بينما تم تعريف معظم أجيال شبكات الاتصالات السابقة تكنولوجياً من خلال سرعات نقل البيانات التي توفرها، إلا أن شبكة الجيل الخامس "5 جي" (5G) تعتبر تكنولوجيا قائمة بذاتها، حيث تقدم ثلاثة أشياء جديدة تماماً هي: قنوات اتصال أكبر، وزمن وصول أقل، والقدرة على توصيل الكثير من الأجهزة في وقت واحد.
ما هي شبكة الجيل الخامس 5G؟
هي أحدث شبكة من التقنيات اللاسلكية يتم استخدامها لنقل البيانات بين الأجهزة، مثل الهواتف المحمولة والأجهزة الذكية، حيث تتيح أداءً محسناً وأكثر موثوقية وسرعة دون تأخير وتنزيلات فائقة السرعة ومستقرة أثناء التنقل. كما ستدعم أيضاً نمو وتطوير التكنولوجيات الناشئة مثل تكنولوجيا إنترنت الأشياء حيث يتم توصيل ملايين الأجهزة بسلاسة ومشاركة البيانات من خلال شبكة واحدة فائقة السرعة، ما يؤدي إلى تعزيز المستقبل الرقمي، ويساعد على بناء مجتمعات رقمية شاملة ومستدامة في جميع أنحاء العالم.
وبصورة أساسية تقدم شبكة الجيل الخامس ثلاث مزايا رئيسية، هي:
- السرعة.
- زمن انتقال منخفض.
- اتصال العديد من الأجهزة في وقت واحد.
ستمكننا هذه المزايا من القيام بمجموعة متنوعة من الأشياء، مثل:
- بث المحتوى وتنزيله بشكل أسرع ودون انقطاع أو تأخير في التخزين المؤقت.
- مساعدة تكنولوجيات المستقبل مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز على التطور والنمو.
- تمكين السيارات المتصلة والسيارات ذاتية القيادة من العمل بأمان.
- تمكين تطوير المدن الذكية وتكنولوجياتها.
- تمكين وتعزيز الرعاية الصحية مثل إجراء الجراحة عن بُعد في الوقت الفعلي.
- دعم عمليات الإنقاذ في حالات الطوارئ وربط طائرات الرعاية الصحية المسيرة.
كيف تعمل شبكات الجيل الخامس؟
مثل الشبكات الخلوية الأخرى، تستخدم شبكات الجيل الخامس نظاماً من المواقع الخلوية التي تقسم المناطق الجغرافية إلى قطاعات لإرسال البيانات المشفرة عبر موجات الراديو. كل موقع خلوي يكون متصلاً بشبكة أساسية، سواء من خلال اتصال سلكي أو لاسلكي.
وتستخدم شبكات الجيل الخامس تكنولوجيا التشفير "تعدد الإرسال بتقسيم التردد المتعامد" (Orthogonal Frequency-Division Multiplexing) –اختصاراً OFDM– التي توفر زمن انتقال أقل بكثير ومرونة أكبر، من خلال العمل على موجات راديوية قصيرة المدى "عالية النطاق" والتي يمكن تشغيلها على أي تردد ما يؤدي إلى ثلاثة أنواع مختلفة من السرعات "منخفضة ومتوسطة وعالية".
وتقدم شبكات الجيل الخامس سرعة اتصال تبلغ 10 أضعاف الجيل الحالي، مع إمكانية زيادة عرض النطاق الترددي، لأنه بالإضافة إلى الموجات اللاسلكية ذات التردد المنخفض والمتوسط، تستخدم أيضاً موجات إضافية ذات تردد أعلى لتشفير المعلومات ونقلها.
وللتوضيح أكثر يمكن تشبيه عرض النطاق الترددي بالطريق السريع، ومن ثم كلما كان الطريق السريع واسعاً زاد عدد الممرات التي يحتويها وزاد معها عدد السيارات التي يمكنها السير فيه في الوقت نفسه، وهذا يجعل شبكة "5 جي" أسرع بكثير وقادرة على التعامل مع العديد من الأجهزة في الوقت نفسه. وتوفير سرعات تبلغ نجو 50 ميجابت في الثانية وقد تصل حتى أكثر من 1 جيجابت في الثانية، ويعني هذا أنه يمكنك تنزيل فيلم عالي الدقة في أقل من دقيقة فقط.
