في إطار اهتمام المملكة العربية السعودية بتعزيز ثقافة الابتكار لدى الجيل الناشئ وتطوير المنظومة العلمية، نظمت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية كاكست -بالتعاون مع مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع "موهبة"- الدورةَ الثالثة من برنامج جيل العلوم والتقنية الإثرائي البحثي المقام لعام 2021.
يندرج البرنامج ضمن جهود كاكست لتعزيز مكانتها العلمية، وإيماناً منها بأهمية تطوير الكوادر البشرية بما يتواءم مع سوق العمل وتأهيل الباحثين والباحثات من الأجيال الناشئة وتشجيعهم على استشراف الحاجات والتحديات المستقبلية وابتكار الحلول لها. ويركز برنامج جيل العلوم والتقنية الإثرائي البحثي على صقل مهارات الطلبة الموهوبين في مجالات البحث والتطوير والابتكار من خلال التأهيل العلمي والمعرفي والممارسة العملية، وتهيئتهم للمنافسة في المسابقات والمحافل المحلية والإقليمية والدولية. ويوفر البرنامج للطلاب المشاركين الإشراف العلمي والأدوات المخبرية اللازمة لإجراء الأبحاث. ويتيح لهم إمكانية تطوير وبناء أدوات علمية بالاعتماد على التقنيات الحديثة في العديد من المجالات.
وقد شارك في البرنامج عدد من طلاب وطالبات المدارس من الصف الثالث المتوسط إلى الصف الثاني الثانوي. وأثمر عملهم عن 47 مشروعاً بحثياً في مجالات علم المواد، والعلوم النووية، والطاقة والمياه، والأحياء والبيئة، والفضاء والطيران، والاتصالات وتقنية المعلومات.
يعد #البرنامج_البحثي_الإثرائي 2021 إحدى ثمرات الشراكة مع @mawhiba للعناية بالموهوبين لبناء مستقبل الوطن في التحول نحو اقتصاد قائم على الابتكار pic.twitter.com/VFhDsCQUHe
— مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (@KACST) August 29, 2021
وقد اختتمت كاكست أعمال البرنامج في 29 أغسطس الماضي بتكريم خمسة مشروعات فائزة في البرنامج. وقد فازت ثلاثة مشاريع في مجال علم المواد بالمراكز الثلاثة الأولى؛ إذ حصلت الطالبة دانة باعامر بإشراف الدكتور محمد العتيبي على المركز الأول، وفاز الطالب سليمان القاضي بإشراف الدكتور فهيد السبيعي بالمركز الثاني، وفازت الطالبة نجد الفضل بإشراف الدكتور عدنان زمان بالمركز الثالث. أما المركز الرابع فقد كان من نصيب الطالبة جود الفاضل بإشراف الدكتور محمد العسيري عن بحثها في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات. وأخيراً فاز الطالب موسى مقري بإشراف الدكتور عبدالله العبدلي بالمركز الخامس عن بحثه في مجال الطاقة والمياه.
معالي رئيس #كاكست @munireldesouki يكرم الطلبة الموهوبين الفائزين بالمراكز الخمس الأولى في #البرنامج_البحثي_الإثرائي 2021 https://t.co/sqTtL1veTQ pic.twitter.com/mAroCBbFsX
— مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (@KACST) August 29, 2021
وإليكم بعض التجارب والأبحاث التي تم إنجازها في البرنامج:
دحض شائعات فوائد بعض النباتات
هل الزنجبيل مفيد حقاً في مقاومة البكتيريا؟ هل تساعد القرفة في علاج بعض الالتهابات المعوية؟ هل يمتلك الينسون تأثيرات مضادة للسلالات البكتيرية؟ أكان أجدادنا محقين في استخدام البن لتعقيم الجروح؟ للتحقق من مدى صحة هذه الشائعات بأسلوب علمي دقيق، قامت مجموعة من الطلبة -بإشراف الدكتور بندر سندي- بإجراء مجموعة من التجارب والأبحاث تتناول فائدة الزنجبيل والقرفة والينسون والفجل والبن في القضاء على بعض أنواع البكتيريا وبالتالي علاج بعض الحالات المرضية.
قام الباحثون الطلبة باستخلاص المركبات من هذه النباتات ثم ترشيحها وتصفيتها، وأخيراً زراعتها على سلالتين من البكتيريا وهما المكورات العنقودية والإشريكية القولونية. ودرسوا استجابة هذه البكتيريا بعد تعريضها لتلك المواد لحوالي 24 ساعة، وإليكم ما توصلوا إليه:
- الزنجبيل والقرفة ليس لهما أي تأثير على هذه البكتيريا.
- لم يظهر الفجل والينسون أي تأثير يذكر على سلالات البكتيريا موضع البحث.
- ليس هناك أي تأثير للبنّ على نوعي البكتيريا موضع البحث.
- نبات العِشر ليس له أي تأثير على هذه البكتيريا.
