هل يتفوق نموذج شركة أنثروبيك على تشات جي بي تي والنماذج الأخرى؟

3 دقيقة
هل يتفوق نموذج شركة أنثروبيك على تشات جي بي تي والنماذج الأخرى؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Robert Way

مع نمو صناعة الذكاء الاصطناعي وتطورها، تخطو النماذج اللغوية الكبيرة خطوات كبيرة وتُظهر تحسناً ملحوظاً في قدراتها، ومن ضمن النماذج التي أُعلن عنها مؤخراً الجيل الثالث من نماذج كلود (Claude) التي تطوّرها شركة أنثروبيك الناشئة، والتي تضم ثلاثة نماذج بترتيب تصاعدي من حيث القدرة، أعلاها النموذج الأكثر تقدماً كلود 3 أوبوس (Claude 3 Opus)، فماذا نعرف عن هذا النموذج؟ وهل تفوق فعلاً على النماذج الأخرى المنافسة؟

كلود 3 أوبوس: قفزة كبيرة من حيث الأداء والقدرات

يُعتبر نموذج كلود 3 أوبوس بحسب اختبارات الأداء التي خضع لها قفزة كبيرة إلى الأمام في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تفوق على أحدث النماذج اللغوية مثل جي بي تي 4 وجيميناي ألترا، في معايير التقييم المختلفة، بما في ذلك مستوى الخبراء قبل التخرج وبعده والمعادلات الرياضيات الأساسية وإنشاء أكواد البرمجة، ما يدل على مستويات قد تكون قريبة من فهم الإنسان وطلاقته في المهام المعقدة.

بالإضافة إلى قدرته على معالجة الوسائط المتعددة من خلال معالجة التنسيقات المرئية المختلفة، بما في ذلك الصور والمخططات والرسوم البيانية والمخططات الفنية، وهذا يعود إلى تدريب النموذج على مزيج من مجموعات البيانات الداخلية والخارجية غير العامة والبيانات المتاحة للجمهور بدءاً من أغسطس/آب 2023، وتقول الشركة في ورقة بحثية إن النموذج دُرِب باستخدام أجهزة خدمتي أمازون وجوجل للحوسبة السحابية اللتين استثمرتا سابقاً في الشركة الناشئة.


اقرأ أيضاً: كيف جعل تشات جي بي تي شركة أوبن أيه آي لاعباً مهماً في مجال الذكاء الاصطناعي

معالجة أكبر مخاوف نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية

وفقاً لشركة أنثروبيك، فإن الجيل الجديد من نموذجها اللغوي يعمل على معالجة ثلاثة من أكبر المخاوف المتعلقة بالنماذج اللغوية الكبيرة المتعلقة بالشركات وهي: التكلفة والأداء والهلوسة، فمن ناحية الأداء تفوقت النماذج الثلاثة جميعها على نموذج جي بي تي 3.5 وجيميناي 1.0 برو في مجالات الخبرة المختلفة والرياضيات وحل المشكلات وإنشاء الأكواد والرياضيات المتعددة اللغات.

بينما تفوق النموذج الأكثر تقدماً كلاود 3 أوبوس، على نموذجي جي بي تي 4 وجيميناي ألترا بعد  إظهاره مستويات شبه بشرية من الفهم والطلاقة في المهام المعقدة، ما يقترب من حدود الذكاء الاصطناعي العام؛ حيث تمكن من إعطاء استجابات شبه فورية في الوقت الفعلي ما يجعله مناسباً لمحادثات العملاء المباشرة والإكمال التلقائي واستخراج البيانات التي يكون فيها الوقت مهماً.

اقرأ أيضاً: القدرة الاقتصادية للذكاء الاصطناعي التوليدي: آفاق مستقبل الإنتاج

هلوسة أقل

من المخاوف الرئيسية التي تواجهها شركات الذكاء الاصطناعي بشأن نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تطوّرها الهلوسة، أو إعطاء النموذج مخرجات غير صحيحة ومختلقة، لهذا الأمر ذكرت شركة أنثروبيك أن كلاود 3 أوبوس أفضل مرتين من النموذج السابق كلود 2.1 في إعطاء إجابات صحيحة وتقليل الإجابات الخاطئة، فعندما لا يعثر على أي إجابات صحيحة يذكر بمنتهى الصراحة أنه لا يعرف الإجابة بدلاً من الإجابة بشكلٍ غير صحيح.