ومع ذلك، مثلما لا تؤدي زيادة عدد الممرات على الطرق السريعة دائماً إلى تقليل الاختناقات المرورية، فمن المحتمل أن تحمل شبكة "5 جي" حركة مرور أكثر لذلك قد لا تكون النتيجة في بعض الأحيان اتصالاً سريعاً. وهذا يعود إلى عدد الأجهزة الكثيرة التي تتصل بالشبكة في الوقت نفسه، حيث يمكن لشبكة "5 جي" التعامل مع ما يصل إلى مليون جهاز لكل كيلومتر مربع واحد.
اقرأ أيضاً: ما هي مستويات الاستقلالية في السيارات ذاتية القيادة؟ وما هو المستوى الذي وصلنا إليه الآن؟
ما هي أبرز تطبيقات شبكة الجيل الخامس الموجودة الآن؟
أول تطبيق رئيسي لشبكة الجيل الخامس يتم العمل به الآن، وهو ما يُعرف بشبكة "الإنترنت المنزلي" (Home Internet)، حيث بدأت شركات الاتصال ببيع هذه الخدمة بناءً على شبكات الجيل الخامس متوسطة النطاق وعالية النطاق. وهذا يعود إلى أنه عادةً ما يحتاج المشتركون في المنازل إلى باقات اشتراك تصل إلى مئات الجيجابايتات شهرياً لتشغيل عدة أجهزة في وقت واحد مثل الهواتف الذكية والطابعات وبث المحتوي وغيرها، والتي يمكن لشبكة الجيل الخامس التعامل معها بسهولة بدلاً من شبكة الجيل الرابع.
كما يعد استخدام الروبوتات والطائرات المسيرة استخداماً آخر لشبكة الجيل الخامس بدأ بالظهور بالفعل للاستفادة من زمن الانتقال الأقل الذي توفره شبكة الجيل الخامس للتحكم فيها من مسافات بعيدة، بالاستفادة من النطاق الترددي الأكبر للحصول على خلاصات فيديو موثوقة متعددة الكاميرات من المركبات لمعرفة إلى أين تتجه بالضبط.
بالإضافة إلى ذلك ستكون شبكة الجيل الخامس عنصراً أساسياً في انتشار وعمل السيارات المتصلة وذاتية القيادة، حيث من المتوقع أن توفر شبكات الجيل الخامس سرعات فائقة وزمن انتقال منخفض، والقدرة على التعامل مع تدفقات متعددة من البيانات في وقت واحد. ونتيجة لذلك يمكن أن تساعد في تخفيف ازدحام الشبكة من خلال توفير المزيد من عرض النطاق الترددي، والذي يعد أمراً بالغ الأهمية، ليس فقط في تواصل المركبات مع بعضها بعضاً في الوقت الفعلي، ولكن حتى مع أنظمة المرور الذكية ومقدمي الخدمات وحتى المشاة الذين يستعدون لعبور الشارع.
وفيما يتعلق بالألعاب، فإن سرعة الاتصال التي توفرها شبكة الجيل الخامس ستسمح بنمو "الألعاب السحابية" (Cloud Gaming) وتطورها، ما سينقل عالم صناعة الألعاب إلى مستوى آخر، وستعمل السرعة التي تقدمها أيضاً على تقليل التأخيرات في الألعاب بشكل ملحوظ، ومن ثم يمكن لعب الألعاب متعددة اللاعبين بسهولة على الهاتف الذكي.
اقرأ أيضاً: الصين تتصدر سباق الاتصالات من الجيل الخامس 5G، ولكن ماذا يعني هذا بالضبط؟
كما توجد العديد من التطبيقات التي تعتمد على شبكة الجيل الخامس مثل الواقع الافتراضي والمعزز وعوالم الميتافيرس، ومع ذلك من المؤكد أن تتطور حالات الاستخدام والتطبيقات بانتشار هذه التكنولوجيا على نطاق أوسع مثل ما حدث للأجيال السابقة.
على سبيل عندما ظهرت شبكة الجيل الثاني اعتقد الكثيرون أن الاتصال الصوتي سيكون التطبيق الرئيسي لها، ولكن تبين أن الرسائل النصية كانت هي المحرك الأساسي لها، لذا من المرجح أنه بمجرد انتشار شبكة الجيل الخامس عالية الجودة أن تظهر تطبيقات جديدة غير متوقعة.
