يعكف العلماء في مختلف المراكز البحثية على دراسة فيروس كورونا وتطوير سبل مواجهته. ونتيجة لجهودهم هذه، يتم يومياً نشر مئات المقالات العلمية حول كوفيد-19 في المجلات المحكّمة وفي منصات النشر غير المحكّمة بعد. وقد بلغ حجم هذه الأبحاث حداً يستحيل أن يتمكن أي إنسان من مجاراته ومتابعته باستخدام وسائل البحث التقليدية.
وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي، وعلى وجه الخصوص معالجة اللغات الطبيعية، في تذليل هذه العقبة أمام العلماء وتسهيل عملية التنقيب في هذا المحتوى العلمي الضخم المتعلق بكوفيد-19.
منصة كوفيد سكولار
قام مختبر لورنس بيركلي الوطني منذ أيام بإطلاق محرك بحث كوفيد سكولار (COVIDScholar) بالاعتماد على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما يتيح للعلماء أدوات التنقيب عن الأدوية وتأثيراتها والمنهجية العلمية المتبعة في أبحاث سابقة لتسريع أبحاثهم حول كوفيد-19.
ويقول الباحثون الذين عملوا على إنشاء هذه المنصة إنها توفر الوقت الثمين للعلماء من أجل تركيز جهودهم على الاكتشافات وإجراء التجارب وتحليل البيانات، عوضاً عن تمضية وقتهم في البحث ضمن المقالات المنشورة. وعلاوة على ذلك، يأمل الباحثون أن يساعد الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغات الطبيعية في اكتشاف المعرفة العلمية الكامنة في نصوص المقالات من خلال التقاط الارتباطات التي تغيب عن العقل البشري والتي يتطلب إيجادها جمع المعلومات من مئات آلاف الأبحاث العلمية. وعلى سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في اكتشاف الأدوية الموجودة التي يمكن استخدامها في علاج كوفيد-19، أو العلاقات الجينية التي يمكن أن تسرع من الوصول إلى لقاح أو نظام علاجي فعال.
ويشير الباحثون إلى أن أهم عناصر منصتهم الجديدة هو البيانات؛ حيث قاموا ببناء برمجيات تجمع الأوراق البحثية من مجموعة كبيرة من المصادر لإتاحتها على المنصة في غضون 15 دقيقة من وقت نشرها على الإنترنت. كما تتولى المنصة مهمة تنظيف البيانات وإصلاح أخطاء التنسيق، ثم يبدأ عمل خوارزميات التعلم الآلي التي تضيف الوسوم المناسبة لكل ورقة بحثية لتساعد في تصنيفها إلى فئات بحسب موضوع البحث وأهميته.
وحتى الآن، تتضمن المنصة أكثر من 60,000 ورقة بحثية حول كوفيد-19، وتستمر في التوسع بشكل يومي. ويطوّر الباحثون خوارزميات الذكاء الاصطناعي حتى تسمح للعلماء بتنظيم نتائج البحث في نماذج كمية لدراسة مواضيع محددة مثل التفاعلات بين البروتينات. كما عمل الباحثون على إضافة الدراسات العلمية السابقة إلى قاعدة البيانات من أجل اكتشاف أية معلومات هامة قد تساعد في مواجهة الوباء.
ويؤكد القائمون على المنصة أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع أن يحلَّ محلّ العلماء، لكنه قد يساعدهم في الحصول على نظرة مُعمَّقة إلى حجم هائل من الأبحاث، بما يمكّنهم من تسريع جهودهم لإيجاد الترياق المناسب لكوفيد-19.
ويأتي بناء هذه المنصة بعد أسابيع على إطلاق منصة كورد-19 بالتشارك بين معهد آلين للذكاء الاصطناعي (AI2) وشركة مايكروسوفت والمكتبة الوطنية الأميركية للطب. وتعتمد منصة كورد-19 على أدوات الذكاء الاصطناعي أيضاً لتجميع وتنظيم أكثر من 50,000 مقالة علمية متعلقة بكوفيد-19 وفيروس سارس-كوف-2 المسبب له. وتهدف إلى منح العلماء وصولاً أسرع وأكثر موثوقية إلى المصادر ذات الصلة بفيروس كورونا وكيفية مواجهته.