كيف تحمي نفسك من هجمات يوم الصفر التي قد تدمّر جهازك؟

4 دقيقة
ما هو هجوم القيادة والسيطرة C2 Attack؟ وكيف يمكن كشفه وتجنبه؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Hlib Shabashnyi

يمثّل هجوم يوم الصفر تهديداً متزايداً في مشهد الأمن السيبراني للأفراد والشركات. ووفقاً لتقرير الهجمات السيبرانية لعام 2024 الذي أصدرته شركة رابيد7 (Rapid7) الأميركية المتخصصة في تقديم حلول الأمن السيبراني، فقد شكّلت هجمات يوم الصفر نحو 53% من حالات الاختراق الجماعي واسعة النطاق التي تستهدف مؤسسات وشركات عديدة في وقتٍ واحد.

يُسلّط هذا التقرير الضوء على أهمية فهم هجمات يوم الصفر وكيف يمكن أن تؤثّر في الأمن السيبراني، والاستراتيجيات التي يمكن اعتمادها للحماية من هذه التهديدات.

في هذه المقالة سنُجيب عن هذه الأسئلة كلها بالتفصيل.

ما هو هجوم يوم الصفر؟

يوم الصفر هو مصطلح يُستخدم في مجال الأمن السيبراني لوصف ثغرة أمنية في البرامج أو الأنظمة أو الأجهزة اكتُشِفت من قِبل المهاجمين، ولم تُصحح بعد من قِبل المطورين.

هجوم يوم الصفر (Zero-Day Attack) هو هجوم سيبراني يستغل تلك الثغرات الأمنية غير المعروفة قبل أن تصدر تصحيحات لها من قِبل المطورين.

تعتبر هجمات يوم الصفر خطيرة للغاية وذلك لعدة أسباب، إليك أبرزها:

  • عدم توفر حل فوري: بما أن الثغرة تكون غير معروفة، لا تتوفر تحديثات أمنية أو طرق حماية قادرة على اكتشاف الهجوم الذي يستغلها وإيقافه.
  • استغلال واسع النطاق: بمجرد اكتشاف ثغرة غير معروفة، يقوم مكتشفوها ببيعها أو استخدامها لاستهداف عدد كبير من الأفراد أو الشركات في وقت واحد وتثبيت برامج ضارة على أجهزتهم للتجسس عليهم أو سرقة بياناتهم.
  • تأثير كبير في الشركات والأفراد: يمكن أن تؤدي هذه الهجمات إلى خسائر مالية ضخمة، خاصةً في حال سرقة البيانات المهمة أو تعطيل الأنظمة الحيوية مثل شبكات البنوك أو البنية التحتية للمؤسسات الحكومية.
  • صعوبة الاكتشاف: تتميز هذه الهجمات بصعوبة اكتشافها لأن برامج الحماية تعتمد على معرفة مسبقة بالتهديدات، وهو ما لا يتوفر في هذه الحالة.

اقرأ أيضاً: 10 قواعد للأمن السيبراني عليك تطبيقها في حياتك اليومية

ما هي تأثيرات هجوم يوم الصفر؟

يمكن أن يكون لهجوم يوم الصفر تأثيرات مدمرة على الأفراد والشركات وحتى الحكومات، حيث يمنح القراصنة فرصة لاستغلال الثغرات الأمنية قبل أن يتم إصلاحها. وبسبب عنصر المفاجأة في هذه الهجمات، قد تتعرض الأنظمة لاختراق خطير يؤدي إلى عواقب كارثية، مثل:

  • سرقة بيانات المستخدمين: يمكن للقراصنة اختراق أنظمة شركات ومؤسسات وسرقة معلومات العملاء مثل بيانات البطاقات الائتمانية.
  • إيقاف أنظمة حساسة: يمكن استخدام الهجمات لتعطيل أنظمة حكومية أو بنكية، ما يؤدي إلى خسائر اقتصادية وفوضى، وفي حالات نادرة، تشكّل هذه الهجمات خطراً على حياة البشر إذا عُطلت مؤسسات مثل المستشفيات أو أنظمة المرور.
  • نشر البرمجيات الخبيثة: قد يستغل المهاجمون الثغرة لنشر فيروسات أو برمجيات فدية (Ransomware) تشفّر الملفات وتطلب فدية مقابل فك تشفيرها.

اقرأ أيضاً: 8 من أسوأ أخطاء الأمن السيبراني التي ينبغي لك الحذر منها

أمثلة على هجمات يوم الصفر

شهد العالم العديد من الهجمات السيبرانية التي استغلت ثغرات يوم الصفر، أدّت هذه الهجمات إلى خسائر فادحة وأضرار جسيمة اقتصادية وحتى سياسية. وأظهرت مدى خطورة استغلال الثغرات الأمنية غير المكتشفة، حيث يمكن أن تُستخدم في عمليات تجسس أو تخريب أنظمة حيوية أو حتى تعطيل منشآت حكومية وصناعية. فيما يلي بعض الأمثلة البارزة التي توضّح التأثير المدمر لهذه الهجمات:

هجوم ستاكسنيت على البرنامج النووي الإيراني (2010)

يعتبر ستاكسنت (Stuxnet) واحداً من أخطر وأشهر هجمات يوم الصفر في التاريخ، وطُوِّر دودة الكمبيوتر ستاكسنت لاستهداف أنظمة التحكم في المنشآت النووية الإيرانية عن طريق استغلال أربع ثغرات غير معروفة في نظام التشغيل ويندوز (Windows)، سمحت هذه الثغرات بالتسلل إلى أجهزة الطرد المركزي المسؤولة عن تخصيب اليورانيوم، وغيّرت الدودة سرعة دوران أجهزة الطرد المركزي دون أن يلاحظ المشغلون ذلك، ما أدّى إلى إتلاف معظم هذه الأجهزة وتعطيل عمليات التخصيب. يعتقد أن هذا الهجوم كان جزءاً من عملية سيبرانية لمنع إيران من صناعة سلاح نووي.