التعلم الآلي لكشف مواقع الضباب وحصاده
يعـرف الضبـاب بأنـه أحـد الظواهر المناخية الأكثر تأثيـراً علـى مـدى الرؤيـة الأفقية، وللاستفادة من هذه الظاهرة قامت الطالبة نورة الحميدان، وبإشراف الدكتور محمد الأحمدي، بتحليل البيانات التي يسجلها القمر الصناعي موديس حول حالات الضباب في منطقة عسير بأوقات مختلفة من النهار والليل. ولجأت إلى استخدام إحدى خوارزميات التعلم الآلي المعروفة باسم شجرة القرار لبناء نماذج عددية رقمية بهدف اكتشاف وتحديد مكان وزمان تشكل الضباب تبعاً للظروف الجوية. من شأن هذه الدراسة أن تساعد في تحديد الأماكن التي ينبغي فيها وضع أجهزة حصاد الضباب للحصول على المياه العذبة؛ حيث تشير نورة إلى أن إجمالي مسـاحة المواقــع الأكثر تكرارية لتشكل الضبــاب تقدر بـ 35 كــم مربـع، وبالتالي فإن أقــل التوقعــات تفاؤلاً تشير إلى إمكانيـة الحصـول علـى 35 ألـف طـن مـن الميـاه يوميـاً عند توافـر الضبـاب.
المستشعرات البصرية لاكتشاف التلوث البحري والتسرب النفطي
يتمثل التهديد الأكبر للمياه الساحلية في التلوث البحري، الذي ينتج عن نفي المواد الضارة في المحيطات. ويعد استنفاد الأكسجين في مياه البحر، وتلويث البيئة، وتدهور الحيوانات البحرية، وغيرها، من المضاعفات التي يسببها التلوث البحري. في مسعى للتعامل مع هذه المشكلة، لجأت الطالبة جود الفاضل، بإشراف الدكتور محمد العسيري، إلى استخدام نظام استشعار بصري يلتقط باستمرار الصور تحت الماء ويحللها بهدف الكشف عن عدة أنواع من التلوث البحري وتصنيفها، مثل الحطام البلاستيكي والقمامة. وبعد بناء عدة خوارزميات، نجح البرنامج في التصنيف بين أنواع عديدة من الحياة البحرية والتلوث البحري.
ويوفر الجهاز بعد ذلك بيانات شاملة بما في ذلك الحجم والموقع الدقيق لإحداثيات ونوع التلوث البحري الموجود تحت الماء، والذي سيتم نقله عبر الهوائيات التي سترسل بعد ذلك جميع البيانات التي تم جمعها إلى قاعدة بيانات مفتوحة المصدر على الإنترنت. وفقاً لذلك، ستتمكن المنظمات المعنية بمواجهة التلوث البحري والمجموعات المتطوعة من الوصول إلى جميع المعلومات الموجودة في قاعدة البيانات؛ ما سيسهل عملية تنظيف المحيطات. تجدر الإشارة إلى أن جود قد فازت بالمركز الرابع في البرنامج لبحثها هذا.
وفي دراسة أخرى للتعامل مع هذه المشكلة، أشرف عليها الدكتور محمد العسيري أيضاً، قامت الطالبة جود الخراشي باستخدام المستشعرات الضوئية وتقنيات معالجة الصور للكشف عن المناطق الملوثة بالتسربات النفطية عن طريق تطوير خوارزمية لتحديد مستوى التلوث في الماء من الصور عبر تحليل طبقات اللون الأحمر والأخضر والأزرق (RGB) لتحديد متوسط كثافة الطبقات الملونة للمستويات الخمسة لصور المياه الملوثة باستخدام برمجيات معينة. ومن ثم يتم إنشاء نمط مباشر بين متوسط كثافة طبقات اللون الأخضر والأزرق ومستوى التلوث في طبقات الصورة. وقد نجحت جود في إثبات فعالية هذه الخوارزمية من خلال اختبار صورتين عشوائيتين للمياه بمستويات تلوث مختلفة ومتمايزة، وقد تم التنبؤ بدقة بمستوى التلوث.
تجدر الإشارة أخيراً إلى أن المملكة العربية السعودية قد تصدرت الدول العربية في قائمة ال 50 العالمية لأكثر الدول حصةً في البحث العلمي في مؤشر نيتشر 2021، وحافظت على مركزها عالمياً بوصفها أعلى مساهم في حصة البحث العلمي بين الدول العربية وثاني أعلى مساهم في كلٍ من دول غرب آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا المشمولة في مؤشر هذا العام، كما تصدرت المملكة الدول العربية في جميع التخصصات الأربعة لدوريات العلوم الطبيعية التي خضعت للتحليل، فضلاً عن كونها أعلى مساهم في حصة البحث العلمي لكل تخصص. ويأتي تنظيم كاكست للبرنامج الإثرائي ضمن مساعيها للارتقاء بمكانتها العالمية في البحث العلمي ونشر ثقافة الابتكار لدى الجيل الناشئ وزيادة الاهتمام بالمسارات المهنية البحثية.