تعرّف إلى المبتكرين كميل الخوري وبلال طه وريم المصري وابتكاراتهم في مجال التكنولوجيا الحيوية والطب

7 دقيقة

في هذا المقال سوف نتعرّف إلى ثلاثة من المبتكرين الفائزين بجائزة "مبتكرون دون 35" لعام 2024، وهم كميل الخوري من لبنان وبلال طه من فلسطين وريم المصري من سوريا:

1- كميل الخوري من لبنان: ابتكار لمعالجة تحديات إصابات الغضروف الهلالي

يحمل كميل الخوري الحائز جائزة "مبتكرون دون 35" من إم آي تي تكنولوجي لعام 2024 درجة الدكتوراة في هندسة التكنولوجيا الحيوية من جامعة لورين، فرنسا، وهو باحث متخصص في الهندسة الكيميائية والطبية الحيوية ولديه إقامات بحثية في جامعة هارفارد في الولايات المتحدة وجامعة أفيرو في البرتغال، حيث طوّر موادَّ حيوية نانوية مُركّبة لتطبيقات توصيل الأدوية الخاضعة للرقابة.

يعمل حالياً باحث ما بعد الدكتوراة في جامعة نيويورك أبوظبي، حيث يعمل على تطوير تقنيات الطباعة الحيوية الثلاثية الأبعاد المتقدمة لتطبيقات هندسة الأنسجة، ولديه 27 مقالة منشورة في مجلات بعد مراجعتها من قِبل الأقران، وفصلان في كتاب. نال العديد من الجوائز المرموقة بفضل مساهماته، بما في ذلك اختياره ضمن قائمة فوربس 30 تحت 30 لعام 2024 وجائزة أفضل أطروحة.

ويتمحور ابتكاره الفائز بجائزة "مبتكرون دون 35" لعام 2024 في تطوير حل مصمم لمعالجة تحديات إصابات الغضروف الهلالي يمكن أن يحل يوماً ما مكان الحاجة إلى الاعتماد على المتبرع، وابتكاره المُسمّى مينيسكوجيل (MeniscoGel)، وهو عبارة عن سقالة هلامية مزدوجة الترابط مطبوعة بالطباعة الثلاثية الأبعاد مخصصة للمريض ومصممة لمحاكاة الغضروف الهلالي الأصلي، وتعزيز تجديد الأنسجة من خلال تحسين الخصائص الميكانيكية والتوافق البيولوجي.

تعمل التركيبة الفريدة للابتكار على تعزيز التكامل الخلوي والتمايز الغضروفي مع توفير خصائص تعديل المناعة التي تقلّل الالتهاب وتشجّع على الشفاء، كما يضمن تصميمها القابل للتخصيص الملاءمة الدقيقة والوظيفة، ما يجعلها بديلاً واعداً للعلاجات التقليدية مثل استئصال الغضروف المفصلي أو زراعة المفاصل من المتبرعين. علاوة على ذلك ومن خلال الجمع بين تقنية الطباعة الحيوية الثلاثية الأبعاد المتطورة والمواد النشطة بيولوجياً، يمثّل مينيسكوجيل نهجاً تحويلياً للطب العظمي، ما يوفّر نتائج أفضل للمرضى ويقلّل خطر حدوث مضاعفات مثل هشاشة العظام.

اقرأ أيضاً: إعلان قائمة الفائزين بجائزة «مبتكرون دون 35» لعام 2024

يتميز مينيسكوجيل بقدرته على إنشاء هياكل خاصة بالمريض تُستخرج من عمليات مسح التصوير بالرنين المغناطيسي، ما يضمن ملاءمة تشريحية مثالية وعلاجاً شخصياً لكل فرد، كما يستفيد ابتكاره من تقنية الطباعة الحيوية الثلاثية الأبعاد المتقدمة لتصنيع هياكل هيدروجيل مخصصة تحاكي الهندسة المعقدة للغضروف الهلالي الأصلي وخصائصه الميكانيكية، هذا المستوى العالي من التخصيص من شأنه أن يُعزّز وظائف الهيكل وتكامله داخل الجسم، ما يعزّز تجديد الأنسجة الفعّال.

بالإضافة إلى ذلك، يوفّر التصميم المزدوج المتشابك لمينيسكوجيل قوة ميكانيكية فائقة وتوافقاً حيوياً وخصائص تعديل المناعة، ما يجعله متميزاً كحل ثوري لإصلاح الغضروف الهلالي وتجديده. على سبيل المثال، باستخدام عمليات مسح التصوير بالرنين المغناطيسي لمنطقة الركبة، يتم طباعة هياكل خاصة بالمريض ثلاثية الأبعاد لتتناسب مع التشريح الفريد للغضروف الهلالي للفرد، وبهذه الطريقة فإن الابتكار الثوري الذي يعمل عليه كميل لا يوفّر فقط متانة محسّنة لتحمل ضغوط المفاصل، ولكنه يظهر أيضاً قدرات تعديل المناعة لتقليل الالتهاب ودعم التجديد.

