لماذا تستثمر المطاعم في الروبوتات وما سيعني ذلك للعاملين فيها؟

4 دقائق
لماذا تستثمر المطاعم في الروبوتات وما سيعني ذلك للعاملين فيها؟
حقوق الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية. تصميم: مهدي أفشكو.

شهد عام 2022 موجة من الأخبار والإعلانات عن اتجاه العديد من المطاعم الشهيرة وشركات صناعة الأغذية والمشروبات الجاهزة لأتمتة عملياتها التشغيلية، من خلال إدخال الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى داخل مطابخها، وذلك من أجل إيجاد حلول للمشكلات المتفاقمة في الصناعة، مثل نقصان القوى العاملة وزيادة الأجور.

المطاعم تعاني من نقصان القوى العاملة حتى قبل الجائحة

بحسب العديد من الخبراء، فإن المطاعم كانت تعاني بشدة منذ فترة طويلة حتى قبل الجائحة في جذب العمال والاحتفاظ بهم، وقد أدى انتشار جائحة كوفيد-19 في العالم إلى تفاقم المشكلة التي كانت موجودة بالفعل، حيث غادر العديد من العمال الذين تم تسريحهم أو استقالوا طواعية إلى وظائف أخرى ولم يعودا مرة أخرى.

وفقاً لرابطة المطاعم الوطنية الأميركية فإن ثلاثة أرباع مشغلي المطاعم في الولايات المتحدة يواجهون نقصاً في الموظفين، ما يمنعهم من العمل بكامل طاقتهم. وعلى الرغم من رفع العديد من مشغلي المطاعم الأجور لجذب العمال، إلا أن الضغط كان كبيراً على الأرباح في وقت كانت فيه التكاليف التشغيلية مرتفعة أيضاً. وهذا جعلها تلجأ إلى شركات تصنيع الروبوتات الناشئة التي أظهرت أن الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكنها التعامل مع إعداد الطعام بشكل أكثر اتساقاً من الموظفين المرهقين.

وقد ظهر العديد من الشركات الناشئة العاملة في مجال تطوير وإنتاج الروبوتات، مثل شركة ميسو روبوتيك (Miso Robotics) التي طورت روبوتاً يُسمى فليبي 2 (Flippy 2) يقوم بعمل العامل البشري في تجهيز الطعام في المطبخ، وشركة بيكنيك ووركس (Picnic Works) التي تقدم روبوتات متاحة للإيجار الشهري تعمل في مجال إعداد وصنع البيتزا.

اقرأ أيضاً: كيف نجعل المطاعم أكثر أماناً أثناء الجائحة؟

لماذا بدأت المطاعم في استخدام الروبوتات بدلاً من البشر؟

لم تبدأ الروبوتات في اكتساب قوة جذب كبيرة في صناعة المطاعم حتى أوائل العقد الأول من القرن الحالي، مع قيام عدد من الشركات بتطوير وتسويق أنواع مختلفة من التقنيات الروبوتية للمطاعم، حيث نمت قائمة مزودي حلول روبوت المطاعم بشكل كبير مع التطور الملحوظ في نماذج الذكاء الاصطناعي، مثل التعلم الآلي والتعلم العميق.

حيث تجد صناعة المطاعم أن استخدام الروبوتات في عملياتها التشغيلية المختلفة يوفرها لها الكثير من الوقت. على سبيل المثال، يمكن استخدام الروبوتات في مهام الطهي والتنظيف وغسل الأطباق، كما يمكن استخدامها أيضاً في المزيد من المهام التي تواجه العملاء مثل تلقي الطلبات والمدفوعات، أو حتى تقديم الطعام والمشروبات.

علاوة على ذلك، يمكن للروبوتات أن توفر عدداً من الفوائد للمطاعم، بما في ذلك زيادة الكفاءة والإنتاجية، وتحسين خدمة العملاء، كما يمكن أن تساعد الروبوتات في تحرير الموظفين للقيام بمهام أخرى، أو حتى السماح للشركات بالعمل بقوة عاملة محدودة، من خلال استخدامها في طهي الطعام بشكل متساوٍ وسريع أكثر من الطهاة البشريين دون الحاجة إلى فترات راحة أو إجازات.

اقرأ أيضاً: جيل جديد من روبوتات الذكاء الاصطناعي يكتسح المستودعات

بالإضافة إلى ذلك، يمكن برمجة الروبوتات للتعامل مع مهام أخرى مثل تلقي الطلبات وتنظيف الطاولات وحتى الترحيب بالضيوف، حيث طورت العديد من الشركات روبوتات يمكنها التنقل بين الحشود وتوصيل طلبات الطعام بسرعة وكفاءة، وفي بعض الحالات توفير تجربة أكثر تخصيصاً من خلال التفاعل مع العملاء والإجابة عن الأسئلة المتعلقة بقوائم الطعام والحجوزات، ما يساهم في ارتفاع معدلات رضا العملاء وزيادة المبيعات.

