واسعٍ أجهزة تدعمها وبأسعار معقولة وتطبيقات جذابة تستغل الإمكانات الكاملة لها، وإلى أن تصبح هذه الإمكانات متوفرة على نطاقٍ واسعٍ فإنه قد لا يبرر الانتشار السريع لها.

اقرأ أيضاً: كيف ستغيّر شبكات الجيل الخامس صناعة التسويق إلى الأبد؟

العوائق الاجتماعية والتنظيمية

  • مخاوف تتعلق بالأمان والخصوصية: تُثير زيادة الاتصال ونقل البيانات في شبكات الجيل الخامس مخاوف بشأن أمان البيانات وانتهاكات الخصوصية ونقاط الضعف المحتملة التي يمكن استغلالها لشن الهجمات السيبرانية، حيث تُعدُّ البروتوكولات الأمنية القوية واللوائح الواضحة أمراً بالغ الأهمية لمعالجة هذه المخاوف.
  • مخاوف تتعلق بالصحة العامة: تعرب عدة مجتمعات عن مخاوفها بشأن المخاطر الصحية المحتملة المرتبطة بالتعرض لإشعاع الموجات من هوائيات شبكات الجيل الخامس، ومن ثَمَّ فإن معالجة هذه المخاوف من خلال البحث العلمي والتواصل الشفاف أمر ضروري لتعزيز ثقة الجمهور.
  • التوترات الجيوسياسية: أدّت النزاعات التجارية والمخاوف الأمنية المتعلقة ببائعين معينين إلى تعقيد التعاون العالمي وسلاسل التوريد، ما أثّر في سرعة طرح المنتجات.
  • الفجوة الرقمية: يمكن أن يؤدي عدم المساواة في الوصول إلى البنية التحتية والأجهزة الداعمة لشبكات الجيل الخامس إلى تفاقم الفجوات الرقمية القائمة بين المناطق الحضرية والريفية، أو بين المجموعات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.

اقرأ أيضاً: كيف ستؤثّر شبكة الجيل الخامس في سوق صناعة الألعاب؟

كيف يمكن نشر شبكات الجيل الخامس بوتيرة أسرع؟

يتطلب نشر شبكات الجيل الخامس بوتيرة أسرع مزيجاً من التقدم التكنولوجي والعمليات التنظيمية المبسطة ونشر البنية التحتية الفعّالة والشراكات الاستراتيجية. فيما يلي بعض الاستراتيجيات الرئيسية التي يمكن أن تساعد على تسريع نشرها:

  • تبسيط اللوائح من خلال تبسيط إجراءات الموافقة على تركيب الأبراج الخلوية واستثمارات البنية التحتية والإعفاءات الضريبية، وتقديم الحوافز لتطوير البنية التحتية.
  • تشجيع مشاركة البنية التحتية بين مشغلي الاتصالات لتقليل التكاليف وتسريع عملية النشر مثل مشاركة الأبراج أو كابلات الألياف الضوئية أو مكونات الشبكة الأخرى.
  • الاستفادة من البنية التحتية الحالية مثل أعمدة الكهرباء ومصابيح الشوارع والمباني لنشر شبكات الجيل الخامس، ما يقلل من الحاجة إلى بنية تحتية جديدة ويخفض التكاليف.
  • الاستثمار في برامج التدريب لبناء قوة عاملة ماهرة قادرة على نشر شبكات الجيل الخامس وصيانتها، ويشمل ذلك تدريب الفنيين والمهندسين وغيرهم على أحدث التكنولوجيات المرافقة لها.
  • التعاون بين الحكومات ومشغلي شبكات الهاتف المحمول وشركات التكنولوجيا الذي يمكن أن يؤدي إلى إطلاق العنان للموارد والخبرات من أجل النشر بشكلٍ أسرع.
  • ضرورة ضمان وجود مجموعة واسعة من الأجهزة التي تدعم شبكات الجيل الخامس بأسعار منخفضة ومعقولة لتسريع اعتمادها وسط المستهلكين على نطاقٍ أوسع.
  • استخدام عناصر الشبكة الافتراضية مثل الشبكات المعرفة بالبرمجيات (Software-Defined Networks) والمحاكاة الافتراضية لوظائف الشبكة (Network Function Virtualization) الذي يجعلها أكثر مرونة وكفاءة، ما يُتيح تكويناً ونشراً أسرع.
  • تعاون الدول والمنظمات الدولية لمشاركة أفضل الممارسات ومواءمة المعايير وتنسيق الجهود للمساعدة في نشر شبكات الجيل الخامس بطريقة موحدة.
  • تطوير التطبيقات المؤثرة وحالات الاستخدام التي تعرض المزايا الفريدة لشبكة الجيل الخامس قد يحفّز اهتمام المستخدم.
  • رفع مستوى الوعي وتثقيف المستهلكين حول فوائد وقدرات شبكات الجيل الخامس للمساعدة على زيادة الطلب.

المحتوى محمي