تركّز الخطط المستقبلية للابتكار الذي يعمل عليه كميل على تطويره وإجراء تجارب سريرية وما قبل السريرية واسعة النطاق، للتحقق من سلامته وفاعليته وأدائه على المدى الطويل في إصلاح الغضروف الهلالي وتجديده، ثم استكشاف الشراكات مع شركات الأجهزة الطبية والمتخصصين في العظام لتحسينه وتسويقه، مع هدف أساسي وهو ترسيخ مينيسكوجيل معياراً للرعاية لإصابات الغضروف الهلالي من خلال دمجه في الإجراءات الجراحية في أنحاء العالم كافة وتوسيعه لمعالجة التحديات الأخرى المتعلقة بتقويم العظام.

2- بلال طه من فلسطين: تطوير الأنظمة التي يتم التحكم فيها بالنظر

يحمل بلال طه الفائز بجائزة "مبتكرون دون 35" من إم آي تي تكنولوجي ريفيو لعام 2024 درجة الدكتوراة في الهندسة الكهربائية والحاسوبية من جامعة تورنتو عام 2023، وحالياً هو زميل ما بعد الدكتوراة في الجامعة نفسها، وأبحاثه تتركز في الحوسبة العاطفية والتعلم الآلي ومعالجة الإشارات أو الصور. رُشِحت أطروحته لنيل درجة الدكتوراة التي ركّزت على إشارات العين للكشف عن المشاعر لجائزة أفضل أطروحة لتأثيرها المحتمل في الرعاية الصحية والتفاعل بين الإنسان والحاسوب.

لديه العديد من المشاريع التعاونية مع مؤسسات وشركات من ضمنها معهد فيكتور (Vector Institute) ومختبر التفاعل بين الإنسان والآلة التابع لشركة هواوي وقسم أمازون أليكسا (Amazon Alexa)، وقد حصلت أعماله البحثية على العديد من التقديرات بما في ذلك زمالة ديدي تشوكسينغ (DiDi Chuxing)، وجائزة فيكتور للأبحاث (Vector Institute).

يُعدّ بلال طه عضواً نشطاً في العديد من الجمعيات والمعاهد المتعلقة بمجال أبحاثه، بما في ذلك معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (IEEE)، وجمعية آلات الحوسبة (ACM)، وعضو في مركز تيميريتي لأبحاث وتعليم الذكاء الاصطناعي في الطب (T-CAIREM)، كما عمل في لجنة برنامج مؤتمر الحوسبة العاطفية والتفاعل الذكي لعام 2023 (ACII 2023)، وورش عمل الأساليب التجريبية في معالجة اللغة الطبيعية لعام 2024 (EMNLP 2024).

ويأتي ابتكاره الفائز بجائزة "مبتكرون دون 35" بعد تأثره بالأفراد الذين يعانون ظروفاً تعوق قدرتهم على التواصل، ما أثار اهتمامه وجعله يعمل على إيجاد حلول لتحسين نوعية حياتهم، وهو ما دفعه للتركيز على تطوير الأنظمة التي يتم التحكم فيها بالنظر بهدف تمكين الأفراد من وسائل أكثر فاعلية للتعبير عن الذات، هذا الأمر ألهمه لابتكار نظام ذكاء عاطفي يستند إلى إشارات العين اسماه إشارات العين (EyeSignals).

وهو عبارة عن نظام يعمل على فك تشفير الحالات العاطفية باستخدام أساليب التعلم العميق ومعالجة الإشارات، حيث تهدف المنصة إلى التعرف على إمكانات حركة العين وأنماط الحدقة -وهي وسيلة غير مستغلة ولكنها معبّرة- لتوفير رؤى عاطفية أكثر دقة وتحسين التفاعل بين الإنسان والآلة.

يعمل النظام من خلال استخدام أجهزة استشعار متخصصة أو كاميرات تقليدية لالتقاط حركة العين، ثم تُصفي تقنيات معالجة الإشارات المتقدمة الضوضاء والبيانات الشاذة، ومن ثَمَّ تحدد نماذج الشبكات العصبونية، التي تستخدم نماذج الخسارة والتسلسل المتباينة، الأنماط المرتبطة بحالات عاطفية مختلفة ما يؤدي إلى تعرف النماذج على المشاعر بناءً على الإثارة (الشدة) والقيمة (الإيجابية أو السلبية).

