كيف تختار الشركة بين العمل عن بعد والعمل الهجين؟ وما هي الخطوات والأدوات التي تحتاج إليها؟

5 دقيقة
العمل عن بعد والعمل الهجين
حقوق الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية. تصميم: عبدالله بليد.

يعتبر العمل عن بعد خياراً يوفر العديد من الفوائد لكل من الموظفين وأصحاب العمل، فهو يمنح الموظفين مرونة أكبر في تنظيم أوقاتهم، كما يتيح للشركات فرصة خفض التكاليف التشغيلية. 

ورغم هذه المزايا، يواجه تطبيقه بعض التحديات التي تتطلب معالجتها. وهناك خطوات لا بد من تطبيقها لضمان نجاح هذا النموذج وتعزيز قدرة الموظفين على أداء مهامهم بكفاءة عن بعد.

العمل عن بعد الكامل والعمل الهجين

قبل أن تتبنى نظام العمل عن بعد، عليك التمييز بين نوعي العمل عن بعد وهما: العمل عن بعد الكامل والعمل الهجين.

العمل عن بعد الكامل هو نظام وظيفي يمنح الموظف أقصى درجات الحرية لأنه يؤدي مهامه الوظيفية بالكامل خارج الشركة، ويستطيع الموظف اختيار موقع العمل الذي يناسبه، سواء في المنزل أو في مساحات العمل المشتركة أو حتى في مقهى.

في حين يجمع نموذج العمل الهجين بين العمل عن بعد والعمل في الشركة، ويتيح للموظفين أداء مهامهم جزئياً من مواقع خارج الشركة، مثل المنزل أو مساحات العمل المشتركة، مع الالتزام بالحضور إلى المكتب في أيام محددة وفقاً لسياسات الشركة.

اقرأ أيضاً: تعلم كيفية أتمتة عملك وإنجاز المزيد من المهام في وقت أقل

كيف تختار الشركة بين العمل عن بعد والعمل الهجين؟

لا توجد قاعدة يمكن تطبيقها لتحديد ما إذا كانت الشركة تستطيع اعتماد نظام العمل عن بعد الكامل أم العمل الهجين، لكن هناك عدة عوامل تساعد على الاختيار بين النموذجين:

ثقافة الشركة ونموذج العمل

لا يناسب العمل عن بعد بالكامل الشركات كلها خاصة تلك التي تتطلب تفاعلاً مباشراً مع العملاء أو لديها متطلبات أمنية صارمة. وفي المقابل، قد يعوق العمل الهجين سير العمل في الوظائف التي تعتمد على التركيز الفردي دون الحاجة إلى تعاون بين الموظفين.

إنتاجية الموظفين

إنتاجية الموظفين هي أحد أهم العوامل في تحديد نموذج العمل الأنسب، حيث تعتمد على عنصرين رئيسيين هما:

  • توقيت الإنتاجية: لا يعمل الموظفون جميعهم بالكفاءة نفسها خلال ساعات محددة، إذ يختلف أقصى تركيز لديهم وفقاً لإيقاعهم البيولوجي. في بيئة العمل عن بعد، يمكن للموظفين تحديد الأوقات التي يكونون فيها أكثر إنتاجية.
  • مكان العمل: يؤدي المكان دوراً مهماً في الإنتاجية، حيث يفضل بعض الموظفين بيئة العمل المنزلية لتوفير الهدوء والتركيز، بينما يحتاج آخرون إلى التفاعل داخل المكتب لتعزيز الابتكار والتعاون في النموذج الهجين.

رغبات الموظفين ورضاهم

وفقاً لاستطلاعات مؤسسة غالوب، يفضل 60% من الموظفين العمل الهجين، لكن ذلك لا ينطبق على الجميع. من المهم أخذ رأي الموظفين والمدراء لمعرفة ما يناسبهم؛ فالبعض يحقق إنتاجية أعلى في بيئة العمل المكتبي، بينما يجد آخرون أن العمل عن بعد بالكامل يعزز تركيزهم.

الآثار المترتبة على التكلفة

يتطلب كل نموذج عمل تكلفة تشغيلية مختلفة:

  • يحتاج الموظفون عن بعد إلى أدوات مناسبة مثل أجهزة الكمبيوتر والاتصال المستقر بشبكة الإنترنت.
  • يتطلب العمل الهجين مساحات عمل مجهزة ضمن الشركة، بالإضافة إلى أدوات العمل عن بعد مثل أجهزة الكمبيوتر والاتصال المستقر بشبكة الإنترنت.

