نشرة خاصة من بي دبليو سي الشرق الأوسط
تسببت جائحة كوفيد-19 في عرقلة الاقتصاد العالمي حتى وصل أثرها إلى حياتنا اليومية، ومن المتوقع أن تستمر هذه الجائحة في ذلك لمزيد من الوقت. كما أثّر تراجع النشاط الاقتصادي على الشركات العاملة في جميع القطاعات، وأصبحت العديد من المؤسسات تواجه تحديات حقيقية في تحقيق الإيرادات أو تنويعها وفي خفض التكاليف. أو حتى القدرة على الصمود بشكل عام في ظل هذه الظروف الاستثنائية، ما أدى كذلك إلى ارتفاع حاد في مستويات البطالة. انخفضت عدد ساعات العمل على مستوى العالم إحصائيا بنسبة 4.5% خلال الربع الأول من عام 2020، ما يعني تلاشي نحو 130 مليون وظيفة بدوام كامل. كما أن التباطؤ الاقتصادي في العرض والطلب جعل 52% من المدراء الماليين في منطقة الشرق الأوسط و59% من المدراء الماليين في دولة الإمارات العربية المتحدة يتوقعون حدوث تغييرات جذرية في كيفية إدارة عملية التوظيف والموارد البشرية بمؤسساتهم، التي قد تشتمل على الإيقاف المؤقت عن العمل أو حتى تسريح الموظفين بشكل نهائي نتيجة التباطؤ في قطاع الأعمال في المنطقة.
لقد أكدت الجائحة -في إطار تأثيرها الكامن على الشركات- الحاجة الملحة إلى المرونة، بالإضافة إلى السرعة في القدرة على التكيف والتحول باتجاه اقتصاد رقمي جديد. حيث ستُهيمن التكنولوجيا على بيئة العمل، وستُمكّن القوى العاملة ذات المهارات الرقمية والتكنولوجية في بيئة العمل المستقبلية.
كما أظهرت الجائحة الحاجة الملحة إلى تسريع تطوير مهارات الموظفين وصقلها، لما أوجدته هذه الأزمة من فجوات حادة في المهارات التشغيلية بين الأفراد في بيئة العمل. لا سيما بين الموظفين المختصين بإدارة التحكم الرقمي في المؤسسات. والجدير بالذكر أن العمل عن بُعد قد أحدثَ تغييراً هائلًا في طريقة تواصلنا مع بعضنا البعض، بما في ذلك طريقة تواصلنا و تعاملنا مع العملاء. ولكن عملية التحول الرقمي الكلي للشركات في حاجة إلى تطوير مهارات تقنية عالية يجب على الموظفين مواكبتها وبسرعة. تشمل هذه المهارات تطوير كفاءاتهم الفنية في التقنيات الناشئة، مثل تحليل البيانات والتعبير عنها بصرياً، والتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي. وبالرغم من أن 75% من الموظفين في دول مجلس التعاون الخليجي يعتقدون أن الروبوتات ستحل محل البشر وتسرق وظائفهم، إلا أن أولئك الذين تم تطوير مهاراتهم يعدون الأقل قلقاً. علاوة على ذلك، فإن 96% من الموظفين على استعداد تام لتعلم مهارات جديدة، أو حتى إعادة التدريب بالكامل لتحسين فرص توظيفهم في المستقبل. ولذلك فهناك ضرورة قصوى وأهمية عاجلة لتجهيز الموظفين بالمهارات اللازمة للتكيف مع هذه البيئة الرقمية الجديدة والنجاح فيها.
أتاح لنا اعتماد أسلوب العمل عن بعد عالماً من الإمكانيات غير المحدودة؛ فالتقنيات الناشئة -مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR)- تدفعنا إلى حدود جديدة في الابتكار، ولا سيما في مجالات العمل والتعلم. كما أن أولوية رفع مهارات الموظفين وسد الفجوات الفنية من خلال منصات التعلم الافتراضية والرقمية، ستصبح واقعاً لا بد منه، ما يعني أن المؤسسات لن تحتاج إلى الاستثمار في البنية التحتية والخدمات اللوجستية اللازمة للتدريب "المباشر". علاوة على ذلك، فإن هذه التقنيات الحديثة قد دفعت المؤسسات إلى إعادة النظر في الحاجة إلى مقر فعلي للعمل. فهل ستقلّص المؤسسات مساحة مكاتبها؟ أم هل ستغلقها بالكامل؟ وهل ستعتمد على المكاتب الافتراضية؟ الوقت وحده جدير بحل هذا اللغز.