وما يجعل النظام فريداً من نوعه هو قدرته على استخدام بيانات العين الفسيولوجية، وخاصة قياس حدقة العين وأنماط النظر، لفك تشفير الحالات العاطفية على عكس النماذج التقليدية التي تعتمد على الإشارات السلوكية التي يمكن التلاعب بها بسهولة مثل تعابير الوجه.

علاوة على ذلك، يُعدّ النظام أقل عرضة للتحكم الواعي ما يوفّر مقياساً أكثر موثوقية للمشاعر الحقيقية، من خلال دمج معالجة الإشارات المتقدمة ونماذج الشبكة العصبونية للكشف عن الأنماط الخاصة بالعاطفة، ما يضمن الدقة والقدرة على التكيُّف في التطبيقات في العالم الحقيقي وتوفير نهجٍ لفهم المشاعر من خلال مؤشرات فسيولوجية موثوقة.

ويُعدّ النظام مناسباً للعديد من التطبيقات الواقعية من ضمنها استخدامه في المجال الطبي من خلال مراقبة حالات الصحة العقلية، مثل اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب، من خلال تتبع أنماط حركة العين الدقيقة التي تشير إلى الضيق العاطفي أو مستويات الإثارة. وفي مجال التعليم، يمكن دمجه في منصات التعلم التكيفي بحيث يساعد على تصميم المحتوى وتخصيصه ليناسب مشاركة الطالب، كما يمكن استخدامه في الواقع الافتراضي لتعزيز انغماس المستخدم من خلال تكيُّف البيئات بناءً على الحالات العاطفية.

ويهدف بلال من خلال ابتكاره مستقبلاً إلى دمجه وتوسيعه في العديد من الصناعات والقطاعات، بما في ذلك الأجهزة القابلة للارتداء مثل النظارات الذكية أو سماعات الرأس، ما يُتيح مراقبة الحالة العاطفية المستمرة وفي الوقت الفعلي عبر بيئات مختلفة، بالإضافة إلى التعاون مع الباحثين وشركات التكنولوجيا لدمجه في التشخيصات السريرية وخاصة لمراقبة الصحة العقلية.

كما يهدف مع إجراء العديد من التجارب إلى تحويل ابتكاره إلى شركة ناشئة تقدّم حلولاً ملموسة متكاملة بسلاسة في قطاعات مختلفة، بهدف إحداث تأثير مجتمعي في المستخدمين والعمل مع شركات الأجهزة التكنولوجية لتطوير أجهزة يمكن ارتداؤها تجمع بيانات النظام بدقة عالية، ما يجعل النظام أكثر سهولة في الوصول وقابلية للتطوير.

اقرأ أيضاً: تعرّف إلى أسرار دمدم ورومان أكسيلرود وابتكاراتهما في مجال إنترنت الأشياء والحوسبة

3- ريم المصري من سوريا: تطوير تقنية استشعار ضوئية تلتقط الإشارات الكهربائية الحيوية

نالت ريم المصري جائزة "مبتكرون دون 35" من إم آي تي تكنولوجي ريفيو لعام 2024، وهي زميلة ما بعد الدكتوراة ومهندسة أعصاب في جامعة نيو ساوث ويلز، وعضو رئيسي في الشركة الناشئة سيرفن بي تي واي المحدودة (Sevren Pty Ltd) حيث تعمل على تطوير المنتجات والتصنيع وتقود الجهود الرامية إلى توسيع نطاق تكنولوجيا الاستشعار وتصميم تقنيات مرنة ومتكاملة بيولوجياً، بما في ذلك الإلكترونيات الضوئية المتطورة للدراسات والتشخيصات الكهربية الفيزيولوجية.

لدى ريم خبرة في واجهات الدماغ والآلة والتصنيع الدقيق للأجهزة القابلة للزرع، ولديها العديد من الأعمال والأوراق البحثية التي نُشِرت في مجلات رائدة وعُرِضت في مؤتمرات عالمية، كما نالت عدة جوائز نتيجة أبحاثها الرائدة من ضمنها جائزة أفضل أطروحة دكتوراة في نيو ساوث ويلز، والفوز في مسابقة الأبحاث الطلابية لمعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات  (IEEE EMBC)، والاعتراف بها نجمة صاعدة في منتدى العميد الآسيوي للنساء في الهندسة أيه دي إف (ADF).

ويأتي ابتكارها الفائز بجائزة "مبتكرون دون 35" لعام 2024 من واقع تجربة شقيقها مع اضطرابه العصبي المقاوم للأدوية، حيث سلّطت مشاهدة صراعاته، بما في ذلك الجراحات المتكررة العالية الخطورة والإجراءات الجراحية التي تنطوي على أسلاك كهربائية حول رأسه، الضوء على ضرورة الحاجة المُلحّة إلى حلولٍ بديلة مبتكرة، ما جعلها تطوّر تقنية استشعار ضوئية تلتقط الإشارات الكهربائية الحيوية العالية الدقة دون الاعتماد على الأسلاك والأجهزة الكهربائية الضخمة.