هجوم بيغاسوس على واتساب (2019)

في مايو 2019، كشفت شركة ميتا الأميركية عن تعرض تطبيق واتساب لاختراق خطير بواسطة برنامج التجسس بيغاسوس (Pegasus)، الذي طوّرته شركة إن إس أو غروب (NSO Group) الإسرائيلية. استغل هذا الهجوم ثغرة غير معروفة في التطبيق، ومكّن القراصنة من اختراق الهواتف المستهدفة عن طريق إجراء مكالمة عبر واتساب، حتى لو لم يرد المستخدم عليها.

استُخدِمت هذه الثغرة لاستهداف نشطاء حقوق الإنسان وصحفيين ومحامين في عدة دول، وأثارت مخاوف كبيرة بشأن إساءة استخدام أدوات التجسس ضد المعارضين السياسيين.

بعد اكتشاف الهجوم، أصدرت واتساب تحديثاً أمنياً طارئاً لتصحيح الثغرة، ورفعت دعوى قضائية ضد شركة إن إس أو غروب متهمةً إياها بالمسؤولية عن اختراق أكثر من 1400 جهاز في أكثر من 20 دولة.

هجوم سولار ويند (2020)

يُعدّ واحداً من أكبر الهجمات السيبرانية التي استغلت ثغرات يوم الصفر، حيث استهدف عملاء شركة البرمجيات سولار ويند (SolarWinds)، وهي شركة أميركية متخصصة في تطوير برامج إدارة الشبكات. اخترق المهاجمون، الذين يعتقد أنهم مدعومون من جهات حكومية، برنامج أوريون (Orion)، وهو أداة تُستخدم على نطاقٍ واسع من قِبل آلاف الشركات والمؤسسات الحكومية لإدارة الشبكات.

استغل المهاجمون ثغرة يوم الصفر وتمكنوا من زرع برمجية خبيثة في التحديث الرسمي لبرنامج أوريون، وحين أرسلت سولار ويند التحديث لعملائها، تمكن المهاجمون من الوصول إلى شبكات أكثر من 18 ألف شركة ومؤسسة، بما في ذلك مؤسسات حكومية أميركية وشركات كبرى. ظل هذا الهجوم غير مكتشف عدة أشهر، ومنح المهاجمين القدرة على سرقة بيانات حساسة والتجسس على أهدافهم دون أن يُكتشفوا.

اقرأ أيضاً: برامج مكافحة الفيروسات التي ينصح بها خبراء الأمن السيبراني

كيف تحمي نفسك من هجمات يوم الصفر؟

للأسف، لا توجد طريقة مضمونة للحماية من هجمات يوم الصفر، كونها هجمات غير معروفة بعد، لكن يمكن اتباع سلسلة من التدابير الوقائية لتقليل مخاطر نجاحها. فيما يلي بعض النصائح المفيدة:

  • التحديث بانتظام: حدِّث البرامج والأنظمة جميعها بأحدث تصحيحات الأمان لتصحيح أي ثغرات أمنية حديثة قد يستغلها المهاجمون.
  • المراقبة المستمرة: استخدم حلول الأمن السيبراني التي تراقب كل شيء وتستطيع اكتشاف الأنشطة المشبوهة أو السلوكيات غير الطبيعية عن طريق تحليل البيانات بالذكاء الاصطناعي. يمكن أن تساعد هذه الحلول على الكشف المبكر عن هجوم يوم الصفر أو الحد من مخاطره.
  • استخدام عدة طبقات حماية: بدلاً من الاعتماد على حل واحد للحماية، مثل برنامج مكافحة الفيروسات، استخدم عدة حلول إلى جانبه، هذا يزيد صعوبة نجاح الهجوم، وحتى في حال نجاحه، لن يكون قادراً على اختراق النظام بشكلٍ كامل. يتضمن هذا النهج تكامل العديد من الأدوات والتقنيات التي تعمل معاً لتوفير طبقات متعددة من الحماية.

دور الذكاء الاصطناعي في الحماية من هجمات يوم الصفر

أصبح للذكاء الاصطناعي دور مهم في مواجهة هجمات يوم الصفر والحد من مخاطرها، حيث يمكن أن يساعد في الكشف عن هذه الهجمات التي تستغل الثغرات غير المعروفة، وذلك من خلال تحليل الأنماط والسلوكيات غير الطبيعية في الأنظمة والشبكات التي قد تشير إلى استغلال محتمل لثغرة يوم الصفر.

من خلال المراقبة والتحليل، يتعلم الذكاء الاصطناعي سلوك الأفراد الطبيعي عند استخدام البرامج والأنظمة، وفي حال حدوث رصد أي سلوك غير طبيعي أو غير مألوف، يُحدد ذلك على أنه هجوم محتمل، يمكن أن يشمل السلوك غير الطبيعي أي شيء مثل الوصول غير المعتاد إلى البيانات أو تنفيذ تعليمات برمجية غريبة.

بالإضافة إلى ذلك، يساعد الذكاء الاصطناعي على تعزيز الأمن من خلال أتمتة عمليات التصحيح والتحديث، ما يقلل الوقت المستغرق في معالجة الثغرات.

باختصار، يوفّر الذكاء الاصطناعي قدرة استثنائية في التنبؤ بالهجمات السيبرانية وحمايتنا منها، ما يجعل دوره محورياً في مكافحة هجمات يوم الصفر وحماية المعلومات المهمة.

المحتوى محمي