بالإضافة إلى ذلك، ومن خلال استخدام منهجية أطلقت عليها الشركة الإبرة في كومة القش (Needle In A Haystack)، لدى النموذج القدرة على تحديد التقييم بنفسه من خلال اكتشاف الجمل التي تُدخل من قِبل الإنسان في النصوص الأصلية، بالإضافة إلى القدرة على استدعاء المعلومات من مجموعة واسعة من البيانات بدقة وصلت إلى 99%.

اقرأ أيضاً: لماذا تكون المعلومات المزيفة التي يولّدها الذكاء الاصطناعي أكثر إقناعاً من تلك التي يولدها البشر؟

نموذج يراعي مبادئ الذكاء الاصطناعي المسؤول

تؤكد شركة أنثروبيك أن نموذج كلود 3 أوبوس صُمِم ليكون موثوقاً قدر الإمكان، مع وجود فرق مخصصة لتحديد وتخفيف المخاطر مثل المعلومات الخاطئة، حيث دُرِّبت نماذجها كلها على قواعد الذكاء الاصطناعي المُراجع (Constitutional AI)، وهي قيم إنسانية متجسدة في قواعد النموذج لتجنب التحيز الجنسي والعنصري وغيره من التحيزات، والالتزام بمبادئ مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة.

بالإضافة إلى قاعدة أخرى وهي احترام حقوق ذوي الهمم للتخفيف من أي مخرجات تعزز الصور النمطية والتحيز، أمّا بالنسبة لخطر استخدام النموذج لأسباب غير أخلاقية فإن نموذج كلاود أوبوس 3 يقع في المستوى الثاني لسلامة الذكاء الاصطناعي (AI Safety Level 2، اختصاراً أيه آي إس إل 2)، وفيه تكون للنماذج إمكانات ضئيلة للتسبب بمخاطر كارثية مثل القدرة على إعطاء تعليمات حول كيفية بناء الأسلحة البيولوجية.

اقرأ أيضاً: كيف أثّر الصراع الأخلاقي حول سلامة الذكاء الاصطناعي في إقالة سام ألتمان من منصبه؟

وبالإضافة إلى تدريب النموذج على البيانات العامة عبر الإنترنت، دربته الشركة أيضاً على البيانات الخاصة من أطراف ثالثة بالإضافة إلى بياناتها الخاصة، وهو ما يجعل النموذج غير قادر على الوصول إلى المواقع المحمية بكلمة مرور أو المدفوعة أو التي لديها تدابير وقائية أمنية مثل حل اختبار الكابتشا قبل الوصول إلى الموقع.

كلود 3 أوبوس يرفع من مستوى المنافسة في صناعة الذكاء الاصطناعي

يُعدُّ إصدار كلود 3 أوبوس بحسب العديد من المراجعات طفرة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تعمل الشركة الناشئة المطورة له والمدعومة من كبريات شركات التكنولوجيا على توسيع إمكانات الذكاء الاصطناعي، من خلال تقديم نماذج مختلفة مصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات والقدرات المختلفة.

ومع ذلك من المهم للغاية أن يكون المستخدم على دراية بحدوده واعتباراته الأخلاقية. ونظراً إلى أن نماذج شركة أنثروبيك أصبحت أكثر انتشاراً، فإنه من المتوقع أن يصبح أثرها في صناعة الذكاء الاصطناعي واضحاً. وذلك من خلال رفع مستويات المنافسة مع الشركات الأخرى، حيث إن التقدم الذي تمثّله منتجات الشركة لا يدل فقط على إمكانات الذكاء الاصطناعي لتحسين قدراتنا، ولكنه يؤكد أيضاً أهمية التطوير المسؤول واستخدام التكنولوجيا في تشكيل مستقبل أفضل.

المحتوى محمي