مهد النجاح الهائل الذي حققته عملية العمل عن بعد الطريقَ أمام اعتماد إستراتيجيات بديلة للتوظيف واستقطاب المواهب؛ حيث تتطلع المؤسسات في الوقت الحالي إلى بناء بيئة افتراضية لإجراء عملية التوظيف بأكملها؛ بدءاً من التخطيط واستقطاب المواهب، وصولاً إلى التقييم والاختيار والتعيين. سيتم تحليل البيانات تلقائيا لتحديد أفضل المواهب، وسيتم التنبؤ باحتياجات القوى العاملة من خلال الكفاءات والقدرات. لقد باتت المؤسسات قادرة على تقليص دورة التوظيف بشكل كبير، ويعود ذلك الفضل إلى علم البيانات وهندسة المعلومات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي؛ حيث سيتم في غضون دقائق إنجازُ معاملات كانت تستغرق عدة أيام أو أسابيع، وذلك عن طريق تنفيذ عملية فحص مؤتمتة بالكامل للسيرة الذاتية. بالإضافة إلى استخدام تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز لتحسين عملية الإلحاق بالخدمة عن طريق الجولات الافتراضية لمكان العمل، وبالتالي لم يعد الأمر يتطلب وجودَ الموظفين الجدد شخصياً. يتطلع رجال الأعمال في المستقبل إلى توظيف أفضل الخبراء من خارج البلاد دون الحاجة إلى إحضارهم من أوطانهم بصفة دائمة؛ حيث إن هذا سيوفر الكثير من التكاليف على الشركة.
حان الوقت لمعالجة الآثار من خلال إطار عمل (REACT) لشركة بي دبليو سي
يعتقد المدراء الماليون في الشرق الأوسط أن كلاً من العمل المرن (76%) والاستثمارات التكنولوجية (47%) سيعزز شركاتهم على المدى الطويل، ولا يمكن إنكار أن التكنولوجيا ستلعب دوراً رئيسياً فيما نمضي قدماً. بالرغم من تطلُّع المؤسسات إلى الاستفادة من هذه الفرصة لزيادة إنتاجية القوى العاملة ورفع كفاءتها نتيجةً العمل عن بعد، يتسبب ذلك في العديد من الآثار السلبية ولا سيما الاجتماعية منها. ففِرَق العمل قد تنعزل عن بعضها البعض بسبب قلة التفاعل والتواصل بين أعضاء الفريق الواحد، والموظفين الذين يعملون حصرياً عن بُعد قد يشعرون بالانفصال والعزلة عن بقية زملائهم. كما أن ثقافة العمل المؤسسية ستصبح معرضة للخطر، ويجب على قادة قطاع الأعمال الحفاظ على مستويات التواصل الصحية بين الموظفين، من خلال إنشاء قنوات الاتصال المباشرة وتشجيع التواصل عبر الشبكات الاجتماعية. لذلك يتعين على الشركات إعادة ضبط إستراتيجياتها وسياساتها الحالية المرتبطة بالقوى العاملة، واستيعاب التغييرات لبناء بيئة عمل مرنة وديناميكية، وأن تسعى جاهدة إلى إنشائها باستخدام المنصات الحديثة والتقنيات الرقمية المتقدمة.
هناك دور كبير للحكومات والمؤسسات والأفراد من أجل تيسير المرحلة الانتقالية ونجاحها، مثل وضع السياسات الخاصة بالموارد البشرية وإعادة هيكلة القوى العاملة، بالإضافة إلى القيام بعمل المبادرات الهادفة إلى رفع الكفاءات وتهيئتها للتكيف مع الوضع الجديد المتغير بشكل مستمر. وعلى هذا النحو، طورت شركة بي دبليو سي إطار عمل "REACT"، الذي أنشئ لتقديم الدعم الكامل للحكومات والمؤسسات والأفراد، بحيث يستند إلى عدة اعتبارات من أجلها أن تساعد في عملية انتقال ناجحة وسَلِسة إلى الوضع الجديد لما بعد كوفيد-19. لمعرفة المزيد اضغط هنا.