كما أن هناك عدداً من العوامل التي تساعد على نمو استخدام الروبوتات في المطاعم. على سبيل المثال، تعد تكاليف العمالة المتزايدة المرتبطة بإدارة أعمال المطاعم أحد الدوافع الرئيسية التي تدفع المطاعم لتبني الروبوتات، بالإضافة إلى ذلك، فإن المنافسة المتزايدة باستمرار في صناعة المطاعم تجبر الشركات أيضاً على البحث عن طرق لتحسين عملياتها وتمييز نفسها عن المنافسة.

هل سيؤثر دخول الروبوتات للمطاعم على العاملين؟

يعتبر دخول الروبوتات والأتمتة إلى صناعة المطاعم منطقياً، حيث تعتبر هذه الصناعة تنافسية للغاية ومليئة باللاعبين الذين يكافحون من أجل البقاء مع ارتفاع تكاليف العمالة، حيث تساعد الروبوتات في المطاعم على تقليل حالات التكرار وعدم الكفاءة التي تقوض الإنتاجية والربحية.

علاوة على ذلك، فإن ما يجعل تبني الروبوتات في صناعة المطاعم يسير بوتيرة سريعة هو أن العملاء أصبحوا أكثر راحة للتعامل مع التكنولوجيا، خاصة في هذا القطاع الذي يتميز في بعض الأحيان بالبطء في تقديم الخدمات أو تجهيز الطلبات التي يعدها العاملون البشريون، حيث يقول عدد من المستهلكين إنهم يفضلون استخدام التكنولوجيا إذا كانت ستوفر لهم بضع دقائق من الوقوف في الطابور وفقاً لدراسة أجرتها شركة تيليستر (Tillster) في عام 2019.

اقرأ أيضاً: خبراء الذكاء الاصطناعي يعملون على بناء دماغ أفضل للروبوتات الصناعية

علاوة على ذلك يميل المستهلكون في الفترة الأخيرة إلى طلب المزيد من الطعام من الأكشاك والتطبيقات أكثر مما يطلبونه من العامل البشري، كما يمكن لتكنولوجيا المطاعم أيضاً تخصيص تجربة لضيف أو سيناريو معين. على سبيل المثال تقدم شركة ماكدونالدز لوحات قوائم رقمية يمكن أن تتغير في أي لحظة بناءً على الظروف الجوية، مثل هطول المطر أو موجات البرد المفاجئة.

ومع ذلك، يتوقع الكثير من الخبراء إن الأمر سيستغرق سنوات قبل أن يؤتي استخدام الروبوتات ثماره للشركات أو تحل محل العمال البشريين، حيث يقول رئيس شركة أبحاث صناعة المطاعم  تيكنوميك (Technomic) ديفيد هينكس: "أعتقد أن هناك الكثير من التجارب التي ستقودنا إلى مكان ما في مرحلة ما، لكننا ما زلنا صناعة كثيفة العمالة وتحركها العمالة".

بالإضافة إلى ذلك، فإن الأتمتة في صناعة المطاعم ليست بسيطة مثل تركيب أجهزة الصراف الآلي في البنوك أو استخدام الروبوتات لتجميع السيارات، كما يذكر الخبراء إن العديد من وظائف المطبخ لا تزال معقدة جداً بالنسبة للروبوتات، التي لا يمكنها القيام بمهام متعددة ولا تعمل بالضرورة بأمان مع البشر في الأماكن الضيقة.

اقرأ أيضاً: أوبر تقول إنها ستبدأ توصيل مأكولات ماكدونالدز جواً في هذا الصيف

المكافأة تفوق المخاطر ولكن اللمسة الإنسانية مطلوبة

عادةً لا تأتي التكنولوجيا في كثير من الأحيان بثمن زهيد، خاصة عندما تكون جديدة، ومع ذلك فإن تكنولوجيا الروبوتات في المطاعم ذات الأسعار المعقولة بدأت تصل إلى مرحلة النضج في السوق. على سبيل المثال تبلغ تكلفة تطوير روبوتات صنع البيتزا زوما بيزيريا (Zume Pizzeria) 3 ملايين دولار، ولكن بمجرد أن يتم التشغيل الآلي بالكامل، من المتوقع أن توفر 14% من تكاليف العمالة الخاصة بحسب مسؤولي الشركة.

ومع ذلك، لا تزال اللمسة الإنسانية جزءاً لا يتجزأ من صناعة المطاعم ومطلوبة بشدة، حيث لا يزال الكثير من العملاء يفضلون التواصل شخصياً مع العمال والموظفين في زياراتهم للمطاعم، حيث إنه من الصعب استبدال المهارات والقيم التي يوفرها العمال البشريين، مثل التفكير النقدي والتعبير عن التعاطف وإضافة لمسة إنسانية للضيافة، بالروبوتات الآلية.

المحتوى محمي