3 مهارات أساسية لتصبح خبيراً في البيانات الضخمة دون تغيير مسارك الوظيفي الحالي

6 دقيقة
3 مهارات أساسية لتصبح خبيراً في البيانات الضخمة دون تغيير مسارك الوظيفي الحالي
حقوق الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية. تصميم: عبدالله بليد.

تواجه الشركات في الوقت الحالي تحدياً جديداً في تدفق البيانات مع ندرة المتخصصين القادرين على تحويل البيانات الخام إلى رؤى عملية. يرتكز هذا التحدي على خرافة سائدة مفادها أن التعامل مع البيانات الضخمة حكر على علماء البيانات أو المبرمجين.

الحقيقة هي أن القيمة الحقيقية تكمن ف…

تعمل المؤسسات في أنحاء العالم كافة في ظل كم هائل ومتسارع من تدفق البيانات، الذي يوصف غالباً بموجة فيضان البيانات، إذ من المتوقع أن تزداد الاستخدامات الاستراتيجية لهذه البيانات بشكل ملحوظ خلال العقد القادم. وفي الوقت نفسه تعاني الشركات في القطاعات جميعها قريباً مما يسمى "الغرق في البيانات" التي لا تنمو فقط في الحجم بل أيضا في التعقيد، ما يؤدي إلى بحثها الدؤوب عن متخصصين يمتلكون المهارات اللازمة لتحويل البيانات الضخمة الخام إلى رؤى عملية.

على الرغم من هذا التوجه، لا يزال العديد من المهنيين يؤمنون بخرافة راسخة: يجب أن تصبح عالم بيانات أو مبرمجاً للتعامل مع البيانات الضخمة. ولكن في الواقع يعد المهنيون الأكثر قيمة للشركة هم أولئك الذين يجمعون بين المعرفة المتخصصة في مجالهم ومهارات تحليل البيانات، إذ لم تعد القدرة على تحليل البيانات مع صعود أدوات الذكاء الاصطناعي حكراً على علماء البيانات المتخصصين فقط.

إذ إن صعود جيل جديد من المهنيين الذين يطلق عليهم "عالم بيانات المواطن"، يجسر الهوة بين محللي البيانات التقليديين وخبراء المجال، وفي الأساس يكون دورهم في الشركة غالباً في مجال آخر مثل التسويق أو خدمة العملاء أو الموارد البشرية، ويثبت أنه يمكنك البقاء في مسارك الوظيفي مع بناء عقلية قائمة على البيانات، إذ لن تكون مضطراً لتغيير مسارك المهني، كل ما عليك فعله هو تطبيق رؤى البيانات في وظيفتك الحالية.

اقرأ أيضاً: دليل القادة لاكتشاف فجوات المهارات باستخدام تحليل البيانات

في هذا المقال سوف نقودك لتعرف ما هي المهارات الأساسية التي ينبغي لك اكتسابها واستراتيجيات التعلم التي تمكنك من أن تصبح خبيراً في البيانات الضخمة دون الحاجة الى تغيير مسارك المهني.

ماذا لو أردت البقاء في وظيفتي الحالية؟ هل لا يزال بإمكاني أن أصبح خبيراً في البيانات الضخمة؟

لا يتطلب مسار التحول إلى خبير بيانات ضخمة التحول المهني بشكل كامل نحو دراسة هندسة علوم البيانات البحتة، بل يتطلب دمجاً استراتيجياً للمعرفة الواسعة في مجالك مع إتقان مهارات إضافية في مجال تحليل البيانات. وتعرف هذه المجموعة المتكاملة من المهارات باسم مترجم التحليلات أو خبير المجال، وهي مهارة بالغة الأهمية يمكنها سد الفجوة بين قدرات البيانات التقنية ونتائج الأعمال القابلة للقياس.

وتثبت تحليلات الوظائف هذه النهج بقوة؛ فوفقاً لدراسة حديثة نشرت في موقع ريسيرش غيت، فإن معظم الشركات أصبحت الآن تبحث عن مهنيين قادرين على صياغة المشكلات الاستراتيجية وإتقان التعامل مع أدوات التحليلات ومنصات ذكاء الأعمال وتطبيق مبادئ التفكير النقدي بدقة، كل ذلك مع الحفاظ على اندماجهم في أدوارهم المهنية الاصلية.

اقرأ أيضاً: طرق أتمتة التقارير وتوفير عدة ساعات من العمل كل أسبوع

وللوصول إلى هذه المرحلة ينبغي لك إتقان 3 مهارات أساسية وتطويرها باستمرار لتكون محللاً للبيانات الضخمة، بغض النظر عن دورك الوظيفي الحالي، وهي:

1. محو أمية البيانات والتفكير النقدي

يبدأ إتقان تحليل البيانات الضخمة بمحو أمية البيانات، التي تشمل على سبيل المثال القدرة على فهم معنى البيانات ومصادرها وما يمكن (وما لا يمكن) أن تخبرك به، وطرح الأسئلة الصحيحة قبل حتى النظر إلى الأرقام. ومن أهم المهارات الفرعية التي ينبغي لك اتقانها:

- اكتشاف التحيزات و المؤشرات التحذيرية من خلال التساؤل عن كل شيء. مثل: من جمع هذه البيانات ولماذا وكيف؟ هل بعض نقاط البيانات مفقودة؟ فإذا كان التحليل يتطابق تماماً مع ما توقعته، فإن المؤشر التحذيري يعني على الأرجح تحيزاً تأكيدياً ما قد يجعلك تتجاهل الأدلة المتناقضة.