هل شبكات الجيل الخامس آمنة؟
تستخدم شبكات الجيل الخامس ترددات أعلى من الشبكات اللاسلكية السابقة، ما يجعلها أسرع وأكثر كفاءة، ومن هنا نشأ قلق بشأن كيفية تأثير شبكات الجيل الخامس على الصحة. لكن حتى الآن لا توجد دراسات موثوقة تثبت أن هناك مخاطر صحية تم ربطها بشبكات الجيل الخامس.
وبشكل عام فإن المخاوف بشأن تأثير شبكات الاتصالات على الصحة ليست جديدة، فلطالما كانت هناك تساؤلات حول تأثير إشارات التردد اللاسلكي على جسم الإنسان، وبشكل أكثر تحديداً على الدماغ وتسببها في أمراض السرطان، ومع ذلك فقد خلصت جميع التقارير الرئيسية حول هذه المسألة إلى أنه لا توجد مشكلة صحية واضحة يمكن أن تسببها شبكات الجيل الخامس.
اقرأ أيضاً: بريطانيا ستسمح لهواوي بتقديم تجهيزات "غير مركزية" إلى شبكة الجيل الخامس لديها
بالإضافة إلى ذلك يتم طرح جميع التكنولوجيات اللاسلكية الجديدة وفقاً لإرشادات حكومية دولية ووطنية متفق عليها. على سبيل المثال لم تجد منظمة الصحة العالمية أي مخاطر صحية يمكن أن تتسبب فيها شبكات الجيل الخامس. بالإضافة إلى ذلك تقوم هيئة البث البريطانية (Ofcom) بإجراء قياسات المجال الكهرومغناطيسي للترددات الراديوية بالقرب من أبراج الشبكات الخلوية منذ سنوات، وقد أظهرت تقاريرها باستمرار أن المستويات تقع ضمن المستويات المتفق عليها دولياً والمنشورة في إرشادات اللجنة الدولية للحماية من الإشعاع غير المؤين.
وبحسب العديد من الخبراء فإن شبكة الجيل الخامس آمنة للاستخدام وليس لديها أضرار صحية على البشر، حيث أن تكنولوجيا النقل الأساسية التي تستخدمها تشبه إلى حد بعيد المستخدمة في شبكة الجيل الرابع وشبكة الجيل الثالث. وفي حين أن شبكة الجيل الخامس ستستخدم في نهاية المطاف ترددات أعلى بكثير، إلا أنها لا تزال ضمن الحدود المسموح بها والتي تتناولها معظم الدراسات واختبارات السلامة الشاملة والتقارير المستقلة التي تغطي تأثيرات إشارات التردد اللاسلكي.
ومع ذلك من الضروري إجراء المزيد من الاختبارات على الترددات المحددة التي تستخدمها شبكة الجيل الخامس من الآن وصاعداً مع بدء الدول والشركات في نشرها لعموم المستخدمين. ولكن حتى الآن لا يوجد دليل أو سبب يشير إلى أن شبكة الجيل الخامس غير آمنة.
هل يجب عليك شراء هاتف ذكي يدعم شبكة الجيل الخامس الآن أم الانتظار؟
منذ ظهور شبكة الجيل الخامس في نهاية العام 2018 بدأت الهواتف الذكية التي تدعمها بالتحسن كل عام، لذلك قد يبدو التفكير في تأجيل الحصول على هاتف يدعمها خياراً منطقياً، وهذا يعود إلى أن الشبكة لم تنتشر بشكل واسع في جميع دول العالم وخاصة في المنطقة العربية التي لم تبدأ فعلياً في نشر شبكات الجيل الخامس باستثناء في دول الخليج التي بدأت بالفعل في تنبي تكنولوجيا شبكة الجيل الخامس وجعلها أولوية، كجزء من جهودها وأهدافها الأساسية للانتقال من الاعتماد على النفط إلى اقتصادات الخدمات القائمة على المعرفة.
اقرأ أيضاً: آبل تنفق مليار دولار لشراء معظم الأعمال الخاصة بمودم الجيل الخامس من إنتل
وعالمياً بدا المستهلكون أكثر رغبة في تبني تكنولوجيا شبكات الجيل الخامس خاصة في الصين والولايات المتحدة، حيث بلغت مبيعات الهواتف الذكية التي تدعم شبكات الجيل الخامس 51٪ في يناير 2022، متجاوزة الهواتف الذكية التي تدعم شبكات الجيل الرابع للمرة الأولى. ومع ذلك فإن النسبة المئوية للأميركيين الذين لديهم هواتف تدعم شبكة الجيل الخامس أقل بشكل عام لأن معظمهم يحتفظون بهواتفهم لمدة ثلاث سنوات تقريباً.