وينطوي ابتكارها على تطوير تقنية استشعار الجهد الحيوي القائمة على الضوء والمرنة والمبتكرة التي توفّر مراقبة عالية الدقة دون أسلاك لتحسين التشخيص القلبي والعصبي، وتستخدم التقنية التي طوّرتها عبر الشركة الناشئة بلورات سائلة جديدة -توجد عادةً في شاشات LCD والإلكترونيات الصناعية- للكشف عن النشاط الكهربائي الحيوي عن طريق تغيير انعكاس الضوء بشكلٍ مباشر وخطي، ما يُتيح التقاط إشارة عالية الدقة دون أسلاك كهربائية أو أجهزة ضخمة أو مواد كيميائية أو نقل الجينات. تنقل الألياف الضوئية هذه الإشارات من مئات القنوات في الوقت الفعلي، ما يضمن دقة عالية مع الحد الأدنى من الضوضاء أو التداخل، يلتصق التصميم المرن والمطابق بسلاسة بأسطح الأعضاء غير المنتظمة ما يُتيح مراقبة الإشارة بشكلٍ مستقر ودقيق في أثناء الحركة الطبيعية (على سبيل المثال، ضربات القلب).

وما يجعل هذا الابتكار فريداً هو استخدامه بلورات سائلة فريدة لتحويل الإمكانات الحيوية بشكلٍ سلبي إلى إشارات بصرية قابلة للقياس، ما يمثّل تحولاً جذرياً عن الأنظمة التقليدية متعددة الأسلاك التي تعاني تداخل الضوضاء الكهربائية وعدم تطابق المعاوقة، وعلى عكس الأساليب القائمة على الفلوروفور يتجنب النظام الخالي من العلامات الصبغات أو التعديلات الجينية، ما يقضي على سمية الخلايا ويسمح بإجراء دراسات موسعة ويعزّز التشخيص لاضطرابات نظم القلب والاضطرابات العصبية.

كما أن هذا الابتكار لديه القدرة على إحداث ثورة في مجال الفيزيولوجيا الكهربية من خلال تطوير الأبحاث قبل السريرية، وتعزيز التشخيص السريري لحالات مثل الصرع ومرض باركنسون وعدم انتظام ضربات القلب، وتمكين واجهة الدماغ والآلة من الجيل التالي.

علاوة على ذلك، فإن النظام لديه إمكانات هائلة للتوسع في مجالات خارج قطاع الرعاية الصحية وخارجها، حيث يمكن للتصميم المرن للجهاز أن يتوافق بسلاسة مع أسطح الأعضاء المختلفة، ويمهّد الطريق لتطوير أجهزة مبتكرة يمكن ارتداؤها وزرعها. على سبيل المثال، يمكن استخدامه في تشخيص الجهاز الهضمي لرسم خريطة النشاط الكهربائي في الأمعاء لاضطرابات الحركة أو كجهاز يمكن ارتداؤه لإعادة التأهيل.

ويمكن لهذه الأجهزة القابلة للارتداء مراقبة النشاط العصبي العضلي في أثناء العلاج الطبيعي، ما يساعد على التعافي من السكتة الدماغية أو الإصابة من خلال توفير التغذية الراجعة الحيوية في الوقت الفعلي، بالإضافة إلى ذلك يقدّم الابتكار طريقة للاتصال بين الإنسان والآلة، ما يخلق واجهة عالية النطاق الترددي مع الجهاز العصبي.

حالات الاستخدام هذه قد تؤدي إلى إحداث ثورة في مجالات مثل التعزيز البشري، وتمكين الهياكل الخارجية التي يتم التحكم فيها عن طريق التفكير في ظل ظروف قاسية أو تشغيل الأنظمة الروبوتية مثل الطائرات بدون طيار والمركبات ذاتية القيادة وتعزيز القدرات المعرفية والوعي بالمواقف.

اقرأ أيضاً: تعرّف إلى المبتكرتين وفاء رمضان وميرنا غمراوي وابتكاراتهما في مجال التكنولوجيا الحيوية والطب

وتهدف ريم حالياً إلى جعل التكنولوجيا أكثر سهولة في الوصول إليها، وخاصة في المناطق المحرومة، بما في ذلك تكثيف جهود التسويق، وعقد شراكات مع شركات طبية ومؤسسات بحثية، والتوسع في الأسواق الدولية من خلال استهداف المناطق ذات الوصول المحدود إلى الرعاية الصحية المبتكرة، والعمل على إشراك المستثمرين لدعم الإنتاج والتسويق والبحث الجاري.

 

المحتوى محمي