على سبيل المثال قد تلاحظ ارتفاعاً في المبيعات وتفترض أن ذلك يعود إلى حملة إعلانية جديدة، بينما قد تكون اتجاهات السوق الأوسع أو العوامل الموسمية هي المسؤولة عن الارتفاع.

- اسأل دائماً: ما هو السؤال الذي أحاول الإجابة عنه حقاً؟ إن محو الأمية البياناتية الناجحة يعني تبني عقلية شيرلوك هولمز: ابحث عن تفسيرات بديلة في كل خطوة وضع عدة فرضيات لأي نتيجة، ودون مسبقاً ما تعتقد أنه يجب أن يحدث ثم قارنه بالبيانات.

حيث إن إتقان مثل هذه المهارات "العقلية" يعني أنه يمكنك استخدام البيانات لاختبار الأفكار في مجالك، سواء كنت تعمل في التسويق أو الأمور المالية أو الموارد البشرية أو العمليات، دون الحاجة إلى الحصول على درجة دكتوراة في الإحصاء، فالأسئلة الجيدة والمنطق السليم سيكونان أساسك.

اقرأ أيضاً: استراتيجية من 4 خطوات تساعد أي مدير تنفيذي على بناء علامته التجارية التقنية

2. استخراج البيانات ومعالجتها دون الحاجة إلى خبير

بينما ترشدك معرفة البيانات إلى ما تبحث عنه، فإن مهارات الاستخراج تمكنك من الحصول على البيانات التي تحتاج إليها بالفعل، ويكمن السر في إتقان المهارات التقنية الكافية لاستعلام قواعد البيانات وجداول البيانات دون الحاجة إلى إعادة هيكلة عملك.

على سبيل المثال، يعد تعلم أساسيات لغة الاستعلام الهيكلية أو تطبيقات جداول البيانات مهماً للغاية، لأنه يمكنك من التعامل مع مجموعات البيانات الضخمة، إذ إن الهدف هو الوصول إلى البيانات ومعالجتها بنفسك بدلاً من طلبها من مسؤول قسم تكنولوجيا المعلومات دائماً.

وبفضل هذه المهارات العملية، يمكنك جمع الأرقام التي تحتاج إليها دون الحاجة إلى معرفة البرمجة، إذ لا يتوقع منك أحد كتابة أكواد برمجية معقدة، يكفي فقط معرفة كيفية جمع بياناتك الخاصة ومعالجتها.

3. اكتساب مهارات تمثيل البيانات ورواية القصص

بمجرد فهم بياناتك واسترجاعها، فإن المهارة الأخيرة هي كيفية إيصالها، إذ أن اكتساب مهارات استخدام أدوات تمثيل البيانات من شأنه أن يحول الأرقام إلى قصص واضحة وجذابة تقنع صانعي القرار. لذلك ينبغي عليك إتقان التعامل مع أداة واحدة على الأقل لإنشاء مخططات بيانية ولوحات معلومات تفاعلية، لمساعدة صانعي القرار على فهم الفكرة الرئيسية بسرعة.

علاوة على ذلك، من الضروري ربط البيانات المرئية بنتائج الأعمال، إذ يمهد راوي البيانات الجيد الطريق بقوله مثلاً "هذه هي المشكلة أو الفرصة التي حللناها"، ويعرض الأدلة (الرسوم البيانية وأبرز ما فيها) ويختتم بخاتمة أو توصية واضحة، حيث إن الهدف هو تحويل الرؤى المعقدة المستمدة من التحليلات إلى توصيات سهلة الفهم وقابلة للتنفيذ.

اقرأ أيضاً: استراتيجية مكونة من أربع خطوات لتعلم أي تقنية جديدة بسرعة

بالإضافة إلى ذلك، من الضروري إتقان مهارات الاستعلام الذكية التي توفرها بوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي مثل تشات جي بي تي، التي يمكنها أن تساعدك على تحسين كيفية طرح الأسئلة على بياناتك. بالإضافة إلى ذلك، من المهم تشجيع بوت الدردشة على تحليل أي خطوة لاكتشاف الأخطاء، لتعزيز الوضوح والشمولية في تحليلك وتحويل البيانات الخام إلى صوت واضح يؤثر في القرارات.

