تعاني كوريا الجنوبية من أعلى معدلات الانتحار في العالم، حيث سجلت هذه الدولة الآسيوية 27 حالة انتحار لكل 100 ألف شخص في عام 2019، في حين كان معدل الانتحار بالولايات المتحدة في نفس العام 14 حالة لكل 100 ألف شخص.
وتتمتع الجسور السبعة والعشرين على نهر هان الذي يمر بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول بسمعة سيئة جداً بسبب كثرة حالات الانتحار عنها، حيث يقدم الكثيرون على القفز في النهر وإنهاء حياتهم.
لكن هذا قد يتغير قريباً، فمنذ أبريل/نيسان 2020، يختبر معهد سيول للتكنولوجيا بالتعاون مع الإدارة المحلية في المدينة نظام كاميرات مراقبة مدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالأشخاص الذين سيقدمون على الانتحار والتدخل في الوقت المناسب لإنقاذ حياتهم.
محاولات منع الانتحار السابقة
من أجل منع حالات الانتحار، جربت كوريا الجنوبية عدة خيارات، كان أبرزها نشر كاميرات مراقبة على طول نهر هان والجسور المشيدة عليه، حيث يراقب موظفون بث الفيديو المباشر من هذه الكاميرات طوال الوقت، وإذا شاهدوا شخصاً يُعتقد أنه يحاول الانتحار أو على وشك القفز، يتم إرسال إشعار لأقرب موظف كي يصل إلى ذلك الشخص بسرعة ويمنعه من القفز.
ساعدت هذه الطريقة في إنقاذ 96٪ من الأشخاص الذين حاولوا الانتحار من جسور نهر هان، والذين قدرت أعدادهم بنحو 500 حالة كل عام.
لكن هناك مشكلة واجهها الموظفون، وهي صعوبة توقع محاولات الانتحار، ففي كثير من الحالات، أرسلوا إشعارات تفيد بمحاولة انتحار رغم عدم وجود نية بذلك، ولم يتمكنوا في حالات أخرى من توقع الانتحار ما أدى إلى خسارة الأرواح.
اقرأ أيضاً: برمجيات مراقبة الطلاب أثناء الاختبارات تنتهك خصوصيتهم وتكرس عدم المساواة
اختبار كاميرات المراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي
يختبر معهد سيول للتكنولوجيا نظاماً يعرف باسم "سي سي تي في" (CCTV)، والذي يقوم بتحليل الصور المباشرة في الوقت الفعلي عن طريق الذكاء الاصطناعي لتمييز الأشخاص الذين يحاولون الانتحار عن الأشخاص العاديين على الجسور.
من المتوقع أن يساهم هذا النظام المتطور في اكتشاف محاولات الانتحار وتوقعها بشكلٍ أفضل من البشر، ما يمنح المنقذين وقتاً كافياً للتدخل وإنقاذ الأرواح.
ما يزال نظام CCTV تجريبياً ويتم اختباره لتحديد قدرته على التنبؤ بحالات الانتحار، وسوف يتم إطلاق النظام المتكامل والاعتماد عليه بشكلٍ رسمي بعد الانتهاء من المرحلة التجريبية.
في تصريح لوكالة رويترز، قال كيم هيونغ جيل، وهو المسؤول عن لواء الإنقاذ على الجسور: "نعتقد أن الكاميرات الجديدة ستمكن رجال الإنقاذ من توقع الحالات بشكلٍ أسرع قليلاً والاستجابة بشكل أسرع".
اقرأ أيضاً: كاميرا جديدة يمكنها أن تصورك من مسافة 45 كيلومتراً
مخاوف تتعلق بالخصوصية
يعد استخدام كاميرات المراقبة موضوعاً معقداً من الناحية الأخلاقية، إذ يعرب الكثيرون عن مخاوفهم من أن استخدام الذكاء الاصطناعي يشكل انتهاكاً للخصوصية ويمكن أن يساء استخدامه من أجل تتبع الأشخاص.
تقول آن كافوكيان، وهي مفوضة الخصوصية السابقة في مدينة أونتاريو الكندية: "يجب على الحكومة وضع لافتات تخبر الناس الذين يسيرون على الجسور بأن هذه الإجراءات الجديدة سارية المفعول".
اقرأ أيضاً: توزع كاميرات المراقبة في مدينة أميركية يثير مخاوف الخصوصية والتمييز
مستقبل كاميرات المراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي
إذا أثبت نظام CCTV نجاحه في تقليل حالات الانتحار في مدينة سيول، من المتوقع اعتماده في كثير من المدن حول العالم لهذا الغرض، ويمكن أن يتم تعديله وتطويره لاستخدامه في أغراض أخرى.
من بين الاستخدامات المتوقعة، يمكن لكاميرات المراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في الشوارع والأماكن العامة أن تحلل الصور الملتقطة في الوقت الفعلي، سيساعد ذلك في تقليل نفقات المراقبة والأمن من خلال الاستغناء عن المراقب البشري، والتنبؤ بالأشخاص الذين سيقومون بعمليات سرقة أو سطو أو خطف أو قتل أو تحرش، فمثلاً، إذا تعرفت الكاميرات على وجه شخص له سوابق جنائية تتعلق بالاعتداء الجنسي على الأطفال بالقرب من إحدى المدارس، أو شخص له سوابق في السرقة بجانب إحدى ماكينات الصرافة الآلية، فإنها ترسل المعلومات على الفور إلى الشرطة كي تتواجد في المكان تحسباً لأي طارئ.
اقرأ أيضاً: كيف تختبئ من الرقابة الحكومية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي باستخدام ورقة مطبوعة؟
يمكن أيضاً برمجة الكاميرات المدعومة بالذكاء الاصطناعي من أجل تحسين بعض الخدمات، على سبيل المثال، تستطيع هذه الكاميرات في حال رصد الحرائق أو الحوادث أن ترسل المعلومات إلى فرق الإطفاء أو الإسعاف تلقائياً، ما يجعل الاستجابة تتم بشكلٍ أسرع.