الأمن السيبراني وحماية البيانات

يطرح كلا النموذجين تحديات أمنية، إذ يصعب على فرق تكنولوجيا المعلومات إدارة الأجهزة عن بعد، كما تكون الأجهزة الشخصية أكثر عرضة للاختراق أو السرقة. لذا، يجب اعتماد بروتوكولات أمنية صارمة مثل استخدام شبكات افتراضية خاصة VPN وجدران الحماية لضمان حماية البيانات.

اقرأ أيضاً: أفضل 6 أدوات تساعدك على إدارة مشروعاتك عن بُعد

كيفية تنفيذ نظام العمل عن بعد؟

يتطلب العمل عن بعد إعداداً دقيقاً لضمان تحقيق التوازن بين الإنتاجية والراحة. يمكن تقسيم عملية تطبيق نظام العمل عن بعد إلى 4 خطوات رئيسية هي:

1. تحليل الاحتياجات

قبل اعتماد نموذج العمل عن بعد، من الضروري إجراء تحليل شامل لاحتياجات الشركة والموظفين لضمان ملاءمته للبيئة التنظيمية وأهداف العمل.

تحليل احتياجات الشركة

على غرار عمليات التوظيف الحديثة، يتطلب العمل عن بعد تقييماً دقيقاً لضمان نجاحه، ويشمل ذلك تحليل عوامل مثل:

  • سياسة إدارة الموارد البشرية ومدى توافقها مع بيئة العمل عن بعد.
  • حجم العمل المطلوب لتنفيذ المشاريع ومدى إمكانية تأديته عن بعد.
  • إحصائيات حول التأخير والغياب وتأثيرها في الإنتاجية.
  • عدد الوظائف القابلة للتنفيذ عن بعد وفقاً لطبيعة المهام.
  • التكاليف المرتبطة بتغيير نموذج العمل مثل توفير الأدوات التكنولوجية والدعم الفني.

بعد تحليل هذه العوامل، يجب على مدير الموارد البشرية تقييم مدى ملاءمة العمل عن بعد للشركة، لا سيما إذا كانت المهام لا تتطلب تفاعلاً جماعياً مستمراً.

تحليل توقعات الموظفين

أثبتت جائحة كوفيد-19 أن العمل عن بعد يمكن أن يحسن الأداء ويعزز إنتاجية الموظفين، ما دفع العديد من الشركات إلى النظر في اعتماده بشكل دائم. ولضمان نجاح النموذج، يمكن جمع آراء الموظفين من خلال:

  • استطلاعات رأي مجهولة المصدر لتحديد نسبة الموظفين الراغبين في العمل عن بعد.
  • تقييم مدى استقلالية الموظفين في أداء مهامهم دون إشراف مباشر.
  • تحديد الاحتياجات التقنية من حيث الأجهزة والبرامج اللازمة.
  • تصميم برامج تدريبية لمساعدة الموظفين على استخدام الأدوات الرقمية بكفاءة.

بناءً على هذه التحليلات، يمكن للشركات اتخاذ قرارات مدروسة لتطبيق نموذج العمل عن بعد وفقاً لاحتياجاتها وأهدافها.

اقرأ أيضاً: أفضل التطبيقات والبرامج التي تحتاجها عند العمل عن بُعد

2. وضع قواعد وإطار لتنظيم العمل عن بعد

تشمل المرحلة الثانية من اعتماد نظام العمل عن بعد وضع قواعد واضحة تحدد حقوق الموظفين وأصحاب العمل وواجباتهم، يفضل أن تعتمد الشركات اتفاقية جماعية أو ميثاقاً رسمياً لتوضيح آلية العمل عن بعد. وفي حال عدم توفر هذا الميثاق، يمكن إبرام اتفاقية فردية بين الشركة والموظفين كلهم، غالباً عن طريق تعديل عقد العمل. يجب أن يتضمن هذا الإطار التنظيمي الجوانب التالية:

  • الموظفون أو المناصب المعنية بالنظام.
  • إجراءات طلب العمل عن بعد وشروط الموافقة عليه.
  • توفير المعدات الضرورية من قبل صاحب العمل.
  • آليات تقييم أداء الموظفين لضمان الإنتاجية.
  • ساعات العمل وضوابط الالتزام بها.

يعتبر تنظيم ساعات العمل من أهم القضايا نظراً لغياب تعريف واضح لساعات العمل ضمن هذا النموذج. يمكن لأصحاب العمل معالجة هذه المسألة عن طريق:

  • تحديد جداول زمنية مرنة تناسب طبيعة المهام ومتطلبات الإنتاجية.
  • اقتراح فترات زمنية محددة لضمان التواصل والتعاون الفعال بين الفرق.
  • تحديد عدد ساعات العمل اليومية التي يجب الالتزام بها لضمان تحقيق الأهداف المهنية.