مثال تطبيقي:

يمكن لخبير الموارد البشرية أن يبدأ بالمهارة الأولى: محو أمية البيانات لتحديد فرضية: "هل تزيد علاوات نهاية العام معدل الاحتفاظ بالموظفين؟"، ثم يستخدم المهارة الثانية: الاستخراج لسحب بيانات العلاوات ومعدلات المغادرة من نظام الشركة باستخدام استعلام إس كيو إل بسيط. وأخيراً، يستخدم المهارة الثالثة: تمثيل البيانات ورواية القصص لإنشاء لوحة معلومات تقارن بين الإدارات، ويقدم توصية واضحة لإدارة التنفيذ.

اقرأ أيضاً: مهارات تكنولوجيا المعلومات المطلوبة لتعزيز سيرتك الذاتية عام 2026

كيف يمكنك اكتساب مهارات تحليل البيانات الضخمة ودمجها في وظيفتك الحالية؟

لا تحتاج إلى ميزانية كبيرة أو للحصول على شهادة جامعية طويلة الأمد لاكتساب مهارات تحليل البيانات الضخمة لدمجها في وظيفتك الحالية، إذ يمكنك البدء بخطوات صغيرة مع موارد مجانية أو منخفضة التكلفة وممارسة عملية منها:

الدورات والشهادات عبر الإنترنت

تعد الدورات التدريبية عبر الإنترنت مورداً قيماً لاكتساب مهارات تحليل البيانات اللازمة، مثل شهادات تحليل بيانات جوجل وشهادة محلل بيانات آي بي إم الاحترافية التي توفرها منصات مثل أكاديمية خان وكورسيرا وحتى الدروس القصيرة على منصة يوتيوب مناسبة للبدء.

التدريب والتوجيه الداخلي في الشركة

يمكنك التحقق مما إذا كانت شركتك تقدم تدريباً في مجال تحليل البيانات، كما يمكنك التطوع لمساعدة فريق تحليل البيانات لأداء مهام ذات صلة ومتوافقة مع دورك الوظيفي، إذ إن إيجاد مرشد يتعامل مع البيانات (حتى بشكل غير رسمي) يمكن أن يساعدك على تعلم الأنظمة المحددة التي تستخدمها شركتك. وتذكر في أثناء تعلمك طبق المعرفة في مجال تخصصك ودورك الوظيفي.

الممارسة القائمة على المشاريع

أسرع عملية تعلم تأتي من الممارسة، إذ يمكنك تحديد مشكلة قابلة للقياس في وظيفتك تتعلق بالبيانات. على سبيل المثال، إذا كنت في قسم دعم العملاء يمكنك الإجابة عن سؤال: "لماذا تنتهي 15% من المكالمات دون حل؟" أو في قسم المبيعات يمكنك تحليل مشكلة: "ما هي خطوط الإنتاج التي لم تحقق الأهداف ولماذا؟".

كما يمكنك استخدام مجموعات البيانات المتاحة للجمهور أو بيانات شركتك (بعد الحصول على إذن) للتدرب عليها، ويشمل ذلك تنظيفها وإجراء تحليلات بسيطة عليها وإنشاء مخططات بيانية ولوحات تمثيل. 

تذكر التعامل مع هذه البيانات كدراسة حالة مصغرة، ووثق فرضيتك ومنهجيتك واستنتاجاتك واعرض نتائجك على زميل لبناء الثقة وترسيخ عملية تعلمك.

اقرأ أيضاً: لماذا تعمل المؤسسات على تدريب موظفيها وتعليمهم مهارات جديدة؟

هل يمكن لاكتساب مهارات تحليل البيانات أن يساعدك على الارتقاء في مسارك المهني الحالي؟

الإجابة هي: نعم، إذ تعد تنمية هذه المجموعة المزدوجة من المهارات وتطويرها أفضل طريقة للتقدم في مسارك المهني دون الحاجة إلى تغييرها بشكل كامل، حيث يمكنك الانتقال إلى مسميات وظيفية أكثر تطوراً مثل محلل ذكاء أعمال، أو استراتيجي تحليل بيانات في مجالك.

على سبيل المثال، قد تستعين بك فرق التسويق في الشركة كمنسق تحليلات، أو قد تصبح قائداً في مجال الرعاية الصحية بمسمى محلل بيانات سريرية لنتائج المرضى. إذ تشير التقارير إلى أن أدوار محلل ذكاء أعمال من المتوقع أن تنمو بنسبة 20% تقريباً في السنوات الخمس المقبلة، ما يعكس طلباً واسعاً.

ومن ثم، من خلال الترويج لنفسك خبيراً في مجال البيانات الضخمة في قسمك، ستتميز في الترقيات أو المشاريع الخاصة لأن خلفيتك في وظيفتك الأساسية مثل المالية والموارد البشرية وسلسلة التوريد والتسويق وغيرها قد تمنحك سياقاً لا يمتلكه أي عالم بيانات آخر، إذ إن ميزتك الأساسية هي أنك ستعرف أي المقاييس مهمة وكيف تترجم الرؤى إلى قيمة للأعمال، وهذا من شأنه أن يحولك إلى الشخص الأمثل الذي يمكنه "التحدث بالبيانات" مع فهم طبيعة العمل، وهذا ما يجعلك لا تقدر بثمن.

المحتوى محمي