كيف يمكن لصورة لمنزلك بجوجل ستريت فيو أن تتوقع احتمال تعرضك لحادث سير؟

3 دقائق
مصدر الصورة: جوجل مابس

أصبحت تقنية جوجل ستريت فيو وسيلة مفيدة إلى حد غريب للتعرف على العالم من دون التجوال فيه، حيث يستخدمها الناس للتخطيط للرحلات، واستكشاف وجهات السفر لقضاء العطلات، بل وتعقب الأصدقاء والأعداء على حد سواء بشكل افتراضي.

غير أن الباحثين وجدوا أساليب أكثر دهاء. ففي العام 2017، استخدم فريق بحثي الصور لدراسة توزع أنواع السيارات في الولايات المتحدة، واعتمدوا على هذه البيانات لتحديد التركيب الديموغرافي للبلاد. وقد تبين أن السيارة التي تقودها تمثل دليلاً موثوقاً إلى حد غير متوقع حول مستوى الدخل، ومستوى التعليم، والاختصاص، بل حتى التوجه السياسي أيضاً.

والآن، أجرت مجموعة أخرى بحثاً أكثر تعمقاً؛ حيث إن كلاً من لوكارس كيدزينسكي (في جامعة ستانفورد بكاليفورنيا) وكينجا كيتا وشييتشاوسكا (في جامعة وارسو ببولندا) قد استخدموا صور ستريت فيو للمنازل لتحديد احتمال تعرض أصحابها لحادث سير. وهي معلومات قيِّمة يمكن لشركات التأمين الاعتماد عليها لتحديد قيم الدفعات. وتثير النتائج أسئلة هامة حول كيفية تسرب المعلومات الشخصية من بيانات بريئة ظاهرياً، وما إذا كان يجب إتاحة استخدامها تجارياً للمنظمات والشركات.

بيانات التأمين

اتبع الباحثون طريقة مباشرة وبسيطة. فقد بدؤوا بمجموعة بيانات من 20,000 سجل لأشخاص حصلوا على تأمين سيارات في بولندا بين 2013 و2015، وقد تم اختيارهم عشوائياً من قاعدة بيانات شركة تأمين لم يُكشف عن اسمها.

كان كل سجل يتضمن عنوان حامل بوليصة التأمين وعدد ادعاءات الأضرار التي قدمها خلال الفترة المعنية (أي بين 2013 و2015). كما شاركت شركة التأمين توقعها الخاص للادعاءات اللاحقة، الذي حصلت عليه بالاعتماد على نموذج مخاطر حديث يأخذ بالاعتبار منطقة سكن حامل البوليصة، إضافة إلى عمر السائق وجنسه وتاريخ ادعاءات الأضرار وغير ذلك.

أما السؤال الذي درسه كيدزينسكي وكيتا وشييتشاوسكا هو ما إذا كان بالإمكان زيادة دقة التوقع باستخدام صور جوجل ستريت فيو لمنزل حامل البوليصة. ولمعرفة الجواب، قام الباحثون بإدخال عنوان كل حامل بوليصة في جوجل ستريت فيو وتحميل صورة للمنزل. وقاما بعد ذلك بتصنيف المنزل حسب نوعه (منزل مستقل، منزل ذو شرفة، كتلة من الشقق... إلخ)، وعمره، ووضعه الحالي. وأخيراً، قام الباحثان بإجراء الحسابات وفقاً لهذه البيانات لدراسة ترابطها مع احتمال تقديم صاحب البوليصة لطلب تعويض عن الأضرار.

وكانت النتائج مفاجِئة إلى حد ما. فقد تبين أن مكان سكن حامل البوليصة يعد مؤشراً جيداً بشكل غير متوقع لاحتمال تقديم ادعاء ضرر للسيارة، حيث يقول الباحثان: "لقد وجدنا أن الميزات المرئية لصورة المنزل يمكن أن تُستخدم لحساب خطر وقوع حادث السير، وذلك بشكل مستقل عن المعاملات التقليدية، مثل العمر أو المنطقة".

وعندما أضيفت هذه المعاملات إلى نموذج التوقع الحديث لشركة التأمين، أدت إلى تحسن دقة التوقع فيه بنسبة 2%. وللمقارنة، فإن نموذج الشركة أفضل من النموذج الحيادي بحوالي 8% فقط، وهو مبني على مجموعة بيانات أكبر بكثير، وتتضمن متحولات متعددة مثل العمر والجنس وتاريخ ادعاءات الأضرار.

إذن، فإن طريقة جوجل ستريت فيو يمكن أن تؤدي إلى تحسن ملحوظ في دقة التوقع. ويمثل هذا العمل مجرد برهان عملي على صحة الفكرة، ويقول الباحثون إن من الممكن تحسين دقته باستخدام مجموعات بيانات أكبر وأساليب أفضل لتحليلها.

موافقة مبنية على معلومات

وتثير هذه الطريقة عدداً من الأسئلة الهامة حول كيفية استخدام البيانات الشخصية، فقد يصاب حاملو بوليصات التأمين في بولندا بالذعر إذا عرفوا أنه تم تلقيم عناوين منازلهم لجوجل ستريت فيو وتحليل صورة لكل منها. ومن الأسئلة المثيرة للاهتمام ما إذا كانوا قد أعطوا موافقة مبنية على معلومات واضحة على هذا النشاط، وما إذا كان بإمكان شركة التأمين استخدام البيانات بهذه الطريقة، نظراً لصرامة القوانين الأوروبية فيما يتعلق بالخصوصية. يقول الباحثان: "إن الموافقة التي قدمها العملاء للشركة لتخزين عناوينهم لا تعني بالضرورة الموافقة على تخزين معلومات حول الشكل الخارجي لمنازلهم".

إضافة إلى هذا، يمكن لهذه الطريقة أن تثير الجدل حول تحليل البيانات عموماً؛ فإذا كانت شركات التأمين ستستفيد منها، فلماذا لا تستفيد الشركات الأخرى أيضاً؟ يقول الباحثان: "يمكن أن تلحق البنوك بسرعة بشركات التأمين، وذلك بسبب وجود ترابط مثبت ما بين نماذج المخاطر للتأمين وعلامات المخاطر الائتمانية".

وقد تزايدت القدرة على جمع وتحليل واستغلال المعلومات إلى حد كبير في السنوات الأخيرة، وقد أدى هذا إلى عجز معظم الناس عن استيعاب ما يمكن فعله ببياناتهم، كما أدى إلى عجز التشريعات عن مجاراة هذه العملية للتحكم فيها. وبطبيعة الحال، ليست جوجل الشركة الوحيدة التي تجمع الصور على مستوى الشوارع. يقول الباحثان: "إن هذه الممارسات تثير المخاوف حول خصوصية البيانات المخزنة في هذه الأنظمة المفتوحة أمام العامة، مثل جوجل ستريت فيو ومايكروسوفت بينج مابس ستريتسايد، ومابيلاري، أو مجموعات بيانات مماثلة محفوظة بشكل خاص مثل سايكلوميديا".

من المرجح أن يثير هذا العمل تساؤلات حول ما إذا كان يجب أن يُسمح لهذه الشركات بجمع وتخزين هذه الصور، ففي ألمانيا -حيث تحتل الخصوصية مرتبة متقدمة في النقاشات العامة- تم حظر جوجل من جمع صور ستريت فيو، وقد يمتد الحظر إلى أماكن أخرى أيضاً.

مرجع: arxiv.org/abs/1904.05270:
استخدام صورة جوجل ستريت فيو للمنزل لتوقع مخاطرة تعرض ساكنه لحادث سير.

المحتوى محمي