يسهم هذا الإطار التنظيمي في الانضباط وضمان حقوق الموظفين وتحقيق التوازن بين المرونة والإنتاجية، ويتيح للشركة إدارة العمل عن بعد بسلاسة وكفاءة.

اقرأ أيضاً: 5 برامج تعتمدها الشركات الناجحة لتنظيم العمل عن بُعد

3. إدارة العمل عن بعد من قبل صاحب العمل

لضمان الحفاظ على أداء الفريق وتحقيق الإنتاجية في بيئة العمل عن بعد، يجب تبني استراتيجيات فعالة لإدارة الموارد البشرية عن بعد، مع التركيز على التواصل والتنظيم.

  • جلسة تعريفية لشرح القواعد: قبل بدء العمل عن بعد، من المهم تنظيم جلسة تعريفية لإيضاح القواعد الأساسية لهذا النموذج للموظفين جميعهم، ومساعدهم على فهم مسؤولياتهم والالتزامات المطلوبة.
  • مشاركة القواعد: يجب على صاحب العمل إطلاع الموظفين على القواعد التي تنظم العمل عن بعد، سواء من خلال ميثاق العمل الرسمي أو اتفاقية بين الشركة وكل موظف.
  • إنشاء نظام لتسجيل الوقت: لتنظيم فترات العمل، يمكن اعتماد نظام رقمي لتسجيل الوقت يراعي الأوقات جميعها التي يعمل فيها الموظفون ويساعد على تحليل الإنتاجية وإدارة ساعات العمل بفاعلية.
  • تحديد آلية لإدارة المهام: يجب إنشاء نظام لمتابعة المهام اليومية والأسبوعية، بحيث يتم إبلاغ الموظفين بالمسؤوليات الموكلة إليهم وتحديث تقدم العمل بشكل دوري.
  • تعزيز التواصل عبر الاجتماعات الرقمية: لضمان التواصل الفعال بين الفرق، يوصى بتحديد اجتماع رقمي أسبوعي منتظم يتيح مناقشة المهام ذات الأولوية والأهداف القادمة ويعزز التعاون بين الفرق المختلفة.

4. اختيار الأدوات المناسبة للعمل عن بعد

يعتمد نجاح نظام العمل عن بعد على اختيار الأدوات الرقمية التي تلائم طبيعة العمل وأسلوب الإدارة في الشركة. إليك بعض الحلول التقنية التي تساعد على تنظيم المهام وتعزيز التعاون بين الفرق:

أدوات الاجتماعات والتواصل

  • زووم Zoom: منصة لعقد الاجتماعات الافتراضية تتيح اجتماعات فيديو تضم العديد من المشاركين، مع ميزات مثل مشاركة الشاشة وتسجيل الاجتماعات.
  • مايكروسوفت تيمز Microsoft Teams: خيار متكامل يجمع بين الدردشة الجماعية والاجتماعات الافتراضية وإدارة المشاريع في بيئة واحدة.

أدوات توزيع المهام

  • تريلو Trello: يساعد على تنظيم المشاريع على شكل أعمدة تضم بطاقات مهام، يمكن تحديد تفاصيل كل مهمة ضمن البطاقة مع تحديد المدة المطلوبة وتلقي التعليقات عليها.
  • أسانا Asana: منصة مثالية لتحديد المسؤوليات وتنسيق العمل بين الفرق مع إمكانية تتبع تقدم المهام بدقة.

أدوات تنظيم الوقت والتذكير

  • جوجل كالندر Google Calendar: يتيح تذكير الموظفين بالأحداث المهمة والمواعيد النهائية للمهام التي ينفذونها.

اقرأ أيضاً: كيف تستخدم التكنولوجيا لتحسين إدارة فريقك

بشكلٍ عام، يتطلب نجاح العمل عن بعد تحليل الاحتياجات الخاصة بالشركة والموظفين ووضع إطار تنظيمي ونظام لإدارة العمل، بالإضافة إلى اختيار الأدوات المناسبة لضمان الإنتاجية والتواصل الفعال. باتباع هذه الخطوات، يمكن للشركات تطبيق نظام العمل عن بعد أو نظام العمل الهجين بطريقة صحيحة مع تجنب أي مشكلات أو تحديات قد تواجهها.

المحتوى محمي