وفق تقرير من عام 2019، من إعداد «جورناليزم إيه آي» (JournalismAI)، وهو مشروع بحث وتدريب في بوليس Polis، مركز أبحاث الصحافة الدولية التابع لكلية لندن للاقتصاد، تتبنى أربع مؤسسات صحفية من أصل عشرة تقنيات صحافة الذكاء الاصطناعي، وذلك لما لها من الأثر الكبير على العمل الصحفي، على الرغم من مخاوف البعض بأن يحل الذكاء الاصطناعي محل الصحفيين. وفيما يلي بيّنا لكم هذا الأثر، وأوضحنا هذه المخاوف وأسبابها، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه بعض المؤسسات الراغبة في تبني هذه التقنيات.
كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على العمل الصحفي؟
تُستخدم العديد من تقنيات الذكاء الاصطناعي في الصحافة، ويمكنها القيام بعدة مهام تساعد الصحفيين بأعمالهم، ما يترك أثراً عميقاً في العمل الصحفي ومن هذه المهام:
كتابة المقالات آلياً
يساعد الذكاء الاصطناعي الصحفيين في كتابة المقالات الطويلة وبعض التحليلات والمواضيع الاستقصائية والبسيطة مثل نتائج سوق الأوراق المالية، ونتائج الألعاب الرياضية وحالة الطقس وحركة المرور، وما إلى ذلك.
إعادة كتابة المقابلات الصوتية والمرئية
تحتاج كتابة المقابلات الصوتية والمرئية وقتاً طويلاً، ويمكن للصحفيين توفير هذا الوقت باستخدام أدوات تحويل الصوت إلى نص، وبالتالي يستفيد الصحفي من ذلك بالتركيز على استخلاص الأفكار بدلاً من إضاعة الوقت بإعادة كتابة المقابلات الصوتية أو المرئية.
التنبيهات
بسبب إمكانية الذكاء الاصطناعي في فحص قواعد البيانات الكبيرة، يمكن الاستفادة منه بتنبيه الصحفيين عند ظهور أي خطأ في البيانات الضخمة، وإخطارهم بالأخبار العاجلة، وتحديد الأخبار المزيفة وتقليل تأثيرها على القرّاء.
دعم العمليات الصحفية
يحسّن الذكاء الاصطناعي العمليات الصحفية بشكل عام، ويسرّع العمل، ويساعد المؤسسات على تبسيط عملياتها خاصة في جمع المعلومات والتواصل مع المصادر وغيرها.
الابتعاد عن التحيز
غالباً ما تكون وسائل الإعلام الإخبارية متحيزة، لكن يمكن تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على مراعاة الدقة، وبالتالي تقليل التحيز.
الروبوتات المراسلون
نشرت وكالة أنباء الصين "شينخوا" روبوتاً باسم "مرساة الذكاء الاصطناعي الإنجليزية" (English AI Anchor)، ويمكن تكرار هذه الخطوة في وكالات أنباء مختلفة.
بالإضافة إلى ما سبق، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الصحفيين في فهم ما يريده الجمهور، وتدقيق الحقائق وتحسين المشاركة والاشتراكات، وإنتاج القصص والرسومات، والنشر وغيرها.
اقرأ أيضاً: ما الجديد الذي سيضيفه الذكاء الاصطناعي إلى مجال الصحافة؟
فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة
توفر أنظمة الذكاء الاصطناعي في الصحافة مزايا عديدة منها:
- السرعة في تنفيذ الإجراءات المعقدة بناءً على كميات كبيرة من البيانات.
- دعم الروتين الصحفي من خلال التنبيهات وتوفير مسودات النصوص وغيرها.
- توسيع التغطية الإعلامية للأخبار.
- تحسين التغطية الإخبارية في الوقت الفعلي.
- تعزيز روابط وسيلة الإعلام بجماهيرها من خلال تزويدهم بأخبار تهمهم وفقاً لموقعهم أو تفضيلاتهم.
التحديات التي تواجه الصحافة في تبني الذكاء الاصطناعي
تواجه الصحافة تحديات كبيرة في تبني الذكاء الاصطناعي، خاصةً الوكالات الإخبارية الصغيرة، ومن أهم هذه التحديات:
- الوصول إلى أصحاب المهارات والمواهب المطلوبة في هذا المجال.
- الموارد المالية، فبعض أدوات الذكاء الاصطناعي الصحفية قد تكون باهظة الثمن.
- الحاجة إلى بيانات ناضجة وبنية تحتية تكنولوجية مناسبة.
- المقاومة الثقافية، إذ لا يتقبل البعض فكرة قيام الذكاء الاصطناعي ببعض المهام، وقد يخشون من سرقته لعملهم.
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الصحفيين؟
على الرغم من جميع المهام التي يؤديها الذكاء الاصطناعي في العمل الصحفي فإنه لن يحل محل الصحفيين في المستقبل القريب، إذ لم يتقدم إلى هذه المرحلة بعد، بل يقتصر عمله على بعض المهام التي يقوم بها الصحفي عادة، وبالتالي فهو أداة مساعدة فقط خاصة في المهام المملة والمتكررة والمستهلكة للوقت، والصحفي هو من يقرر ما يطلبه من الذكاء الاصطناعي للقيام به، وتحديد المشكلة التي يمكنه المساعدة في حلها.
من جهة أخرى، إن تبني الذكاء الاصطناعي في الصحافة يساعد على ظهور مهام وظيفية جديدة مثل إعداد قوالب نصية لتكون مؤتمتة، ومعلمات البرامج، ومراقبة جودة البيانات والمحتوى.
اقرأ أيضاً: تأثير الذكاء الاصطناعي على الصحافة والإعلام: الفرص والتحديات
تطبيق الذكاء الاصطناعي في الصحافة ليس بالأمر السهل
ليس من السهل تطبيق الذكاء الاصطناعي في الصحافة، فهو يتطلب فهماً عميقاً لقدراته وللمهمة المطلوب تنفيذها كي يُستفاد منه على النحو الأمثل، كما أن بناء أدواته المناسبة أو الحصول عليها ليس بالأمر الهيّن، ويرتبط ذلك باحتياجات العملية الصحفية.
على سبيل المثال، تبني شبكة رويترز الإخبارية أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها بنفسها، بينما تشتري وكالات إخبارية أخرى الأدوات من الشركات الناشئة والبائعين في السوق المفتوحة، ويتعامل البعض الآخر مع مؤسسات بحثية وأكاديمية بهدف تطوير الأدوات المطلوبة.